الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. شائعات ضد الاستقرار: تتخدر وتتخطف.. تصريحات ضد المرأة: تشتغل وتنام و..!

مصر أولا.. شائعات ضد الاستقرار: تتخدر وتتخطف.. تصريحات ضد المرأة: تشتغل وتنام و..!

حدث تغلغل للأفكار الإخوانية والسلفية المتشددة من جانب، وللأفكار البدوية الصحراوية التى تم فرضها على مجتمعنا بخطط منظمة ومحكمة من جهة أخرى. وهى الأفكار نفسها التى تراجع عنها الآن من روجوا لها.. بل تبرأوا منها.



أفكار كلها ضد قبول الاختلاف.. أفكار رسخت لتديين المجال العام وتطييف المجتمع سياسياً وسلفنته دينياً.. لنكفر المختلفين عنا سواء فى الرأى أو النوع أو الدين.. وطمس قيم الحوار والتسامح وقبول الاختلاف والتعددية.

 

والترويج لنشر خطاب الكراهية والتمييز والإقصاء والاستبعاد والتهميش والتنمر.. بداية من التشكيك فى كل ما يحدث، ومروراً بالتخوين، وصولاً إلى التكفير غير المعلن. وتكون المحصلة النهائية حالة من السخط الافتراضى المنتشر فى الشارع على الحكومة والدولة تدريجياً.. باستخدام الشائعات.. باعتبارها الأكثر انتشاراً وتأثيراً..

 

الكلمات المحددة السابقة هى التى ختمت بها مقالى على صفحات مجلة «روزاليوسف» بعنوان «الحوار الوطنى واستعادة الهوية المصرية.. تحدى مواجهة 50 عاماً من تديين المجال العام وتطييف المجتمع وسلفنته دينياً!» فى 18 يونيو 2022. لقد أرادوا تغيير الهوية المصرية واستهدفوها، ولكن قامت ثورة 30 يونيو العظيمة التى ارتكزت على مشروع متكامل لاستعادتها.. وحانت الآن مرحلة الوعى بها.

ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية يستحق الرصد والتحليل لكونه يمثل تطبيقًا عمليًا لحالة تطييف المجتمع وتديينه.

 التخدير فى مترو الأنفاق..

الصحفية المتميزة حنان أبوالضياء أثناء انتقالها بمترو الأنفاق اتجاه حلوان يوم الخميس 16 يونيو 2022.. تعرضت لاعتداء من بعض البائعات بالمترو لرفضها الصمت عن ترويجهن لشائعات خطف البنات.. التى انتشرت مؤخراً بعد تخديرهن بـ «شكة إبرة». ووصل الأمر إلى حد ادعائهن أنه تم تخدير إحدى الفتيات أمامهن فى محطة مترو حدائق القبة قبل ساعة من سردهن هذه الأوهام، والقسم على ذلك. وأن كل هذا يحدث للتجارة بالأعضاء البشرية.

المؤسف.. أنها لم تجد رجل أمن واحدًا من محطة الزهراء إلى محطة ثكنات المعادى. والتى وجدت فيها رجل أمن.. فاستعانت به، وصعد معها للمترو، ولكنه لم يصطحب أيًا منهن للتحقيق معها رغم كل ما أخبرته به. فذهبت لمكتب أحد المسئولين بالمحطة لتطلب منه اتخاذ اللازم، والاتصال بالمحطات التالية للقبض عليهن، ولكنها فوجئت به يقول لها «إحنا مالنا». والأخطر من ذلك أنه رد عليها «الستات ما بتتخطفش فى المترو، ولكن كل يوم فى اختطاف لهن فى الشارع، وأن دى حقيقة كل الناس تعلمها..».

الطريف فى الأمر، أنه لا يمكن السماح لأى مواطن بدخول المترو دون حصوله على تذكرة رسمية، ولكن الباعة الجائلين يتحركون بين محطات المترو وبين عرباته دون أى قيود أو قواعد. ويتسببون فى إزعاج المواطنين الذين يتجنبونهم حتى لا يتعرضوا للسب أو القذف أو فى بعض الأحوال الاعتداء الجسدى.

السؤال: كيف دخلوا؟ ولماذا يتركهم أمن محطات المترو التابع لوزارة الداخلية؟ ولمصلحة من تركهم دون رادع.. يستمرون فى انتهاك خصوصية الركاب بهذا الشكل الفج؟

ما حدث يستحق التحقيق الرسمى ليس فقط لكون حنان أبوالضياء «صحفية» استطاعت مواجهة ما حدث، لكونها أيضاً قد تعرضت لإهانة شخصية واعتداء نفسى وجسدى، كما أطالب بالتحقيق مع مسئول المحطة الذى يدعم ترويج شائعة التخدير الوهمية. إنها تجربة مؤلمة.. لتعرض العديد من المواطنين لاعتداءات مماثلة، وهو ما يعنى أن وجود الباعة الجائلين.. يحول المترو بمحطاته لمناطق غير آمنة.. فى ظل عدم توافر رجال أمن لديهم القدرة على التعامل السريع مع الأزمات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

ملاحظة عابرة: من الطبيعى أن يصدق المواطنون فى المترو شائعة التخدير الوهمية.. إذا كانوا قد صدقوا أن أبوالهول يفتح عينيه ويغمضهما، كما صدقوا أن «بلاعة البركة» مصدر للشفاء من الأمراض.

لا أميل إلى نظرية المؤامرة.. ولكن هل الطبيعى أن يتم كل ما سبق بشكل منظم وممنهج قبل الاحتفال بثورة 30 يونيو؟!

 تصريحات شبه حواسية..

أثناء استضافته ببرنامج «الستات» على قناة النهار يوم الخميس 16 يونيو 2022، أشاد د. زاهى حواس بحقوق المرأة فى مصر القديمة. وسرعان ما قال: «المرأة فى القرن الواحد والعشرين خرجت عن الدور المرسوم لها فى تربية الأبناء»، وعندما سألته مذيعة البرنامج: «من الذى يرسم هذا الدور؟» قال: «الفراعنة». ثم قال: «المصرية القديمة كانت طبيبة وقاضية وحاكمة وملكة، وحازت على جميع الحقوق مثل الطلاق والحق فى الميراث». وقال بوضوح: «أنا ضد عمل المرأة تماماً». وأكد على أن: «الفراعنة كانوا ضد عمل المرأة»، وهو كذلك، ثم علق على قضايا الخلع قائلاً: «الخلع سببه أن الست راحت تشتغل.. وتيجى مهدودة.. تنام وتشخر.. والراجل ميعرفش ينام بالليل».

بعيداً عن التناقض فى الإجابات بين مكانة المرأة قديماً.. وفى الوقت نفسه أنهم – أى الفراعنة – كانوا ضد عمل المرأة.. فإن تصريحات د. زاهى حواس تعصف بكل مبادئ قضايا النوع الاجتماعى «الجندر».. بعد أن حول الحديث عن القضايا المحورية فى مكانة المرأة للسخرية باعتبارها مصدرًا للفكاهة والدعابة. وللأسف الشديد، ما سبق يعبر عن سمات العقلية الذكورية التى دائماً ما تتعامل مع المرأة باعتبارها سلعة استهلاكية لتلك العقلية. ولقد حكم بشكل مطلق على المرأة عندما قال: «تمام.. تمام» عندما قالت له مذيعة البرنامج «د. زاهى حواس.. ضد عمل المرأة.. وضد نكد المرأة.. وضد حكم المرأة». وكأن ما سبق دليل إدانة المرأة دون تحميل الرجل لأى مسئولية اجتماعية وتربوية ونفسية.

أعتب كثيراً على عالم الآثار المصرى لتلك التصريحات التى تسىء للمرأة المصرية، والتى اختزل فيها سبب «الخلع» فى «تشخير» المرأة رغم أنه حق قانونى ودستورى للحفاظ على حق المرأة فى حياة إنسانية.. فى حالة تأزم العلاقات الأسرية دون حل. وهى تصريحات من شأنها أن يكون لها مردود سلبى.. فى المؤتمرات الدولية العديدة التى يمثل فيها د. زاهى حواس مصر بنسائها ورجالها.

أعلم جيداً أن د. زاهى حواس غير متخصص فى قضايا المساواة والنوع الاجتماعى.. لذا فإن «غلطته» بألف باعتباره من «الشطار».. عندما تكلم فى قضايا شائكة.. ربما تكون خارج اهتماماته.. لأن تصريحاته بهذا الشكل.. لا تختلف عن الأفكار المتشددة والمتطرفة والسلفية ضد مكانة المرأة المصرية.

 نقطة ومن أول السطر..

الملاحظ فيما سبق، أن المشترك بين ما حدث مع حنان أبوالضياء وتصريحات د. زاهى حواس أنهم حدثا فى يوم واحد.

والمشترك الآخر بينهما هو مدى درجة الوعى بقضايا المجتمع بعيدًا عن تديينه وسلفنته بالشائعات الوهمية المعتادة سنوياً قبل الاحتفال بثورة 30 يونيو من جانب، وبين فرض الرؤية الذكورية على المجتمع من جانب آخر.. دون مناقشة حقيقية لتحديات المرأة المصرية التى تعيل العديد من أفراد عائلاتها فى ظل وجود زوج أم لا يعمل، أو مدمن أو نصاب أو متحرش ومتنمر.. يستحل شخصيتها وكينونتها ومجهودها وأموالها وميراثها.. دون رحمة أو رأفة.

الحديث فى قضايا النوع الاجتماعى.. هو حديث شائك سواء فى مناقشة الأفكار والتحديات الحقيقية للمرأة والرجل المصرى، أو فى تناول الكلمات والمفاهيم والمصطلحات التى من شأنها إما التعامل معها باعتبارها قضايا حقوقية، أو التعامل معها باعتبارها مباراة صفرية على أحدهم الانتصار على الآخر بمنطق إما المرأة أو الرجل، وليس بمنطق المرأة والرجل معاً.