الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولاً.. 10 سنوات على الانتفاض ضد اختطاف الدولة المصرية.. الفكرة التى تحولت إلى حركة جماهيرية وثورة شعبية

مصر أولاً.. 10 سنوات على الانتفاض ضد اختطاف الدولة المصرية.. الفكرة التى تحولت إلى حركة جماهيرية وثورة شعبية

وصفت ثورة 30 يونيو منذ اللحظة الأولى لقيامها بأنها «دولة 30 يونيو». ليس فقط لكونها أول اعتراض جماعى على تمكين الدولة الفاشية الدينية وسيطرتها، ولكن لكونها تمثل دفاعًا شعبيًا غير منظم أو موجه، ولا لأحد سلطان عليه سوى حالة الفزع والخوف من ضياع هذا البلد لصالح فئة صغيرة متطرفة ضيقة الأفق من جهة، وتنفيذًا لمخططات وترتيبات دولية تتعلق بمستقبل توازنات القوى فى العالم من جهة أخرى.



فضلًا عن الحرص على استقراره من التشرذم والانقسام. وهو ما شهدناه بعد ذلك فيما حدث ويحدث يوميًا لدول الجوار.

مقارنة غير متكافئة

تحرك الشعب المصرى ضد سيطرة الفاشية الدينية على السلطة فى مصر، واستجابت القوات المسلحة لطلبه بالمساندة لاستعادة الهوية المصرية وتأكيد مدنية الدولة المصرية فى مواجهة كوارث الجماعة الإرهابية وتجاوزاتها، التى وصلت إلى حد القتل والحرق والتفجير والعمليات الإرهابية.

فى تقديرى، هناك مَن يكتب بحسن نية أو غير ذلك عن أن ثورة 30 يونيو ورموزها هما استكمال لثورة 23 يوليو 52 فى شكل من أشكال المقارنة أو التكامل يجانبه الصواب وعدم الدقة، إذ إنه ينطلق من أمر افتراضى، ويحتاج إلى مراجعة وطنية قبل أن تكون سياسية، فلكل زعيم سماته الشخصية المميزة ورؤيته الخاصة لمصر بين دول العالم، ولكل ثورة أسبابها ومرتكزاتها التى لا يمكن أن نختزلها بهذا الشكل متجاهلين التاريخ.

ثوابت 30 يونيو

- تعود ملكيتها الحصرية للشعب المصرى الذى قادها ووجهها، وهو وحده صاحب ملكيتها الفكرية والسياسية والوطنية. ولذا استهدفت رحيل مندوب جماعة الإخوان الإرهابية فى رئاسة الجمهورية، والحفاظ على وحدة الدولة المصرية وتماسكها.. دون تفاوض أو تنازل أو مساومة.

- مطلبها الأساسى هو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية مع الأمان والمستقبل لبناء الجمهورية الجديدة.. فتحولت لأضخم تظاهرة شعبية فى تاريخ مصر الحديث.

- استعادة الإنسان المصرى لكرامته باحترام وتقدير.. بعد أن انحازت الإرادة الشعبية المصرية لصالح بقاء الدولة المصرية متماسكة. وهو ما أعاد مكانة المواطن المصرى فى الخارج ضمن إعادة ضبط العلاقات الدبلوماسية وتطبيق سياسة المعاملة بالمثل.

- مشاركة المرأة المصرية وتفاعلها مع ما يحدث فى الشارع بإعلان حالة الاحتجاج الرسمى، ومشاركة كبار السن، وذلك تحت قيادة الشباب والشابات فى حشد وتلاحم واتفاق.. لم يشهد الشارع المصرى مثله من قبل.

- اندلاع المشاركة فى توقيت متقارب فى جميع محافظات الجمهورية. وهو ما شهده العالم أجمع من خلال القنوات التليفزيونية العالمية، وذلك بخلاف وقفات المواطنين المهاجرين المصريين أمام سفارة المصرية فى بعض الدول.. لإعلان تضامنهم مع ثورة 30 يونيو.

دولة 30 يونيو

ماذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو؟! نوع من الاسئلة الافتراضية التى تندرج إجابتها بصيغة «اكتب فيما لا يقل عن 20 سطرا». وهو الكلام نفسه الذى ينطبق على بعض الأقوال مثل: التاريخ يكتبه المنتصرون، والتاريخ يكتبه الأقوياء، والتاريخ يصنعه العظماء.. التاريخ هو حديث الشعوب الذى يظل يتداول وينتقل ليتحول تدريجيًا إلى أفكار تشكل الوجدان.

 ما زلت أرى أنه مهما حاول هذا أو ذاك صياغة الأحداث التاريخية المهمة سواء بالتشويه أو الحذف أو التعديل والإضافة، فإن حقيقة الأمور تتضح وتظهر ولو بعد حين، لأنه ببساطة لا يمكن إخفاء الحقائق التاريخية والأحداث سوى لبعض الوقت وليس طيلة الوقت. والتطبيق العملى لما سبق هو محاولات أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية والمحظورة قانونا أن يصفوا ثورة 30 يونيو ويصنفوها باعتبارها انقلابًا، ولم ينجحوا لفساد منطقهم. نعم وصفهم حقيقى ودقيق، ولكن بمنطق مغاير وهو أن ثورة 30 يونيو.. انقلابًا شعبيًا وطنيًا على إرادة جماعة متطرفة استغلت الدين ووظفته لصالحها من أجل خطف البلاد لتحقيق مصالح شخصية ضيقة وأجندة دولية مغرضة.. وظفتهم للقيام بدور محدد. ثورة استطاعت إثبات.. فشل نظرية المؤامرة علينا وعلى بلادنا بسبب قوة هذا الشعب وإرادته ومؤسساته فى الاحتفاظ بوطنه مستقر ومستقل.

«دولة 30 يونيو».. لا تدين لأحد بفواتير سوى للمواطنين المصريين الذين ظلموا لأكثر من نصف قرن بسبب قرارات حنجورية وإجراءات عشوائية كمسكنات للمشكلات الاقتصادية والتحديات السياسية.. دون تقديم حلول حقيقية لها، ودون وجود لرؤية عملية لمستقبل هذا الوطن.

«دولة 30 يونيو» هى التى حققت منظومة المواطنة بشكل عملى على أرض الواقع، بتمكين المرأة المصرية والشباب والأشخاص ذوى الإعاقة، ومن خلال الاحترام والتقدير للمواطنين المسيحيين المصريين بحل العديد من مشكلاتهم التاريخية خاصة فى مسألة بناء الكنائس. كما استعاد المواطن المصرى هيبته واحترامه ومكانته داخل مصر، وأيضًا خارجها من خلال مساندة أصحاب المشكلات والأزمات حتى يستردوا حقوقهم فى المهجر.

هوية 30 يونيو..

تصنف ثورة 30 يونيو باعتبارها ثورة شعبية وطنية.. أنقذت مصر من الضياع.. مثلما أنقذت العديد من دول المنطقة من سيطرة الفوضى الخلاقة عليها. ثورة أثبتت انحياز المواطن المصرى العادى إلى الاستقرار. وقد عانت مصر لعدة سنوات بعد قيام ثورة 30 يونيو من حصار سياسى ومعنوى من بعض الدول التى دافعت عن الجماعة الإرهابية باعتباره موقفًا ينحاز لحقوق الإنسان ورهانًا ينتصر لها.. حتى اقتنعت مع مرور الوقت بصدق النوايا والتحذيرات المصرية بمخاطر دعم الإرهاب ومساندته دوليًا بعد أن وصلت التهديدات الإرهابية لتلك الدول على أراضيها، ودفع مواطنيها حياتهم ثمنًا لهذا الرهان الخاطئ.

اتخذت مصر الطريق الصعب بعد ثورة 30 يونيو.. بتبنى تنفيذ خريطة طريق سياسية واقتصادية صارمة من أجل القضاء على الإرهاب وجميع أشكال العنف، واستعادة مشاركة مصر فى التفاعلات الدولية، وتواكب مع ذلك إعادة تخطيط وتنظيم البنية الاساسية المصرية. ويبقى الانطلاق الحقيقى لرؤية فكرية وثقافية.. استنادًا إلى استعادة ما تأسست عليه ثورة 30 يونيو.. من كونها فكرة تحولت إلى فعل وحركة جماهيرية.. نتج عنها تحرك شعبى إنسانى حقيقى.

أعتقد أنه قد آن الأوان للانطلاق فى تنفيذ رؤية ثقافية وفكرية لمواجهة حالة التعصب والتشدد والطائفية الموجودة الآن فى الشارع المصرى نتيجة ميراث بدأ بعد ثورة يوليو 52.

واجهت «دولة 30 يونيو» الإرهاب بالعديد من الإجراءات التى وصلت بنا إلى القضاء فعليًا عليه. ولكن يظل التطرف الفكرى يحتاج إلى مواجهة حاسمة ومنظمة وسريعة لترسيخ مفاهيم العلمانية وقواعد الدولة المدنية المصرية، واستعادة العقل المصرى من براثن الجهل والتطرف والتعصب والكراهية.

نقطة ومن أول السطر..

معدن ثورة 30 يونيو 2013 الحقيقى هو ذلك التكامل والتطابق فى وحدة هذا الوطن واستقراره بين جميع مكونات الشعب المصرى. ومعها بدأت الجمهورية الثانية التى تم بناء مصر فيها بشكل حقيقى مستقبلى.. لا علاقة له بالمراحل السياسية السابقة، ولا مجال للمقارنة.. من خلال مساحات مختلفة عما سبق من التجارب الوطنية. 

أشتعلت ثورة 30 يونيو العظيمة بنسائها ورجالها الذين دافعوا عنها، كما أنه لا يزال التاريخ لم يفصح عن العديد من المواقف التى انحازت فيها القيادة السياسية لصالح مستقبل هذا الوطن رغم خطورة اتخاذ العديد من القرارات فى حينها، وهى جميعها مواقف ستسجل بحروف من نور فى كتاب «الوطنية المقدسة».

استطاعت ثورة 30 يونيو مواجهة سيناريو الفوضى.. بالخروج بسلام من مستنقع انهيار الدولة المصرية. وسيذكر التاريخ أن ثورة 30 يونيو هى بداية حقيقية لدولة المواطنة والدولة المدنية المصرية. ومن له أذنان للسمع.. فليسمع ويفهم ويوثق، ثم يراجع ويقيم.