الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراما تعكس الواقع المُر: «فاتن أمل حربى» يرصد معاناة المطلقات مع قانون الأحوال الشخصية

لم يكن مسلسل «فاتن أمل حربى» للفنانة نيللى كريم، الذى يتضمن فى ثناياه قضية مهمة من قضايا المرأة، وهى حضانة الأم المطلقة للأبناء فى حالة زواجها مرة أخرى، من نسج خيال المؤلف؛ حيث إن هناك العديد من السيدات اللاتى يواجهن نفس الصعوبات التى تواجهها بطلة العمل. ومن المبكر أن نتحدث عن القصة، والشخصيات والحبكة وغيرها، ولكن من المميز أن نرى فى رمضان مسلسلاً بشخصيات تشبهنا وتعيش ما نعيشه، ومن هنا نستعرض قصصًا مهمة لحالات مشابهة مرت بهذه التجربة، إليكم التفاصيل..



تقدم النجمة نيللى كريم هذا العام مع شريف سلامة وهالة صدقى وأحمد حاتم، مسلسل «فاتن أمل حربى»، من تأليف إبراهيم عيسى وإخراج محمد العدل، وتدور أحداثه فى إطار اجتماعى من خلال إطار درامى اجتماعى، حول مشكلة فاتن مع زوجها، والتى تقرر إنهاء زواجها بعد 10 سنوات، ظنًا منها أنها بذلك ستتخلص من المشاكل بينهما، لكنها تصطدم بالواقع لتجد نفسها أمام مشكلة أكبر وهى حضانة الأولاد، والتى يقررها قانون الأحوال الشخصية بحرمانها من ابنتيها حال تزوجها من شخص آخر، فتخوض بطلة العمل معركة اجتماعية بينها وبين القانون الجديد للأحوال الشخصية لتغييره، إذ تطلب حضانة المطلقة لأطفالها بعد الطلاق حتى ولو تزوجت بآخر، فيما تتصاعد الأحداث بشكل تشويقى 

المسلسل من تأليف الكاتب إبراهيم عيسى ويعتبر هذه هى تجربته الدرامية الأولى،  وإخراج ماندو العدل، ومن بطولة شريف سلامة، هالة صدقى،  فادية عبدالغنى،  خالد سرحان، ومحمد ثروت وعدد من الفنانين الآخرين.

 سيطرة واستعباد 

حالات كثيرة من السيدات يعانين من قانون الأحوال الشخصية حاولنا أن نرصد بعض هذه الحالات مواكبة مع عرض مسلسل «فاتن أمل حربى»، فمن خلال كلمات جاءت على لسان سيدة أمام محكمة الأسرة بأكتوبر، استطاعت أن ترد على دعوى إسقاط حضانتها المقامة من زوجها السابق؛ حيث قالت: عشت 12 سنة فى جحيم مع زوجى بسبب عنفه، وخيانته لى والتقليل من شأنى،  وعندما قررت الانفصال عنه رفض لأمكث طوال عامين فى المحاكم بحثًا عن الطلاق للضرر، ومنذ تلك اللحظة وزوجى السابق يلاحقنى رغم زواجه ويرفض أن يتركنى أعيش حياتى، وعندما وجدت الزوج المناسب ثار وخطف أطفالى وحرمنى من رؤيتهم.

وأضافت، أنه استغل خطبتها وتخطيطها للزواج كذريعة لطلب إسقاط حضانتها، رغم أنه متزوج من قبل، وخلال تلك المدة وبعد حصولها على الطلاق بشكل رسمى رفض الإنفاق على أطفاله، وكان يسأل عليهم مرة كل 3 أو 4 شهور، ولكنه ما أن علم برغبتها بالزواج ثار وقرر ملاحقتها لينتقم منها.

وأعربت عن استيائها، قائلة: طليقى يريد أن يستعبدنى، وعندما تمردت خطف أولادى وحرمنى منهم، وحرض شهود زور ليطعنوا فى شرفى، فى محاولة منه لإسقاط حضانتى، والوقيعة بينى وبين الشخص الذى تقدم للزواج منّى،  ولكن الله وفقنى وفشل مخططه بعد أن عوضنى برجل يثق دائمًا فى أخلاقى ويقف بجوارى حتى أسترد حضانة أطفالى.

 تهديد

وفى مأساة أخرى عاشت بها السيدة «حنان.م»، لعدة سنوات، لتقص أمام محكمة الأسرة بإمبابة تعرضها للعنف؛ حيث إن زوجها يهددها بنزع حضانة أطفالها إذا أقدمت على الزواج، بينما تزوج هو من أخرى وأنجب منها أطفالًا.

وتابعت: لم أرغب يومًا فى الزواج مرة أخرى بعد طلاقى،  نظرًا للتجربة السيئة والمأساة التى عشتها برفقة طليقى،  وجعلتنى أكره الرجال، بعد أن كنت على وشك الموت بين يديه فى إحدى المرات، وهو يضع السكين على رقبتى ويهدد بذبحى.

وأكدت: أن للأسف حتى أهلى لم يرحمونى، فكان شقيقى يلاحقنى  بفكرة الزواج وإلقاء الأولاد لأبيهم، ويقول لى «مش هنربى عيال حد»، حتى اضطررت إلى الهروب بسبب تعرضى إلى العنف الزوجى،  وللزواج مرة أخرى بعد أن وافق زوجى الأخير على تربية أطفالى كونه عقيمًا ولا ينجب. وأكملت كلامها قائلة: أنا أعيش الآن فى جحيم بسبب هاجس حرمانى من أطفالى، وعيشى مع أب مريض بتعاطى المواد المخدرة.

 عوائق وصعوبات

وتروى السيدة «صابرين. أ»، وهى مطلّقة وأم لطفلين، معاناتها بعد الطلاق، فتقول: حدثت مشكلات كثيرة بينى وبين زوجى،  وعند علمه بإقدامى على الزواج اختطف ابنى بالقوة، وهو طفل صغير لا يستطيع العيش من دونى، ولم يكتفِ بذلك، بل هدّدنى بخطف ابنتى أيضًا إذا استمررت فى هذه الزيجة، وأنا لا تزال سنّى صغيرة، وفى أعرافنا التى نعيش فيها لا يجوز لمطلّقة مثلى أن تبقى بلا زواج.

وتضيف، أن بقاءها أيضًا من دون زواج يجعلها مقيدة فى منزل عائلتها، بحيث لا تستطيع الخروج منه لأى سبب، حتى وإن كان للعمل طالما أنها مطلقة، وهى متأكدة من أن القانون لن ينصفها، وسيقضى بعدم جواز حضانتها لأبنائها إذا تزوجت.

 الشق القانونى

تنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص بأحكام النفقة وبعض أحكام الأحوال الشخصية المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، على أنه ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، ويخير القاضى الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن البقاء فى يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.

ومن أهم تعديلات قانون الأحوال الشخصية عام 2021، أن أصبحت حضانة الأب فى المرتبة الرابعة بعد أن كان فى المرتبة 16 وفقًا للترتيب التالى: (الأم - أم الأم - أم الأب - الأب - الأخوات بتقديم الشقيقة ثم الأخت لأم ثم الأخت لأب - الخالات بالترتيب المتقدم فى الأخوات، وهكذا إلى آخر الترتيب القانونى).

ووفقًا للقانون؛ فإن أولى الناس بحضانة الصغير أمه بالإجماع؛ لأنها أشفق وأقدر على الحضانة، فكان دفع الصغير إليها أفضل له، والشفقة لا تختلف باختلاف الدين، ويثبت للأم حق الحضانة حال قيام الزوجية وبعد الفرقة حتى يستغنى الولد عن خدمة النساء.

ويشترط القانون أيضًا أن تكون الحاضنة أمينة على المحضون لا يضيع الولد عندها، فإذا ثبت عدم أمانتها، تسقط عنها الحضانة فورًا، وتنتقل لمن يليها من الحاضنات من النساء، ومن أبرز حالات إسقاط حضانة الأم هى زواج الأم برجل آخر ويقع على طالب الإسقاط «الأب أو جدة الطفل» إثبات ذلك، بتقديم ما يثبت ذلك من أوراق، وبموجبه تسقط حضانة الأم. ليس هذا فقط ما حدده المشرع؛ بل إنه فى حالة طلاق الأم من الزوج الجديد لا تعود إليها الحضانة إلا فى عدة الطلاق البائن دون الرجعى.

على الجانب الآخر أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن الحضانة قائمة على مصلحة المحضون، وزواج الحاضنة بغير ذى رحم محرمٍ للمحضون لا يسقط بمجرده حضانتها ما لم يكن فى بقائها ضررٌ بمصلحة المحضون، وَمَرَدُّ الأمر فى ذلك إلى القاضى؛ فهو المُخَوَّل بالنظر فيما يتعلق بشأن الحضانة وما يترتب عليها؛ ليحكم بما يراه محققًا تلكَ المصلحة، وفى كل حالٍ لا يجوز شرعًا منعُ أى من الوالدين أو مَن يقوم مقامهما من رؤية المحضون، ولا إيغارُ صدر الطفل على أىّّ منهم بأىّ طريقةٍ كانت.

 حلول واقتراحات

اختتمت مؤسسة قضايا المرأة المصرية حملة «أحوالنا الشخصية» فى منتصف الشهر الماضى،  والتى استهدفت طرح مشروع القانون المقترح من قبل المؤسسة بعنوان «قانون أسرة أكثر عدالة»،وناقشت الحملة إشكاليات قانون الأحوال الشخصية الحالى فى الطلاق والحضانة والنفقة والاستضافة وغيرها، من المواضيع التى تؤرق الأسر المصرية فى المحاكم يوميًا. وكذلك طرح فلسفة مقترح قانون الأحوال الشخصية الذى أعدته المؤسّسة بالتشاور مع العديد من الفئات المعنية.

وتعمل المؤسسة منذ عام ٢٠٠٣ على الخروج بمقترح قانون أحوال شخصية أكثر عدالة لجميع أفراد الأسرة؛ حيث إنه من القوانين التى تلعب دورًا مهمًا وشديد الخطورة فى تحديد العلاقات الاجتماعية، باعتباره القانون الأكثر تأثيرًا فى الوحدة الأساسية للمجتمع متمثلة فى الأسرة، فهو الذى يحكم شئون الأسرة والعلاقة بين أطرافها، محددًا حقوق وواجبات كل من أفرادها وعلاقاتهم ببعضهم البعض، كما يضبط أمور الزواج والطلاق ورعاية الأطفال والأمور المالية سواء أثناء العلاقة الزوجية أو الناتجة عن الطلاق، ومن ناحية أخرى يكشف عن وضع المرأة فى التراتبية الاجتماعية والتى تمثل أوضاع شديدة الحساسية قد يعتبر مؤشرًا على مبادئ حقوق الإنسان المتعلقة بها.

وتبنت النائبة نشوى الديب مقترح المؤسسة، وتمكنت من الحصول على 60 توقيعًا من أعضاء وعضوات البرلمان؛ لإدخال المقترح إلى اللجنة التشريعية استعدادًا لمناقشته خلال الفترة المقبلة، وذلك لما للقانون من أهمية تؤثر على كل مناحى الحياة الخاصة بالمواطنين والمواطنات. وأكدت المؤسسة على أنها مستمرة فى تقديم مقترحات القوانين، وتقديم المساندة والدعم القانونى والاجتماعى والنفسى لكل الفئات المستهدفة.