الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

احتجاجًا على استمرار حرب غزة: إضراب شامل فى الضفة الغربية المحتلة

شهدت عدة مدن فى الضفة الغربية المحتلة والقدس إضرابا شاملا احتجاجا على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والدور الأمريكى فى هذه الحرب، فيما نفذت القوات الإسرائيلية مجددا حملة مداهمات بمدن وبلدات فى الضفة المحتلة. وتعطلت الحركة فى مختلف المدن الفلسطينية على غرار رام الله والبيرة والقدس ولزم الموظفون العموميون منازلهم استجابة لدعوة القوى الوطنية والإسلامية.



بدا الالتزام بالإضراب شاملا حتى أن أكشاك القهوة التى عادة ما تبقى مفتوحة حتى فى أيام الإضراب التزمت بالإضراب، إضافة إلى المدارس الحكومية والخاصة وكذلك الجامعات والمعاهد. وقالت القوى فى بيان إن هذا الإضراب رفضٌ لحرب الإبادة التى يقوم بها الاحتلال بالشراكة مع الإدارة الأمريكية والإمعان فى التدمير والقتل للأطفال والنساء والمدنيين. وأضافت أن الإضراب كذلك رفضا للموقف الأمريكى الشريك فى هذا العدوان والڤيتو الأمريكى فى مجلس الأمن الدولى الذى أجهض مشروع القرار لوقف المجازر والجرائم ضد شعبنا.

وفى الساعات الأولى من الإضراب، نفذت القوات الإسرائيلية حملة مداهمات واقتحامات واسعة طالت عدة بلدات فى أنحاء مختلفة من الضفة الغربية. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا بأن قوة كبيرة اقتحمت بلدة يعبد جنوب غرب جنين، وداهمت عددا من المنازل، كما اندلعت مواجهات بينها وبين شباب فلسطينيين دون وقوع إصابات. ونقلت الوكالة عن مصادر محلية أن القوات الإسرائيلية اقتحمت بلدة بيرزيت شمال رام الله، وقرية شقبا غربا، وبلدة دير أبو مشعل شمال غرب رام الله، كما  اقتحمت بلدتى حلحول وبيت عوا بمحافظة الخليل جنوب الضفة الغربية. واعتقل الجيش الإسرائيلى 28 فلسطينيا من بلدات الضفة الغربية بينهم امرأتان وطفل. كما داهمت حملة الاعتقالات الإسرائيلية بلدات بيت عوا جنوب غرب الخليل، والقدس وبيت لحم ونابلس، وجنين وأريحا. وتشهد الضفة الغربية تصاعدا فى أعمال العنف منذ شهور فى ظل توسع المستوطنات الإسرائيلية وزاد عدد هذه الاعتداءات بشكل كبير فى أعقاب هجمات 7 أكتوبر. ويعيش فى الضفة الغربية التى تحتلها إسرائيل منذ 56 عاما 490 ألف مستوطن بين 3 ملايين فلسطينى فيما تعتبر الأمم المتحدة هذه المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولى. 

واقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى مع دعوات لزيادة الاقتحامات بالتزامن مع حلول عيد الأنوار اليهودى ونفذ المستوطنون جولات استفزازية وأدوا طقوسا تلمودية فى باحاته، كما أن القوات الإسرائيلية المتمركزة على أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى أعاقت وصول المواطنين إلى المسجد. وسجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) حوالى 235 هجوما نفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر. وأوضح أوتشا أن بعض الهجمات التى أحصاها قاتل وتم تنفيذ أكثر من ثلثها من خلال التهديد باستخدام سلاح أو إطلاق النار وفى نصف الحالات تقريبا، ورافقت قوات الأمن الإسرائيلية المهاجمين أو دعمتهم بشكل كبير.

وفى 10 أكتوبر الماضى، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها ستسلح المدنيين وقال وزير الأمن القومى اليمينى المتطرف إيتمار بن جفير إنه يعمل على تخفيف معايير الحصول على تصاريح حمل السلاح. وكشفت جلسة برلمانية إسرائيلية أنه خلال الأسبوع الأول من الحرب على غزة تقدَم 41 ألف إسرائيلى بطلبات للحصول على تصاريح لحمل أسلحة نارية مقارنة مع 38 ألف طلب فى أوقات السلم خلال عام.

وقد عم الشلل كافة مناحى الحياة فى الضفة الغربية، التزاما بدعوة نشطاء من أنحاء العالم إلى الإضراب الشامل رفضا للعدوان على غزة وتنديدا بالڤيتو الأمريكى ضد وقف العدوان بمجلس الأمن. ومنذ الأسبوع الماضى بدأ ناشطون من أنحاء العالم الدعوة إلى إضراب الكرة الأرضية والإضراب العالمى ثم تتابعت دعوات القوى والفصائل السياسية والنقابات والمنظمات الأهلية الفلسطينية إلى الإلزام بالإضراب فأغلقت المتاجر والبنوك والمدارس والمؤسسات الحكومية والأهلية أبوابها. وتزامنا مع الإضراب، دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى تنظيم اعتصامات فى مراكز المدن والقرى الفلسطينية، والتصعيد والاشتباك مع جيش الاحتلال فى نقاط التماس بأنحاء الضفة. والمختلف فى الإضراب الحالى عن سابقيه أن الدعوة إليه بدأت خارج الأراضى الفلسطينية ثم أصبحت فلسطين جزءا منه مما شكل نقلة نوعية فى نشاطات وفعاليات القوى المتضامنة مع القضية بأنحاء العالم.

ويقول عضو المكتب السياسى لحزب الشعب الفلسطينى، فهمى شاهين، إن أهمية الإضراب استثنائية بسبب بعده العالمى مبينا أنه جاء تنديدا من شعوب وأحرار العالم وحركات التضامن التى لم تعد تحتمل هذه البشاعة وجرائم الحرب المفتوحة وجرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسان الفلسطينى تحديدا فى قطاع غزة. ووفقا لشاهين، فإن ما تشنه دولة الاحتلال الإسرائيلى عدوان إسرائيلى أمريكى بامتياز فى الإدارة والتنفيذ والإشراف. وقال إن الإضراب يأتى أيضا تنديدا بالإصرار الأمريكى على عدم وقف إطلاق النار من خلال استخدام حق النقض الڤيتو ضد وقف إطلاق النار مما يعنى منح الاحتلال الضوء الأخضر للاستمرار فى ذبح الشعب الفلسطينى. وعن أهمية الإضراب ببعده العالمى قال شاهين إن الإضراب يوصل رسالة فورية للمجتمع الدولى والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ويحملهم مسئولية هذه الجرائم. وتوقع السياسى الفلسطينى تأثيرا إيجابيا للإضراب من خلال الضغط على الحكومات فى أمريكا وأوروبا الغربية للتدخل من أجل رفع الغطاء عن هذا العدوان. 

من جهته، قال منسق القوى السياسية بمنطقة رام الله عصام أبو بكر إن الإضراب يأتى إثر صمت وإخفاق المؤسسة الدولية فى اتخاذ قرار بوقف العدوان بعد الڤيتو الأمريكى، وأضاف أن الإضراب يشمل كل مناحى الحياة بما فى ذلك الحركة التجارية والبنوك والجامعات والمعاهد، بالتزامن مع مسيرات فى مختلف مدن وعواصم العالم، وأمام سفارات دولة الاحتلال والولايات المتحدة فى عدد من دول العالم. وأشار أبو بكر إلى أن الإضراب يشمل قيام نشطاء فى هولندا وكندا والولايات المتحدة وبريطانيا بإغلاق محطات المترو والقطارات التى هى وسيلة نقل مهمة جدا يتم اللجوء إليها واستخدامها من قبل قطاعات واسعة من المجتمعات الغربية. وقال أيضا إن التظاهرة الكونية رسالة للعالم تدعوه إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينى والتأكيد على أن الإرادة الشعبية والإنسانية أقوى من الهيمنة والإملاءات الأمريكية. وإضراب الضفة شل كافة جوانب الحياة بالتزامن مع اعتصام وفعاليات فى مراكز المدن وهذا ليس يوم إجازة أو راحة إنما يوم للفعاليات الشعبية نصرة لأهلنا فى غزة أمام حمام الدم ومجازر الاحتلال تأكيدا على وحدة الدم والموقف والمصير، كما أن الإضراب يأتى رفضا لسياسة الأمر الواقع وما يسمى اليوم التالى فى غزة بعد الحرب والترتيبات التى تحاول الولايات المتحدة إيجادها على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى كما أن الإضراب يؤكد أن الشعب الفلسطينى ليس معزولا وأن مقاومته مشروعة وأن بناء دولته وإجابة مطالبه حق أصيل مكفول.

ويشار على شبكات التواصل إلى الصحفية والناشطة الفلسطينية إسراء الشيخ المقيمة فى تركيا كمحرك لفكرة الإضراب إذ تتابع بقوة على حساباتها بمواقع التواصل أعداد وأسماء الملتحقين بالإضراب فى أنحاء العالم من شركات ومنظمات وشخصيات. وبمراجعة شبكات التواصل، يتضح أن أول منشور لها كان الخميس قبل الماضى تضمن الدعوة إلى الإضراب، وفيه نشرت ڤيديو قصيرا تحدثت فيه عن مفهوم وأهمية وتأثير الإضراب باعتباره أحد أشكال المقاومة السلمية. وأضافت الناشطة الفلسطينية أن الإضراب هو البداية فقط فى الحملة حتى إيقاف العدوان الوحشى على غزة وكسر الحصار. لكن منسق القوى السياسية بمنطقة رام الله يقول إن فكرة الإضراب العالمى ولدت خلال اجتماع عقدته عبر تقنية زوم  حوالى 70 شخصية اعتبارية ومؤثرة من أنحاء العالم وخاصة جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، والاجتماع ضم قوى وحركات يسارية ولجان تضامن مع الشعب الفلسطينى أكدوا خلاله أهمية وقف العدوان الإسرائيلى. وبعد الڤيتو الأمريكى ضد وقف إطلاق النار فى غزة، أعلنوا دعوتهم إلى الإضراب بأنحاء الكرة الأرضية تأكيدا على وقوف العالم إلى جانب الشعب الفلسطينى. ويوجد أسماء بارزة شاركت فى الاجتماع، من بينها أعضاء برلمانات ورؤساء حكومات ووزراء سابقون. وقد تفاعل نشطاء وسياسيون وكتاب مع الحملة بعدة تريندات منها: #الإضراب_الشامل، وأعلنت نقابات واتحادات وبنوك وفصائل فلسطينية وشركات فى بيانات منفصلة عن انضمامها للإضراب العام فى الضفة الغربية. وشلت حركة المواصلات فى كل محافظات الضفة الغربية وأغلقت المؤسسات والبنوك والمدارس والوزارات والمحال التجارية كما علقت اليوم جلسة التداول فى البورصة المحلية.

وفى هذه الأثناء هاجم المستوطنون المزارعين وقاطفى الزيتون فى بلدة عقربا جنوب نابلس، وذكرت مصادر محلية أن مجموعة من المستوطنين هاجموا قاطفى الزيتون فى منطقة شارع يانون القديم وأطلقوا الأعيرة النارية لترهيب المواطنين وإجبارهم على مغادرة أراضيهم. وقال مسئول أوروبى إن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى ينوون تقييم خيارات فرض عقوبات على المستوطنين المتورطين بأعمال عنف فى الضفة الغربية.