الأحد 23 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. شحاذون ونبلاء

الحقيقة مبدأ.. شحاذون ونبلاء

هل كتب على الشعوب أن تعيش بين طبقتين ودون حق الاختيار.. إما أن يكونوا شحاذين أو من طبقة النبلاء!!



ومن صاحب القرار فى ذلك - الشعوب أم من نصبوا أنفسهم كنبلاء على شعوب العالم ومقدراته فيمنون ويمنعون؟ سؤال يدور في عقلى كما يدور فى عقول المليارات من أبناء دول العالم الثالث التى فرض عليها تسيد المنتصرين فى الحرب العالمية الثانية.. ودفع العالم دفعًا للانضواء تحت رايات مزعومة للاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتى السابق أو السير فى ركب ليبرالية مزيفة بقيادة أمريكا وديمقراطية ملوثة بقيادة إنجلترا!!

 

وكلما حاولنا التحرر من هذه القيود، خاصة بعد التفكك السوفياتي. كادت بريطانيا لنا بالتدبير والتفكير، وضربت أمريكا على أيدينا بالسلاح والتكفير والتفجير. وتعود الكرة مرة أخرى بحلم موسكو القديم ببسط النفوذ وإعادة بناء الإمبراطورية، إلا أن بريطانيا التى تنسى ثأرها ولا يسقط بالتقادم، وأمريكا التواقة دائمًا لاستعراض القوة لن يسمحا بعالم تتجدد فيه الأقطاب.. وبالعودة للوراء قليلًا ستجد أن أزمة موسكو ولندن بدأت فى 2014، مع ضم شبه جزيرة القرم، ثم تطورت فى 2018 بتسميم «سيرجى ويوليا سكاريبال» عملاء روس فى لندن، واتهام روسيا بمحاولة الاغتيال، وما يتبع ذلك من أزمات دبلوماسية، وفى 2021 دخول سفينة بريطانية لعمق المياه الروسية، قرب سواحل القرم، وإطلاق روسيا قذائف التحذير حولها والتهديد بالقصف حال التكرار!! أما أمريكا فهى المنفذ الشرس لما يدور فى العقل البريطانى الذى يصر على إحكام قبضته على مناطق نفوذه القديمة.. فتندفع أمريكا فورًا للتصدى العسكرى فى أفغانستان متناسية ما حدث لها فى فيتنام وبعدها للتصدى العسكرى فى العراق، وأخيرًا تنزلق فى حرب تصريحات الأزمة الأوكرانية.. إن المشهد الأوكرانى ينوه إلى وجهين لتلك الحرب الدائرة هناك، ذلك من خلال تعارض بين وجهتى نظر للحرب الدائرة التى اندلعت بين طرفى الأزمة. الجانب الروسى والأوكرانى الذى يطمح للانضمام إلى حلف الناتو والمدعوم من دول غرب الناتو وأمريكا.. أراد الرئيس بايدن أن يثبت أمام الرأى العام العالمى أن أمريكا ما زالت قوة كبرى رادعة تستطيع أن تسيطر على مقدرات الدولة، ذلك بحشد رأى عام محتكر للحقيقة، هذا مع ممارسة الحد الأقصى من الضغوط لشيطنة الطرف الروسى ووصفه بإمبراطورية الشر وأنه أجمل كل الشرور، يعتدى ويغزو ويردع الدول دون سبب أو داع، أما الجانب الروسى فيصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها إمبراطورية الكذب، احتكرت أمريكا وحلفاؤها التحدث باسم الحقيقة مع ممارسة الحد الأقصى من الضغوط، ذلك باستخدام كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، الحقيقية والمصطنعة، قامت الولايات المتحدة بحجب وسائل الإعلام الروسية مثل وكالة الأخبار الروسية «سبوتنيك» وقناة RT الروسية وأوقفت بثهما، ومنعتهما من الوصول إلى المشاهد الأوروبى والأمريكى، وهو أمر مرفوض ومخالف تمامًا لأبسط قواعد حرية الصحافة والإعلام والتفكير التى تنص عليها الدساتير وكافة التقاليد الغربية، المدعية بأنها حامى الحقوق والحريات. استباحت أمريكا وحلفاؤها الغربيون كل المحرمات لإدارة الأزمة الأوكرانية. أما الجانب الروسى فيرى أن ما فعله مع أوكرانيا ما هو إلا حق مشروع للدفاع عن حدوده المباشرة مع أوكرانيا، ذلك بعد أن أرادت أمريكا نفى الحصر الروسى وعدم تفعيل بروتوكول مينسك عام 2015 الذى ينص على عدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلنطى، كما طالبت روسيا بتجميد قانون «كاتسا» الذى صدر عن الولايات المتحدة عام 2018 الذى ينص بتوقيع عقوبات على كل من يبتاع سلاحًا أو وسائل قتالية من روسيا وكوبا وكوريا الشمالية وإيران.

يقف العالم الآن منتظرًا ما تسفر عنه المبارزة الساخنة بين دول الغرب المسماة بالعالم الحر من جانب، وما تبقى من دول الشرق متمثلًا فى روسيا، المترقبة للتواجد الغربى المتزايد فى أملاكها الضائعة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، وانضمام بعض دوله إلى التحالف الغربي.

السلوك الأمريكى السيئ والشاذ والمهيمن لروسيا وموقفهم من الحرب فى أوكرانيا ليس دفاعًا عن مبادئ الحرية والديمقراطية، إنما هو دفاع عن مصالح أمريكا والغرب فى الحفاظ على النظام الدولى القائم والذى ما زال يعطيهم مكاسب أكثر مما يستحقون. فى هذا العالم المتغير بسرعة، نجد أن قضية أوكرانيا كشفت عن أن هيكل النظام الدولى الذى بنته الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية والذى يخدم مصالحها هى وحلفاؤها الغربيون بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، حيث التباين فى المواقف داخل ذلك التحالف كان شديد الوضوح فى الأزمة الأوكرانية، وجاء هذا واضحًا فى رد الفعل الألمانى تجاه الأزمة، حيث جاء الرد آخر الملتحقين بالموقف الغربى، كما ظلت ألمانيا لليوم للتوصل لحل دبلوماسى عبر المفاوضات، إلا أن الولايات المتحدة وحلف الأطلنطى رفضا الضمانات الأمنية التى طلبتها روسيا. أما العقوبات التى لوحت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ومحاولة خنق روسيا، صارت «كارت محروق» بالنسبة لروسيا، وجاء الرد الروسى عن طريق الخارجية الروسية التى أعربت عن أن هذه العقوبات لن تثنيها عما عزمت عليه، وإنها أمة تتمتع بالقوة والصلابة، وأن تلك العقوبات لا تعنيها على الإطلاق، لأنها أمة قوية قادرة على تجاوز هذه التفاهات، وإنها ستستمر فيما بدأت فيه حتى تستقيم الأمور بما تراه وترضى عنه. ومسألة العقوبات غير مجدية لأنها لا تثنى الشعوب عن المضى فى تحقيق أهدافها، بل تعلمها الصبر وتدفع بها للمزيد من الإصرار والتحدى والصمود أمام أى عقوبات. وهو ما حدث فى كوريا الشمالية على سبيل المثال، التى لم تمنعها العقوبات عن الاستمرار فى تجاربها الصاروخية والنووية بل زادتها أيضًا بتصميمها على تدعيم ترسانتها وجعلت من فرضوا عليها هذه العقوبات هم الذين يطرقون أبوابها ويدعونها للتحاور مثلما فعل الرئيس الأمريكى السابق، وكذلك حدث مع إيران. إن الدب الروسى قد استفاد من درس ضم شبه جزيرة القرم.

كلمة أخيرة: يتهمون الرئيس بوتين بأنه انتهك القانون الدولى ودمر أفضل مسار تفاوضى، والمعني اتفاقيتي مينسك، ويتناسون بأنهم هم من انتهكوا جميع الاتفاقيات، ذلك بمحاولات تجييش أوكرانيا لتقف أمام الدب الروسى، كما أن أوكرانيا هى من رفضت اتفاقيتى مينسك وقام الممثل زيلنسكى الذى يترأس أوكرانيا بالاستعانة بالمقاتلين المرتزقة الأجانب من دول الاتحاد الأوروبى لكى يحاربوا معه ضد روسيا، كما سمح بنشر صواريخ هجومية بالقرب من الحدود الروسية وهى الإجراءات التى نسفت تمامًا اتفاقيتى مينسك، مسألة ضم أوكرانيا لحلف الناتو ما هي إلا تهديد مباشر للروس، يصل إلى جسدها ووجودها أى بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت.

إن العالم لن يكون أقوى أبدًا بعد انتهاء هذه الحرب، كما يدعى بايدن، ذلك لأن هذه الحرب قد لاتنتهى من الأساس إلا بتدمير العالم، ذلك عندما ييأس الروس من تحقيق النصر، وربما حفاظًا على هيبتهم، وهذا ما نوه عنه بوتين. الفزع من استعمال الأسلحة النووية.

.. تحيا مصر.