السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روضة رمضان.. مع المفتى د. شوقى علام فى حديثه الرمضانى: رسول الله فى رمضان لم يكن مسرفًا.. ولم يترك الدعاء قبل الإفطار

مع بدءِ أيامِ  شَهْر رمضان  حرصنا على أن نكونَ معكم من خلال روضة رمضانية  تقدم مادةً صحفية من نوع خاص تُشبع رغبة القارئ فى معرفة رأى الدين فى بعض القضايا وتأخذ بيده للجلوس على مائدة أحد كبار العلماء للتعرُّف على رأى الدين فى العديد من القضايا؛ حيث خصَّصنا فى «روضة رمضان» هذا العام حوارًا أسبوعيًا مع فضيلة المفتى د.شوقى علام، الذى يتسمُ بغزارة العلم والفقه، فضلاً عن كونك تشعر بالألفة معه كونه يحمل صفة العالِم  الفقيه.



كما كان لنا فى الروضة تحقيقٌ فى عدد من الموضوعات التى نعرضها تباعًا كل أسبوع نتعرَّف من خلالها على رؤية تنويرية دينية صحيحة تثير الوعى الدينى، وتسهم فى تعميق الفهم الصحيح للدين.

ولم نتجاهَل فى «روضة رمضان» هذا العام من طرح عدد من الفتاوَى التى تساعدنا فى رمضان على تجاوُز بعض الأمور التى قد تلتبس لدَيْنا خلال الشهر الكريم.

 

 فى الحلقة الثانية من لقاء د.شوقى علام مفتى الجمهورية كان لا بد من تناول عدد من الأمور الروحانية التى تشبع رغبة كل منا فى القيام بصيام صحيح، ومقبول،  ولذلك كان لا بد من التعرف على حال النبى صلى الله عليه وسلم فى رمضان، وكيفية صيامه، وكيف أنه فى هديه الرمضانى قدم التيسير وأسس للعلاقة بين العبد وربه،  والعلاقات الاجتماعية بين الناس.

 

ولم نتغافل فى تلك الحلقة الحديث عن توزيع الطعام بدلا من موائد الرحمن فى رمضان،  ومدى صحة توزيع الأموال بدلا من الطعام فى إفطار الصائمين، كما تم التطرق إلى عبادة الدعاء.

وكانت بدايتنا فى لقائنا الثانى عن هدى النبى فى رمضان،  والذى عبر عنه فضيلة المفتى د. شوقى علام قائلا : إن النبى عليه الصلاة والسلام كان لا يترك الدعاء قبل الإفطار، فقد كان يقول: ((اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظَّمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله)). وكان يقول كذلك: ((اللهم إنى أسألك برحمتك التى وسعت كلَّ شىء أن تغفر لى)).

أمر آخر حرص عليه د. شوقى علام فى حديثه عن هدى النبى فى رمضان وهو أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم مسرفًا فى فطره مثل الكثير من الناس فى هذا الزمان؛ فكان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد فحسوات من الماء، وكان كذلك لا يَدَعُ السحور ويحث عليه، فيقول: «تسحروا فإن فى السحور بركة».

ثم انتقل المفتى إلى الحديث عن جود النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- فى رمضان وكيف أنه عليه الصلاة والسلام كان كالريح المرسلة ينفق نفقةَ مَن لا يخشى الفقر، وكان يفطر الصائم، ويحث على ذلك بقوله: ((من فطَّر صائمًا كان له من الأجر مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا)).

وهنا توقفنا لنعرف رأى المفتى حول قضية التعامل بصورة غير لائقة عند توزيع الأطعمة أو الصدقات على الفقراء،  حيث أكد أننا نحتاج إلى أن نرقى فى الخطاب مع الآخرين وفى المعاملة معهم عند تقديم المساعدات المادية والعينية، فيجب أن تتنزه عن المن والأذى. وكذلك من يوكل شخصًا فى توزيع الصدقات عليه أن يحرص على نصحه وتنبيهه لذلك.

ثم أكمل المفتى حديثه عن هدى النبى فى رمضان فتحدث عن حاله صلى الله عليه وسلم مع أهله،  وأكد أنه كان عليه الصلاة والسلام، يتعهَّد أهله ويُحسن إليهم فى رمضان، بل كان فى مهنة أهله يساعدهم، وكان يوفيهم حقهم من المعاشرة، ولم يكن يعنفهم ولا ينهرهم، بل يدخل السرور فى نفوسهم، يأكل مما وجد، فإن أحبه أكل منه وإن كرهه لم يأكل من غير أن يعيبه.

وعن حيرة بعض الناس فى تقديم طعام جاهز أو دفع أموال بدلا من إقامة موائد جماعية للإفطار أجاز المفتى ذلك مؤكدًا أنه وفقًا للاتساق والتناغم بين مقاصد الفقه الشرعية ومصالح الخلق المرعية يمكن عمل أى منهما ما دام الأمر يحقق المصلحة العامة.

صيام الأطفال 

ونحن فى شهر الصوم كان لا بد من التعرف على حكم صوم الأطفال وحرص البعض على تعويدهم على الصوم ولو بالإجبار حيث أوضح المفتى أن تعويد الأطفال على الصوم والصلاة شىء مستحب بهدف التدريب والتعويد ولكن دون إجبار.

وردًّا على استفسارات كثيرة حول رغبة مريض السكَّر فى الصيام، قال فضيلته: إنَّ مرض السكَّر كما يقول أهل الاختصاص فى الطب على درجات، منه النوع غير المؤثر، وهذا لا يضره الصوم، وعليه يجب الصيام، بل هناك مَن يقول من الأطباء إن الصوم مفيد له، وهناك نوع من مرض السكَّر ليس بالخطير جدًّا، وله الخيار فى الفطر أو الصوم، وعليه اتِّباع الأفضل له وَفق تعليمات الطبيب، وهناك النوع الثالث وهو شديد الخطورة جاز له أن يفطر، بل يجب عليه أن يفطر إذا خشى على نفسه من الهلاك؛ لقول الله تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» 

وشدد أنه يجب على المريض فى كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة لمرض السكر وغيره من الأمراض أن يستجيب للطبيب إن رأى ضرورة إفطاره وخطورة الصوم عليه.

وفى سياق الحديث عن رمضان وفضل العبادة فيه كان لا بد من التوقف عند ما يقوم به البعض من التفرغ للعبادة وترك العمل فى رمضان،  وهنا يوضح فضيلة المفتى أن رمضان هو شهر الطاعة والعبادة وهو شهر الصبر والمصابرة والنصر العظيم للإسلام والمسلمين، إلا أنه لم يرد أن النبى صلى الله عليه وسلم أو المسلمين كانوا يتركون أعمالهم وأمور معاشهم للتفرغ للعبادة، سواء كانت الصيام أو القيام، بل يجمعون بين ذلك كله فى توازن وانسجام وفق نظام مُحكم يضمن أداء العبد ما افترضه الله تعالى من عبادات، واستقرار العمل واستمرار الإنتاج وسلامته بطريقة وسطية لا إفراط فيها ولا تفريط.

عبادة الليل والتراويح 

وعن سر عبادة الليل وأهميتها لاسيما فى رمضان قال د.شوقى إن الله تعالى اختص ساعات الليل الأخيرة بكثرة النفحات الإلهية، ونسمات القرب المباركة التى تحيى القلوب، وتنعش الأرواح، وَوَعَد من يحييها بالرضوان من الله عزَّ وجلَّ وجزيل الثواب، سواء أحياها بالصلاة أم بالدعاء أم بالاستغفار أم بالصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم بالتسبيح، أم بأى نوع من أنواع العبادة والذكر، ولذلك ندب الشرع الحنيف إحياء الليل بالعبادة.

وهنا يوضح المفتى أن صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم، صلاها ليالى بالمسلمين ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك، وأرشدهم إلى صلاتها فى البيوت، وعندما انتقل إلى الرفيق الأعلى، وأفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد خلافة الصديق أبى بكر رضى الله عنهما، ورأى الناس فى المسجد يصلونها متفرقين، فهذا يصلى منفردًا، وهذا يصلى مع رجلين، وذاك مع أكثر، فقال عمر رضى الله عنه: لو جمعناهم على إمام واحد؟ فجمعهم على أُبى بن كعب وصاروا يصلونها جميعًا، واحتج على ذلك بقول النبى عليه الصلاة والسلام وعلى آله: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))، و((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))، واحتج أيضًا بفعل النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- فى تلك الليالى،وقال: «إن الوحى قد انقطع وزال الخوف من فرضيتها»، فصلاها المسلمون جماعة فى عهده صلى الله عليه وآله وسلم، ثم صلوها فى عهد عمر واستمروا على ذلك.

ولفت مفتى الجمهورية إلى أن التراويح هى جمع الترويحة؛ وقد سميت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع ركعات، وإن ما يقُال إن صلاة التراويح 8 ركعات فقط غير صحيح لأن الـ 8 ركعات بها ترويحتان فقط. وعليه الأفضل فى صلاة التراويح أن تكون أكثر مِن ثمانى ركعات، وهو ما ذهب إليه جمهور الأئمة والعلماء والمذاهب الفقهية على مر العصور.