الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أزمة تماثيل الكنائس.. هل يتدخل المجمع المقدس؟

أزمة تماثيل الكنائس.. هل يتدخل المجمع المقدس؟

هل وجود التماثيل فى الكنائس يليق ومباح أم لا يليق ومرفوض؟، وهل إقامتها فى مبنى الكنيسة يخالف الكتاب المقدس أم لا؟ وهل من يضعونها على منارات الكنائس أو داخل فنائها يقتربون من الكاثوليكية ويبتعدون عن الأرثوذكسية؟ هذه الأسئلة طرحت الأيام الماضية فى الأوساط القبطية بعدما أقيمت مؤخرا تماثيل فى عدد من الكنائس والأديرة القبطية، ومنها تمثال العذراء الذى وضعه الأنبا يؤانس فى دير السيدة العذراء بدرنكة بأسيوط، وهناك تمثال للقديس أنطونيوس فى الدير المسمى باسمه فى البحر الأحمر، وأيضًا تمثال للبابا شنودة فى كنيسة تحمل اسمه بحلوان، المشكلة ليست فى الأسئلة ذاتها ولكن لأنها تعبر عن أزمة تعيشها الكنيسة منذ فترة، وظاهرها أن كل أسقف يفعل ما يشاء وكأنه مستقل تماما ويعبر عن أفكاره هو وليس عن تقاليد الكنيسة مجتمعة ما يشير الى حالة انقسام أو محاولة من البعض أن تظهر الكنيسة وكأنها منقسمة وأنه لا توجد يد قابضة تدير أمورها بحزم، وهو ما ظهر فى أزمات عديدة وآخرها أزمة التماثيل.



منذ بداية الكنيسة القبطية فى مصر وهى ترفض وجود تماثيل داخلها وتستعيض عنها بالأيقونات وهى فى هذا تختلف عن الكنيسة الكاثوليكية التى تمتلئ كنائسها بالتماثيل المنحوتة، بينما لا تهتم الكنيسة الإنجيلية بالتماثيل والأيقونات، وتطبق الكنيسة القبطية آية الكتاب المقدس «لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة مما فى السماء والأرض لا تسجد لهن ولا تعبدهن»، بينما ترى الكنيسة الكاثوليكية أن الخطأ والممنوع أن تصنع التماثيل للعبادة مثلما كان يحدث فى الوثنية وقت العهد القديم وطالما انتفى هذا الأمر فلا مانع من وجود تماثيل للمسيح والعذراء والقديسين، ومع ظهور التماثيل فى الكنائس والأديرة المصرية اشتعلت الخلافات فى الأوساط القبطية بين مؤيد ومعارض ليس فقط بين الأساقفة، ولكن أيضا بين العلمانيين، الفريق الرافض لوجودها وبعضهم لا يمكن التشكيك فى استنارتهم ومطالبتهم بالتحديث والتطور يستندون إلى عدة قواعد أبرزها أن هذه التماثيل تخالف التقاليد الكنسية وقانونها وتراثها وتاريخها، ولا تمت بصلة لروح الكنيسة ولا للفن القبطى وأنها أقرب إلى الغرب، ويتخوف أصحاب هذا الاتجاه من أن يتبارك بها البسطاء لدرجة تقترب من عبادتها؛ وخصوصًا أن بعض الأساقفة يروجون لنيل البركة من تماثيل وصور القديسين، ويطالب الرافضون بأن توجه الأموال التى تصنع بها التماثيل وهى كثيرة للإنفاق على الفقراء والمحتاجين الذين يتزايد عددهم فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية وأنهم أولى بها؛ خصوصًا التماثيل لن تمثل إضافة للكنيسة القبطية وتراثها وفنها، وبالطبع فإن هؤلاء لا يحرمون النحت ويرونه فنا راقيا، ولكن خارج الكنائس، الطرف الثانى يبنى حججه على أنه لا يوجد سبب للرفض طالما أن التماثيل لا يتم عبادتها أو السجود لها، كما أن الكنائس الكاثوليكية تمتلئ بها ولم يعبدها أحد من أتباعها، وأيضا البابا شنودة لم يحرمها علما بأنه لم تنتشر إقامة تماثيل فى الكنائس والأديرة طوال عهده الذى امتد 41 عاما، ويقول أصحاب هذا الاتجاه إن التماثيل تصنع بأموال وتبرعات بعيدة عن الأموال المخصصة للفقراء، الخلاف يشتد ولن يحسمه سوى تدخل البابا والمجمع المقدس الذى يضم جميع الأساقفة، وعلى المجمع أن يجيب على عدة أسئلة: هل وجود التماثيل فى الكنائس والأديرة يليق وحلال أم لا يليق وحرام؟ وهل وجودها يخالف التقاليد الكنسية؟ وإذا كان حلالا فكيف يمكن إبعاد العوام عن تقديسها وتنبيههم بعدم السجود أمامها لنيل البركة منها؟ وهل الفقراء أولى بأموال صناعتها علما بأن البذخ والإسراف موجود فى كثير من الإيبارشيات فى أوجه إنفاق أخرى أم أن هذه التماثيل لها دور مهم فى الارتقاء بالروح والاقتداء بأصحابها؟ والأهم هل يترك كل أسقف مستقلا برؤيته فى مثل هذه القضايا بحيث يقبلها البعض ويرفضها البعض الآخر ما يؤدى إلى تشتت الأقباط بين الاتجاهين؟

الأمر فى يد البابا و المجمع المقدس والذى عليه أن يتدخل سريعا،فالصمت هنا ليس فضيلة، خصوصًا أن الخلافات تظهر مع كل قضية تطرح نفسها سواء كانت كبيرة وحقيقية أم وهمية، والخوف أن يزداد الخلاف حتى يصل إلى شرخ يصعب ترميمه.