الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. تجربة مهنية.. تحت التطوير المستمر..  معارضة إعلامية رشيدة فى التفاعل والتأثير!

مصر أولا.. تجربة مهنية.. تحت التطوير المستمر.. معارضة إعلامية رشيدة فى التفاعل والتأثير!

فى مثل هذه الأيام قبل 17 عاماً.. وتحديداً فى 17 أغسطس 2005 كتبت أول مقال لى بجريدة «روزاليوسف» الجديدة تحت عنوان «إلى أصدقائنا فى حركة كفاية: كفاية!». وأذكر أننى كتبت عن حركة «كفاية» باعتبارها من الحركات الاحتجاجية التى وجهت لها سؤالاً، وهى فى قمة زخمها الإعلامى حيث تبادر إلى ذهنى! متى نقول لحركة كفاية: كفاية.. لقد قمتم بواجبكم.. وإن مقومات بقائكم قد انتهت!.. رغم كل الزخم الإعلامى عنها وحولها.



على الرغم من أننى كنت أكتب مقالات فى أماكن أخرى مصرية ودولية، ولكن أذكر جيداً أنه عندما دعانى الصديق الراحل عبدالله كمال للكتابة بالمجلة، ثم بالجريدة الجديدة الشابة حينذاك أننى قد تأخرت كثيراً فى تلبية الدعوة حينذاك حتى إن شجعنى ودعمنى كثيراً الصديق الخلوق أسامة سلامة، وهو ما تكرر فى تجربة كتابة العمود اليومى بالجريدة فيما بعد.. وذلك احتراماً ورهبة من الالتحاق بمدرسة «روزاليوسف». وعلى مدار كل هذه السنوات.. ترسخت حقيقة مؤكدة لدى، وهى أن مدرسة «روزاليوسف» تمثل نموذجاً للتأثير قبل التوزيع، كما أنها تظل على مدار السنوات تمثل تجربة شبابية مستمرة.

دخلت مؤسسة «روزااليوسف» للمرة الأولى فى الشهور الأخيرة لتولى الأستاذ مفيد  فوزى رئاسة تحرير مجلة «صباح الخير» قبل عام 1995. وعلى الرغم من أننى لم أكن على معرفة شخصية بأى أحد فى المجلة، فإن الأستاذ القدير رشدى أبوالحسن كان هو الباب المفتوح لكل من تثبت أن لديه موهبة للكتابة. ولقد عاصرت أياما قليلة لتلك التجربة التى كان يتولى فيها الأستاذ رشدى أبوالحسن مسئولية  قيادة مجموعة الشباب الجدد لتعليمهم وتدريبهم على أصول فن الصحافة. ولقد كان له الفضل على بصفة شخصية فى أن قام بتوجيهى للذهاب للكتابة فى مجلة «القاهرة» التى كان يرأس تحريرها الناقد الكبير الراحل د. غالى شكرى حيث نشرت فيها العديد من الدراسات والمقالات حينذاك.. وأذكر كلمته الشهيرة لى «تركيبتك كاتب.. مش صحفى»، وقد كانت هى بداية التحاقى الفعلى بعالم البحث والكتابة إلى الآن. وانقطعت علاقتى بمؤسسة «روزاليوسف» حتى بدأت بالكتابة فى «روزاليوسف» مرة أخرى بعد عام 2005، وإلى الآن.

نتذكر جميعاً، أن ظهور «روزاليوسف» اليومية فى عام 2005.. قد تسبب فى حالة «ربكة» لدى العديد من الجرائد والمجلات سواء على مستوى السياسات التحريرية أو على مستوى توجهات أصحاب الآراء بها. وهو الأمر الذى جعلها دائماً فى مواجهة غيرها، كما جعل غيرها دائماً فى مقارنة معها.. خاصة فيما يتعلق بالتفاعل اليومى مع معطيات الحياة السياسية المصرية   سواء على المستوى الداخلى أو على الصعيد الخارجى. وعلى الرغم من حداثة «روزاليوسف» اليومية نسبياً فى تلك الأيام؛ فإنها قد وجدت لها مكانة ثابتة يومية لا يمكن إغفالها أو تهميشها بين هذا الكم الهائل من الجرائد والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية والربع سنوية.

اتهموا «روزاليوسف» كما كتبت تحديداً بأنها مجلة وجريدة منحازة، وكأنهم يطلبون المستحيل.. لتحويلها بلا معنى أو موقف مع افتراض حسن النية، أو موجهة لخدمة مصالح شخصية ضيقة بسوء نية. وهو ما يأتى دائماً على النقيض من تاريخ

«روزاليوسف» التى كانت دائماً لها انحيازاتها الوطنية وتوجهاتها المجتمعية. 

اجتهد الكثيرون.. ممن كان لهم دور فى أحداث 25 يناير 2011 فى «التقليل» من شأن «روزاليوسف»، وفى مصادرة حقها فى الوجود، وفى التشكيك فى توزيعها.. رغم أن ما ينشر بها.. كان محل اهتمام ونقاش واتفاق واختلاف من يقفون ضدها، أو بمعنى آخر.. من يحاربونها. وفى الوقت نفسه يقرأونها ويرصدون جيداً ما ينشر بها ويتكلمون فيه. كما أن المتتبع جيداً لاتجاهات الجرائد والمجلات.. سواء كانت قومية أو مستقلة أو حزبية.. يستطيع أن يلحظ تأثير «روزاليوسف» ووجودها بشكل مباشر أو غير مباشر فى مقالات رؤساء تحريرها وكتابها.. فضلاً عن تحويل بعض أفكارها إلى تحقيقات وحوارات وفى أحياناً كثيرة ملفات وقضايا للنقاش.. فى اقتباس ملحوظ أو بنقل حرفى واضح.

لم يشغلنى مطلقاً حديث أرقام التوزيع، ولم أهتم به يوماً.. سواء كان مرتفعاً أو فى المعدل الطبيعى أو كما يتم الترويج لرسم صورة سلبية لتوزيع «روزاليوسف».. لأن سمة «روزاليوسف» ببساطة شديدة أنها طيلة تاريخها قد جاوزت المعيار «الكمى» إلى المعيار «الكيفى». ولذا تظل أهمية «روزاليوسف» فى التأثير، وليس التوزيع.. وهو الأهم فى تقديرى واعتقادى. ودليل ذلك الدور الذى تقوم به فى مختلف القضايا والمواقف الواضحة فى كافة المشكلات والأزمات. فضلاً عن قيمة المعلومات التى رسختها «روزاليوسف» فى تعاطيها مع التفاعلات والأحداث المهمة والحكم على الأمور، وهو ما جعلها منفردة ومتميزة بفريق عملها المؤثر والمتفاعل.

إن قراءة الكتب لا تصنع كاتباً، كما أن الكتابة لا تصنع كاتباً، والنشر فى الجرائد والمجلات لا يصنع مثقفاً.. ويظل معيار التأثير هو الفيصل الأساسى فى الحكم على فن صناعة الكتابة. ومن هذا المنطلق؛ فإن قيمة «روزاليوسف» بوجه خاص فى كونها مؤثرة ومتفاعلة ومعارضة وطنية رشيدة بقدر أكبر بكثير من كونها للتوزيع تحت مظلة الشهرة والإثارة والفبركة.

«روزاليوسف» ليست كغيرها،  ينتهى  وجودها بمجرد شرائها وتصفحها قبل الانتهاء من احتساء فنجان قهوة، بل يمتد تأثيرها لكل من يقرأها، ويجد فيها المعلومة الدقيقة والرأى الحقيقى والتحليل المتميز.

الكاتب بما يقدمه من أفكار.. ولذا تظل «روزاليوسف» صاحبة أكبر رصيد من المقالات الرصينة التى حافظت على مبدأ الاتفاق فى الرأى بقدر ما حافظت على مضمون الرأى ورجاحته وقوته ضمن زخم مئات المقالات اليومية التى لا موقف لها أو تأثير. 

تستحق تجربة «روزاليوسف» التوقف أمامها دائماً سواء لأهمية تنوعها الفكرى وتعددها الثقافى على وجه الخصوص من جانب، أو لتقييم دورها الوطنى والسياسى من جانب آخر. فضلاً عن كونها دائماً تجربة شبابية التفاعل والتأثير..

تجربة «روزاليوسف» تستحق أن نرصد فيها العديد من الملاحظات المهمة، وعلى سبيل المثال:

تجربة تحمل فى طياتها جزءا من تراث تاريخ الصحافة المصرية. ذلك التاريخ الذى أسهمت «روزااليوسف» فى صناعته على مر الأيام وفى ظل أهم الأحداث السياسية والوطنية المصرية.

تجربة ولدت إلى حد  كبير ناضجة فى الشكل وفى الرسالة؛ غير أن هذا لم يمنع التطوير المستمر فى الشكل والتصنيف فيما بعد للعديد من الموضوعات والقضايا التى تناولتها.. بالنقاش والتحليل والنقد.

تجربة سمحت باستقطاب العديد من الشباب الطموح.. ممن يملكون موهبة الكتابة.. دون الحاجة إلى قرابة أو توصية أو واسطة.. فالموهبة معيار الالتحاق والانضمام لفريق «روزاليوسف».

تجربة سمحت للعديد من الشباب بإثبات موهبتهم فى «روزااليوسف» بعدما فقدوا الأمل فى العمل الصحفى من الأصل بسبب العديد من المعوقات التى وجدوها فى أماكن أخرى..

تجربة سمحت للعديد من شبابها بأن يصبحوا رموزاً فى العديد من وسائل الإعلام القومية والحزبية والمستقلة.. بعد أن اكتسبوا خبرتهم المهنية من مدرسة «روزاليوسف». 

تجربة ترجمت فعلياً مفهوم المواطنة فى الإعلام.، وكانت لهم الريادة فى ذلك الأمر الذى نقلته حرفياً عنهم وسائل إعلامية أخرى بعد ذلك.

نقطة ومن أول السطر..

فى تقديرى.. ستظل «روزاليوسف» واحدة من أهم الأدوات الرئيسية فى صناعة السياسة المصرية والتأثير فيها وعليها، وهو ما جعلها تتجاوز غيرها.. من خلال وجود حقيقى وتأثير فعلى يحسب فى رصيدها الفكرى والسياسى ويزيد من قيمتها باعتبارها من الصحافة القومية.. وذلك رغم كل التحديات التى تواجهها سواء من المنافسة المهنية أو من تأثير وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام الجديد من جهة، ولكونها ستظل على يسار تصنيف الصحافة القومية من جهة أخرى.. لكونها رسمت لنفسها مساحة خاصة لا ينافسها أحد عليها.