السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المؤسسة الأزهرية تطالب علماء السودان بالإسهام فى لم شمل السودانيين السودان فى القلب

مع تصاعد أزمة السودان، وفى إطار دوره الدينى والعالمى طالب الأزهر الشريف علماء السُّودان وشيوخه وحكماءه- بما آتاهم الله من العلم والحِكمة والتأثير- إلى بذل المزيد من الجهود للإسهام فى حقن الدّماء، وتوحيد الصّف، ولمّ الشمل، وجمع الكلمة، وإخماد نار الفتنة، والحفاظ على السّودان، لافتًا إلى أن الإسلام حرَّم الدِّماء، ودعا للوفاق ونبذ الشِّقاقِ والاستماعِ لصوت الحكمةِ وإخمادِ نيران الفتنة.



وشدد عبر فتوى أعلنها المركز العالمى للفتوى الإلكترونية أنه على الجميع التَّحلى بالحكمة، وتغليب روح الأخوة الدينية والإنسانية، والابتعادِ عن كل ما من شأنه تأجيج النِّزاع، وإذكاء الصِّراع، الذى لا يخلّف وراءه إلا الدَّمار.

 

وقال الأزهر فى فتواه إن الإسلام دعا إلى السَّلام والاتحاد والوفاق، ونبذت تشريعاته الراقيةُ النزاعَ والفرقةَ والشِّقاق؛ بين أبناء الأمة الواحدة؛ قال سبحانه فى مُحكَم التَّنزيل: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 92]، وقال أيضًا: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، كما حرَّم الإسلام جميع الدِّماء المعصومة، دون تفرقة بينها على أساس دين أو لون أو انتماء، وجعل الاعتداء عليها جريمةً عظيمة وإثمًا كبيرًا؛ قال سبحانه: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.

واستشهد الأزهر بقول سيدنا رسول الله فى حجة وداعه: «فإنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى قدْ حَرَّمَ علَيْكُم دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ إلَّا بحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، فى بَلَدِكُمْ هذا، فى شَهْرِكُمْ هذا»، وقال: «إن حُرمة المسلم عند الله أشدّ من حُرمة الكعبة المُشرَّفة؛ ولقد طاف سيدنا رسول الله (ص) بالكعبة يومًا، وقال: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا». [أخرجه أبو داود]

واستطرد: «إن الأزهر الشريف إذ يُذكِّر المسلمين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم بهذه المعانى من دين الإسلام الحنيف؛ خاصّة أبناء جمهورية السُّودان الشقيق؛ لينعى الأبرياء- من أبناء السُّودان وغيرهم- الذين سقطوا خلال هذه الأحداث، ويدعو الله لهم بالرَّحمة والمغفرة ولأهليهم بالصَّبر والسّلوان..كما ينعى شهيد الواجب محمد الغراوى مساعد الملحق الإدارى بسفارة جمهورية مصر العربية فى الخرطوم، الذى استشهد خلال توجهه من منزله إلى مقر السِّفارة المصرية لمتابعة إجراءات إجلاء المواطنين المصريين من السُّودان، ويدعو الله له بالرَّحمة، ولأسرته بالصّبر والسّلوان، ولزملائه بالثَّبات والتوفيق فى أداء واجبهم الوطني، ورعاية مصالح مصر العُليا.

واختتم الأزهر فتواه قائلاً: «نسألُ اللهَ سُبحانه أن يعصم دماء الأبرياء، وأن يحفظ السُّودان، ويجعلَه وبلادنا أمنًا وسلامًا، وسائر بلاد المسلمين».

من جانبه كتب شيخ الأزهر د. أحمد الطيب عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك رسالة بخصوص أحداث السودان جاء فيها: «أدعو الله أن يكشفَ عن أهلنا فى السودان ما ابتُلوا به من نزاعٍ، وأن يوفِّق الحكماء إلى الأَخذِ بأيديهم إلى برِّ السلام وحقن الدماء التى حرَّمها الله تعالى من فوق سبع سماوات، وحذَّرَ من سَفْكِها رسولُه (ص) فى قوله: «لَزَوَالُ الدنيا أهونُ على الله من قتلِ رجلٍ مسلمٍ». وقوله: «إذا التقى المسلمان بسَيْفَيْهِما فالقاتلُ والمقتولُ فى النارِ، قيل: يا رسولَ اللَّهِ، هذا القاتلُ، فما بالُ المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا على قَتْلِ صاحبِه».

وكان فضيلة الإمام الأكبر فى لقاءات سابقة مع مسئولين سودانيين شدد على أن مصر والأزهر الشريف للسودان الشقيق وشعبه الأصيل، وأنَّ علاقات الشعبين علاقة من طرازٍ فريدٍ، مؤكدًا أن مصر والسودان أصحاب قضية واحدة وهموم مشتركة، وان الأزهر يستقبل كل عام طلابًا وأئمة سودانيين ويوفر لهم كل سبل الدعم والراحة، ومستعد دائمًا لتقديم كل أوجه الدعم للشعب السودانى الشقيق.

وكان الأزهر قرر مضاعفة المنح الدراسية المقدمة لأبناء السودان إلى 200 منحة، تقديرًا ودعمًا للسودان بالمنهج الأزهرى القويم فى المجالات العلمية والعملية.

التسامح أولى

من جهة أخرى، أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف دراسة تطالب بنشر ثقافة التسامح ونبذ التعصب لا سيما فى هذا الوقت الذى يشهد صراعات عديدة، وقال: «إن حديث التسامح لا ينفصل عن حديث التعصب؛ فهما فى حقيقة الأمر ينطلقان من نقطة جوهرية واحدة باتجاهين متعاكسين، إذ يمثّل التسامح جانب الخط الأيمن، بينما يمثّل التعصب الجانب الآخر، وعليه فلا يمكن الحديث عن التسامح إلا باعتباره الرد الأخلاقى على التعصب بمختلف أشكاله».

وشدد على أن التعصب يتعارض مع مفهوم التسامح والاعتدال، ويتم اعتناقه دون اعتبار للدلائل الفعلية والأدلة والبراهين، أو دون أخذ الوقت الكافى اللازم للحكم على الموقف بإنصاف وموضوعية. ويعرف التعصب بأنه: الحكم السلبى المسبق تجاه أفراد ينتمون إلى مجموعة اجتماعية معينة، حيث يعمد الأفراد المتعصبون إلى تحريف وتشويه وإساءة تفسير الوقائع التى تتعارض مع آرائهم المحددة سلفًا.

وأوضح بينما يقصد بالتسامح: نبذ المشاعر، والأفكار، والسلوكيات السلبية تجاه من أساءوا إلينا، واستبدال مشاعر وأفكار وسلوكيات إيجابية بها، والتسامح هو طريق الشعور بالسلام الداخلى والسعادة، وهو أيضًا سبيلنا إلى الطمأنينة رغـم الشعور بالألم، والاستمرار فى الحياة بعد تعرضنا للإيذاء من الآخرين.

وشدد أنه تتجلى أبرز مظاهر ثقافة التسامح فى العفو عن الناس، وعدم رد الإساءة بالإساءة، والتحلى بالأخلاق الرفيعة التى دعت إليها الديانات، وجاء بها الرسل والأنبياء كافةً من الصفح عن الآخرين، والإحسان إليهم، والعفو عند المقدرة، والحفاظ على حقوق الآخرين، ونبذ الظلم والاعتداء، وتحقيق الوحدة، والتضامن، والتماسك بين أفراد المجتمع، والابتعاد عمَّا يفسد المجتمع من خلافات، وصراعات. فالتَّسامح أسلوب حياة يُساعد الإنسان على التعايش مع المتغيِّرات حوله، والتصرُّف السويِّ مع الاختلافات كافَّة، مع تعميم ثقافة احترام تلك الاختلافات، فتسود بيئة مجتمعيَّة تكامُليَّة من التعاملات البشرية القائمة على مبادئ المساواة، واحترام الآخرين.