الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لقطع الطريق على واشنطن: الصين وفيتنــام تتفقــان على بناء مستقبل مشترك

فى العاشر من سبتمبر الماضى، وفى ظل التنافس المحموم مع الصين وسعيًا لعرقلة تقدمها أو على أقل تقدير توريطها واستنزافها فى أيّ نزاع مع دول أخرى أو مع أقاليم صينية.



زار الرئيس الأمريكى «جو بايدن» فيتنام جارتها الآسيوية، بغرض فتح فصل جديد فى العلاقة الاستراتيجية بين البلدين؛ وتمكن «بايدن» الذى بدا حريصًا جدًا على تحسين العلاقات مع هانوى خلال الزيارة من توقيع شراكة استراتيجية شاملة مع البلاد رغم تردد القادة الفيتناميين حينذاك.

وبعد 3 شهور من هذه الزيارة وصل الرئيس الصينى شى جين بينغ إلى هانوى، عاصمة فيتنام، الثلاثاء الماضى فى زيارة هى الأولى له منذ ست سنوات.

ترحيب حار

وأثناء هبوطه فى مطار نوى باى الدولى، تلقى رئيس الصين ترحيبًا حارًا حيث كان فى استقباله رئيس الوزراء الفيتنامى فام مينه تشينه، كما استقبلته أكثر من 400 شخصية تمثل مختلف القطاعات الفيتنامية والصينية فى البلاد.

وأقام نغوين فو ترونج الأمين العام للحزب الشيوعى الفيتنامى، مراسم ترحيب فخمة لشى فى القصر الرئاسى، أعقبها إطلاق 21 «مدفع تحية».

مكانة دبلوماسية عليا

هكذا رحبت فيتنام بالرئيس الصينى واستقبلته بأعلى مستوى من البروتوكول الذى لا يظهر فى كثير من الأحيان مع قادة الدول الأخرى، وهو ما قال محللون إنه يوضح الأهمية الكبيرة التى توليها فيتنام للعلاقات بينها وبين الصين وكذلك خصوصية وأهمية العلاقات الثنائية. حيث تجمع بين هانوى وبكين شراكة استراتيجية شاملة، وهى المكانة الدبلوماسية الأعلى فى فيتنام. والتى لم تصل إليها  الولايات المتحدة فى علاقتها مع هانوى إلا فى سبتمبر الماضى.

تجنب ثورة ملونة

وخلال زيارة الرئيس الصينى التى استمرت يومين، وقعت الدولتان الجارتان، القريبتان من المناطق الاقتصادية، العشرات من اتفاقيات التعاون (30 اتفاقية) واتفقتا على إنشاء المزيد من الخطوط الساخنة لنزع فتيل أى حالات طوارئ فى المياه المتنازع عليها فى بحر الصين الجنوبى.

وفى بيان مشترك مؤلف من 16 صفحة، تعهدت الدولتان، بالعمل بشكل أوثق لتعزيز علاقات صناعة الدفاع، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

وأوضح البيان أن البلدين يهدفان لتجنب خطر ما وصفاه بــ«الثورة الملونة» التى تروج لها قوى معادية.

ورغم خلافاتهما القديمة بشأن مطالبتهما بالسيادة على بحر الصين الجنوبى، أكد البلدان أنهما يريدان توطيد العلاقات وبناء «مستقبل مشترك».

مواجهة النفوذ الأمريكى

وخلال لقائه مع الأمين العام للحزب الشيوعى الفيتنامى ترونج، قال شى إن الصين ترى دائمًا علاقاتها مع فيتنام من منظور استراتيجى وطويل الأجل، وإن الصين تأخذ علاقاتها مع فيتنام كأولوية فى دبلوماسية الجوار الخاصة بها.

كما قال الرئيس الصينى إنه يجب على الصين وفيتنام الوقوف فى وجه أى «محاولة لزعزعة منطقة آسيا والمحيط الهادئ»، فى إشارة إلى مواجهة النفوذ الأمريكى فى المنطقة.

إذ نقلت وكالة (شينخوا) عن شى قوله إن الصين وفيتنام «يجب أن تكونا متنبهتين وتقفان فى وجه أى محاولة لزعزعة منطقة آسيا والمحيط الهادئ». وأضاف «يجب علينا تعزيز التنسيق والتعاون فى مجال الشؤون الدولية والمحافظة بشكل مشترك على بيئة خارجية سليمة».

ترقب كبير 

لا تهدف زيارة شى إلى ترسيخ وتقوية العلاقة بين البلدين فحسب، بل تعكس أيضًا تعديلات السياسة فى الوقت المناسب من قبل الزعيمين للتكيف مع الاتجاهات والتطورات فى العالم والمنطقة، حسبما أكدت د.نغوين تانغ نغى، نائب العميد بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة فيتنام الوطنية لصحيفة جلوبال تايمز. 

وأضافت: تعتبر زيارة الرئيس الصينى مميزة لأنها لا تقترن باجتماعات متعددة الأطراف، وهو ما يوضح الأهمية الكبيرة التى توليها فيتنام والصين للعلاقات الثنائية. وستعمل هذه الزيارة على تعميق التعاون والتنمية بين البلدين فى مختلف المجالات مثل السياسة والأمن، وخاصة فى تطوير البنية التحتية والتعاون التجارى

كما أعرب نجوين فينه كوانج، نائب رئيس جمعية الصداقة الفيتنامية - الصينية، عن توقعات كبيرة للتعاون المستقبلى بين الصين وفيتنام. 

تعاون اقتصادى وتجاري

وقال كوانغ إن التعاون الاقتصادى والتجارى بين الصين وفيتنام لا يزال يتمتع بإمكانات هائلة، مشيرًا إلى أن المنتجات الزراعية والمائية الوفيرة فى فيتنام يمكن أن تلبى متطلبات الصين، كما أن العديد من السلع الصينية تحظى بشعبية كبيرة بين المستهلكين الفيتناميين. 

وفى الوقت الحالى، يلتزم البلدان بالتنمية الخضراء، واستخدام الطاقة النظيفة، وتطوير الاقتصاد الرقمى، مما يعنى أنه بإمكانهما تكملة نقاط القوة لدى كل منهما لتحقيق التنمية المشتركة.

هذا وتعد الصين أكبر شريك تجارى لفيتنام، فيما تعد فيتنام أكبر شريك تجارى للصين داخل الآسيان، بحجم تجارة ثنائية تجاوز 200 مليار دولار أمريكى للعام الثانى على التوالى وفى الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، وصل حجم التجارة الثنائية إلى 185.1 مليار دولار أمريكى.

عقدة أمريكا

ويذهب الخبراء إلى أن زيارة الرئيس الصينى لهانوى تأتى فى إطار مواجهة محاولات واشنطن إحداث توترات وزعزعة الاستقرار فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ وإثارة النزاعات بين الصين وجيرانها.

كما أن فيتنام التى كانت عقدة أمريكا، تسعى واشنطن لأن تتحول تدريجيًا لحليفتها، ففى مفارقة تاريخية كبرى، تتقرب الولايات المتحدة الأمريكية من فيتنام لمناوءة الصين، وتبحث تقديم أسلحة لها، وخصها الرئيس الأمريكى جو بايدن بزيارة مؤخرًا، فى مؤشر على إمكانية التحالف بين أمريكا وفيتنام اللذين خاضا قبل نحو 5 عقود حربًا ضروسًا أدت لمقتل نحو 3 ملايين فيتنامى، أغلبهم من المدنيين، ونحو 35 ألف أمريكى.

ففى خطوة تاريخية فى العلاقات بين أمريكا وفيتنام، رفع الأمين العام للحزب الشيوعى الفيتنامى ورئيس البلاد نجوين فو ترونج، والرئيس الأمريكى جو بايدن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى أعلى مستوياتها منذ نهاية حرب فيتنام خلال زيارة بايدن التى جرت مطلع شهر سبتمبر الماضى للدولة الواقعة على الحدود الجنوبية للصين، حيث تم الارتقاء بالعلاقة بين واشنطن وهانوى إلى شراكة استراتيجية شاملة.

غضب صينى 

فيما انتقدت الصين الاتفاق بين أمريكا وفيتنام الذى عُقد فى 11 سبتمبر الماضى، ورأته يُعيد «عقلية الحرب الباردة»، فى وقت تفكر واشنطن بتزويد فيتنام، عدوّتها السابقة، بالأسلحة بما فى ذلك طائرات F-16 الشهيرة.

ونصح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، حينها واشنطن بالتخلى عن «عقلية الهيمنة والحرب الباردة» عندما سئل عن توقيع ترونج وبايدن على شراكة استراتيجية شاملة تعادل علاقات بكين مع فيتنام.

وقال ماو إن واشنطن يجب أن «تلتزم بالمعايير الأساسية التى تحكم العلاقات الدولية» عند التعامل مع الدول الآسيوية.

تملق أمريكى

ورفض المسئولون الأمريكيون الادعاءات القائلة إن تملقهم لحكام فيتنام الذين خاضت الولايات المتحدة حربًا ضدهم ذات يوم كان بمثابة تحرك لمحاصرة الصين.

خلاصة القول أنه مع انخراط القوتين الرئيسيتين فى منطقة بحر الصين الجنوبى، تبحث  الولايات المتحدة عن فرص لردع وعزل الصين. وترى الولايات المتحدة فرصة فى فيتنام، ولكن هانوى، نظرًا إلى قربها من الصين والتفاعلات الحتمية مع بكين، قررت السير على حبل مشدود، ومحاولة التوازن.