الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا..  فتح  معبر رفح للمساعدات الإنسانية.. ومواجهة استهداف مصر! متى نفتح معبر الثقافة المصرية؟

مصر أولا.. فتح معبر رفح للمساعدات الإنسانية.. ومواجهة استهداف مصر! متى نفتح معبر الثقافة المصرية؟

لم تغيِّر مصر موقفها من القضية الفلسطينية على مر التاريخ، وظلت مع الحق الفلسطينى طوال السنوات وفى مواجهة كل التحديات. وهو ما جعل مصر فى مرمى هدف البعض للهجوم والتشكيك فيها من خلال محاولة إحداث حالة من الانقسام المجتمعى حول ذلك الموقف.



تلك الحالة تتطلب تضافر جهود مؤسسات الدولة كافة لرفع الوعى، ومحاولة الوصول لحالة فهم واتفاق عام حول خطورة تلك التحديات ومواجهتها.. ارتكازًا على المعرفة والمعلومات الدقيقة والتاريخ.

 

معرض ثقافى منحاز

أقيم خلال الفترة من 18 إلى 22 أكتوبر 2023 معرض فرانكفورت الدولى للكتاب، والذى تأسس عام 1949 بألمانيا، وأصبح من أهم المعارض الدولية سواء على المستوى الفكرى والإبداعى، أو على مستوى تكنولوجيا النشر وتقنياتها الحديثة. 

وقد دار جدل حول دورة معرض هذا العام، وطالته العديد من الانتقادات فى مصر وفى أقطار أخرى من العالم بسبب إلغائه تكريم الروائية الفلسطينية عدنية شبلى وروايتها «تفصيل ثانوى» نظرًا لوجود عبارات فى روايتها رأى فيها القائمون على المعرض معاداة للسامية. وهو ما يأتى فى ظل أجواء متوترة جدًا فيما تقوم به إسرائيل من جهة، ومصير القضية الفلسطينية التى تواجه أخطر مواجهتها على مر تاريخها من جهة أخرى. ورغم مخالفة توجهات معرض فرانكفورت الدولى للكتاب هذا العام تحديدًا للموقف السياسى المصرى، فقد شاركت وزارة الثقافة المصرية ممثلة فى كل من: الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة القومية لدار الكتب والوثائق.. رغم تصريحات يورغن بوس «مدير معرض فرانكفورت» المباشرة: ندين  بشدة  الإرهاب الهجمى لحماس ضد إسرائيل.. مشددًا على أن المعرض يقف إلى جانب إسرائيل بتضامن كامل.

وبعيدًا عن هذا الأمر، وبعيدًا أيضًا عن شخصنة المواقف وتصرفات القيادات، فإن ما حدث حاليًا لا تتحمله وزارة الثقافة الحالية فقط، وإنما هو أمر يعود إلى سياسات الوزارة فى السنوات الأخيرة. وهو ما كتبت فيه على مدار أكثر من سنة.. العديد من المقالات ذات الصلة بالسياسات الثقافية التى من المفترض أن تعبر عن رؤية ثقافية واضحة ومتكاملة لوزارة الثقافة المصرية.

أسئلة ثقافية معلقة

وفى هذا السياق، أطرح هنا بعض الأفكار التى تتجاوز كونها مجرد تساؤلات لمساحة أعمق فى الاشتباك مع تصرفات ومواقف وإجراءات تبدو عشوائية دون أى تخطيط لأسباب اتخاذها والهدف منها والمستهدف تحقيقه. وهذه الأفكار هى:

أولًا: لا يمر عام تقريبًا إلا وتحل مصر ضيف شرف فى معارض الكتب الدولية أو فى الفعاليات الثقافية المعروفة باسم الأيام أو الأسابيع الثقافية. ويترتب على هذا إرسال الوفود المصرية المشاركة فى تلك الفعاليات العربية والدولية. ولذا من الطبيعى أن نسأل عن طبيعة تلك الوفود المشاركة وطريقة اختيارها. وهل هناك لجان مسئولة عن اختيار أعضاء تلك الوفود الممثلة لمصر بحيث يكون لها إسهام فكرى وثقافى حقيقى حتى يتحولوا إلى قيمة ثقافية مضافة، بدلًا من أن يقتصر التعامل مع الأمر على أنه مجرد رحلة يمكن أن يقوم بها أى موظف إدارى دون الحاجة لسفر قيادات الصف الأول.

وأنا على يقين أنه لا توجد آلية للاختيار ولا معايير واضحة مكتوبة؟ ولكن لماذا؟! وإن كنت أتمنى وجودها لمعرفتها، وتقييمها.

ثانيًا: سفر الوفود إلى المعارض والمحافل الدولية.. يرتبط دائمًا بجدوى هذا السفر. فهل سفر قيادات الوزارة من رؤساء الهيئات والمجالس يحقق مستهدفاته ويستحق ما ينفق عليه؟! أو بتعبير مباشر: ما نتائج  ومخرجات كل تلك السفريات؟ قطعًا، أحد الأهداف هو الوجود المصرى دوليًا، ولكن الطبيعى أن يكون هناك أهداف أخرى من ضمنها: الترويج لشراكات فى مجال الملكية الفكرية والنشر وحقوق الترجمة والتسويق الثقافى واقتصاديات النشر وغيرها.

وربما يمكن الوقوف على دقة ما سبق، بعمل حصر خلال السنوات  الخمس الماضية من جدوى المشاركة المصرية فى معرض فرانكفورت للكتاب وغيره لرصد ما تحقق من صرف لبدلات السفر والإقامة وغيرهما بالعملة الصعبة. ومع التذكير أن وزارة الثقافة قد ألغت قبل عام تقريبًا فعاليات مثل مؤتمرات اليوم الواحد بقصور الثقافة والذى لا تتجاوز تكلفته 1500 جنيه وذلك وفقًا لزعم الوزارة التزامًا بترشيد الإنفاق!! 

ثالثًا: يترتب على ما سبق، فى الحديث عن أولويات الصرف وترشيد الإنفاق، التساؤل عن أولويات العمل الثقافى وتكاليفه، فهل لم يكن من الأولى ترشيد الإنفاق على الوفود وتقليل عددها وتوجيه ما يتوفر منها لسداد المبلغ المطلوب لرفع منصة معرض القاهرة الدولى للكتاب على «السحابة الإلكترونية» بدلا من عدم تحملها دخول أعداد كبيرة عليه، وهو مبلغ صغير بالنسبة لتكلفة تأسيس وتشغيل المنصة والتى بلغت حوالى 14 مليون جنيه منذ 4 سنوات تقريبًا.

ويتسق مع ما سبق، سؤال حول معايير اختيار العناوين المشاركة  بمعارض الكتاب   الخارجية وكذلك الأعمال الفنية التشكيلية المشاركة فى الفعاليات الدولية. وهل يتم اختيارها بناء على دراسات جدوى وأسس تسويق وآليات استثمار ثقافى؟! أم أن الاختيارات تتم كالعادة من جانب قاصرى الخبرة تمامًا كاختيار أعضاء الوفود الذين يتم اختيارهم دون رؤية ولا أسباب معلنة وبالتالى فإنهم لا يعودون من رحلاتهم بمشروعات ولا برامج ولا أفكار تسهم فى تطوير العمل الثقافى وإنجاح منظومته.. ولعل قراءة لتشكيلات الوفود التى سافرت فى وزارة الثقافة فى السنوات الأخيرة ليكشف عن تحويل السفر للخارج إلى مكافأة نهاية الخدمة، أو لترضية الموالين والمقربين من رؤساء القطاعات المختلفة، وبالتالى أصبحت مشاركة هؤلاء فى الفعاليات الثقافية الدولية هى رحلات تسوق وأيام استجمام وتغيير جو.

الخريطة المفقودة

حقيقة لم أعد أنتظر الإجابات عن تساؤلاتى الدائمة عن دور وزارة الثقافة وهيئاتها وفعالياتها  وأنشطتها وبرامجها ومشروعاتها فالمشهد أوضح من انتظار إجابات.

وها نحن نبتعد يومًا بعد يوم بفضل أداء وزارة الثقافة للأسف عن بناء الوعى والاشتباك مع الواقع المصرى والعربى والإقليمى والتعبير الحقيقى عن راهننا واستشراف مستقبلنا ثقافيًا رغم ما نعيشه الآن وفى كل لحظة من مواجهات مصيرية للشعوب والأوطان وما نعانيه من تحديات فى إيصال صوتنا إلى العالم من حولنا.. هذا العالم الذى يعلو فيه صوت الأقوى والأقدر على تشكيل وجدانه من خلال تكريس صورة ذهنية محددة وموجهة، والترويج لها عند مجتمعه وفرضها على الآخرين حتى ولو كانت هذه الصورة الذهنية.. مزعومة أو على غير الحقيقة. ولعل موقف معرض فرانكفورت الأخير من الروائية الفلسطينية وانحيازه لإسرائيل دليل عملى على ذلك.

لقد بحت أصواتنا، وملت من النداء بضرورة معالجة غياب وزارة الثقافة فى جميع أنحاء مصر، وعدم قصر وجودها على المناطق المتاخمة لمقر الوزارة فى قلب العاصمة.. ولنا أن نطرح سؤالًا أخيرًا فى هذا المضمار: هل لدى وزارة الثقافة المصرية خريطة ثقافية لمصر؟ أى هل تبنى الوزارة خططها على مدخلات واضحة بها الكثافات السكانية وعدد المتعلمين بكل محافظة والمستوى المعيشى للسكان وطبيعة البيئة وحرفها وكذلك المكونات الفلكلورية والتوجهات الأيديولوجية الغالبة على محافظة دون غيرها، وكل ما يتعلق بهذه الأمور من تفاصيل؟! 

إنه سؤال لا ينتظر الإجابة كسابقيه.. لذا فسأتركه وأقول لا ينبغى أبدًا فى ظل مواجهة الدولة بكل مؤسساتها للتطرف والإرهاب والتشدد وكل التحديات الخارجية التى تحيط بنا أن يكون ما نراه اليوم وما رأيناه بالأمس هو أقصى ما يمكن أن تقدمه لنا وزارة الثقافة.. فقد وصل بنا الحال إلى قيام الوزارة بتمثيلنا تمثيلًا غير موفق فى محفل دولى يعادى الدولة المصرية وسياساتها العليا.. وهو أمر نوقن انه لن يمر ولن ينسى. 

 نقطة ومن أول السطر

يستطيع الكثيرون تسطير الكلام المنمق وسرد الحديث البراق، لكن القليلون جدًا هم القادرون على الفعل بالتخطيط (صناعة القرار) والتنفيذ (اتخاذ القرار) والنجاح (نتائج القرار).

الثقافة هى التى تشكل الوجدان الفكرى والوطنى للشعوب، وهى التى تحفظ له ذاكرته الجمعية.

الثقافة هى الحل.