الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد أن سلب قلوبنا فى الجزء الأول يسحرنا من جديد فى الجزء الثانى: حكاية نجم من غير سما.. حكاية ريقو

رائحة البحر وصوت أمواجه وقدميك تلمس الرمال البيضاء وأنت جالس على كرسى بلاستيك أمامك طاولة عليها «كاسيت» بداخله شريط صغير تستمتع بموسيقاه وأغانيه، حالة تعود معها بذكرياتك لزمن التسعينيات، هى حالة من النوستالجيا تعيش داخلها بأفكارك ومشاعرك فتتذكر أيامًا جميلة عشتها من قبل، أيامًا لقبها من عاشها بــ«أجمل أيام العمر». 



 

حالة من الحنين للماضى، أيام الصبا والمراهقة، أيام لا تخاف فيها ولا تقلق، فقط تعيش اللحظة بلحظة، تعيش وتسعى لأحلامك وسط أهلك وأصدقائك ولسان حالك يقول «لو كان فى الإمكان أعود بالزمان» أو تقول «نفسى أحبس اللحظات الحلوة اللى فى حياتى أحطها كده فى علبة صغيرة وقت لما أبقى متضايقة أو زهقانة أفتح العلبة والذكريات كلها تطير حواليا وترجعنى تانى للحظة اللى كنت فيها مبسوطة». جملة معبرة عن حالة كل منا، سواء عاش أيام شبابه فى التسعينيات أو لا..فمن منا لا يحمل بداخل روحه ذكريات جميلة يود لو يتوقف الزمن عندها.. تلك الجملة قيلت على لسان «نور» وهى من شخصيات الجزء الثانى من مسلسل (ريڤو) الذى يعرض على منصة watch it.

ذلك العمل الفنى القريب من قلبك وروحك والذى يلمس شيئًا بداخلك، ربما يكون ماضيك أو حاضرك أو مستقبلك.. (ريفو) ليس مجرد عمل فنى يحكى قصة صعود فرقة موسيقية والأزمات التى تتعرض لها، فهو ليس عملًا منفصلًا عنك كمشاهد ترى أحداثه من بعيد دون أن تتعايش معها، بالعكس (ريفو) يحكى واقعًا نعيشه جميعًا بكل الأجيال التى مرت على البشرية فى أى وقت ومكان، يحكى عن فقدان شخص عزيز عليك أو حلم ضاع من بين يديك، فتفقد روحك معه وتشعر بعدها كأنك شخص آخر، تستكمل حياتك وتعاملاتك كعادة الحياة لكن بدون نفسك الحقيقية. من هنا جاء الرسم المتقن لشخصيات العمل للمؤلف «محمد ناير» الذى رسم كل شخصية نفسيا بشكل يجعل كل مشاهد منا يرى نفسه فى أحدها، والأهم أن جميعهم ليسوا مثاليين كطبيعة البشر، فكل منهم بداخله الخير والشر، وعلى سبيل المثال «شادى» الذى يجسده «أمير عيد» هو فنان يبحث عن حلمه ويجرى وراءه، تائهًا بين مشاكل أسرته، وبحثه عن الأب السند، وتمسكه بحب زائف، وتيهته بين كل ذلك فى إطار تحقيق حلمه مع فرقته الموسيقية «ريڤو»، فماذا يختار ومن يسانده نفسيًا ومن يستغله، وهل سيصل لحلمه أم سوف تخونه الحياة؟.

أيضًا شخصية «مدحت أباظة» الذى يجسده «حسن أبوالروس» وصراعه النفسى لسنوات طويلة وإحساسه بالذنب تجاه فقدان أعز أصدقائه وهروبه من كل ذلك تحت غطاء التدين فى محاولة منه للتكفير عما اقترفه، أما شخصية «ياسمين» التى تجسدها «سارة عبدالرحمن» فهى مثال للشخصية التى تحتار فى الحكم عليها كمشاهد، هل هى جانى أم ضحية، هل جنت على حبها الوحيد ودمرت حياته أم هى ضحيته وضحية استغلاله لحبها ولدعمها النفسى، وأيضًا ماضيها.. هل ما اقترفته من أفعال وقرارات كان رغمًا عنها أم بدافع الانتقام والعناد مع نزعة شر، وإذا تحدثنا عن شخصية «مريم» التى تجسدها «ركين سعد»، والتى تتعايش معها ومع مشاعرها وأفكارها وصوتها الداخلى بشكل كبير يجعلك تتقمص شخصيتها وتفكر فى حلول معها وتفرح وتحزن كأنك هى.

«مريم»، تلك الشخصية التى تنطلق معها فى رحلتها للبحث عن أسرار والدها ووالدتها وأخيها، أسرار تتكشف مشهدًا بعد آخر فى حبكة قوية تنتمى لحبكة الكشف، فأنت كمشاهد لست مجرد متفرجًا أو حتى مشاركًا فى الأحداث ومندمجًا معها، أنت بمثابة المجذوب الذى يعيش عالم (ريفو) بكل حالاته وأزماته وفرحه وحزنه، تجد نفسك فى إحدى شخصياته، تتذكر شخصًا فقدته أو حلمًاغ ضاع منك، تعيش ذكرياتك فى التسعينيات أو على الأقل تشعر بالحنين لشىء فاتك أو شخص وحلم لم تصل إليه، تتأثر بكل الأحداث والمواقف والشخصيات وتتعايش فى تناغم مع الأحداث التى ضفرها المؤلف «محمد ناير» مع أغانى باند «ريفو « ليحكى ويعبر، فهو فى النهاية عمل فنى غنائى يحكى بالأغانى ويكمل الأحداث بها مثل الأغنية التى جاءت فى الحلقات الآخيرة والتى تقول كلماتها «فى كلام جوايا متشرحش كان نفسى أقوله بس الوقت مسمحش كان نفسى أكون معاكى وأدلك عل طريق وفى ضهرك أفضل واقف وأكون ليكى صديق» فى رسالة من «شادى» لـ «مريم» أخته.

وبالطبع الأغنية الرئيسية للعمل التى تحكى قصتهم وإحساسهم وطموحهم «أنا نجم بس مفيش سما، عندى جناحات بس مفيش هوا، يمكن ده مش مكانى والزمن ده مش زمانى أو أنا موهوم»، وعدد آخر من الأغانى التى تعد جزءًا لا يتجزأ من العمل، ناهيك عن استخدام صوت البحر مع شكل الأمواج فى مشاهد ذكريات «مريم» وسماعها لشرائط والدها وأخيها وحكيهم لكل تفاصيل القصة إلى جانب تتر العمل الذى يتضمن أصواتًا لآهات كأنها نداء وحنين للماضى، نوستالجيا فقط، التى هى عنوان وحالة وروح هذا العمل الفنى.

(ريفو) الذى يعيش بداخلك كمشاهد لن تتعايشه فقط وتنساه بعد فترة، ولكنه سيظل حكاية كل منا، الحكاية التى لا تنتهى والمشاعر التى لا تفنى، فمن منا بلا ماضى يجعل روحه تسكنها الذكريات وأناس وأماكن وروائح تشكل جزءًا كبيرًا أو صغيرًا منا ومن كياننا.