الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الفنانة التشكيلية الإماراتية عزة القبيسى لـ«روزاليوسف»: حلم لأى فنان عرض عمله الفنى فى الأهرامات

«هى فرصة جوهرية وحلم لأى فنان أن يُعرض عمله الفنى فى صحراء الأهرامات، المعرض هو مساحة شديدة الأهمية والإبداع تمنحنا كفنانين/ ات فتح حوار بين الأعمال الفنية المعاصرة وبين عمل فنى عظيم عمره أكثر من 4 آلاف عام.. هو حدث عالمى فخورة بمشاركتى فيه»، تصف الفنانة الإماراتية عزة القبيسى فى حديثها لروزاليوسف أهمية مشاركتها فى النسخة الثالثة من معرض « الأبد هو الآن» للفن المعاصر من تنظيم مؤسسة «آرت دى إيجبت» تحت رعاية وزارتى السياحة والآثار والخارجية والثقافة واللجنة الوطنية المصرية لمنظمة اليونسكو.



 

 يُقام المعرض فى نسخته الثالثة عند سفح أهرامات الجيزة، حتى الثامن عشر من نوفمبر الجارى، ذات التاريخ الممتد والتى تقع ضمن قائمة «اليونسكو» لمواقع التراث العالمى، وذلك بهدف جمع فنانين مرموقين من جميع أنحاء العالم للاشتباك فنيًا مع أحد أعرق المعالم التاريخية، إذ يتيح المعرض الفرصة لهؤلاء الفنانين لتتبع الروابط التى تصل بين الماضى والحاضر مع الاحتفاء بالإبداع والعبقرية التى تميز الحضارة الإنسانية والفنون على مر العصور.

يجمع المعرض بين 14 فنانًا من المنطقة ومن مختلف دول العالم وهى: بلجيكا، أمريكا، الإمارات، البحرين، السعودية، مصر والبرازيل للاشتباك فنيًا مع أحد أعرق المعالم التاريخية، وتقديم أعمال فنية معاصرة تعتمد على المزج بين الحاضر والماضى، وتحاكى فى الوقت ذاته التاريخ والأرض والبيئة والإنسانية.

«عزة القبيسى» هى فنانة تشكيلية ونحاتة إماراتية ورائدة فى مجال تصميم المجوهرات وتصميم المنتجات. حصلت عزة على درجة الماجستير فى تصميم المجوهرات والحرف اليدوية من جامعة «غيلدهول» فى لندن، كما نالت درجة الماجستير فى الصناعات الثقافية والإبداعية من مركز التفوق للأبحاث التطبيقية والتدريب بكليات التقنية العليا. وقد شاركت فى العديد من المعارض الفردية والجماعية فى الإمارات والعالم أجمع، ومن أبرزها إمارات الرؤى (برلين،2017)، وفعاليات اليوم الوطنى لدولة الإمارات العربية المتحدة فى إكسبو ميلانو (ميلان، 2015). 

كما عُرضت أعمالها فى العديد من المدن والبلدان الأخرى، مثل: قطر، والبحرين، والمغرب، ومصر، وبلجيكا. علاوة على ذلك، نُشرت أعمالها فى العديد من الكتب، بما فى ذلك كتاب 500 قيراط: اتجاهات جديدة فى المجوهرات المعاصرة (لارك كرافتس، 2007 ). وقد حازت على جائزة المجلس الثقافى البريطانى لرواد الأعمال الشباب المبدعين وجائزة الإمارات للسيدات.

 

 فى البداية.. كيف ترين فكرة إقامة معرض «الأبد هو الآن» للفن المعاصر فى أرض الأهرامات؟ 

- هى فرصة جوهرية وحلم لأى فنان أن يُعرض عمله الفنى فى صحراء الأهرامات، المعرض هو مساحة شديدة الأهمية والإبداع تمنحنا كفنانين/ ات فتح حوار بين الأعمال الفنية المعاصرة وبين عمل فنى عظيم عمره أكثر من 4 آلاف عام، ومنح الجمهور الزائر تجربة مميزة تحفزه أيضا على الحوار ورؤية العمل الفنى بمنظور مختلف. هذه تجربة نادرة جدًا وصعب تحقيقها حتى على المستوى اللوجيستى من نقل هذه القطع الفنية من بلدان مختلفة وإعادة تركيبها فى هذه المساحة التاريخية العريقة. وأؤكد أن معرض «الأبد هو الآن» فى عامه الثالث فرصة رائعة لمصر احتضانها لهذا الحدث العالمى وليس العربى فقط. 

 «كنوز» اسم عملك الفنى الذى تشاركين به.. هل تحدثيننا أكثر عن فكرته وفلسفته؟ 

- فكرة العمل عبارة عن جرءين، الجزء الأول من الهرم فى الوسط مع الكثبان الرملية حول العمل. أردت الخروج بقطعة فنية لها خاصيتان مختلفتان، هدفها أن الشخص الزائر يمر برحلة وتجربة خاصة حيث بإمكانه السير حول الكثبان الرملية، حتى يصل إلى قلب الهرم ومنتصفه، وتصبح وكأن هذه المساحة تحتضن الشخص فى حد ذاته ويكتشف انعكاس اللون الذهبى، للوصول لفكرة أن الكنز الحقيقى موجود داخل الإنسان وليس الذهب، فالإنسان هو الكنز لأى مجتمع. 

 أنتِ رائدة وفنانة لتصميم المجوهرات وهنا أيضا نرى توظيف الخامة الذهبية فى العمل الفنى؟

- نعم، أعمل فى تصميم المجوهرات منذ سنوات طويلة، لكن هنا فى «كنوز» هدفى من الاستخدام الرمزى للذهب هو ليس لقيمته الفعلية ولكن إعطاء فكرة للجمهور بأن الذهب كان فى عصر القدماء المصريين أرخص من الفضة، لصعوبة استخراجه واستخدامه، أردت محاكاة وطرح تساؤل كيف كان قيمة الذهب فى الماضى وكيف أصبحت قيمته الاقتصادية اليوم؟! وأن القيمة تتغير مع العصور والثقافات ولكن لن تتغير حقيقة أن الإنسان هو الكنز الحقيقى فى أى عصر.

وهى الفلسفة الأساسية التى يقوم عليها العمل الفنى «كنوز»، حيث أردت فى وضع قطعة فنية يمكن التقاطها بين الماضى والحاضر والمستقبل أيضًا، من خلال التفاعل مع البيئة والمساحة المفتوحة الصحراوية، فالأهرامات فى الخلفية مع الخاصية العاكسة للعمل الفنى حيث يُمكن للأشخاص التقاط الصور فى منتصف العمل الفنى نفسه وبين الجانب المعمارى من الأهرامات. 

 هل اختيار مكان العمل الفنى وزاوية عرضه مدروسة أمام الأهرامات؟

- بكل تأكيد، حيث أرسلت لنا كفنانين إدارة المعرض الـ14 موقعا المخصصة لعرض الأعمال الفنية Art works، واختار كل فنان الزاوية التى رآها مناسبة لعمله الفنى، وقررت هذا المكان، حيث تلاحظين أن الهرم فى عملى الفنى يشكل مركز الهرم الكبير فى الخلفية، وكأن الهرم الكبير يحتضن القطعة الفنية من الطرفين. وهذا مبهر وبديع لأى فنان وكنت أحلم به ولكن لم أتخيل تحقيقه على أرض الواقع. 

 «بين الإلغاء وإقامة المهرجانات والمعارض الفنية فى العالم العربى» جدل دائر الآن بالتزامن مع حرب غزة.. ما رأيك؟ 

- أختلف مع الآراء الرافضة والمطالبة بإلغاء المهرجانات والفعاليات الفنية، لأن الفن ضرورى وأساسى وحاضر بقوة فى كل أيام حياتنا السعيدة والمأساوية، كما أن الفن فرصة لفتح حوار وإزاحة الحدود التقليدية التى تفرق، كاللغة والدين والسياسة، الفنون تفتح المجال للحديث بحرية تحت مظلة الإبداع. استخدم الفلسطينيون البطيخة كرمز فنى يحمل ألوان العلم عندما تم منع تداوله.وهذا يؤكد أن الفن وسيلة للمقاومة فى أى مكان بالعالم وبالتالى هناك رسالة نبيلة أكبر لدى الفنان بحد ذاته. 

 كيف تُقيمين علاقة الجمهور العربى والإماراتى بالفن المعاصر؟

- هى علاقة عصرية جدًا وجديدة أيضًا، وأعتقد أن المساحة صارت أكثر جدية فى العشر سنوات الأخيرة، وأكثر تطورا ونموا، وأصبح هناك حوار أكثر عمقًا بين المتذوقين/ ات حول الفن المعاصر، بل زاد طلب الجمهور واقتناؤه للقطع الفنية المعاصرة خاصة فى الإمارات، انتشرت الجاليريهات والمعارض والمساحات المخصصة لعرض الفن المعاصر. ووجودى فى مصر بهذا العمل الفنى ومشاركتى فى معرض «الأبد هو الآن» هو بدعم من وزارة الشباب والرياضة الإماراتية، وبدون هذا الدعم لما تمكنت من شحن هذا العمل الضخم من الإمارات للقاهرة. وهذا يعكس فى النهاية إيمان الحكومة الإماراتية، ومن ثم وجود الأسس لكل دولة مُشاركة فى المعرض وتدعم فنانيها سواء معنويًا، ماديًا ولوجيستيُا يُساهم فى نمو ونُضج أى تجربة فنية بأى مكان أو بلد فى العالم. 

كيف كانت رحلتك كامرأة فنانة تشكيلية، خاصة فى عالم النحت؟

- لم تكن سهلة، بدأت رحلتى بقطع فنية صغيرة من المجوهرات ذات الحجم الصغير، وكانت الآراء الناقدة لعملى بهذا المجال القاصر على الرجال فقط! ولكن تمتعت بإصرار وتصميم على استكمال مشوارى الفنى لتغيير هذه الفكرة وإعطاء الإعلام المساحة الكافية للدخول وتصوير ورشتى وتصوير أعمالى الفنية، وبعد سنوات طويلة، نجحت فى تغيير هذه النظرة النمطية لعمل المرأة 100 %، تلك النظرة التى تحصر النساء فى الأدوار التقليدية الأساسية فقط، وأشعر بالفخر عندما التقى بأمهات تُخبرنى اليوم «لإنه شوفنا نجاحك سمحنا لبناتنا العمل بالفن» سعيدة بكونى نموذج نساء أخريات قادمات على طريق الفن والإبداع، وما تشهده بلادنا بسرعة فائقة من النهضة والتغيير الجذرى وكسر الصور النمطية عن عمل النساء. 

ولكن بلا شك كل نجاح يحمل تحديات.. 

- نعم، أستطيع أن أقول اليوم إنه لولا إصرار ودعم عائلتى، خاصة أبى الذى حملنى المسئولية عندما قررت السفر إلى إنجلترا لدراسة الفن، قائلا: «إذا فشلت أنت مسئولة عن نفسك»، هذه الجملة كانت مرعبة وصعبة جدًا، لفتاة تسافر بمفردها لمدة خمس سنوات للدراسة فى بلد أوروبى، ولكنِ رأيتها بابا ذهبيا، لإثبات ذاتى وإثبات نجاحى وتفوقى لأبى وأنا لن أخذله أبدًا، ولكن سافرت وتعلمت ونجحت، لم يكن هناك امرأة فنانة نموذج سبقنى فى هذا المجال، وبالتالى أوجه رسالة لكل فتاة عربية، أن تتمسك بحلمها، لو لديك إصرار وتصميم على حلمك ستصلين وتنجحين. وأرى اليوم أبى بعد 25 عامًا من الفن كم هو فخور بعملى هو وعائلتى، وتفهمت أسباب مخاوفه فى الماضى ورغبته فى حمايتى فى خوض العمل بمجال صعب لم يكن المجتمع العربى يعرفه من قبل.