السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مشروع «مستقبل مصر» إضافة للخريطة الزراعية فى مصر

فى ظل الجمهورية الجديدة، تعمل جميع أجهزة ومؤسّسات الدولة لتحسين مستوى معيشة المواطنين وتوفير حياة كريمة لكل مواطن. وفى إطار المشروعات القومية التى تنفذها الدولة فى مجالات مختلفة، وعلى رأس المجالات التطور الكبير فى مجال القطاع الزراعى؛ حيث تم تنفيذ الكثير من المشروعات الزراعية الكبرى، من بينها: مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع المائة ألف صوبة زراعية، ومن بين هذه المشروعات الزراعية القومية مشروع «مستقبل مصر للإنتاج الزراعى» الذى تصل مساحته الإجمالية إلى مليون وخمسين ألف فدان بنهاية عام 2024.



 

 ملامح المشروع

كانت بداية التفكير فى مشروع «مستقبل مصر للإنتاج الزراعى» فى يوليو 2017، حينما وجَّه الرئيسُ عبدالفتاح السيسى بالبدء فى تنفيذ المشروع لتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة للمواطنين، وتصدير الفائض للخارج، مما يسهم فى تقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة فى إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

كان الهدف الرئيس للمشروع فى البداية هو استصلاح نحو 500 ألف فدان؛ حيث تم استصلاح نحو 200 ألف فدان فى المرحلة الأولى من المشروع، وفى عام 2021 تمّت إضافة 150 ألف فدان لتكون جاهزة للزراعة فى نوفمبر 2021، وزراعة جزء منها لمحصول القمح لتصل المساحة الإجمالية إلى 350 ألف فدان فى نهاية 2021. إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجَّه بإضافة 700 ألف فدان لتصل مساحة مشروع مستقبل مصر الاجمالية إلى مليون وخمسين ألف فدان بنهاية 2024، ويمثل المشروع نحو 50 % من مساحة الدلتا الجديدة البالغة 2.2 مليون فدان.

ويعتمد المشروع فى توفير الموارد المائية على المحطات التى تمّت إقامتها لمعالجة مياه الصرف الزراعى؛ لتوفير منتجات ومحاصيل زراعية بأفضل جودة بأسعار مناسبة للمواطنين، ولسَدّ الفجوة فى السوق المحلية ما بين الإنتاج والاستيراد، ومن ثم توفير العملة الأجنبية لصالح الاقتصاد القومى للدولة.

ويتمتع المشروع بموقع استراتيچى فى امتداد طريق محور الضبعة الجديدة، مما يجعله قريبًا من موانئ التصدير والمطارات والمناطق الصناعية، وبالتبعية يجعل المشروع مقصدًا زراعيًا جاذبًا للمستثمرين. وتتضمن البنية الأساسية والإدارية للمشروع منظومة متكاملة، بالإضافة إلى الآلاف من أجهزة الرى، ويشمل المشروع 2 محطة كهرباء بطاقة 250 ميجا وات، وشبكة كهرباء داخلية بطول 200 كم، وكذلك شبكة طرُق رئيسة وفرعية بإجمالى طول 500 كم.

مع العمل على الاهتمام بزراعة السلع الاستراتيچية اللازمة لتقليل فجوة الاستيراد، فضلًا عن الاستفادة من المشروع بإدراج مختلف الأنشطة الإنتاجية ذات الصلة بالنشاط الزراعى؛ لتحقيق قيمة مضافة للمشروع، وكذلك إنشاء مجمع تصنيع زراعى متكامل لتحقيق الاكتفاء الذاتى من متطلبات الإنتاج، إلى جانب منظومة المَعامل والصوامع والمبردات المطلوبة لعمل هذا المشروع العملاق.

 مراحل المشروع

يتكون المشروع من أربع مراحل: المرحلة الأولى يتم تنفيذها بالكامل بطاقة 34 ألف فدان، أمّا المرحلة الثانية فسيتم تسليمها فى أكتوبر المقبل، والمرحلة الثالثة سيتم تسليمها فى يوليو 2023، والرابعة فى 2024. المرحلتان الثالثة والرابعة ستكونان بقوة 700 ألف فدان؛ ليصل إجمالى الأراضى المستصلحة فى المشروع إلى نحو مليون و50 ألف فدان.

يُعَد مشروع «مستقبل مصر» رؤية جديدة؛ إذ تم الانتهاء من استصلاح وزراعة 350 ألف فدان بأعلى معايير السرعة والجودة فى التنفيذ على مرحلتين؛ الأولى هى مرحلة تنفيذ البنية التحتية التى تمّت ضمْن المواصفات المناسبة التى تتماشَى مع متطلبات التنفيذ والذى يتم تحقيقه على أرض الواقع فى المساحات المستصلحة، والثانية هى مرحلة الإنتاج التى تتمتع بأعلى معايير الجودة، ثم بَعد ذلك زراعة المساحة الكبيرة المتصلة، لذلك فهو مشروع ضخم يتم به تعظيم المبدأ الاقتصادى لوفرة الإنتاج.

يتم من خلال هذا المشروع استخدام أنظمة الزراعة الحديثة، منها أنظمة الرى المحورى التى يتم استخدامها فى المشروع لما تتمتع به من مرونة مع طبيعة الأرض المختلفة، كما يتم استخدام نظام الرى تحت السطحى والرى بالتنقيط، ويتم استخدام تقنية «المسح الرقمى»، وهى من العوامل المؤثرة فى العملية الزراعية أثناء التنفيذ وأثناء مرحلة الإنتاج، التى تقوم بالمسح الرقمى للأرض كلها فى مرحلة التنفيذ حتى يتم رفع تضاريس الأرض والتحكم فى اتجاه ومرور المياه، وهو يُعَد عاملًا كبيرًا فى توفير التكلفة، وله أيضًا دور كبير فى المرحلة الإنتاجية فى اكتشاف صحة النبات والرى المتجانس وغير المتجانس، وذلك ينعكس بحُسن إدارة الطاقة والمياه؛ لأنهما من العناصر المهمة جدًا فى التكلفة تمثل من 25 إلى 30 %.

ويعتمد المشروع فى توفير الموارد المائية على ثلاثة مصادر؛ الأول هو خزانات المياه الجوفية (الأيوسين- المايوسين- المغرة)، مع الوضع فى الحسبان المسافة البينية بين الآبـار للحفاظ على الخزانات الجوفيـة وعـدم السحب الجـائر منها وتحقيق معايير التنمية المستدامة، والثانى هو مَد ترعة «مستقبل مصر» بطول 41 كم لإمداد المشروع بطاقة 10 ملايين م3/يوم لزراعة نحو 700 ألف فدان إضافية، والثالث هو المياه السطحية الناتجة عن معالجة مياه الصرف الزراعى.

 الجدوَى الاقتصادية للمشروع

- زيادة مساحة الأراضى المنزرعة: يعمل مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى على زيادة مساحة الأراضى إلى مليون وخمسين ألف فدان بنهاية 2024، وهو ما يساعد بجانب المشروعات القومية الأخرى التى تقوم بها الدولة المصرية إلى زيادة مساحة الأراضى المنزرعة، وبالتالى زيادة حجم المحاصيل الزراعية وتقليل الصادرات، وما يظهر أهمية هذا المشروع هو الحرب «الروسية- الأوكرانية»، وما ترتب عليها من وقف استيراد بعض المحاصيل .

 تحقيق الأمن الغذائى

تنعكس الزيادة فى مساحة الأراضى الزراعية بشكل إيجابى على الأمن الغذائى؛ خصوصًا فى ظل وجود حالة من انعدام الأمن الغذائى فى دول العالم، مثال ذلك خلال أزمة فيروس «كورونا» المستجَد، وما ترتب عليها من تشكيل خطر غذائى. وبالتالى فزيادة المحاصيل الزراعية المنتجة محليًا يساعد فى تغطية احتياجات السوق المحلية من الغذاء، وهو ما يؤدى إلى خفض الواردات المصرية، وزيادة المُصَدر منها مع مرور الوقت وبالتالى خفض العجز فى الميزان التجارى.

كذلك القدرة على مواجهة نقص الغذاء أوقات الأزمات، وهو ما حدث بالفعل نتيجة الحرب «الروسية- الأوكرانية»، وما ترتب عليها من ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير بات يهدد الأمن الغذائى العالمى وليس على المستوى المحلى فقط. لذا نجد أن الدولة المصرية سبقت بخطوات فى عمل مشروعات قومية فى مجال القطاع الزراعى لتوفير جميع المحاصيل والسلع بأسعار مناسبة وبوفرة، وفى الوقت نفسه تقليل الصادرات؛ خصوصًا فى ظل أوقات الأزمات أو الحروب.

توفير السلع بأسعار مناسبة للمواطنين

ما يترتب على النقطتين السابقتين هو توفير المحاصيل الزراعية بأسعار أقل للمواطنين؛ لأنه كلما زاد العرض من السلع أدى إلى خفض أسعارها، بالإضافة إلى انعكاس تكاليف الإنتاج والنقل أيضًا على أسعار السلع. وبالتالى فإن مشروع «مستقبل مصر» وغيره من مشاريع الاستصلاح الزراعى، تساعد على زيادة المعروض من السلع الزراعية المنتجة، وبالتالى خفض أسعارها فى الأسواق، بما يوفر هذه السلع بأسعار أقل للمواطنين.

 توفير فرص عمل بالقطاع الزراعى

يعمل المشروع على توفير أكثر من خمسة آلاف فرصة عمل للمواطنين فى تخصصات مختلفة، سواء المباشرة أو غير المباشرة بحلول عام 2025، لجميع الأنشطة المتنوعة التى يوفرها المشروع من خلال الاشتراك مع العديد الشركات الزراعية المتخصصة من القطاع الخاص، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على تقليل معدلات البطالة فى مصر.

ختامًا؛ يمكن القول إن مشروع «مستقبل مصر للإنتاج الزراعى» خطوة جديدة للدولة المصرية نحو زيادة الأراضى الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى، وخفض معدلات البطالة وتقليل الصادرات، مما يمهد الطريق أمام تحسين الخريطة الزراعية لمصر.