الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. شُبِّه لهم فى لحظة غفلة فارقة من الزمن.. انتزاعها..  سيناء.. أرض الفيروز

مصر أولا.. شُبِّه لهم فى لحظة غفلة فارقة من الزمن.. انتزاعها.. سيناء.. أرض الفيروز

سارت برامج التنمية فى سيناء بشكل بطيء نتيجة بعض الإجراءات والاتفاقات المترتبة على معاهدة كامب ديفيد 1978. وظل الحال فى تفاقم.. أدى إلى محاولة تحويل أرض سيناء كمساحة وسيطة للتنقل والتجارة وغيرهما من خلال الأنفاق. وهو الأمر الذى كانت مصر تواجهه لسنوات طويلة، كما واجهت على مدار سنوات طويلة.. تحويل بعض المناطق فى شمال سيناء إلى بؤر مركزية للتنظيمات المتشددة والجماعات الإرهابية. ولذا كانت المواجهة الأساسية لدولة 30 يونيو هى إعادة الأمن والاستقرار بالقيام بمواجهات حاسمة فى سبيل التخلص والتطهير من تلك التنظيمات التى اجتاحت أرض الفيروز أثناء حكم الجماعة الإرهابية.



 سيناء الجديدة

أثبتت الأيام والأحداث الإقليمية صدق رؤية النظام السياسى المصرى فيما يخص سيناء تحديدًا. وتأكد لنا جميعًا أن ما تم تنفيذه استراتيجيًا منذ سنة 2014 فى البنية الأساسية وتأسيس اللوجستيات (فى الصحة والتعليم والصناعة والنقل والكهرباء ومياه الشرب والصرف واستصلاح آلاف الأفدنة وتشييد مشروعات سياحية جديدة..) قد تم طبقًا لخطة تنمية شاملة ومحددة ومحكمة لتعمير سيناء بشكل خاص. وهو ما جعلنا نصل حاليًا لوجود أكثر من 1000 مشروع جديد بتكلفة إجمالية تجاوزت 283 مليار جنيه.

الجهود السابقة فتحت الطريق لرسم ملامح جديدة لمستقبل سيناء، وساعد على ذلك شبكات الطرق والكبارى والأنفاق التى تم إنجازها فى سبيل تيسير جميع خدمات النقل لجذب المزيد من الاستثمار. التنمية هى سلاح النهوض الرئيسى الذى اعتمدته الدولة المصرية بشمال سيناء كمنهج وأسلوب.

 سيناء مصرية

أكد الموقف المصرى منذ ثورة 30 يونيو العظيمة أن أرض سيناء هى خط الدفاع الأول لأولويات الأمن القومى المصرى ومقتضياته. وأن سيناء التى كانت محل استهداف الجماعة الإرهابية ومن تمثل مصالحهم وأجندتهم فى المنطقة.. الحدود المصرية هى خط أحمر غير قابل للتجاوز والتفاوض والمساومة والمقايضة. ولذا كان من الطبيعى أن يقوم الشعب المصرى مرتكزًا على قواته المسلحة التى هى صمام الأمان بوأد كل تلك المخططات الشيطانية.. التى شُبِّه لهم فى لحظة غفلة فارقة من تاريخ العالم.. أنه يمكنهم سحب السيادة الوطنية المصرية من على أرض سيناء. 

سيناء خارج أى طموحات من هنا وأحلام يقظة من هناك. والسيادة عليها وعلى كل الأراضى المصرية هى حق حصرى أصيل للشعب المصرى وحده لا شريك له ولا وصاية عليه.

سيناء محصنة ببطولات أبناء سيناء على مدار التاريخ، ولهم فى هذا المضمار مواقف بطولية مشرفة من حرب الاستنزاف وإلى انتصار أكتوبر 73.  فضلًا عن دورهم البارز بالتضحيات فى سبيل تطهير أرض الفيروز من طفيليات إرهابية.. كادت تتخيل أنها سيطرت عليها.

 ثوابت مصرية

لا تزال مصر هى أكبر دولة متضامنة مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعب مقهور ووطن منقسم. مصر ترفض تمامًا أى شكل من أشكال التهجير للشعب الفلسطينى خارج أراضيه، وما يتبع ذلك من رفض تصفية قضيته الوطنية والإنسانية، وقطعًا الرفض المحسوم لتوطينه فى سيناء.

وهو ما جعل موقف مصر الثابت مع الشعب الفلسطينى وليس مع فصيل ضد آخر. وما يتم من البعض من محاولات لتسييس موقف مصر بالترويج للتضامن المصرى مع القضية الفلسطينية باعتباره تضامنًا مع حركة حماس وجميع منظمات الإسلام السياسى فى فلسطين وموافقتها الضمنية على ما يقومون به.. هو تبسيط مخل واجتزاء مشوه لموقف مصر التاريخى مع الشعب الفلسطينى بالدرجة الأولى، ولو اختزلنا الموقف المصرى بهذا الشكل الموجه.. فالأولى والطبيعى أن تتعامل مصر مع السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخبة بقيادة الرئيس محمود عباس.

 تاريخ لن ننساه

يذكر التاريخ، أنه قد تم ترسيخ حالة انقسام القضية الفلسطينية بعد دعم نجاح حماس فى الانتخابات التى تمت فى الأراضى الفلسطينية فى 2006، وترتب عليها سنة 2007.. تمركز حركة حماس فى غزة، ومنظمة فتح فى الضفة الغربية. وظهرت نوايا حماس حينذاك بطرد كل أتباع فتح من غزة، وارتكبت فى حقهم جرائم قتل وتعذيب وحشى، ولم تفلح حينها جميع وساطات الصلح والتعاون. وبدا الأمر وكأن هناك حكومتين وسلطتين.. وهو ما نتج عنه خصم وتراجع من رصيد القضية الفلسطينية دوليًا.. بعد أن صنفت حماس باعتبارها جماعة إرهابية فى خلط للمواقف بين ما قامت به من مقاومة حقيقية، وما قامت به ويصنف بشكل آخر.. خاصة خارج الأراضى الفلسطينية، ومصر ليست بعيدة عن بعض تلك التصرفات.

وهى الحالة التى استغلتها إسرائيل للترويج بكونها لا تجد شريكًا فلسطينيًا للحوار والتفاوض معه فى ظل وجود السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس. واستطاعت الآلة الإعلامية الإسرائيلية التأكيد على تلك الفكرة ونشرها بالصورة الذهنية التى تريدها. وهو ما وصل بالقضية الفلسطينية إلى نفق الأزمة فى الكثير من الأحوال، أو وصل بها للمربع صفر وإعادة أجواء 1948 مرة أخرى، وكأنه لم يكن هناك اتفاقات أو مفاوضات. 

استغلت إسرائيل ما سبق، واختزلت الصراع مع حماس فى تجاهل تام أن من يدفع الثمن هو الشعب الفلسطينى فى مجمله، وليس حماس وأتباعها وموالوها. ولذا تحول رد فعل إسرائيل على ما قامت به حماس فى 7 أكتوبر الماضى إلى حالة من العقاب الجماعى والتهجير القسرى الذى يصل إلى حد الإبادة الجماعية.

 مقاطعة افتراضية

يطالب البعض بافتراض حسن النية.. بمقاطعة العديد من المنتجات والشركات والمصانع سواء لكونها إسرائيلية بشكل أو آخر، أو غربية تدعمها. ولدرجة أن البعض تجرأ بنشر أسماء تلك الشركات باعتبار ما تقوم به موقفًا مساندًا لصالح القضية الفلسطينية.

من حيث المبدأ، لا أعترض على مثل تلك الدعوات بالمقاطعة. ولكن ما أعترض عليه هو اختزال النضال فى مثل تلك الدعوات على الفضاء الإلكترونى التى ربما لا يستطيع صاحبها نفسه تنفيذها فعليًا.

إن الأصل فى مثل تلك الدعوات هو القيام بضغط اقتصادى على تلك الشركات التى ربما ينتمى بعضها إلى التصنيف العابر للقارات.. مما يعنى أنها تمثل كيانات اقتصادية واستثمارية ضخمة، وما يمكن أن يكون له تأثير على الدول المالكة لتلك الشركات، وما من شأنه أن يمثل ضغطًا مباشرًا على مواقف السياسة الخارجية لتلك الدول.

أما على مستوى مجتمع الأعمال المصرى، أتساءل: هل ما سيتم مقاطعته من منتجات أو شركات أو مصانع له بديل سواء كان مصريًا أو غير ذلك حتى لا نتعرض لأزمة فى نقص بعض الأنواع من الأغذية أو الدواء أو من قطع الغيار السيارات والآلات والمصانع؟

وهل نعى أن مقاطعة فروع تلك الشركات أو المصانع.. يمكن أن يترتب عليه فقد العديد من العاملين لوظائفهم؟ وما يترتب على ذلك من تعريض عائلاتهم لخطر شديد غير محسوب العواقب.

وهل حقًا مقاطعة تلك الشركات أو المصانع.. مرتكز على موقف مدروس؟ أم أنه مجرد موقف عشوائى لا حسابات له سوى النعرات شبه الوطنية الموجهة التى تحترف اللجان الإلكترونية لجماعات الإسلام السياسى وغيرها بثها لإحداث حالة من البلبلة والانقسام المجتمعى؟

وأخيرًا، هل مثل تلك دعوات المقاطعة.. تصب فعلًا بشكل حقيقى فى صالح القضية الفلسطينية أم أنها مجرد فقاعة.. سرعان ما تتلاشى دون أى تأثير يذكر؟ 

 نقطة ومن أول السطر..

السياسة هى فن الممكن. والممكن يتحقق بالحوار والتفاوض. 

والعكس هى الحرب التى يوظف فيها الإنسان إمكاناته ويستخدم أفضل ابتكاراته من الأسلحة ليواجه أخطر وأسوأ ما يمكن أن يصيبه من أذى لنفسه قبل غيره.