الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لأنها صنعت وفق منهج «مدروس»: «والله أبدًا».. تجربة غنائية تستحق الإشادة

عندما تمر المجتمعات بأزمات موسيقية، أو مراحل انتقالية بين سيطرة جيل ما، وظهور جيل جديد، تكون هناك مدرستان للخروج من هذه الأزمة، الأولى تكون بمزج الأشكال الموسيقية التى تُعبر عن الواقع الثقافى والجغرافى للفنان بأشكال موسيقية أجنبية أخرى، بحيث أن هذا المزج يخلق شكلًا موسيقيًا جديدًا، كمحاولة لجذب الجمهور.



 

أما الثانية فتكون بالعودة للأصول، والبحث فى التراث وتقديمه بشكل عصرى جديد يتماشى مع ذوق الجمهور فى الفترة الحالية، وهذا ما يفعله «عزيز الشافعى» فى الفترة الأخيرة مع أكثر من فنان، فعلى سبيل المثال قدم مع «روبى» أغنية (نمت ننة) بأسلوب أغانى «الهنك والرنك» الذى يعتمد على الإيحاءات وربما المغازلة الجنسية، وهذا أمر لا يعيب هذه النوعية من الأغانى، فالتنوع مطلوب، بل إن هناك فنانين كبار قدموا مثل هذه النوعية من الأغانى وعلى رأسهم «سيد درويش» فى أغنية (وأنا مالى هيه اللى قالتلى)، و«أم كلثوم» فى أغنية (الخلاعة والدلاعة)، والكثير من الأمثلة الأخرى.

وهناك مثال آخر مع «بهاء سلطان» فى (تعالى أدلعك)، حيث قدم لنا «عزيز الشافعى»، «بهاء سلطان» بعد غياب طويل، على طريقة غناء «الطقاطيق»، والأغنيتان نجحتا نجاحًا باهرًا رغم اختلاف الشكل الغنائى، ولكننا نتحدث عن نفس المدرسة، كمحاولة تقديم الأشكال القديمة بلمحة عصرية.

وفى ظل النزاع المتبادل بين الفنانين الكبيرين «مدحت صالح وعلى الحجار» على مشاريع إعادة إحياء التراث وتقديمه بشكل عصرى للجمهور، نجد الفنان الأهم والأشهر على الساحة حاليًا «عمرو دياب»، يفاجئنا بأغنية تبدأ كلماتها بأبيات من نونية «ابن زيدون» وبالتحديد «والله ما طلبت أهوائنا بدلًا منكم، ولا انصرفت عنكم أمانينا، أَضحى التَنائى بَديلًا مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا»، حيث قدم «عمرو دياب» هذه الكلمات بالفصحى، وقام بغناء باقى مقاطع الأغنية بالعامية المصرية التى كتبها وصاغها ولحنها «عزيز الشافعى» الذى قال إن هذه الفكرة تعود إليه، وهو ما يؤكد أننا أمام تجريب يعتمد على منهج، والأجمل أن هذه التجارب تحدث مع أكثر من فنان.

قطعًا لو كان هناك أى فنان آخر قام بغناء أبيات من نونية «ابن زيدون» بخلاف «عمرو دياب»، فلن يكون هناك هذا الاهتمام الإعلامى والجماهيرى الكبير، وهذا مايؤكد أن إعادة إحياء التراث يحتاج إلى فهم ذوق الجمهور الحالى كى يتفاعل مع المنتج الفنى المقدم بالشكل المكثف كما حدث مع «عمرو دياب»، بخلاف ما حدث مع «مدحت صالح» فى حفلة «الأساتذة» التى لم تلق نفس الاهتمام الجماهيرى المماثل، وأتصور أن الأمر لن يختلف كثيرًا مع «على الحجار» ومشروعه (100 سنة غنا).

ولكن ما هو الشكل الموسيقى الذى تحدثت عنه بخلاف مفهوم إعادة إحياء التراث أو مزج الفصحى بالعامية؟ 

«عمرو دياب» تعاون مع «عادل حقى» فى توزيع الأغنية بالاعتماد على موسيقى الـ «EDM»، وهى اختصار لـ«Electronic dance music»، والأغانى التى تعتمد على هذه الأشكال الموسيقية، تحقق الانتشار الجماهيرى الكبير، ليس فى مصر فقط، بل فى العالم كله!

والمؤكد أن «عمرو دياب» هو الآخر، لديه منهج متبع فى تقديم هذه النوعية من الأغانى ويعكف على تنفيذه منذ العام الماضى، حيث تكون مدة كل أغنية تنتمى لهذا الشكل الموسيقى أطول من المتعارف عليه حاليًا، فالميجا ميكس الذى صدر العام الماضى تجاوزت مدته الـ12 دقيقة من توزيع «عادل حقى»، وأغنية (يا ليله عودى) التى قدمها «عمرو دياب» مع ابنه «عبدالله» من توزيع «أحمد إبراهيم» قاربت مدتها الـ7 دقائق، والأغنية الأحدث (والله أبدًا) من توزيع «عادل حقى» تجاوزت مدتها الـ7 دقائق، إذن نحن أمام منهج موسيقى متبع.

وبغض النظر عن تجاوب الجمهور مع هذه المناهج الموسيقية والغنائية التى تحدثنا عنها، سواء بالسلب أو الإيجاب، فالأهم هو إننا نتحدث عن أعمال تتبع منهجًا مدروسًا، ويجب أن نحيى صناعها لأننا أصبحنا فى وقت تسيطر فيه العشوائية الفنية!.