السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فى مئويته.. بطرس غالى بين الظلم والإنصاف

فى مئويته.. بطرس غالى بين الظلم والإنصاف

هو واحد من أكثر السياسيين المصريين الذين تعرضوا للظلم ولكنه فى نفس الوقت حصل على تقدير كبير، الدكتور بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية والأمين العام السابق للأمم المتحدة والذى تحل مئوية ميلاده الشهر القادم إذ إنه ولد فى 14 نوفمبر 1922، وهى مناسبة للاحتفاء به وبذكراه وتعريف الأجيال الجديدة بما قدمه لبلده خاصة الدبلوماسيين الشباب، كما أنها فرصة لتقييم أعماله ومواقفه بموضوعية ودون تحيز معه أو ضده، أما لماذا تعرض للظلم؟ فى اعتقادى الشخصى ورأى كثير من العاملين بالسياسة كان يستحق الدكتور بطرس أن يكون وزيرا للخارجية وليس وزير دولة، ولا أدرى ما الذى جعل السادات لا يعينه فى هذا المنصب؟ هل خشى السادات ومن بعده مبارك من اختياره لهذا المنصب لأنه مسيحي وأن الظروف وقتها لم تسمح بذلك بعد استقالة إسماعيل فهمى وزير الخارجية وبعده محمد إبراهيم كامل لرفضهما زيارة السادات لإسرائيل، وهل بداية المد الإسلامى الذى كان قد بدأ يلقى ظلاله على الحياة فى مصر جعلت السادات ومبارك يخشيان من تعيينه، لا أستطيع الجزم بذلك ولكن ما كتبه الدكتور مصطفى الفقى فى إحدى مقالاته فى المصرى اليوم يشير الى هذا السبب، يقول: «كان الرئيس مبارك يفكر فى تعيين الدكتور بطرس وزيرا للخارجية ولكنه كان يخشى المقارنة بينه وبين طارق عزيز وزير خارجية صدام حسين وكأننا نقلد بغداد فى اختيار وزير خارجية مسيحى»، ورغم هذا الحكى فإنه لا نستطيع التعويل عليه فى التأكيد على هذا السبب، أمضى بطرس غالى فى موقعه وزير دولة للشئون الخارجية ثم نائبا لرئيس الوزراء 14 عاما من 1977 الى 1991 عاصر خلالها ثلاثة وزراء خارجية كمال حسن على وعصمت عبدالمجيد وعمرو موسى، ولم يخل الأمر من منافسات حول تقسيم العمل ومهام كل منهم، ولكنه كان دائما بارزا فيما يوكل إليه من أعمال ومهام يكلفه بها رئيس الجمهورية خاصة فى علاقته بالدول الإفريقية والتى كان خبيرا فى شئونها.



الظلم الثانى الذى تعرض له هو أن المعارضين للسادات وسياساته أشاعوا أنه اختير للمنصب لأن زوجته يهودية ويستطيع التعامل مع الإسرائيليين خلال مفاوضات كامب ديفيد ولكن الكثيرين لا يعلمون أنه عارض السادات فى العديد من مواقفه ولكن داخل الغرف المغلقة وحاول الحفاظ على أكبر قدر من عدم التنازل لصالح الإسرائليين، الظلم الثالث هو إشاعة أن زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلى رابين هى شقيقة زوجته، وهو ما نفته رفيقة حياته ليا نادلر فى حوار نشرته مؤسسة كيميت والمصرى اليوم فى أكتوبر 2019، حيث قالت: «ليس لى أخوات بنات ولى ثلاث إخوة ذكور فقط أحدهم توفى فى مصر والآخران هاجرا للخارج أحدهما توفى والثالث يعيش فى أمريكا»، وقالت أيضا فى الحوار: «أنا أحد أشقائى مسلم والثانى أرثوذكسى وزوجة شقيق زوجى مسلمة»، هذه الخلطة الإنسانية جعلت من الدكتور بطرس شخصا مميزا، أما الظلم الرابع فكان من الذين يقرنونه بجده بطرس باشا غالى والذى كان وزيرا للخارجية ورئيسا للوزراء واغتيل عام 1910 على يد إبراهيم الوردانى الذى اعتبره خائنا بسبب محاولته مد امتياز قناة السويس لصالح بريطانيا وفرنسا وقبلها رئاسته محكمة دنشواى التى قضت بالإعدام على مصريين أبرياء اتهموا ظلما بقتل ضابط إنجليزى، ولكن الدكتور بطرس كانت مواقفه دائما فى صالح الوطن رغم اعتزازه بجده، الظلم الخامس كان من أمريكا والتى عارضت بشدة إعادة انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة لدورة ثانية بعد أن تولى هذا الموقع الدولى عام 1991، وكان رفضها له لأنه لم ينصع لها ولم يكن منفذا لسياستها، وقد كان يستحق أن يستمر أمينا عاما للأمم المتحدة لدورة ثانية، أما تكريمه فكان عندما رشحته مصر لهذا المنصب الدولى وبذلت جهدا كبيرا حتى حاز ثقة أغلبية الدول، كما أن تعيينه رئيسا للمجلس القومى لحقوق الإنسان كان تعبيرا عن قدرته على القيام بمسئولية هذه المؤسسة الجديدة فى مصر ووضع قواعد وأسس لها، والتكريم الأهم هو حصوله على قلادة النيل أرفع الأوسمة المصرية وإقامة جنازة عسكرية له وهو أمر لا يحدث إلا مع من قدموا خدمات جليلة للوطن.

الدكتور بطرس غالى له ما له وعليه ما عليه ولكنه يستحق فى مئويته احتفالا كبيرا ومناقشة عميقة لمواقفه.