الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. التعذيب والحبس الاحتياطى.. ملفات «جدلية» على أچندة عمل اللجان    حوار وطنى.. بلا خطوط حمراء

حقك.. التعذيب والحبس الاحتياطى.. ملفات «جدلية» على أچندة عمل اللجان حوار وطنى.. بلا خطوط حمراء

بدأت عجلة الحوار الوطنى فى الدوران، واتضحت ملامح الملفات والموضوعات التى ستطرح على النقاش بعد اتفاق الأحزاب والفاعلين السياسيين المشاركين فى الحوار على أچندة من الموضوعات التى ربما كان يعتبرها البعض من المحرمات السياسية أو خطوطًا حمراء لا يجب تجاوزها، إلا أن الحوار الوطنى اعتمد تلك الموضوعات للنقاش بهدف الاتفاق على تصور نهائى لحل تلك الإشكاليات ومن ثم تطوير شكل الممارسة السياسية المصرية فى الجمهورية الجديدة.



ما أقصده تحديدًا هى الموضوعات التى انتهت إليها لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة المنبثقة عن المحور السياسى فى الحوار الوطنى، وهى سبعة موضوعات من بينها أوضاع مراكز الإصلاح والتأهيل، واللوائح المنظمة لمراكز الاحتجاز والإشراف القضائى، بالإضافة إلى تعديل أحكام الحبس الاحتياطى وتقييد الحرية وقواعد التعويض عنهما والتحفظ على أموالهم والمنع من السفر، استئناف الجنايات، وحماية الشهود والمبلغين، وحرية التعبير والرأى (أحكام حرية وسائل الإعلام والصحافة واستقلالها وحيادها وتعددها والعقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر والعلانية، وقانون حرية تداول المعلومات)، وقواعد وأحكام تشجيع التفاعل بين الجماعة الأكاديمية المصرية ونظيرتها فى الخارج، وحرية البحث العلمى ومتطلباته، والعقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر والعلانية، الإبداع وحرية الرأى، وإنشاء مفوضية مستقلة للقضاء على التمييز.

ومن المقرر أن يحضر جلسات الحوار ومناقشاته مئات من ممثلى مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلى والشخصيات العامة والخبراء، وأن تنعقد الجلسات على التوازى وأن تكون على مدار ثلاثة أيام على الأقل أسبوعيًا، لمناقشة الموضوعات التى توافق عليها مجلس الأمناء فى مختلف اللجان الفرعية، بهدف الوصول إلى مخرجات حقيقية يتم رفعها للرئيس عبدالفتاح السيسى الداعى للحوار، لتأخذ بعد هذا طريقها التشريعى والتنفيذي.

والحقيقة أن هذه القضايا تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ووضعتها ضمن التحديات التى تواجه حالة حقوق الإنسان فى مصر، إلا أن وضعها على أجندة الحوار الوطنى يعنى أن هذه القضايا سيتم دراستها بشكل معمق من أجل وضع تصور أو خارطة طريق تشريعية لتحويل المبدأ إلى عمل تشريعى ينظم عملية التعامل مع الحقوق والواجبات ويضمنها بشكل قانونى للمواطن المصرى.

اعتماد تلك القضايا تعكس جدية الحوار الوطنى والثقة فى أن الدولة منفتحة على التعامل مع كل الملفات وهناك إرادة سياسية لحلها، وأنه لا توجد محرمات أو خطوط حمراء أمام أعضاء لجان الحوار والذين يعبرون عن تيارات سياسية متعددة تشكل كل ألوان الطيف السياسى المصرى.

وأن الدولة تتعامل بجدية مع اتفاق الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان على ضرورة تعديل أحكام الحبس الاحتياطى وتقييد الحرية وقواعد التعويض عنهما والتحفظ على أموالهم والمنع من السفر، استئناف الجنايات، وحماية الشهود والمبلغين كلها ملفات كان للمجتمع المصرى مطالبات بتعديلها حتى تتوافق مع المعايير الدولية وتحقق المأمول منها وضمان تطبيق العدالة.

أما فيما يتعلق بحرية التعبير والرأى وحرية وسائل الإعلام والصحافة واستقلالها وحيادها فهى أمور تهم الجماعة الصحافية والإعلامية, وتتفق عليها الجماعة الصحفية التى تطالب منذ زمن بضرورة صدور قانون لتداول المعلومات يضمن للصحفيين الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية وتحقق للمواطن القدرة على الوصول إلى المعلومات الصحيحة، بالإضافة إلى العمل على تنقية الشريعات المصرية من العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر.

والحقيقة فإن أوضاع حقوق الإنسان تشهد تقدمًا مهمًا منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والإعلان عن الحوار الوطنى وتشكيل لجنة العفو الرئاسى وهى الأنشطة التى نالت إشادات دولية.

وينطلق الحوار الوطنى بالأساس من قاعدة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتضم خطة زمنية تعهدت فيها الدولة بتعزيز الحالة الحقوقية وفى القلب منها الحريات العامة والتى رسخها الدستور المصرى ومواده التى تتحدث عن مبادئ المواطنة والعدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز، وجعل تكافؤ الفرص أساسًا لبناء المجتمع. واتفقت القوى السياسية على أن الحريات وحقوق الإنسان هما أساس أى حوار وطنى جامع، وضمانهما يعكس جدية الدولة فى إنجاح هذا الحوار وتحقيق أهدافه.

وهو ما نراه فى تأكيد من الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن الوطن يتسع للجميع بمختلف انتماءاته، وحرص الدولة على إرساء حالة من التسامح والسلام الاجتماعى، بشكل يرسخ لأحد أهم ركائز حقوق الإنسان، وهو ملف الحقوق والحريات، وهو أمر إيجابى يجعل مصر من أوائل الدول فى المنطقة التى اتخذت مبادرة جدية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

بالتأكيد نحن أمام فرصة حقيقية لتوسيع مجالات النقاش خلال الحوار الوطنى، لبحث كل تلك القضايا من كل الزوايا ووضع كل وجهات النظر فى الحسبان. 

تدقيق النظر فيما تشهده مصر وما انتهت إليه جلسات الحوار الوطنى نكتشف أننا أمام تأسيس حقيقى لتجربة ديمقراطية مصرية وفق تركيبة مختلفة تقودها عملية تفاوض اجتماعى تتم فى أجواء سياسية ضامنة لتمكين المرأة والشباب الطموح كشريك متضامن فى تحسين الأداء السياسى وقياس رضا الشارع، وهو ما ظهر فى اهتمام الأحزاب بالتفاعل الاجتماعى مع الحالات الإنسانية الطارئة وجعل الأحزاب قريبة من الناس وخلق تفاعل بينهما، وشكل ضغطًا على نواب مجلس النواب من أجل نقل انتقادات الشارع للحكومة عبر البرلمان والتوسع فى استخدام الأدوات الرقابية لمساءلة الوزراء والحكومة، وإصدار تشريعات تتفاعل مع احتياجات فئات المجتمع والأهم أنها تجربة مصرية خالصة تقود الإصلاح الديمقراطى فى الجمهورية الجديدة.

لقد منح الرئيس عبدالفتاح السيسى بدعوته للحوار الوطنى فرصة جديدة لتطوير التجربة الديمقراطية فى مصر، ووضع قاعدة عامة للحوار تنطلق من خطابه المهم فى إفطار الأسرة المصرية أساسها أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية، وهى فكرة تقوم على أن الدولة لكل مواطنيها والدفاع عنها واجب على الجميع.

ثم جاء قرار الحوار الشامل ليستكمل البناء السياسى للدولة المصرية خلال الأعوام القادمة، ومن حسن الطالع أن ينعقد تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة لرئيس الجمهورية مصنع القيادات المصرية فى كل المجالات، وهو ما يعنى أن حوار التيارات السياسية سيكون حول المستقبل مع جيل جديد مؤهل وقادر على استكمال التجربة الديمقراطية ربما للمرة الأولى فى تاريخ مصر الحديث.

تحتاج مصر إلى تجربة ديمقراطية يقوم بها جيل جديد تتلافى أخطاء الماضى وتؤسس لنخبة سياسية قادرة على توظيف تنوعها الفكرى والأيديولوجى لخدمة أچندة وطنية جامعة تقوم على الحفاظ على مكتسبات الدولة المدنية الحديثة، وتقطع الطريق على من يتاجرون بالدين ويدعمون التطرف.

الحوار الوطنى هو فرصة جديدة للديمقراطية فى جمهورية جديدة لديها طموح كبير للنجاح فى العمل السياسى.