الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. القاهرة قلعتنا الأخيرة

الحقيقة مبدأ.. القاهرة قلعتنا الأخيرة

عرفتُ محمود درويش وكان صديقًا لى ورفيقًا لوالد أبنائى، عرفتُ محمود واتفقنا واختلفنا ومع حُبى لبيروت كنت أرى دائمًا القاهرة قلعتنا الوحيدة والآن أراها قلعتنا الأخيرة؛ نحن الذين أنفقنا أجمل سِنِى أعمارنا دفاعًا عن فلسطين وقضيتها العربية المركزية.. نحن الذين رفضنا التطبيع والتطويع والتلطيع، نحن الذين لم نقبل بأنصاف الحلول أو الأشباه.



فى مقالى السابق وقبيل زيارة چوزيف بايدن للمنطقة دعوت إلى عدم انتظار الكثير من السيد العجوز بل عدم انتظار أى شىء منه؛ خصوصًا فى ظل وجود قادة جُدُد للمنطقة ليسوا فى انتظار صكوك الغفران والبركة!! 

خرج بايدن من تل أبيب إلى مطار جدة بمجال جوى مفتوح حاصلاً فى التو واللحظة وقبل أن يجلس على أى طاولة بل وقبل أن تطأ قدماه الأراضى السعودية على أول القرابين دون أى ثمَن مدفوع ودون وعد واحد بأى حل!! 

صفقتْ الأيادى العربية بتعهده لهم بالحماية وهو العهد الموصوف بالضعف العربى والموشى بخيوط الخذلان الذاتى، تأكد للصهيونى الأمريكى أن العرب سيظلون كما هم فى تشرذم بائس لا يدعو إلا لضحكات المجتمعين فى المكتب البيضاوى؛ لم يكتفِ أحدٌ بوعد القاهرة بحماية الأمن العربى بل هرول الجميع للتعلق بأذيال البيت الأبيض.

لا صوت علا على صوت القاهرة معلنة بأن القدس عربية وأنه لا وفاق أو وضع أى شروط لأى اتفاق إلا بالوصول أولاً لحل الدولتين، لا صوت علا على صوت القاهرة معلنة موقفها الواضح لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار سواء كانت الأسلحة إيرانية أو إسرائيلية.

وهنا نعود إلى أصل الموضوع، وهو لماذا جاء بايدن؟! الرجل العجوز لا يهتم سوى بالمصالح الأمريكية فقط وعلى رأسها أسعار الطاقة والبترول فهى المؤثر الأول على الاقتصاد الأمريكى.. 

بايدن يُجدد تعهداته لإسرائيل بضمان أمنها وقدرته على اللعب بالعرب لتأخذ إسرائيل كل شىء ولا تعطى العرب أى شىء (كما جرت العادة)..

بايدن يريد أن يطمئن على أن الصف العربى ليس بالوحدة التى تخيفه وليس بالضعف الذى يهدد إمداده بالبترول.

بايدن يريد أن يتأكد من موقف القاهرة إزاء ما يطلق عليه الناتو الشرق أوسطى إلا أن الأخيرة لم تعطه إجابة شافية.

فقلعتنا الوحيد والأخيرة أعطته انطباعًا لا يريحه أو يريح شركاءه وليست مجرد تحفظات أو حتى موافقات مشروطة.

هنا نسأل أنفسنا جميعا؛ هل نحتاج إلى واشنطن ولندن لحماية أمننا القومى أمْ نحتاج لشراكة حقيقية وتفعيل اتفاقات الدفاع العربى المشترك كما هو منصوص عليها فى ميثاق جامعة الدول العربية؟

من هو/هم الأطراف الممانعة لتشكيل قوة دفاع عربى مشتركة بقيادة مركزية مصرية؟

لن نطرح السؤال الساذج المتعلق بحماية واشنطن لتل أبيب !! لأنه وببساطة فإن اسرائيل هى صاحبة أقوى نفوذ اقتصادى وسياسى فى العالم.

أمّا وقد كثُرت الأسئلة فلا مانع من طرح سؤال أخير؛ إلى متى ستصمد قلعتنا الأخيرة ومن يتمنى لها عدم الصمود طويلاً.. ليس السقوط وإنما عدم الصمود!؟ 

وأخيرًا أعود لصديقى القديم محمود درويش اقتباسًا يليق بزيارة وكأنها لم تكن وتحيا مصر 

«لم تأتِ. قلتُ: ولن.. إذًا سأعيد ترتيب المساء بما يليق بخيبتى وغيابها:

أطفأت نار شموعها،

أشعلت نور الكهرباء»