الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
حقك.. حتى لا تؤثر الخلافات الزوجية على الأطفال  مصر تحمى أولادها بصندوق الأسرة

حقك.. حتى لا تؤثر الخلافات الزوجية على الأطفال مصر تحمى أولادها بصندوق الأسرة

أثارت ملامح قانون الأحوال الشخصية الجديد حالة من التفاؤل فى الشارع المصرى بعدما عرض الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حواره مع المستشار عمر مروان وزير العدل فكرة إنشاء صندوق لحماية الأطفال ضحايا الطلاق والخلافات الزوجية، وهو ما يلفت النظر إلى تفكير الدولة فى تأمين مستقبل أطفالها عبر صندوق يمكنه الإنفاق على احتياجاتهم فى حالة تأزم المشكلة بين الأب والأم.



الحل عبر صندوق يخصص للأسرة ويدفع فيه المقبلون على الزواج مبلغًا بسيطًا هى فكرة مبتكرة تحل الأزمة من خارج ميزانية الدولة، كما يعطى إشارة إلى اهتمام الدولة بقضية حقوق الأطفال وضحايا الأزمات الزوجية، وكذلك إدراك الدولة لحجم الأزمة والطريقة المثلى للتعامل معها وأنها لا تتجاهل الأزمات الاجتماعية رغم عنف تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما يعنى أن القيادة السياسية تفكر فى المجتمع بكل تفاصيله وتضع يدها على مكامن الخلل وتعالجها فى سياق الحوار المجتمعى، فهى تطرح الأفكار والرؤى من أجل الحل وتترك الشكل النهائى للقانون لآراء الخبراء المشاركين فى الحوار الاجتماعى.

ولا يخفى على أحد زيادة نسب الطلاق وتأخر الحسم فى النزاعات العائلية بعد الطلاق وهو ما يعرض حياة الأطفال إلى الخطر ويضعهم فى قلب الأزمة سواء نفسيًا أو ماديًا نتيجة للانفصال بين الأب والأم وهى مشكلة مزمنة لها تأثيرها السلبى على المجتمع على المدى الطويل، وهو ما يدفع الدولة إلى التفكير فى حل يجنب هؤلاء الأطفال تأثير أزمة لا ذنب لهم فيها.

الرئيس تحدث عن أن الاختلاف وارد بين الأسر، وعن تأثيرها على حالة الأطفال؛ نتيجة عدم التفاهم بينهم وعدم الإنفاق على الأطفال، لافتًا إلى أن إنشاء صندوق لدعم الأسرة المصرية يتم تمويله من المقبلين على الزواج والحكومة لحماية الأطفال وإن الحكومة ستساهم فى هذا الصندوق بقدر ما يساهم فيه المتزوجون.

الرئيس السيسى أشار إلى أن أى إجراء يتم اتخاذه يحقق مقاصد الدين، والدين يخاطب العمل وليس الضمير فقط، وحينما نتحدث عن إكرام اليتيم، فإننا نتخذ إجراءات وقرارات وإنشاء مشروعات لإكرام اليتيم وليس مخاطبة ضمائر الناس، لأن ضمائر الناس ربنا هيحاسبهم عليها.

   فى مشروع القانون وضعت وزارة العدل تصورًا متكاملًا عن الصندوق وشكل الاستفادة منه بالنسبة للأسر، وكذلك تمويله من الحكومة والمقبلين على الزواج، وهى فكرة مبتكرة تتيح توفير حل أزمات ضحايا الخلافات الزوجية بشكل مستدام خارج ميزانية الدولة من خلال صندوق مخصص لكفالة الأطفال فى حالة الخلاف الزوجى وهى عملية فى غاية الأهمية فى ظل تضاعف حالات الطلاق ودفع الأطفال لفاتورة الخلاف الزوجى بين الأب والأم.

لا يتوقف التعديل على مسألة إنشاء الصندوق لكن تضمن تكليف الرئيس السيسى لوزير العدل بعدد من الإجراءات وهى العمل على  صياغة قانون بشكل مبسط ومفصل على نحو يسهل على جميع فئات الشعب فهمه واستيعاب نصوصه، خاصةً من غير المشتغلين بالمسائل القانونية.

وتلقت اللجنة المكلفة بإعداد القانون نحو 4733 مقترحًا من المهتمين بشأن الأحوال الشخصية تم تصنيف كل مقترح حسب أبواب القانون مثل الزواج والطلاق والنفقة، كما قامت اللجنة بقراءة أكثر من 20 ألف مقترح وانتهت من صياغة أولية لعدد 188 مادة وبإصدار القانون تلغى 6 قوانين متعلقة بالأحوال الشخصية.

وتطرق مشروع القانون الجديد إلى إشكاليات لم تتطرق لها القوانين السابقة مثل مشاكل الخطوبة والزواج العرفية وتضمنت المسودة الأولية عدم ترتب أى أثر للطلاق حال عدم معرفة المرأة خاصة إذا تعمد الرجل إخفاء الطلاق كما تطرق إلى مسائلة حجب الرؤية على الزوج ومنح القانون صلاحيات جديدة للقاضى للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة، كما وضع نظامًا جديدًا يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة وكذلك استحداث إجراءات للحد من الطلاق، والحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كلٍ منهم فى الثروة المشتركة التى تكونت أثناء الزواج، بالإضافة لإعادة صياغة وثيقتى الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتى الزواج والطلاق، وكذلك توثيق الطلاق كما هو الحال فى توثيق الزواج، وعدم ترتيب أى التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.

والحقيقة أن القانون يمثل ثورة تشريعية فى مجال الأحوال الشخصية فهو يعطى حقوقًا متساوية للرجل والمرأة بشكل لا يتعارض مع أحكام الدين، ويعلى من قيمة الزواج كما يضع حدًا لفكرة الطلاق الشفهى، ويتعامل مع أمور مستحدثة وإن كان أهمها الخلافات المادية، ولذلك يأتى الحل الذى طرحه الرئيس ليساهم فى إنهاء غالبية مشاكل الأسرة والتى تكون غالبيتها بسبب الخلافات بين الزوجين، خاصة إذا تحول الخلاف بين الأب والأم إلى صراع قضائى بعد الطلاق، حيث ترغب الزوجة المطلقة فى الحصول على نفقة، وتبدأ فى رفع القضايا ويكون هناك مزيد من الخلافات التى تعطل حصولها على أى أموال تصرف بها على أبنائها، لذا الصندوق سيكون بمثابة دخل لها للحفاظ على الأبناء وهو ما يحقق دور الدولة فى الحفاظ على أبنائها.

لقد اعتبرت الدولة أن هؤلاء الأطفال هم أطفالها وألزمت نفسها أن تساعدهم فى الخروج من الكبوة، وأكدت بتلك الخطوة أنها لن تتخلى عن مواطنيها خلال أزماتهم الاجتماعية، وأنها جزء من حل أى مشكلة تواجه المواطن المصرى وهو منهج جديد على الحكومات المصرية، ويتسق مع منهج الرئيس السيسى فى وضع المواطن المصرى كمحور رئيسى لأى تحرك تقوم به الدولة، وكذلك الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان والتعامل مع أى إشكاليات تتعلق بحق المواطن المصرى فى حياة كريمة ووضع قواعد قانونية تحافظ على استقرار المجتمع وتحقيق العدالة المجتمعية».

كما أن توثيق الطلاق الشفوى مفيد للطرفين ويحافظ على استقرار الأسرة، ويقضى على الغش والتدليس ويحافظ على حقوق الزوجات والأبناء، بالإضافة إلى حماية الأطفال والأمهات فى مرحلة الحضانة، وهو ما يعطى أهمية لوجود نظام حماية للأطفال وتحديد مدة زمنية معينة للبت فى القضايا الأسرية.

لا شك أن القانون الجديد وفق ذلك التصور سيمثل نقلة كبيرة فى  التعامل بين الأزواج ويساهم فى رفع قيمة الأسرة ويقضى على كل الظواهر الزوجية ويتصالح مع الواقع وما فرضه من مستحدثات يجب على المشرع أن يتعامل معها من الحفاظ على قوام الأسرة والحقوق المتساوية بين الزوجين وحق الأطفال فى العيش بشكل كريم فى حالة النزاع العائلى.