الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
يونيو القدر المحتوم

يونيو القدر المحتوم

وكأن القدر اختار لمصر هذا الشهر ليمتلئ بأحداثها الجِسام، أو أن يصبح علامة فارقة في تاريخها الحديث؛ لا أظن أن الكثيرين يتذكرون أو يربطون، وإن تذكروا بين تمثال نهضة مصر للنحات الخالد محمود مختار قد أُقيم في موضعه يوم 25 يونيو من عام 1921 معبرًا عن مصر الحديثة التي كانت حينها، قبلة الشرق ومحط أنظار أوروبا؛ ولتظل مصر دوماً هي القيمة العليا التي يتطلع إليها العرب والأفارقة؛ قامت الثورة عام 1952 ليتم إعلان قيام الجمهورية لأول مرة في الثامن عشر من يونيو من عام 1953.. أي بعد أقل من عام واحد على قيام الثورة.



 

 على أن يكون اللواء محمد نجيب الذى كان أكبر أعضاء مجلس قيادة الثورة سنًا هو أول رئيس للجمهورية إلى جانب رئاسته لمجلس قيادة الثورة، ويُترك للشعب حرية الاختيار بين النظام البرلمانى أو الرئاسى، ويُحدد ذلك بعد إقرار مشروع الدستور. ولم يتوقف القدر أبدًا عن ميعاده مع مصر في يونيو!! وجاء الـ 25 من يونيو عام 1956، ليصبح الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر رئيسًا لمصر، وذلك بعد استفتاء 23 يونيو من نفس العام، أية مصادفة هذه التي تقطع لمصر وعدًا بأن يكون الشهر السادس من التقويم الميلادي هو نقطة الارتكاز التي تحدد مصير أقدم شعوب الأرض وبناة أهم وأكبر الحضارات الإنسانية؟!! 

تمر السنوات سريعة دون رتابة.. فيها الحلم وفيها الحرب، وتقف مصر صامدة وحدها أمام الإمبريالية الغربية؛ يعلو صوتها لأجل حرية الشعوب والاستقلال، تبني السدود والمصانع وتحتفي بالعامل والفلاح وتحتفل بعيد العلم؛ الكل يحبو بين القدر والأجل دون ريبة أو شك، والقدر يرى، يبتسم أحيانًا أو يضرب مرة، فكانت الهزيمة والنكسة وآلام الانكسار مع حرب الأيام الستة، وفي 5 يونيو القوات الصهيونية تهزم مصر، والأردن، وسورية، وتسيطر على سيناء، ومرتفعات الجولان، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، والضفة الغربية، خرج ناصر ليتحمل المسئولية وحده، وخرجنا لنحمل معه كل المسئولية وإعادة بناء الحلم واستكمال الحرب، وبعد النصر كان لزامًا علينا أن نهزم الهزيمة ونستعيد نفس ذات اليوم لصالحنا وأعدنا فتح قناة السويس مرة أخرى يوم 5 يونيو عام 1975 بعد إغلاق دام لثماني سنوات. 

مرت 34 سنة كاملة حتى العام 2009 تضخم الفساد برعاية الدولة وتحت أبصارها ومشاركة رأسها وما هو أنكى وأضل سبيلًا كان أن تغلغل فيها الفكر المتطرف والفلسفات المتشددة داخل جنبات مؤسسات مصر، بل وسيطرت هذه الأفكار على المجتمع المصري بدرجات متفاوتة ولم ينج إلا القليل، أُغتيل السادات وجاء مبارك ليتصالح مع من قتلوا رئيسه ويصعد بهم باتفاقات مشبوهة ليجلسوا على مقاعد البرلمان، وفي الرابع من يونيو عام 2009 جاء باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك ليلقي خطابًا إلى العالم الإسلامي من القاهرة !! وكأنه اختزل حضارة مصر التي تزيد على 8000 عام وحضارات المنطقة العربية ووسط آسيا في الثقافة الإسلامية فقط!! ليضع بذلك حدودًا أكثر اتساعًا للتنظيمات الإسلامية المتطرفة للعمل وإيذانًا مختومًا من البيت الأبيض بحرية الحركة وتصريحًا مفتوحًا للاستيلاء على السلطة مهما كانت التكلفة باهظة سواء هي دولارات أمريكية الصنع أو دماء شعوب المنطقة!! 

ليست مصادفة بالقطع أن يعلن تنظيم الإخوان بعد عام كامل وفي يونيو 2010 دعمه المطلق للدكتور محمد البرادعي في حملته لإحداث تغيير سياسي في مصر.. تصدر البرادعي المشهد واختبأت الجماعة خلفه وما أن سقط مبارك حتى بدأت الجماعة في افتراس البرادعي على عجل!! 

سنوات قليلة مرت كيفما مرت، فيها ما يروى وفيها ما لن يرى النور وتنساه الحكايات، لكن بقيت حكاية واحدة لن ينساها التاريخ الإنساني مهما مرت عليها سنوات وعقود وقرون.. حكاية شعب حرر ذاته بذاته ووقف أمام العالم كما وقف أجداده لينير طريقًا جديدًا للبشرية.. خرجت الملايين لتقف في أوجه أعتى وأشرس تنظيم متطرف عرفته الجماعات الإنسانية، فهو التنظيم الوحيد الذي استطاع أن يصل للحكم في أكثر من دولة بل وبات مهددًا للتطور الاجتماعي في أوروبا وكل الغرب، كان القدر المحتوم للأمة المصرية في 30 يونيو 2013.. دفع القدر بإرادة عشرات الملايين من المصريين لأجل بناء جديد وحلم أكبر وجمهورية جديدة.

  عاشت مصر حرة 

عاشت مصر مستقرة

عاشت مصر مستقلة 

عاشت مصر أم الدنيا 

وتحيا مصر..