السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. تاريخ غير موثق ومهرجان قطاع خاص.. ثورة 30 يونيو.. الثقافة هى الحل!

مصر أولا.. تاريخ غير موثق ومهرجان قطاع خاص.. ثورة 30 يونيو.. الثقافة هى الحل!

أؤمن دائمًا أن الثقافة هى الحل.



وأعتقد أيضًا أن الثقافة هى الجسر الذهبى للوصول للهوية الوطنية المصرية، وهى السبيل للحفاظ عليها فى ظل تحدى هويات أخرى متعددة.. ربما يصل بعضها إلى النقيض على غرار محاولات ترسيخ الهوية الدينية باعتبارها الهوية الرئيسية، أو محاولة ترسيخ هويات أخرى لها طبيعة مختلفة عن ثقافة أبناء نهر النيل، أو بتضخيم الهوية الغربية باعتبارها أساس التنوير على حساب رصيد هويتنا الوطنية. والأخطر من كل ذلك محاولة طمس التاريخ المصرى القديم بكامله فى تفضيل الهوية العربية على حساب طمس الهوية المصرية القديمة التى تكونت عبر آلاف السنوات. 

أعلم جيدًا، أن الكلمات السابقة.. تصنف بالدرجة الأولى تحت محتوى المكون المعرفى والثقافى والفكرى للشخصية المصرية، والتى تأثرت خلال الـ 75 عامًا الماضية بالعديد من الأنظمة السياسية التى تنوعت بين الاشتراكية والرأسمالية واقتصاد السوق. وفى كل الأحوال كانت الشخصية المصرية تتأقلم معها باعتبار أن كل نظام منهم له ما يميزه للبعض من المواطنين.

الاستثناء الذى حدث هو محاولة اختطاف الدولة المصرية بشكل رسمى من خلال التوجيه والسيطرة والترهيب فى التصويت الانتخابى الذى وصل بجماعة الإخوان المسلمين بكل أيديولوجياتها المتطرفة إلى كرسى الحكم.. دون أن يكون لها رؤية سياسية واضحة مرتبة ومنظمة، وقابلة للتنفيذ العملى.

وسرعان ما اكتشف المواطن المصرى مع مرور الوقت بشكل شبه يومى.. مخطط «أخونة» الدولة، وفشلهم فى إدارة حكم الدولة المصرية. بعد محاولاتهم المستميتة للسيطرة على مفاصل الدولة سواء بقرارات غير قانونية وغير دستورية، أو بمحاولة تغيير تركيبة الجهاز الإدارى للدولة، بداية من عزل المستشار عبدالمجيد محمود «النائب العام» وتعيين طلعت إبراهيم عبدالله بشكل غير قانونى، وانتهاء بتمكين أعضاء الجماعة والموالين لها والمتعاطفين معها من خلال حركة التعيينات الضخمة فى جميع المناصب سواء منصب رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين ورؤساء الأحياء، أو حتى مستوى القيادات الوسيطة كوكلاء الوزارة ومديرى العموم.

 فترة الحكم الأسود..

ولذا كان من الطبيعى، أن يقوم المواطن المصرى بثورة 30 يونيو العظيمة ليس فقط لاستعادة الدولة بأمنها واستقرارها، ولكن أيضًا لاستعادة هوية الشخصية المصرية التى ضاعت ملامحها وسلبت إرادتها خلال فترة الحكم الأسود للجماعة الإرهابية. وكان المثقفون والفنانون فى مقدمة من وقفوا فى مواجهة مباشرة مع الجماعة ومندوبها الرسمى الذى تولى وزير الثقافة حينذاك.

كان من الطبيعى أيضًا، أن تهتم وزارة الثقافة تحديدًا بعد ثورة 30 يونيو بترسيخ الهوية الوطنية المصرية سواء من خلال إنتاج فكرى أو من خلال خدمات ثقافية متنوعة بين أنشطة وبرامج ومعارض ومسرحيات وفولكلور و..…

وقد أسعدنى كثيرًا مؤخرًا، صدور كتاب «اعتصام المثقفين (الطريق إلى 30 يونيو)» للمخرج الكبير عصام السيد عن إحدى دور النشر الخاصة. وهو كتاب يوثق لحكاية المثقفين فى الإسهام فى صناعة ثورة 30 يونيو. فقد ظلت الجماعة الإرهابية بعيدة عن مجال الثقافة والفن، ولم يحاولوا أخونته مثلما فعلوا فى كل مكان تسللوا إليه داخل الجهاز الإدارى للدولة، ولكن لجأوا إلى أساليب أخرى لتحجيم حركة الثقافة والفن وتأثيرهما. وربما يعود تأخيرها فى اختراقهما لأن المثقفين والفنانين هم الفئة الأعلى صوتًا والأكثر تأثيرًا محليًا وعالميًا.

أهمية هذا الكتاب، أنه يروى الأسرار الدقيقة لتلك الأيام موثقًا بالبيانات والمعلومات الدقيقة. ولذا كنت أتمنى أن يصدر هذا الكتاب من إحدى هيئات أو مجالس وزارة الثقافة.. خاصة أن الهيئة المصرية العامة للكتاب قد ألغت طباعته دون إبداء أسباب واضحة رغم موافقة لجان الفحص على الكتاب وصدور أمر نشر له. بالإضافة إلى أنه الكتاب الوحيد إلى الآن الذى يوثق لاعتصام المثقفين عام 2013 ضد سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية وتغلغلها..

  30 يونيو فى 10 يوليو..

وفى السياق نفسه، أعلن المجلس الأعلى للثقافة عن برنامج فعاليات المجلس الأعلى للثقافة بمناسبة «مرور 10 أعوام على ثورة 30 يونيو»، وذلك خلال الفترة بين 10 و12 يوليو 2023. ولا أجد أى مبرر لتأخير الاحتفال 10 أيام لتنظيم تلك الفعالية.. بهذا الشكل المحدود الذى لا يتناسب مع تلك الاحتفالية العظيمة.. خاصة أن توقيتها معروف ومعلن بما يسمح بالإعداد لها بوقت سابق كاف. كما أن برنامج الفعالية لم يتضمن ضمن المتحدثين الذين بلغوا 25 متحدثًا أيًا ممن شاركوا من المثقفين والفنانين فى الاعتصام حتى الوصول إلى 30 يونيو سوى شعبان يوسف. رغم ما يحملونه من خبرة وتاريخ.. يستحق أن يوثق.

أصبحت لدينا فرصة جيدة، بعد ثورة 30 يونيو فى الارتكاز عليها لاستعادة الهوية الوطنية المصرية.. ليس فقط فى إظهار قيمة المواطن المصرى سواء كان مسيحيًا أو مسلمًا، ولكن باستعادة كرامة الإنسان المصرى داخليًا قبل خارجيًا. وتمكين المرأة المصرية قانونيًا ودستوريًا فى مواجهة حاسمة وشاملة مع كل ما يستبيح سلب إرادتها ومكانتها سواء قانونيًا، أو بتوظيف الدين واستغلال بعض الموروثات والعادات والتقاليد فى تبرير سلب حقوقها.. خاصة فى النفقة لها ولأطفالها، والتنازل عنهما.. بابتزازها فى مقابل حصولها على حريتها، أو بالرضا الإجبارى فى الحصول على جزء صغير من ميراثها الذى تم استحلاله بالكامل.

وهو ما يعنى أنه لدينا أيضًا فرصة جيدة فى ترسيخ الهوية المصرية من خلال تفعيل دور وزارة الثقافة فى تقديم خدمات ثقافية حقيقية على أرض الواقع ليستفيد منها أى مواطن مصرى فى جميع محافظات الجمهورية.

 سلاسل لم تكتمل..

بعد أحداث 25 يناير 2011، صدرت سلاسل على غرار: سلسة «الثورة والحرية» عن دار الكتب والوثائق القومية، وسلسلة «إبداعات الثورة» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. ولا أعلم: لماذا توقفت تلك السلاسل لتستكمل إصداراتها عن ثورة 30 يونيو بمكتسباتها وتأثيرها وتفاعلها بين الداخل والخارج؟ وهو ما يمكن أن يوثق من خلال الأحداث والشخصيات والأغانى والجرافيتى.. وما صاحب ذلك من إعادة بناء مصر من خلال لوجيستيات متقدمة.

  مهرجان ثقافى قطاع خاص..

فى ظل كل ما سبق، عقد خلال الأيام القليلة الماضية مهرجان ثقافى ضخم إلى حد ما.. نظمته إحدى دور النشر مع إحدى كبريات مكتبات توزيع الكتب بتمويل ورعاية اثنتين من أكبر الشركات الاستثمارية فى مصر. والملاحظة الساذجة فى هذا المهرجان أن العديد من الكتاب والمبدعين من خارج مصر.. لبوا دعوة الحضور، رغم أن عددًا منهم قد اعتذر عن حضور معرض القاهرة الدولى للكتاب قبل ذلك، ومنهم مصريون فى المهجر.

فى الوقت الذى ألغت فيه بعض هيئات وزارة الثقافة العديد من أنشطتها وفعالياتها.. ترشيدًا للنفقات، تنجح دور النشر والتوزيع الخاصة فى اقامة مهرجانات ثقافية ومعرض للكتاب يضم أكثر من 40 ناشرًا. وقطعًا، يعنى ذلك.. أنهم يحققون أرباحًا على عكس ما يحدث مع وزارة الثقافة. وهو ما يؤكد أن الأزمة الحقيقية فى وزارة الثقافة هى أزمة إدارة وأزمة تسويق.

يعطى ما سبق انطباعًا لدى البعض، أن هناك توجهًا لتراجع وزارة الثقافة عن القيام بدورها فى تقديم خدمات ثقافية وأنشطة وفعاليات للمواطن المصرى فى جميع أنحاء الجمهورية.

  نقطة ومن أول السطر.. 

العمل الثقافى لا يمكن أن يتحرك بالعقلية البيروقراطية التقليدية، ولا يدار بالقوانين واللوائح والأكواد. ولكن يدار بحسن اختيار الشخصيات الثقافية التى تستطيع أن تقدم أفكارًا حقيقية عملية طبقًا لمعايير الرؤية الثقافية التى نريدها.

ترى، هل تمتلك مصر رؤية ثقافية واضحة.. يمكن أن تترجم لسياسات ثقافية؟

أين رؤيتنا للاستثمار الثقافي؟

الثقافة هى الحل..