الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وداعًا الفارس النبيل

ورحل فارس «روزاليوسف النبيل»، استيقظ أبناء هذه المؤسسة العريقة فجر يوم الأربعاء الماضى على خبر حزين أدمى قلوب كل من عرفه، رحيله أبكى القلوب قبل العيون، لقد انطفأت آخر شعلة من جيل عظيم شاءت إرادة الله أن يرحلوا جميعًا مبكرًا، وها هو آخر الفرسان يرحل تاركًا وراءه تركة بشرية ساعد فى تنشئتها وكان هو رمانة الميزان فى الكثير من المواقف الصعبة التى ألمت بهم.



 

لقد انطفأ نور أستاذى «محمد عبدالنور» رئيس تحرير الشقيقة «صباح الخير» الأسبق ومدير تحرير جريدة روزاليوسف فى عهد المعلم والأستاذ «عبدالله كمال».

كان أستاذ «عبدالنور» أحد أهم أعمدة إعادة إصدار جريدة روزاليوسف والتى كانت فى ذلك الوقت تسابق الزمن لتبرز فى سماء بلاط صاحبة الجلالة، كان أحد أهم مديرى تحريرها مع الراحل الأستاذ حازم منير والأستاذ طارق حسن والأستاذ محمد حمدى.

ولكنه كان صاحب شخصية مختلفة، كان هادئًا، بشوشًا لا تفارق الابتسامة وجهه، لديه سلام نفسى نادرًا ما تجده فى مجال الإعلام بشكل عام، إلا أنه كان شخصًا استثنائيا ولذلك كان حبنا له استثنائيًا.

لقد كنا أول مجموعة شبابية تعمل ليس فقط فى «روزاليوسف» بل فى الصحافة المصرية بشكل عام فى ذلك الوقت، فقد كان من المستحيل أن تجد شابًا أو شابة  من المعينين أو أعضاء نقابة الصحفيين فى ذلك الوقت، وكنا أول تجربة صحفية شابة يخوضها جيل من العمالقة لم يبخلوا علينا بأى معلومة أو توجيه، وعلى الرغم من أن واقع التجربة كان مليئًا بالصخب والضغوط النفسية والعصبية، فكل منا كان يحاول إثبات نفسه فى مطحنة كبيرة من العمل لا ترحم، كان هو هادئًا يساندنا ويشجعنا بل يؤكد لنا إيمانه الكبير بنا.

والحقيقة أن أستاذ «عبدالنور» كثيرًا ما كان يدافع عنا أمام رئيس التحرير إذا ما ارتكبنا أى خطأ، ولا أعلم كيف كان يستطيع أن يحول خوفنا إلى إرادة لتخطى صعاب المهنة، كان إيمانه بنا وبجيلنا دافعًا لنا للنجاح والتقدم، كل منا فى مجاله.

كان أستاذ «عبدالنور» هو مدير التحرير المسئول عن الصفحات المتخصصة ولذلك كان لى الحظ بأن شرفت بالتعامل معه من خلال صفحة  «قساوسة ورهبان» المتخصصة فى الشأن القبطى وهى من أولى الصفحات المتخصصة فى هذا الشأن.

كان يعلم مدى صعوبة العمل فى هذا الشأن ولكنه كان كلما يرانى يؤكد لى أننى أحقق نجاحًا لا مثيل له، وأننا أصبحنا أنا وزملائى من أهم الأسماء الموجودة على الساحة، ودائما ما كان يشيد بأدائنا وبنجاح تجربتنا الشابة والتى أصبحت نموذجًا لكل المطبوعات الأخرى.

وكان إيمانه بنا كبيرًا وعميقًا، فلا أنسى أبدًا عندما التقيته فى «صباح الخير» بعد رحيل أ.عبدالله كمال عن دنيانا وقال لى «أنتم كلكم أقلام ناجحة، أود كثيرًا العمل معكم مرة أخرى، أنى أثق إذا ما قمنا بعمل موقع خاص لكم سنحقق نجاحًا كبيرًا، فأنتم طاقة رائعة ونجاحكم كبير».

هكذا كان يرانا فارسنا النبيل، هذا الفارس الذى كان دائمًا يقف فى ظهرنا ويدافع عنا فى صمت وقلبه يسعنا جميعًا، لم يحمل يومًا ما ضغينة ضد أحد، لم يرفع صوته فى وجه أي منا أبدًا، كان يعلمنا ويساعدنا ويرشدنا بهدوء ورقى مثيرين للدهشة.

لم يغضب يومًا من أى شخص، كان يتعامل معنا كزملاء على الرغم من أننا كنا التلاميذ، تعلمنا منه كيف تكون الثقة بالنفس، وأن نجاحنا نجاح له شخصى يفتخر به أمام الجميع.

التقيته حزينا على فراق زميله وصديقه الأستاذ «طارق حسن» وكان موجوعًا على رحيل أصدقائه ورفاق دربه وهو غير مصدق لرحيلهم السريع، كان متأثرًا، باكيًا، متسائلًا من سيكون التالى.

واليوم قلوبنا حزينة على رحيلك المفاجئ والهادئ، عشت ورحلت هادئًا فى عالم صخب، فكان هدوءك أهم ما يميز هذا العالم الذى لا يعرف الهدوء، كنت شخصًا استثنائيًا فكان حزننا على رحيلك استثنائيًا، لأنك استطعت ببشاشتك وتواضعك وحبك الخالص لنا، أن تحصد أهم ما نمتلكه فكنت فارس «القلوب». سلامًا وراحة لروحك الجميلة الاستثنائية يا أستاذى «عبدالنور».