الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. البعض يدفع ثلاث مرات.. رسوم النظافة..  خدمة يجب أن تؤدى!

مصر أولا.. البعض يدفع ثلاث مرات.. رسوم النظافة.. خدمة يجب أن تؤدى!

منذ ما يقرب من 17 عامًا.. صدر القانون رقم 10 لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1967 بشأن مسألة النظافة العامة. وأذكر أن العديد من الشركات قد أبرمت حينها العقود مع المحافظات، ومنها شركات أجنبية فى القاهرة والجيزة بهدف جمع القمامة من المنازل وتنظيف الشوارع. 



يذكر، أنه قبل صدور ذلك القانون.. كانت غالبية المنازل.. تعتمد على جامع القمامة «الزبال» الذى يمر فجرًا سواء يوميًا أو كل يومين لرفع أكياس القمامة من أمام باب الشقق السكنية نظير مبلغ شهرى. ووضعت بعض العقارات الحديثة نظامًا من خلال قيام بواب العقار بجمع القمامة فى صندوق كبير خاص بالعقار ككل، وتسليمها لجامع القمامة. وقام البعض برمى قمامة منزله بنفسه من خلال تركها فى الشارع، وما ترتب على ذلك من وجود أكوام من القمامة فى العديد من الشوارع بسبب عدم توافر أماكن وصناديق مخصصة لذلك فى الشوارع.

نص القانون المذكور على إلزام شاغلى العقارات المبنية والأرض الفضاء المستغلة فى المحافظات بدفع رسوم شهرية بحد أقصى 10 جنيهات للوحدات السكنية فى عواصم المحافظات والمدن ذات الطبيعة الخاصة. أما الوحدات السكنية التى تقع فى غير  عواصم المحافظات.. نص القانون على أن تتراوح رسومها بين 1 إلى 4 جنيهات، ومن 10 إلى 30 جنيها للمحلات التجارية والصناعية. وتعفى دور العبادة من دفع هذه الرسوم.

لم تنجح التجربة، وترتب على ذلك.. عودة جامعى القمامة مرة أخرى سواء لسوء خدمة تلك الشركات أو بسبب عدم توافر صناديق لها.. خاصة فى الشوارع الصغيرة. ولقد لجأ العديد من المواطنين لجامعى القمامة بعد أن تراكمت القمامة والمخلفات على نواصى الشوارع الصغيرة بوجه خاص، وما ترتب على ذلك من انتشار الروائح الكريهة وزيادة نسبة انتشار الذباب والحشرات التى تنقل عدة أمراض مختلفة.

وللأسف الشديد، سرعان ما تم فسخ العقود المبرمة، وبدأت المعاناة وتراكم أكوام القمامة بعد فشل التجربة. ومع ملاحظة أنه رغم ما سبق.. فقد ظل تحصيل الرسوم مستمر دون تقديم خدمة حقيقية.

ومرورًا بتطورات كثيرة، أصدر د. مصطفى مدبولى «رئيس الوزراء» مؤخرًا القرار رقم 722 لسنة 2022 باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم إدارة المخلفات الصادر بالقانون رقم 202 لسنة 2020. والذى نص على أن تتراوح رسوم النظافة على الوحدة السكنية بين 2 و40 جنيها شهريًا، وعلى المحال التجارية والعيادات والصيدليات والأكشاك بين 30 و100 جنيه شهريًا.

القانون الجديد المعروف باسم «قانون تنظيم إدارة المخلفات» هو القانون المسئول عنه وزارة البيئة بالدرجة الأولى.. بالتعاون مع هيئة المجتمعات العمرانية والإدارات المحلية بالمحافظات. ووزارة الكهرباء مهمتها التحصيل فقط، وتوريد الرسوم المحصلة على فاتورة الكهرباء للمحليات لكونها المنوط بها الإنفاق على أعمال النظافة.  

أعتقد أنه ضمن أهم مميزات هذا القانون أنه ينظم قواعد التخلص من المخلفات بدقة خاصة المخلفات الصلبة لخطورتها على حياة الإنسان والحفاظ على البيئة. كما أنه ينظم منظومة إعادة تدوير المخلفات والاستفادة منها على عدة مستويات سواء مخلفات الأغذية لاستخدامها كسماد عضوى، أو المخلفات الصلبة لاستخدامها فى صناعات بديلة، وهو الأمر الذى من شأنه توفير فرص عمل عديدة ودعم العديد من المهن اليدوية، وفتح أسواق جديدة، وهو الأمر الذى ينتج عنه حفاظ على البيئة من جهة، وعدم نشر فوضى المخلفات سواء داخل المدن أو خارجها من جهة أخرى. وهو ما يحتاج قطعًا إلى تجهيزات لوجستية ضخمة للتنفيذ.

أود أن أشيد هنا بالدقة فى التعريفات التى جاءت باللائحة التنفيذية.. والشمول الذى تضمن تدقيق لأنواع المخلفات الزراعية والصناعية والخطرة والصلبة والطبية، فضلًا عن مخلفات الهدم والبناء التى تمثل أكثر الصور بشاعة بإلقائها فى الشوارع العامة. 

كما أحسنت اللائحة بالنص على إعفاءات ضريبية وجمركية لكل مستثمر يقيم مشروعًا لإعادة تدوير الأكياس البلاستيكية دون الإخلال بالمواصفات الفنية، ولكل مستثمر يقيم مشروعًا لتصنيع الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل الحيوى. 

كما وجهت اللائحة دعوة لمنظمات المجتمع المدنى لتقديم مقترحات لتنفيذ أنشطة للإدارة المتكاملة للمخلفات. 

مسألة تحصيل رسوم النظافة طبقًا للقانون الجديد.. تحتاج إلى الإجابة على بعض التساؤلات على غرار:

فيما يخص تحديد قيمة الرسوم..

هل معيار شرائح استهلاك الكهرباء.. تعتبر القاعدة الوحيدة الدقيقة لتحديد رسوم النظافة بدقة؟ خاصة أن غالبية المنازل أصبح بها تكييف واحد على الأقل بسبب ارتفاع درجات الحرارة صيفًا بشكل ملحوظ، وهو طقس يؤثر بشكل كبير على العديد من الحالات الصحية المرتبطة بالتنفس ونسبة الرطوبة، فضلًا عن الأطفال وكبار  السن..

إذا كان المعيار السابق هو الفيصل.. فلماذا التباين فى تحديد قيمة الرسوم بين محافظة وأخرى وبين منطقة وأخرى فى المحافظة نفسها.. من خلال هذا التفاوت بين 2 إلى 40 ج؟

هل يتضمن إعفاء دور العبادة.. الكنائس والمساجد أم تتضمن أيضًا مبان الخدمات الملحقة بهما، والتى يتم إداراتها بشكل تجارى على غرار: دور الحضانة والمستوصفات وقاعات الأفراح والعزاء..؟

وفيما يخص اللوجستيات..

هل تم توفير البنية التحتية التى يمكن أن تستوعب هذا الكم الضخم من القمامة والمخلفات يوميًا من خلال نظام الفصل من المنبع؟ وهل تم توفير تجهيزات التشغيل سواء السيارات المجهزة لذلك أو المدافن الصحية على مستوى الوحدات المحلية بوجه خاص فى القرى والنجوع؟ وهل سيكون ضمن نطاق عملها نظافة الشوارع أم لا؟ ما هى ضمانات إلزام شركات النظافة المتعاقد معها على أخذ القمامة من المنازل مقابل الرسوم/ الأجر الذى سيضاف على فاتورة الكهرباء الشهرية؟ وكيف سنتفادى أخطاء ما حدث مع الشركات سنة 2005؟ 

كيف ستتعامل تلك الشركات مع بعض الشوارع الفرعية التى لا يدخلها كناسين الشوارع من الأصل، وربما لا تسمح بدخول سيارات تحميل القمامة بسبب ضيقها؟ 

وفيما يخص التنفيذ..

ما هى القواعد والإجراءات القانونية التى تدعم تنفيذ هذا القانون.. ومنع جامعى القمامة «الزبالين» من عرقلة سير عمل تلك الشركات؟  

الإجابة على التساؤلات السابقة.. من شأنها التوضيح والتأكيد على ضمان سير منظومة النظافة كما نطمح إليها من جانب، وللحفاظ على حق المواطن المصرى فى عدم دفع رسوم النظافة للدولة مرة، ولجامعى القمامة مرة ثانية، وفى حالة وجود وديعة للصيانة والنظافة مرة الثالثة من جانب آخر.

وهو ما سيضمن أيضًا، التخلص الآمن من القمامة والمخلفات وفقًا للمعايير الدولية الخاصة بالحفاظ على البيئة وصحة الإنسان. وما يترتب على ذلك من اتخاذ إجراءات قانونية صارمة وملزمة عن مخالفة الشركات لبنود التعاقد عند حدوث أى مخالفة أو تراخى فى عملية الجمع اليومية للقمامة.

نقطة ومن أول السطر..

القانون الجديد هو بداية حقيقية لحسم قضية جمع القمامة والمخلفات ومعالجتها والتخلص منها. ويظل نجاح هذا القانون مرتكز على قوة تنفيذه، ومتابعة أداء شركات النظافة وتقييمها ومحاسبتها.

تنفيذ هذا القانون بدقة من شأنه.. تغيير سلوك المواطن المصرى فى التعامل مع قضية تمثل صورة حضارية مستقبلية متميزة.