الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نصف قرن من الأحداث والكواليس وحكايات العمر كله

«من هو سمير صبرى؟» لم يكن هذا سؤالا تهكميا لا سمح الله.. لكنه كان السؤال الأول الذى دار فى رأسى عندما أمسكت بمذكراته «حكايات العمر كله» فى طبعتها الرابعة.. 



بالطبع كلنا نعرف اسم وصورة النجم الكبير «سمير صبرى».. ورغم أننى أنتمى لجيل جديد فإننى أعرفه كأحد وجوه ونجوم «زمن الفن الجميل» وأفلام الأبيض والأسود.. أتذكر دوره فى «اللص والكلاب» و«المذنبون» و«أبى فوق الشجرة» وغيرها من الأفلام الكثيرة التى شارك فيها.. تابعت أيضا بعض حواراته مع نجوم المجتمع مما واصلت إذاعته «ماسبيرو زمان».. لكن هل معرفتى باسمه وشكله تعنى أننى أعرفه فعلا؟!

 

إجابتى القاطعة بعد قراءة مذكرات/ حكايات سمير صبري، أننى لم أكن أعرفه على الإطلاق.. انتهيت من صفحات الكتاب وأنا أشعر أننى جلست مع جدى جلسة طويلة ليحكى لى كل ما فاتني.. كل ما لم تدركه عينى ولم أعشه أو أعاصره.

.. ربما كان ذلك الشعور مرتبطا بفارق السن والخبرة والحياة.. لكننى أظنه سيكون كاشفا بالقدر نفسه لمن عاشوا هذه الفترة لكن لم يعرفوا  «سمير صبرى».. هم لا يقدمون كتابًا لصديقهم فقط ولكنهم يقدمون رحلتهم وجزءا من تاريخهم الشخصى معه..  لذلك يمكن أن يكون احتفاء مجلة «روزاليوسف» بالنجم الكبير فرصة لى ولكم للتعرف عليه وعلى أنفسنا فى نفس الوقت.

 حكايات عمر «سمير صبري» تشاركت فيها أعمار كثيرة وحيوات متداخلة، تقدم بتشابكها معا بانوراما لتاريخنا الفنى والإعلامى فى مصر منذ عصر «جمال عبدالناصر» وإلى الآن.. يحكى الحياة كما عاشها وكان شاهدا على بعض فصولها لذلك فالعلاقة وثيقة بين الفن والسياسة فى حياة الكثير من النجوم التى تناول حكاياته معهم مثل: «أم كلثوم وعمر الشريف وداليدا وإليزابيث تايلور وفاتن حمامة ومحمد فوزى وشادية وهند رستم وصباح وفريد الأطرش وعادل إمام والمطربة وردة وبليغ حمدى وميرفت أمين». ما عاشه من حكايات كانت بالنسبة لنا أسرارًا عن كواليس الحياة الفنية والسياسية خلال رحلة تجاوزت نصف قرن.. كما شمل ملحقًا للصور توثق هذه الرحلة. لا يقدم «صبري» فى هذا الكتاب مذكرات شخصية أو يروى سيرة ذاتية بقدر ما يقدم شهادة على العصر والزمن الجميل الذى عاشه وعاصر فيه العديد من نجوم العصر الذهبى لحركة الفن المصرى وأيضا نجوم الثقافة والسياسة الذين تركوا بصمة كبيرة.

 كما تكشف شهادته وحكاياته الكثير من المواقف والأسرار التى عاشها وشهدها واطلع عليها أثناء لقاءاته وتحاوره وعمله مع عمالقة الفن أمثال «محمد عبد الوهاب - عبدالحليم حافظ - أم كلثوم - فاتن حمامة - شادية - تحية كاريوكا - محمد فوزي - إليزابيث تايلور- هند رستم- كمال الشناوي- عادل إمام- داليدا»... ومن نجوم الإعلام والثقافة «توفيق الحكيم- مصطفى وعلى أمين- محمد عبد القادر حاتم- جلال معوض- نجيب محفوظ- ليلى رستم- سلمى الشماع- إحسان عبد القدوس» ومن السياسيين : «الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والإمام موسى الصدر والبابا شنودة وفؤاد سراج الدين».. ويكشف عن مدى تأثره بهذه الشخصيات الكبيرة وما تعلمه منهم.. والجوانب الإنسانية التى لمسها فى شخصياتهم.

نجده يؤكد قصة زواج سيدة الغناء العربى «أم كلثوم» من الملحن الراحل «محمود الشريف»، وكيف أصبحت خطّا أحمر عند «مصطفى أمين»، كما يكشف الأسباب التى دفعت «عبد الحليم حافظ» للتراجع عن قراره بالزواج من الفنانة «سعاد حسني» بعد أن شاهد صورتها مع ممثل عالمى كانت تؤدى أمامه دورًا سينمائيّا، ما أثار غيرة العندليب الأسمر. كما ينفى أيضا قصة انتحار «سعاد حسني» فى لندن، ويسرد تفاصيل أيامها الأخيرة.

ويدخلنا أيضا إلى  كواليس قصة خروج أول برنامج تليفزيونى قدمه إلى النور «النادى الدولي» فى الستينيات، واستضافة أبرز الشخصيات العربية والمصرية منهم: «السلطان قابوس» حاكم سلطنة عمان الراحل و «الشيخ زايد آل نهيان» مؤسس الإمارات العربية المتحدة الراحل، وكذلك الكاتب «توفيق الحكيم» الذى ظهر على شاشة التليفزيون فى إطلالة وحيدة مع «سمير صبري» الذى انفرد كذلك بآخر لقاء أجراه «الإمام موسى الصدر». كما يشرح الأسباب الحقيقية التى أدت لتوقف برنامجه الشهير بأمر مباشر من الرئيس «السادات»، ومدى صحة علاقة الفنانة «فيفى عبده» بهذا القرار الذى غيبه عن الشاشة قبل أن يعود للظهور مرة أخرى فى عصر «مبارك» فى برنامج «هذا المساء».

ولأن شخصية «سمير صبري» تتقاطع بشكل أساسى مع دائرتى الفن والإعلام، فإن مذكراته عرضت كواليس مجتمع الممثلين والسينمائيين والمطربين والموسيقيين والمتصلين بالفن، ومجتمع الإعلاميين وضيوف البرامج التليفزيونية الكبرى التى كان يقدمها من الشخصيات العامة، المصرية والعربية والأجنبية فى مجالات متنوعة.

يقدم صبرى كتابه قائلا: «لا أعرف ما إذا كان هو القدر أم الحظ أم الاثنين معا هما من رسما حياتى وحققا أمنياتي.. أعتقد أن القدر كان فى مصلحتى منذ البداية بل رسم لى القدر طريق تحقيق حلم حياتى بأن أكون فنانا».

 طريق مفروش بالصُدف

يركز الكتاب على سنوات نشأته وتكوينه فى مدينة الإسكندرية، معتبرًا أن الطابع التعددى للمدينة ساعد على إبراز مواهبه وتأهيله ثقافيّا للانخراط فى الحياة الفنية بعد ذلك، لافتا إلى دور عائلته التى أتاحت له تعليمًا متميزًا فى كلية فيكتوريا التى تخرج منها أسماء بارزة منها «الملك حسين» عاهل الأردن الراحل والفنانون «عمر الشريف وأحمد رمزى ويوسف شاهين»، وخلال سنوات التكوين هيأت العائلة أمامه مكتبة زاخرة بمختلف المؤلفات فى كافة مجالات العلم والأدب.

يحكى الفنان الكبير كيف تعامل مع انفصال والديه وانتقاله مع والده للقاهرة والمصادفات التى أدخلته إلى عالم الفن والإعلام والشخصيات التى تعلم منها وأثرت فيه فى بداية مشواره الفنى والإعلامي. موضحا أن التجارب التى غيرت حياته كانت نتيجة لمصادفات، فقد جاء للقاهرة بعد مصادفة انتقال والده للعمل فيها بدلًا من الإسكندرية بعد الانفصال عن والدته، وبسبب مصادفة تواجده فى كواليس حفل افتتاح مهرجان التليفزيون الدولى الأول تقدم ليلعب دور المذيع بعد أن تسببت «ليلى رستم» فى أزمة كادت تؤدى لانسحاب نجوم الحفل لكنه أنقذ الموقف ووصفته الصحافة بـ «صانع البهجة» الذى لمع ليلة افتتاح المهرجان رغم أنه كان آنذاك لايزال طالبًا فى السنة الأولى بآداب الإسكندرية. 

بسبب صدفة أخرى طلبت منه «لبنى عبد العزيز» أن يمثل فى فيلم «اللص والكلاب» مع المخرج «كمال الشيخ» الذى شجعه على تكرار التجربة مؤكدا أنه أمام «ممثل رائع».

ولا ينسى أيضا أن يذكر الأدوار التى لعبتها أسماء مهمة فى دعم مسيرته ووقفت عند ظهور كمذيع لأول مرة وأولها وزير الإعلام المصرى الراحل «د.عبد القادر حاتم» المعروف بأبو الإعلام المصرى والإعلامية الرائدة «آمال فهمي» والإعلامى الراحل «جلال معوض»، إضافة إلى السيدة «ليلى رستم» أشهر مذيعات التليفزيون المصرى عند تأسيسه. ويشيد «صبري» بدور المخرج «حسن الإمام» فى حياته حيث أسند إليه أول بطولة سينمائية ومكنه من تجاوز الأدوار الصغيرة كما يوضح صورا من الدعم الذى وجده من الأخوين «على ومصطفى أمين».

 حكاية زواجه «فى السر»

يعترف «صبري» بأنه أحب  3 فنانات لم يصرح بأسمائهن فى الكتاب، ويروى لأول مرة أسباب إخفاء خبر زواجه وحقيقة وجود ابن له يعيش فى إنجلترا وينشر صورًا لأفراد أسرته، ويؤكد أنه ظل لسنوات طويلة نادما على عدم احتفاظه بهذا الحب الذى يرى أنه كان الحب الأكبر فى حياته لهذه الزوجة الجميلة والذى ضاع منه لأن نداهة الفن سرقت حياته من كل شيء آخر.

وبتقليب صفحات الكتاب سرقتنا نحن نداهة الفضول لنتعرف عن جوانب خفية من العصر الذهبى لحركة الفن المصرى  بحكاياته وذكرياته والكثير من الأسرار التى عاشها أو كان شاهدا عليها لزمن الفن الجميل.

 خداع العندليب الأسمر 

يعترف «صبري» بأنه خدع العندليب فى اللقاءات الأولى، وزعم أنه صبى إنجليزى اسمه  «بيتر» يسكن مع عائلته فى نفس البناية! ويقول الفنان والإعلامى المعروف أن «عبد الحليم» ظل معتقدًا فى صحة هذا الزعم واستجاب لمطلبه فى المشاركة فى تصوير فيلم «حكاية حب»، حيث ظهر لأول مرة بين الكومبارس الذين يظهرون فى أغنية «بحلم بيك» مع الإعلامية «آمال فهمي»، وبفضل «عبد الحليم حافظ» أيضًا تعرف على الفنانة «لبنى عبد العزيز» وشارك فى برنامجها الإذاعى «ركن الأطفال»، وبدأت منه رحلته مع الإذاعة.

كما يروى كيف كان «عبد الحليم حافظ» يذهب الى أى مسرح قبل يوم واحد من حفلته التى سيقدمها عليه ويتأمل المسرح خاليا من الجمهور بحثا عن الونس فى المكان الذى سيغنى فيه.. ويحكى كيف تعلم من «حليم» أن زواج الفنان بفنه يظل زواجا كاثوليكيا.. ويكشف كيف أدت «غيرة» عبد الحليم الشديدة إلى فشل زواجه من «سعاد حسني».. وينفى قصة انتحار «سعاد حسني» فى لندن مستعرضا تفاصيل أيامها الأخيرة.. ويوضح لماذا ظلت قصص زواج «أم كلثوم» من الملحن الراحل «محمود الشريف» بمثابة خط أحمر فى الصحافة.. وكيف كان «عبد الوهاب» يبدأ يومه باتصالات مع رؤساء تحرير الصحف اليومية الكبرى ليعرف منهم أخبار العالم المعجبين بفنه.. فضلا عن ذكائه فى تسويق نفسه وفنه.

أما عن غيرة «عبد الحليم حافظ» على «سعاد حسني»، فيحكى أنه كان يقود سيارته ليلًا بجنون بحثًا عنها فى أماكن السهرات والتجمعات التى يحتمل أن تكون فيها ليلقى نظرة عليها. 

يطلعنا أيضا على سر أغنية «عبد الوهاب» بعدما قالت له والدته «بلاش تبوسنى فى عينيّ» عندما قبّلها، فتولدت فكرة الأغنية الشهيرة، وأن «أم كلثوم» تمنت لو لم تكن مطربة أن تكون «حارس مرمى الأهلي»، لأن المدافع عن المرمى هو المدافع عن الأرض، والعرض، والشرف، والبلد، وما إلى ذلك من أمور متداولة بكثرة منذ سنوات. 

ربما استولت حكايات المجتمع الفنى على الجزء الأكبر من المذكرات، لكن الكتاب يقدم جزءا كبيرا من حكايات وأسرار شخصيات غير فنية، من القادة والزعماء والعلماء والسياسيين والأدباء والمثقفين والرياضيين والصحفيين والإعلاميين، الذين حلوا ضيوفًا على البرامج التليفزيونية التى كان يقدمها «سمير صبري»، وتعرف إليهم عن قرب، ودارت بينه وبينهم أحاديث خاصة، ونشأت علاقات سمحت له بمعرفة شئونهم الشخصية، كما لم يُتح لآخرين.

 السلطان قابوس وموسى الصدر

يحكى عن «السلطان قابوس» فى حوار خاص بينهما فى أولى زياراته لمصر فى مطلع السبعينيات، عقب توليه الحكم فى عُمان، حيث تطرق الحديث الودى بينهما إلى عوالم الثقافة والأدب والفن، فحكى «قابوس» عن عشقه المسرح البريطاني، وافتتانه بحرفية «شكسبير» الدرامية فى (عطيل ويوليوس قيصر)، ورفضه صفة التردد فى شخصية «هاملت» وعدم القدرة على أخذ قرارات حاسمة، وعلاقته بآلة العود الموسيقية التى تعبر عن الإحساس الشرقى والرومانسية، والتى يعزف السلطان على أوتارها فى وقت فراغه. وقدّم «سمير صبري» جوانب غير معروفة لكثيرين من الشخصيات العامة، منهم: «الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان» أول رئيس للإمارات، «الملكة فريدة» زوجة «الملك فاروق»، السياسى اللبنانى «موسى الصدر، عبد القادر حاتم أبو الإعلام المصري، توفيق الحكيم، مصطفى أمين، الإذاعى أحمد سعيد، البابا شنودة، أسامة أنور عكاشة، أحمد زويل»، وغيرهم. 

وبعد حديث جمعهما حول الحرب الأهلية فى لبنان، والعنصرية فى العالم، وعشقه الشعر العربى القديم، وتفاصيل أخرى كثيرة، حكى «سمير صبري» فى مذكراته أن الحلقة التليفزيونية التى سجّلها مع السياسى اللبنانى «موسى الصدر» قد أذيعت  فى العام 1978، وهو اليوم ذاته الذى رحل فيه «الصدر» إلى ليبيا مع مرافقيه بدعوة من الرئيس «معمر القذافي»، وانتهت تلك الرحلة باختفائهم الغرائبي، فكانت تسجيلات «الصدر» للتليفزيون المصرى هى آخر كلماته.

 أحمد سعيد وأزمة صوت العرب

وتكشف المذكرات الكثير بخصوص الإذاعى «أحمد سعيد»، الذى اقترن صوته بإذاعة البيانات العسكرية المغلوطة عبر «صوت العرب» فى أثناء حرب يونيو 1967، ويحكى أنه اعترف بالخطأ فى المبالغة فى الانتصارات الوهمية خلال الأيام الأولى للحرب، لكنه قال: «لم أكن أقدر أن أرفض إذاعة البيانات العسكرية، أو أقول إنها بيانات كاذبة. لقد كنت أنفذ أوامر القيادة، لا أستطيع أن أكون فى وادٍ، والدولة فى وادٍ آخر. وأعتقد أن الإذاعة كان عليها دور فى الحفاظ على نوع من التماسك للجماهير، ومع ذلك، فلا أنكر أن الهزيمة وراء استقالتى أو بالأحرى دفعى للاستقالة».

 حديث نادر لتوفيق الحكيم

 من كواليس التسجيل التليفزيونى الوحيد لـ«توفيق الحكيم»، الذى تم إجراؤه على طريقة «الكاميرا الخفية» لرفض «الحكيم» التصوير والحديث، استرجع «سمير صبري» أمورًا طريفة حول شخصية «عدو المرأة»، منها قوله الاعترافي: «أنت صدقت إنى عدو المرأة؟! هو فيه حد عاقل ممكن يبقى عدو المرأة؟ أنا جعلت الستات يعتقدن بأنى عدو المرأة حتى أستفزهن، ويحاولن الاقتراب من عدوهنّ أكثر ليغيّرن تفكيره. وأنا ماشى فى الحكاية دى، وأتلقى مئات الرسائل من جميلات مصر، بتكرهنا ليه يا توفيق؟ إحنا عملنالك إيه يا توفيق؟! ده حتى كان فيه واحدة حلوة قوى جاتلى المكتب، وعرضت عليّ الزواج، وهى تقول: هاخلّيك تغيّر رأيك فى المرأة، اتجوزنى ولو شهر واحد بس. شفت بقى حكاية عدو المرأة دى عملتلى إيه؟!».

 أول لقاء يجمع توأم الصحافة (مصطفى وعلى أمين)

يقول «سمير صبري»: «الحكاية بدأت ذات صباح حينما قرأت خبرا فى الصفحة الأولى .. الرئيس السادات يفرج عن الكاتب الكبير مصطفى أمين بعد عشر سنوات قضاها فى السجن . سارعت بالاتصال بوزير الإعلام فى ذلك الوقت الدكتور عبد القادر حاتم وسألته ممكن أصور الأستاذ مصطفى أمين الذى خرج أمس من السجن؟.. قال: مافيش مانع طبعا بس بلاش تخش فى تفاصيل سجنه.

ويحكى عن كواليس الحوار وتفاصيل اللقاء الأول مع توأم الصحافة:

«ساعة بالضبط كنت فى الزمالك ومعى سيارة التليفزيون أبحث عن منزل الكاتب الكبير إلى أن عثرت عليه وصعدت إلى الطابق الرابع وفتح لى الخادم الباب بعد أن ضربت الجرس.. الخادم رجل نوبى كبير فى السن أدخلنى إلى صالون كلاسيك أنيق جدا وهو يقول اتفضل يا أستاذ سمير.. أنا والجماعة بنحب برنامجك جدا وأنا مبسوط أوى إنى شوفتك النهادره فى يوم العيد رجوع الأستاذ بيته أنا حأدى خبر للأستاذ حالا».

انتظرت أتامل محتويات الشقة وأخذ قلبى يدق بشدة خوفا من أن يعود الخادم ويعلن اعتذار الأستاذ عن لقائى وبعد أن قدم لى الخادم كوبا من الكركديه ويقول اعتبره شربات رجوع الأستاذ .

وفجأة فتح الباب الذى يفصل الصالون عن بقية الشقة ووقفت استعدادا وانتظارا للقادم الكبير : أهلا أهلا أستاذ سمير أنا على أمين مش مصطفى .. مصطفى جاى ورايا حالا.. معقول أنا قدام توأم عملاق الصحافة معقول أنا هقعد مع العملاقين مصطفى وعلى أمين معقول هقابل الأخبار وأخبار اليوم والجيل وآخر ساعة وفكرة.. وفتح الباب ودخل علينا الأستاذ مصطفى أمين أرفع كثيرا من الأستاذ على . ابتسامته لا تفارقه ورحب بى قائلا: أنا سمعت كتير عن برنامجك الحلو والخبطات الرائعة اللى بتعملها.

تعلمت منه أشياء كثيرة أفادتنى فى حياتى العملية تعلمت منه الحياة نفسها كان دائما يوصينى بالمحافظة على أصدقائى فالصداقة بالنسبة لى عملة صعبة نادرة يجب المحافظة عليها لأنه يرى أن الذى يمتلك الكثير من المال دون الأصدقاء ليس غنيا ومن يمتلك كثيرا من الأصدقاء دون المال ليس فقيرا.

وفى دقائق كانت الكاميرا جاهزة للتصوير وقبل التصوير خطر لى أن أجمع بين التوأمين فى لقاء قبل أن أنفرد بحديثى مع الأستاذ مصطفى وفعلا حققت الحلم وجمعت بينهما وأنا أحاول أن أتبين بصعوبة الفرق بينهما وهل هو فى الشكل بس ولا فى شراهة تدخين الأستاذ على الذى لا تفارقه السيجارة بينما الأستاذ مصطفى يبدو أنه قد أقلع عن التدخين .

قلت: «أستاذ على هل صحيح أن طوال العشر سنوات الأخيرة والتى كنت تقيم فيها فى لندن هل صحيح أنك كنت تشعر بمعاناة توأمك برغم بعد المسافة بينكما ؟ وهنا رد الأستاذ مصطفى مش هتصدق لما أقولك لما على كان يصاب بأنفلونزا فى لندن كنت أنا كمان بيجيلى برد وزكام فى السجن.. أوقات كتير كنت بحس وأنا فى الزنزانة لوحدى بحس أن على بيكلمنى أنه جنبى بيدينى دفعة أمل.. كنت أحس به بيقولى الشمس بكرة تطلع يا مصطفى كنت بسمعه بيغنى مقطع من أغنية أم كلثوم الحب كده التى تقول وبعد الليل يجينا النور وبعد الغيم ربيع وزهور.

ويتدخل الأستاذ على قائلا: إحنا طول عمرنا كده يا أستاذ سمير بنحس ببعض جدا لو مصطفى بطنه وجعته بطنى أنا كمان توجعنى والحاجة اللى بيحبها مصطفى أحبها أنا كمان والعكس .

يمكن الفرق الوحيد بينى وبينه أن أنا طول عمرى أحب بعقلى وهو بيحب بقلبه.. أنا صندوق مغلق ومصطفى اللى فى قلبه على لسانه.

وعندما سألت الأستاذ على عن أول شيء يلفت نظرك إلى المرأة قال عينيها عشان كده طول عمرى معجب بعيون مديحة يسرى وكتبت لها القصة الوحيدة اللى كتبتها للسينما «دموع الفرح».. وقال مديحة يسرى هى الأنوثة الكاملة.

وعن المطربة المشهورة التى يحبها مصطفى أمين قال على أمين: إنها أم كلثوم وكتب لها فيلم فاطمة وأغنية أقابله بكره.

قلت له: أنا أقصد المطربة المشهورة التى ارتبط بها عاطفيا وكتب لها قصة الفيلم الثالث الذى مثلته مع عبدالحليم حافظ فيقوم الأستاذ على من مجلسه ويقول أنا سعيد أوى إنى قابلتك .

وفجأة وجدت نفسى وحدى أمام العملاق مصطفى أمين الذى نظر إلى طويلا وقال اسأل يا سمير أنا تحت أمرك».

 فن كتابة المذكرات

ربما الآن نحن فى أشد الحاجة لأن يكتب كل صاحب أثر حكاياته وما شاهده وشهد عليه من أحداث كبيرة ومؤثرة. وفى «حكايات العمر كله» يقدم الفنان الكبير درسا جديدا فى الحكاية الصادقة هو فقط يحكى ما حدث أو ما رآه من دون أن يسعى خلف إثارة الجدل أو الإساءة لأحد وابتعد تماما عن الحكايات السيئة المثيرة للجدل فى حياة هؤلاء المشاهير والنجوم الذين تحدث عنهم.. يكتب ويحكى لإبراز كل جميل وطريف وحقيقى حتى فيما يخص أدق الأسرار.

يتصدر الكتاب قائمة الأعلى مبيعا ليس لأنه ينتمى لفئة المذكرات التى تنتشر بمعايير السوق فقط لكن لأنه يقدم حكايات حية على الورق.. يقدم فنا حتى فى كتابة مذكراته كما يفعل فى كل شىء آخر.

واليوم تكشف لنا طريقة سرده للحكايات التى كانت أشبه بالأسرار الحربية فى حياة المشاهير؛ نتعرف عن مهارة أخرى يمتلكها فى «الحكى العفوي» فى تسلسل سهل وممتع عبر صفحات الكتاب.. ليست مجرد حكايات عاشها فنان وإعلامى شهير لكنها شهادة عن فصل مهم من تاريخ مصر وزمنها الجميل.