السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المشاركة الشعبية دفعة قوية للأحزاب موالاة ومعارضة.. الكل رابح فى انتخابات تنافسية نزيهة  الإجابة.. مصر وشعبها العظيم

المشاركة الشعبية دفعة قوية للأحزاب موالاة ومعارضة.. الكل رابح فى انتخابات تنافسية نزيهة الإجابة.. مصر وشعبها العظيم

مرة أخرى يتوقف التاريخ أمام المصريين، فالمشهد أمام اللجان الانتخابية كان حاشدًا ومهيبًا وفاق كل التوقعات، وربما من الصعوبة بمكان أن نختصر مشهد أيام الانتخابات الرئاسية 2024 فى كلمات أو سطور، فهناك ملايين الحكايات التى تستحق أن تروى، الأم مع أبنائها يحملون علم مصر وترتسم على وجوههم السعادة والفرحة، الجدة تصطحب أحفادها، وطلبة الجامعات، والعمال والفلاحون، ذوو الهمم، شعب عظيم احتشد أمام اللجان قبل فتحها ليؤكد أنه اختار مصر وانحاز لاستكمال تجربته الديمقراطية وبناء جمهوريته الجديدة.



المشهد يستحق القراءة العميقة خاصة أن المؤشرات الأولية تؤكد أن مصر على أعتاب نسبة مشاركة غير مسبوقة فى تاريخها وبالتالى فى تاريخ المنطقة، وهو أمر يستحق أن نتوقف أمامه بالفحص والدرس.

أتصور أن البداية الصحيحة يجب أن تأتى من سؤال: لماذا احتشد المصريون رغم دعوات وسائل الإعلام المعادية بالمقاطعة، والتحليلات الغربية بأن نسبة المشاركة ستكون منخفضة وعملية التشكيك الواسعة فى مسار الدولة المصرية وقدرتها على مواجهة التحديات المتصاعدة، وبالتأكيد التحدى الاقتصادى والتضخم المستورد والذى أثر على القدرة الشرائية، وكان سببًا مباشرًا فى ارتفاع الأسعار والاضطراب فى سلاسل التوزيع العالمية، والاتفاق على أن الأزمة استحكمت وأن مصر فى طريقها للانفجار والفوضى؟

إجابة السؤال المعقد بسيطة لمن يفهم المصريين وعمق ارتباطهم ببلادهم، وتتلخص فى أننا بالفعل شعب عريق صاحب حضارة متجذرة فى جيناته التى تتوارثها الأجيال وتصنع لديه وعيًا فطريًا بالأخطار المحيطة به وبضرورة التوحد عند الشدائد، والتمييز ما بين ما هو صالح وما هو خبيث.

ذلك الوعى الجمعى هو ما يمكن أن نطلق عليه المصلحة الوطنية وهو اختيار لا يحتاج إلى ترتيب مسبق بين جموع المصريين وهو اتفاق وتوافق لا شعورى لا يختلف فيه سكان الحضر أو الريف أو المناطق الحدودية، انصهار وطنى فى الأوقات الدقيقة وتلاحم بين المصرى وأرض بلاده وهو أمر يميز المصريين عن غيرهم.

الخطر من ضياع الدولة قائم منذ أحداث 2011، وانهيار دول فى المنطقة وتقسيمها ومعاناة سكانها ضاعف من قلق المصريين على مستقبلهم ومستقبل بلادهم، ومع انكشاف المخطط الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وظهور ازدواجية المعايير الغربية فى التعامل مع جريمة الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وازدياد القناعة بأن لا أحد يلتفت إلى قتل العرب وأن العالم يتعامل بمكيال مع أوكرانيا بينما يتعامل بمكيال آخر مع فلسطين رغم أن كلتا الدولتين تتعرض للخطر نفسه.

عزز ذلك التمييز الغربى واختفاء الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان حينما مارست إسرائيل القتل برضا أمريكى غربى، الشعور الجمعى بأنه لا أحد يكترث لمصالح الشعوب سوى الشعوب نفسها، وأن ما تحاول بعض الدول الغربية ترويجه عن دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان ما هو سوى دعاية لتدخلات خارجية ورغبة فى السيطرة عن بُعد أو عبر وكلاء يصلون إلى السلطة عبر جسور تتخذ من الديمقراطية ستارًا خادعًا يخفى أهدافًا أخرى.

ربما نجح ذلك الأسلوب فى السابق لكن الشعب المصرى اكتسب من تجربة الفوضى حصانة ضد المتاجرة بالشعارات والأكاذيب، وأن مصلحة الدولة المصرية وبقاءها يسبق أى اعتبار آخر.

السبب الأهم من وجهة نظرى هو تقدير المصريين لمسار بناء الجمهورية الجديدة على أساس مخطط نشر التنمية عبر محاور عرضية مكنت المصريين من تسهيل حركتهم بطول وعرض البلاد وفتح آفاق للعمل والحياة بشكل مختلف، الاهتمام بسكان العشوائيات وبناء مدن مثل الأسمرات وبشائر الخير، والاهتمام بالتنمية فى المناطق الحدودية وسيناء التى ودعت التهميش وتحققت فيها معدلات تنمية غير مسبوقة، بالإضافة إلى تنمية المناطق الريفية فى الدلتا والصعيد عبر المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» والاهتمام بالحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا. 

وكانت مشاركة الشباب والمرأة فارقة، فنحن أمام جيل نشأ فى كنف ثورة 30 يونيو وتربى على الوعى السياسى والاهتمام بتمكين الشباب من جانب القيادة السياسية، فهو جيل شارك لأنه يريد بناء مستقبل مختلف وأفضل ولديه رغبة للمشاركة فى ذلك البناء ولديه ثقة وأمل فى دول تعمل على تمكينه وتأمين مستقبله، أما عن المرأة، فهى شاركت بقوة لأنها تعيش عصرها الذهبى ولأنها عصب الأسرة وتريد الاستقرار والأمن ولأنها تبحث عن دولة مستقرة لأولادها وأحفادها ولديها إرادة لاستكمال مسار التمكين، والمحافظة على مكتسباتها سواء على مستوى التمكين السياسى أو التمكين الاقتصادى.

السبب الآخر فى الاحتشاد هو الثقة فى المسار السياسى الإصلاحى، واستعادة الأحزاب لقوتها فى الشارع وهى قوة مبنية على العمل المباشر مع الناس والنزول والعمل على الأرض بين الطبقات المختلفة، وهو أمر تأسس بشكل قوى عبر الحوار الوطنى واقتناع تيارات المعارضة بجدية توجه الدولة لتهيئة المجال السياسى لاستيعاب كل التيارات وهو ما تبلور فى نزول معارض قوى وشرس مثل المرشح فريد زهران لانتخابات الرئاسية وهو ما أكد جدية المعركة بتقديم خطاب سياسى مختلف والتفاف تيارات المعارضة المختلفة حوله.

التنافسية منحت الانتخابات المصرية ملمحًا مختلفًا عن كل الانتخابات التى شهدتها المنطقة وعززت التجربة الديمقراطية المصرية بطرح رؤى سياسية مختلفة تحاورت بشكل علنى وتوافقت على عدد من الملفات المختلف عليها فى الانتخابات الرئاسية وعبر كل منهم عن تأييده للمصلحة الوطنية، ولكن عبر أرضية مختلفة.

واكتملت التجربة بالحياد الإعلامى ومبادرة الشركة المتحدة وهى أكبر كيان إعلامى فى مصر والشرق الأوسط بمنح المرشحين أوقاتًا متساوية لعرض برامجهم الانتخابية ورؤاهم السياسية عبر البرامج المختلفة، بالإضافة إلى تطبيق المعايير الدولية لانتخابات نزيهة وشفافة بفتح المجال أمام متابعة الإعلام الأجنبى للانتخابات الرئاسية بأكثر من 528 مراقبًا ومتابعًا أجنبيًا، وهو الاهتمام الذى يعكس قوة مصر فى العالم والإقليم، وبالفعل قام المئات من المراسلين الأجانب والمراقبين والمتابعين بزيارة مقار اللجان ومتابعة أجواء التصويت وإجراءات الانتخابات فى جميع محافظات الجمهورية وذلك بحرية تامة دون أية عوائق أو شكاوى من أى مضايقات لأداء دورهم والاطلاع على سير الانتخابات، وهى عملية تنظيمية أدارتها الهيئة العامة للاستعلامات بكفاءة.

تبقى الإشادة بالأداء المهنى والاحترافى للمشهد الانتخابى من جانب الهيئة الوطنية للانتخابات والمتابعة المستمرة من جانب الهيئة لكل اللجان خلال عملية الاقتراع من أجل حل المشاكل وتسهيل عملية التصويت وهو ما منح كل المصريين فرصة المشاركة فى انتخابات المنصب الرفيع.

ربحت مصر تجربة ديمقراطية مميزة قال الشعب المصرى فيها كلمته عبر المشاركة بقوة فى الانتخابات الرئاسية للعالم «إن مصر على قلب رجل واحد والمصريين خلف دولتهم ومدركون لحجم الخطر المحيط بمصر ولديهم وعى وطنى كبير بأهمية استكمال مسار بناء الجمهورية الجديدة».. ويؤكد المصريون مجددًا أن إجابة سؤال التنمية والإصلاح فى الشرق الأوسط هى مصر.