الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. ديمقراطية 25 يناير 2011 الفاسدة..  حكم الأغلبية لتبرير مشروعية الحكم الدينى!

مصر أولا.. ديمقراطية 25 يناير 2011 الفاسدة.. حكم الأغلبية لتبرير مشروعية الحكم الدينى!

خلال الربع قرن الأخير، كان مفهوم «الديمقراطية» بتطبيقاتها هو المدخل الأساسى فى التعامل بين الدول، بل حكم شكل العلاقات الثنائية خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى. وكانت «الديمقراطية» هى إحدى الأدوات فى تمويل مراكز وجمعيات المجتمع المدنى ومؤسساته.



وفى سبيل ذلك، تم تصميم العديد من البرامج والمشروعات والأنشطة التى تدعم نشر ثقافة الديمقراطية وممارستها عمليًا.. والترويج لها سواء فى الإدارة الداخلية للهيئات والمؤسسات من خلال ترسيخ فكرة الانتخابات، أو من خلال ترسيخ مفهوم الأقلية والأغلبية فى التعبير عن انتصار فريق على الفريق المقابل له.

بعد كل ما سبق، أعتقد أنه من المفيد أن نسأل: هل نحن حقا فى حاجة لهذا الشكل الذى يطلق عليه «الديمقراطية»؟ أم نحتاج لمراجعته دون أن ندور فى فلك أنه السبيل الوحيد لممارسة العملية السياسية تحديدًا بنجاح؟! 

من أكثر التعريفات شيوعًا وبساطة لـ«الديمقراطية» أنها: نظام يؤكد على قيمة المواطن وكرامته الإنسانية. ويستند هذا النظام على مشاركة المواطنين فى اتخاذ كافة القرارات التى تمس حياتهم. ويكون الشعب فى هذا النظام هو مصدر السلطات، والذى يتمتع فيه جميع المواطنين بكافة الحقوق على أساس من الحرية والمساواة دون تمييز بينهم على أساس الأصل أو الجنس أو النوع أو الدين أو اللغة.

وهناك شبه اتفاق بأن مفهوم الديمقراطية يرتكز على: 

• احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. 

• حرية الرأى والتعبير.

• حرية الوصول إلى السلطة وممارستها فى إطار سيادة القانون.

• حرية الشفافية والمساءلة فى الإدارة العامة.

• حرية الإعلام واستقلاله.

• حرية الانضمام للأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى.

• وجود نظام لتعددية الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى.

• الفصل بين السلطات.

• استقلال القضاء.

• عقد الانتخابات الدورية الحرة النزيهة على أساس الاقتراع العام والتصويت السرى.. تعبيرًآ عن إرادة الشعب.  

 

إيجابيات الديمقراطية ومميزاتها..

تتميز الديمقراطية حسب أدبياتها المرجعية بأنها النظام الذى يجعل الحكام خاضعين للمساءلة والمسئولية أمام المحكومين. ولذا يمكن تحديد إيجابيات الديمقراطية في:

• ممارسة المواطنين للحكم بأنفسهم.

• تمتع المواطنين بحقوقهم.. ارتكازًا على مبدأً المساواة الكاملة بينهم.

• الشفافية والمساءلة فى رقابة المواطنين على حكوماتهم، ومحاسبتها. 

• إقرار حق المعارضة فى الاختلاف بحرية.. دون قيود.

• السيادة فى الدولة ترتكز على قوة القانون وعدالته الناجزة.

• الحد من سلطة الغالبية حتى لا تطغى على الأقليات.

 سلبيات الديمقراطية وعيوبها..

• حكم الأقلية السياسية، وترسيخ تولى السيادة لقوة سياسية واحدة.

• رغم اعتمادها على رأى الغالبية.. إلا أنها تكرس رأى الأقلية السياسية المسيطرة على الحكم.

• اخضاع مقاليد الحكم لرأى الأغلبية الذى يمكن أن يضلل بسبب الفوضوية والعشوائية والغوغائية التى تحكم الشارع. 

• ترسيخ الحريات الجماعية فى مقابل الحد من الحريات الفردية. واستبداد الغالبية باعتبارها الطبقة الحاكمة.

• المساواة بين جميع المواطنين سياسيًا.. دون النظر فى كفاءاتهم أو اشتراطها. وما يترتب عليه من وصول البعض من غير المؤهلين لتولى مناصب عليا. 

• التغيير المستمر للسياسات بسبب كثرة الانتخابات، وتحديد مدة الحكم.

• تجعل المواطنين أقل ميلًا إلى التمرد والثورة على قيود النظام القائم.

 • عدم انسجام أحزاب المعارضة مع النظام القائم.

• عدم صلاحية الديمقراطية فى وقت الأزمات والكوارث والحروب.

• عدم المساواة الفعلية بين المواطنين لاختلاف توجهاتهم ومصالحهم.

فى اعتقادى، إننا قد تم حصارنا بالعديد من المصطلحات والمفردات.. التى استهدف من صدرها لنا أن نسير فى فلكها ونؤمن بها ونعتقد فيها وننشرها فى مجتمعاتنا.. دون مراجعتها أو التوقف عند آلياتها. وبهذا المنطق اختزلوا الديمقراطية فى ممارسة الحقوق السياسية من خلال التعددية الحزبية وحرية الرأى والتعبير. وأهملوا الحقوق الأخرى الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.. ضمن منظومة الحق فى الحياة.

نحتاج إلى إعادة النظر فى تلك المصطلحات حسب التفسير الغربى لها.. فلا أحد يختلف على سمو مضمونها، ولكن مكمن الخطر فى توظيفها مثلما حدث مع أحداث 25 يناير 2011 عندما صدروا لنا العديد من المفاهيم على غرار: الحرية والتعددية وقبول الاختلاف والديمقراطية والإعلام الحر وصحافة المواطن. وهى المصطلحات التى تم تمويلها بالكامل من أجل اعادة صياغة الذهنية العامة للرأى العام دون مراعاة السياق المصرى وتحدياته وأعبائه.

ما يحدث الآن دوليًا فى الحرب الأوكرانية الروسية.. يؤكد على أن السياسة الدولية لا تهتم بالديمقراطية بقدر ما تهتم بالمصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى.. خاصة لو ارتبطت هذه المصالح بالطاقة تحديدًآ.

 

أثبتت السياسة الدولية أن «الديمقراطية» قد أصبحت مجرد كلام فقط.. لا تدخل حيز التنفيذ الحقيقى وتترجم على أرض الواقع. بل هى مجرد شعارات جوفاء.. يطالبوننا بالتعددية الحزبية.. وفى الوقت نفسه، لا تجد فى الولايات المتحدة الأمريكية على أرض الواقع سوى الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى.. وهما وجهان لعملة واحدة مع اختلاف الشكل.. يتبادلان السلطة دون أى تنازل عن المصالح الأمريكية العظمى فى علاقتها بدول العالم. ولذا لا تجد اختلاف حقيقى فى نهاية الأمر بين الفيل والحمار.. رمزى الحزبين.

الخطر فى الديمقراطية حسبما صدروه لنا هو حكم الأغلبية.. وهو ما اعتبروه تحقيقا للديمقراطية الحقيقية التى تظهر فى نتيجة الانتخابات. وبحسب خبرتنا المصرية.. فإنها بهذا الشكل ديمقراطية افتراضية وهمية  مزيفة يقودها الأشخاص، وليست الرؤية السياسية. حدث ذلك مع صعود أدولف هتلر لتولى المستشارية الألمانية، مثلما حدث معنا مع صعود الإسلام السياسى ممثلًا فى شخص محمد مرسى. توجيه القطيع لترجيح نتيجة الانتخابات بعد عمليات منظمة لتوجيه الأفكار باستخدام الإعلام والإعلان من جهة، وتوظيف بعض رجال الدين من جهة أخرى.

ولم يحدث فى الحالات السابقة أن تم التركيز على وعى المواطنين بقدر ما تم التركيز على توجيههم تحت تأثير المشاعر القومية أو الدينية. والنتيجة النهائية أن وصل هتلر مثلما وصل محمد مرسى لكرسى السلطة بتلك الديمقراطية المزيفة.

ما سبق، يؤكد أن الديمقراطية قد نجحت ظاهريًا من خلال صندوق الانتخاب حسب أغلبية الأصوات، ولكن الواقع أكد أنها قد صعدت الفاشية السياسية والفاشية الدينية.. دون مراعاة للمواطنين من غير القطيع الذى تم توجيهه لصندوق الانتخابات.

تجاهل وعى المواطنين.. دائمًا ما يأتى بكوارث لا حصر لها. وأطرح هنا سؤالًا بسيطًا: لو لم تهتم الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو من خلال الرئيس عبدالفتاح السيسى بحقوق المرأة وحقوق الأشخاص من ذوى الإعاقة.. هل كان من الممكن أن يهتم مجلسا النواب والشيوخ أو الوزارات المعنية بهما بهذه القوة؟! وهل كان سيوافق الشارع المصرى الذى يغلب عليه العقلية الذكورية على العديد من الإجراءات القانونية التى تمت لحفظ كرامة المرأة المصرية واستعادة مكانتها المسلوبة؟ وهل كان سيحصل الأشخاص ذوى الإعاقة على كل هذا الحقوق والمميزات؟!

إصدار القوانين والقرارات فى مجال الحقوق على غرار ما حدث مع المرأة والأشخاص ذوى الإعاقة هو الذى سيساعد تدريجيًا على فرض سلوك ايجابى نحوهما.. وهو ما يحقق الديمقراطية فى مضمونها القيمى.  

نقطة ومن أول السطر..

الديمقراطية ليست مجرد أرقام فى صندوق الانتخابات. كما أنها ليست حكم الأغلبية.. ربما لفساد هذه الأغلبية بفيروس الفاشية السياسية أو الدينية. 

الديمقراطية هى منظومة متكاملة من الحقوق.. ولا يمكن اختزالها فى صندوق الانتخابات أو فى حكم الأغلبية الذى تسيطر عليه أقلية صغيرة  حسب مصلحتها المباشرة. 

«على الأقلية أن تخضع للأغلبية إعمالا بالديمقراطية» هى مقولة فسادة.. تستخدم الديمقراطية على عكس مضمونها. وهى مقولة رددها منظرو الإسلام السياسى ليضمنوا وصول فاشيتهم الدينية لكرسى السلطة. وهى مقولة فاسدة شكلًا ومضمونًا لأنها ترسخ الديكتاتورية وتتجاهل حقوق المواطنة.

الديمقراطية هى التى يتمثل فيها ممثلو جميع فئات المجتمع.. دون النظر لأى فئة بغض النظر عن عددها باعتبارها أقلية أو أغلبية..

لعبة الأرقام ليس لها مكان فى منظومة المواطنة والدولة المدنية المصرية لأنهما يرتكزان على المساواة والعدل فى الحقوق.. حتى لو كانت لمواطن مصرى واحد فقط.