الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. النار السوداء

الحقيقة مبدأ.. النار السوداء

حقيقة علمية: عندما تزداد درجة الحرارة تنتقل الألوان من الطول الموجى الأكبر باتجاه طول الموجة الأقصر، أى من اللون الأحمر إلى اللون الأصفر، فالأزرق فالبنفسجى ثم فوق البنفسجى وأخيرًا اللون الأسود.



وعند البدء بتسخين أى جسم؛ فإن لونه يبدأ بالتغير من الأحمر، ثم عندما تزداد درجة الحرارة يصبح اللون أكثر بياضًا ويقترب من الأصفر. وإذا علمنا أن اللون الأبيض هو مزيج من ألوان الطيف الضوئى السبعة، فإن اللون الذى يطغى خلال هذا التسخين هو الأبيض، أى مزيج من ألوان قوس قزح السبعة.

 

وأخيرًا عندما ترتفع درجة الحرارة بشكل كبير، فإن الألوان تصبح قاتمة أو غامقة حتى تنتهى باللون الأسود، وهذا اللون لم يتم الحصول عليه بعد عمليًا، ولكن العلماء يؤكدون بأن اللون الأسود هو نهاية ألوان الطيف الضوئى الحرارى.

بعد هذه المقدمة العلمية من المفترض أن يتساءل القارئ الكريم عن علاقة هذه الحقائق بالسياسة، وما السياسة الدولية إلا مجموعة من التفاعلات التى تُبنى على مدار الوقت وعلى مر التاريخ وتتداخل فيها قرارات القادة والزعماء والجماعات الدينية أو ثقافات الشعوب. 

تظل فلسطين هى القضية المركزية لمصر ومفترض أنها كذلك عربيًا وبقدر ما تمر به هذه القضية المحورية من فترات جمود أو فتور بقدر ما تشتعل من آن لآخر مما يزيد من حدتها وارتفاع درجة حرارتها، فتكون الانتفاضات الفلسطينية.. ولا يجب النظر إلى تاريخ الصراع باعتبار أن الكيان الصهيونى هو الطرف الأقوى فى المعادلة العسكرية، وأن قوى المقاومة هى الأدنى تسليحًا والأقل عتادًا والأضعف تدريبًا !!  المسألة ليست مرهونة بحجم القوة طبقًا للقياس سالف الذكر، وإنما يجب أن تُقاس بمعيار عدالة القضية ونظرة المجتمع الدولى لمفهوم العدالة وكذلك أحجام القوى الداعمة للكيان الصهيونى ومبررات الدعم، فقبل الحديث عن نظرة غير متزنة للمجتمع الدولى بل وتحمل أكثر من وجه حسب القضية والدولة والإقليم.. علينا أن نفهم أولًا تاريخ القضية وعلاقتها بالمفاهيم الدينية المرتبطة بها.

  لا أحد يستطيع أن يختلف على مبادئ الحزب الجمهورى، وهى المبادئ الأكثر قبولا لدى المجتمع الأمريكى، وهو الحزب الأكثر تأثيرًا فى العقل الأمريكى، كذلك هو الحزب الذى يقوم بدعم الكيان المحتل بقوة، كذلك فإن العامل الرئيس لقوة ذلك الحزب هو ارتكازه على قاعدة شعبية مُكونها الأعظم هم الإنجيليون (أنجلو أمريكان) الداعمون المتحمسون دائمًا للسياسات الصهيونية وهو ناتج دينى بالأساس لأصحاب المبادئ تدبيرية (البعد الدينى النبوءاتى)، ينتظرون معركة هرمجدون، حيث يُقتل الجميع وتصعد الأرواح المُخلصة إلى السماء ويبقى بعض اليهود الذين سوف يؤمنون بالمسيح بعد المجىء الثانى، وأما البقية فستلحقهم اللعنة الأبدية، لهذا ظهرت الصهيونية المسيحية سابقة على الصهيونية اليهودية لتمهيد الطريق وفقًا لتفسيراتهم للكتاب المقدس ليكون الهدف المشترك هو قيام دولة إسرائيل، ثم قيام المعركة الكبرى وهنا تكمن أهمية الأسباب الدينية الثقافية فى ذلك الدعم، وهى الحركة الصهيونية المسيحية فى انجلترا والولايات المتحدة، ونحن هنا لا نتحدث عن جماعة انعزالية تعيش بعيدًا عن المجتمع، بل أصحاب نفوذ اجتماعى وإعلامى غاية فى القوة والتأثير، بل ويعتلون مناصب رفيعة فى الحكومات منها منصب الرئاسة. ورؤساء حكومات ووزراء خارجية !!

واستنادًا إلى تلك النبوءات التوراتية، تمكنت الصهيونية المسيحية (الأصوليون أو الحرْفيون) بكل منظماتها، من تكوين ضمير جماعى فى المجتمع الأمريكى بوجوب الدعم الأمريكى لإسرائيل. وهو السبب ذاته الذى من أجله دعمت انجلترا الصهاينة اليهود وعملت على تمكينهم فى فلسطين.

لا تتوقف المسألة عند هذا الحد بل إن لها بُعدًا آخر يتعلق بالمصالح البريطانية والأمريكية فى الشرق الأوسط، فالدولتان لا تعتبران أن الكيان الصهيونى هو حليف توراتى، بل هو ذراع مهم فى المنطقة يلعب دورًا لحفظ الأمن بما يتفق مع هذه المصالح وقد ظهر هذا جليًا فى عدوان 1956 ثم كانت نكسة 1967 كنقطة بداية للعلاقة الحميمة بينهما حيث إن الكيان الصهيونى قدم خدمة كبيرة لأمريكا وانجلترا فى تدمير قدرات مصر العسكرية وتقويض حلم عبد الناصر فى تحرير أفريقيا وإرساء الحكم الجمهورى فى الشرق الأوسط وهو بالقطع ما يهدد مصالح لندن وواشنطن ويذهب بأطماعهما فى الثروات والنفط العربى أدراج الرياح.

أربعة أسئلة يتحتم على المجتمع الدولى أن يجيب عنها عندما يقرر أن يستخدم مصطلحات العدل والعدالة:

1 - الفلسطينيّون محصورون فى 165 مقاطعة، يفصل بينهم وبين أراضيهم وبساتينهم عسكرٌ عدائىٌّ، وهم معرّضون إلى خطرِ هجوم دائم من العصابات اليهودية المحميّة من الجيش الإسرائيلى. ما الحل ؟!

2 - استوطنت إسرائيل وسيطرت على أراضى الجولان السورى المحتلّ فى خرق لأوامر وقرارات مجلس الأمن (كما فعلت فى القدس). أمّا قصة الرعب فى غزة فهى معقّدة لدرجة يستعصى سردها هنا، إنّها إحدى أسوأ الجرائم المعاصرة فى يومنا، مكتنفة بشبكة كثيفة من الخداع والتضليل وتجميل الأعمال الوحشية الإسرائيلية. من سيتحرك وكيف ومتى ؟!!

3 - إن المستوطنات الإسرائيلية فاقدة للشرعيّة القانونية، لماذا إذًا تستمرّ الولايات المتّحدة فى تزويد الدعم للكيان الصهيونى خرقًا للقانون الدولى والأمريكى، ولماذا لا تضع دول العالم الحر اهتمامًا بهذا الخرق للقانون؟

4 - المفترض أن يشكّل السلاح النووى الصهيونى، تحت القانون الأمريكى، علامات سؤال مقلقة وأن يطرح أسئلة جدية حول شرعية الدعم العسكرى والمادّى للكيان الصهيونى ويبدو أن هذه العقبة، يتم اجتيازها عن طريق عدم الاعتراف الأمريكى بوجود سلاح نووى إسرائيلى أصلًا، هذه مهزلة علنية ذات تداعيات خطيرة وكبيرة،. الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل يخرق أيضًا «قانون ليهى»، والذى يمنع الدعم العسكرى لكيانات ناشطة فى خرق منهجى لحقوق الإنسان. القوات الصهيونية المسلّحة تشكّل أمثلة واضحة وفاضحة لهذه الكيانات. من يستطيع أن يعلو صوته فوق لندن أو واشنطن ؟!

أخيرًا إذا كان كل ما سبق هو قرائن بل وأدلة على تطرف دينى من كيان محتل بل ومدعوم من قادة وزعماء متطرفين دينيا فى انجلترا وأمريكا على مدار 125 عامًا تقريبًا، يزيد عليها خرق واضح لقوانين ومعاهدات دولية بل وسياسات آبارتايد لا تدع مجالًا للشك.. ولا أحد يتحرك بل واكتفى الكل بالشجب والتنديد.

من بيده الحل؟! لا تجد الكاتبة أملاً فى حكومات الغرب لكنها ترى أن الرأى العام الغربى بشكل عام والأمريكى بشكل خاص هو القادر على تغيير مسار الأمور وإلا إذا كانت هذه التفاعلات إلى نار سوداء لن يستطيع أحد أن يحد من حرارة ألسنتها.