الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. نسخة أصلية معتمدة للمحتوى الفكرى..  إعادة صياغة سيد قطب.. التزوير فى سبيل التبرير!

مصر أولا.. نسخة أصلية معتمدة للمحتوى الفكرى.. إعادة صياغة سيد قطب.. التزوير فى سبيل التبرير!

خلال الفترة الماضية، تواترت أخبار حول إعادة نشر الطبعة الأولى تحديدًا لكتاب «فى ظلال القرآن» لسيد قطب، وهو الكتاب الأكثر جدلًا فى تاريخ جماعات الإسلام السياسى وحركاته، ومن أكثر الكتب.. مرجعية لها. وهو ما يفتح باب النقاش حول: مدى تطابق الطبعة الأولى الأصلية مع الطبعات المتتالية؟ ولماذا تم تعديلها بالحذف والإضافة تحت مظلة «التنقيح»؟ ومن الذى يقوم بهذا التعديل؟ ولمصلحة من يتم هذا التعديل؟ وهل تأثرت أفكار سيد قطب بالسجن واكتملت؟



اعترافات..

ما حدث مع سيد قطب هو نفسه ما حدث مع مذكرات «الدعوة والداعية» التى تحمل اسم حسن البنا «مؤسس الجماعة الإرهابية»، والتى صدر منها عشرات الطبعات إلى الآن.. رغم أنها فى حقيقتها.. مذكرات مزيفة، فهى إنتاج مشترك.. تعاقب عليه الكثيرون من قيادات الجماعة بالحذف والإضافة والتعديل. مثلما فعلوا من حذف تملق حسن البنا للملك فاروق ومديحه لموسولينى وهتلر، وهو الأمر الذى يتعارض مع ما يصورونه عن أنفسهم باعتبارهم ضد السلطة. وهو الأمر الذى جاء بالوثائق والإثبات فى موسوعة «القتلة.. جذور العنف عند مرشدى الإخوان» للدكتور محمد الباز. 

يحاول «القطبيون» دائمًا.. إعادة إنتاج صياغة صورة سيد قطب بنيولوك جديد من خلال ترسيخ صورة افتراضية مغلوطة بأن تحول سيد قطب للعنف والتكفير.. هو نتيجة المظلومية بعد سجنه. وهو ما جعله يكتب «معالم فى الطريق». غير أن حقيقة الأمر.. تؤكد أن بدايات سيد قطب وميوله التكفيرية ظهرت فى الطبعات الأولى لكتبه «السلام العالمى والإسلام» الذى صدرت طبعته الأولى عن مكتبة وهبة سنة 1951م، وكتاب «العدالة الاجتماعية» ط 1 – 1952 عن مطبعة الحلبى بالقاهرة.. أى قبل سجنه سنة 1954. ويذكر أن كتابه «السلام العالمى والإسلام».. صدر بعد وفاته عن دار الشروق بالقاهرة بعد حذف الفصل الأخير منه بعنوان «والآن»، والذى يبلغ ثلاثة وعشرين صفحة. كما أن كتاب «العدالة الاجتماعية فى الإسلام».. تختلف طبعته الأولى اختلافًا كبيرًا عن الطبعات المتتالية، بل تختلف الطبعات بين الأولى والثانية والثالثة والرابعة.. حسب شهادة الشيخ عصام تليمة (السكرتير الخاص ومدير مكتب الشيخ يوسف القرضاوى) فى مقال له بعنوان «فى ظلال القرآن.. وأهمية نشر طبعته الأولى النادرة» فى 31 ديسمبر2022، كما ذكره أيضًا فى فيديو له على اليوتيوب بالتاريخ نفسه تحت عنوان «تكشف المزيد عن أفكار سيد قطب.. أجواء وأسباب نشر الطبعة الأولى من كتاب فى ظلال القرآن».

وهو ما يعنى أن تلك الصفحات التى يتم حذفها أو إضافتها أو تنقيحها.. تحمل العديد من الأفكار والكلمات التى أراد «القطبيون» طمسها لما تحمله من أفكار سيد قطب الأولية التى تحض على العنف والقتل والتكفير.تزوير..

تحرص جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية – كما كتبت على صفحات مجلة «روزاليوسف» فى 18 فبراير 2023 - على إعادة كتابة تاريخ جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من خلال طمس جذور العنف المتمثلة فى شخصياتهم وتصريحاتهم وكتبهم الأصلية ومقالاتهم وبياناتهم وشهادات أتباعهم ومواليهم.. كنوع من التبرؤ من أعمال العنف.. رغم كونه عقيدة أساسية فى نهجهم الفكرى والدعوى.

وتناسوا أن كتابات سيد قطب تحديدًا بما تحمله من أفكار الحاكمية والجاهلية والتكفير والمنهج الحركى.. هى مرتكزات أساسية فى الخطاب الفكرى لسيد قطب. وأن تلك الكتابات.. مثلت النهج الرئيسى لأجيال متعاقبة لجميع التنظيمات والجماعات الدولية الإرهابية التى تتخذ من الإسلام ستارًا لتبرير عنفها وتكفيرها. وتناسوا أن جميعهم قد خرجوا من رحم جماعة الإخوان المسلمين مرتكزين على أفكارها كمرجعية أساسية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.. بداية من تنظيم القاعدة، مرورًا بطالبان، وصولًا إلى داعش. فضلًا عن أشكال أخرى ومسميات عديدة لحركات وأحزاب فى دول مجاورة.

 

نتائج..

يسجل التاريخ.. أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.. ليست جماعة مسالمة أو متسامحة أو وسطية.. بل هم على النقيض تمامًا. لم ينحرفوا عن مشروعهم.. بقدر ما يسيرون على طريق النهج نفسه لمؤسس الجماعة حسن البنا ومنظر الجماعة سيد قطب بأشكال مختلفة منها الفج المباشر، ومنها المخفى غير المباشر حتى على مستويات من أعضاء الجماعة أنفسهم. وهو ما يعود إلى احتراف مرشدى الجماعة ومنظريها للعمل السرى وإرهابهم المستمر. وليس بغريب أن قتل حسن البنا بأيدى أبناء الجماعة الإرهابية هو نموذج دال على ذلك.

تقوم الجماعة الإرهابية بأدواتها الإعلامية بإعادة تقديم سيد قطب المسجون بصيغة الضحية المظلوم بشكل يحمل قدر واضح من التضخيم.. على أثر سجنه وتعذيبه مثلما يروجوا.. لتبرير كتاباته وآرائه.

أنها محاولات لتبرئة جماعة الإخوان من أعمال العنف والقتل والتخريب والإرهاب بعدما استطاعت الدولة المصرية مواجهتهم تدريجيًا، ووأدت مخططاتهم لإسقاط الدولة المصرية.

لكن يظل التاريخ شاهدا على أفكار سيد قطب التكفيرية.. وواقع الأمر الذى يؤكد أنه لم يتراجع عنها أو يعتذر، بل وتمسك بها حسب تأكيد شقيقه محمد قطب نفسه.

خلط الأوراق..

باءت جميع محاولات جماعة الإخوان الإرهابية فى تحسين صورتهم بالفشل.. لعدم قدرتهم على حذف مشاهد الدماء التى سالت فى جميع المناطق والمحافظات. لذا لن يقبل المجتمع المصرى تزوير التاريخ وتزييفه لتبرير العنف والإرهاب.. ولن تنجح محاولاتهم لتبرئة ساحتهم وعدم تحميلهم ما حدث.  أما من الجانب الفكرى، فلا يمكن قبول التشدد والتعصب والتطرف والتكفير باعتباره تطورًا فكريًا.. لأن تلك الاتجاهات تعدت حدود اختلاف الرأى الشخصى لحد فرض الرأى باستخدام العنف والترويع والترهيب.

من الواضح، أن محاولة الدفاع عن إصدار الطبعة الأولى لكتاب «فى ظلال القرآن» أخذت منحى آخر لتبرير ما جاء به بدعوة عصام تليمة بفتح باب النقاش تحت مظلة الاجتماع السياسى لبحث أثر السجن فى أفكار المفكرين. وهو نوع من دس السم فى العسل.. ليس فقط لتبرير مشروعية أفكار الكتاب، بل لكونه ينقل مربع النقاش من استقرار المجتمع وأمانه الذى يخضع للتجريم القانونى إلى اختزاله فى مربع الخلاف الفكرى بين المفكرين من جهة، وتحويله أكاديميًا من جهة أخرى.. رغم عدم جواز المساواة بين المفكرين على غرار: طه حسين وخالد محمد خالد، والإرهابيين والمتطرفين على غرار: حسن البنا وسيد قطب. 

شتان الفرق بين التطور الفكرى.. وهو أمر منطقى وطبيعى، وبين التحول إلى أقصى يمين النقيض للتطرف والتكفير والإرهاب. 

مظلومية مزيفة..

استهداف إخفاء الطبعة الأولى لكتاب «فى ظلال القرآن» يعتبر نوعًا من إضفاء صورة نموذجية لقيادات الجماعة الإرهابية ومنظريها، كما أن المراوغة بإصدار الطبعة الأولى هو نوع من تبرير المظلومية بعد إسقاط التاريخ.. لتبرير كتابات سيد قطب، ولخلط بين ما كتب قبل السجن وبعده. ولكن تظل كتابات سيد قطب قبل سجنه شاهده على رأية الحقيقى وأساس أفكاره المبكرة المتشددة التى تؤكد تكفيره للمجتمع.. وهو ما لن تسطيع الجماعة وأتباعها ومواليها إنكاره أو تأويله أو تفسيره حسبما يخدم أهدافهم الآن.  

 نقطة ومن أول السطر..

أطالب بأهمية أن تتبنى مصر دعوة عامة عالمية لتعديل قانون الملكية الفكرية لاعتماد ما يمكن أن نطلق عليه «النسخة المعتمدة للمحتوى ورقيًا أو رقميًا» سواء للأعمال الفكرية أو الأعمال الفنية حفاظًا على المحتوى الثقافى والإنسانى من التزوير والحذف والإضافة والتنقيح الموجه، وتقنين ذلك من خلال تعديل قانون الملكية الفكرية المصرى.

ما لا يدركه المجتمع عن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، لن يتركه التاريخ.. دون توثيق وتدقيق وتحليل لأصل الحكايات والأحداث.. مهما أعادوا صياغة تاريخهم المشين.

حقًا، إنها جماعة احترفت فن صناعة الموت والدم والقتل.. حتى بالكلمات.