الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
متى تتخلى المنظمة الأمريكية عن التسييس والتحيز وانعدام المهنية؟ هيومـن رايتـس ووتـش دفاع عن الإنسان أم دعم للإخوان

متى تتخلى المنظمة الأمريكية عن التسييس والتحيز وانعدام المهنية؟ هيومـن رايتـس ووتـش دفاع عن الإنسان أم دعم للإخوان

لا يحمل سجل منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية أى إنجاز فى حماية حقوق الإنسان، بل على العكس كان الإنسان هو من يدفع ثمن شعارات الحرية من حياته وأمنه واستقرار بلاده، تتبنى المنظمة الأمريكية نمطا واحدا لحقوق الإنسان تحاول فرضه على العالم بدعم قوى من الإدارات الأمريكية المتعاقبة وحكومات أوروبية ومساندة كبيرة من الإعلام الغربى.



للمنظمة تاريخ مرتبط بحقل الاستخبارات الأمريكية ودورها فى الضغط على الاتحاد السوفيتى السابق بملف الحريات وحقوق الإنسان، كانت ولاتزال أداة للضغط على الدول فى محاولة لاستنساخ نموذج موحد وفرضه على سكان كوكب الأرض، منظمة تدافع عن حقوق الإنسان ولا تعترف بالتنوع ولا بظروف الدول المختلفة ولا بالتهديدات التى تواجهها. ضجت حكومات عديدة حول العالم من تسييسها لحقوق الإنسان وتعمدها الإساءة والتشويه عبر الحديث فى تقاريرها عن انتهاكات مزعومة عن حقوق الإنسان، وفى حالة مصر تجاهلت كل تطورات حقوق الإنسان الإيجابية مثل صدور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وإنشاء مراكز الإصلاح والتأهيل ومشروع حياة كريمة وقرار الرئيس عبدالفتاح السيسى التاريخى بإنهاء حالة الطوارئ وقررت الانحياز الكامل للإخوان وأكاذيبهم ودعمت خطة الجماعة لتشويه الدولة المصرية فى الخارج.

تقارير المنظمة بخصوص مصر يشوبها الارتباك وانعدام المهنية والانحياز لرواية واحدة وخلط الأوراق بتصنيف عناصر إرهابية مثل جماعة الإخوان الإرهابية على أنهم يمثلون المعارضة السياسية بينما الحقيقة تقول إن تلك الجماعة هى السبب فى تأخر الإصلاحات الديمقراطية والرحم الذى خرجت منه كل جماعات العنف والإرهاب فى الشرق الأوسط، وذلك باعتراف الجماعة نفسها عبر منظرها يوسف القرضاوى والذى أكد فى تصريحات تليفزيونية أن أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة وأبو بكر البغدادى خليفة تنظيم الدولة الإسلامية داعش كانا ينتميان للجماعة وأنهما تأثرا بأفكار مؤسسها حسن البنا ومنظرها الأول سيد قطب مؤسس المنهج التكفيرى.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاهلت المنظمة الأمريكية مجموعة من الحقائق حول طبيعة الإخوان كجماعة دينية إقصائية ترفض حقوق الإنسان بناء على قراءات متطرفة للدين يمكن إجمالها فى عدد من النقاط وهى:

- موقفها الرافض لتمكين المرأة 

- عدم قبولها لحرية الاعتقاد أو تعددية الآراء

- رفضها للآخر الدينى

-  احتكارها العمل السياسى باعتبارها ممثل الدين

- انفتاحها على العمل العنيف وتشكيل جماعات مسلحة تهدد الحق فى الحياة

- إهدارها لقيمة استقلال القضاء واستهدافها الدائم لرجالة بالقتل

- معاداة الفن والإبداع

تلك الأفكار المتشددة نابعة من رسائل وتعاليم مؤسس الجماعة حسن البنا وتمثل مجموعة القيم التى تغرسها الجماعة فى عقول المنتمين لها وهو ما يفسر تشدد أجيال المهاجرين المسلمين من شمال أفريقيا فى دول مثل فرنسا وألمانيا وانضمامهم بكثافة لتنظيم داعش .

ثم جاء تورط الجماعة فى تأسيس جماعتى لواء الثورة وحسم الإرهابيتين وقيام عناصرهما باغتيال النائب العام هشام بركات ثم وضع عدد من عناصرهما الهاربة على قوائم الإرهاب بالإضافة إلى صدور عشرات الأحكام بحق عناصرهما المتورطة فى أعمال عنف وتفجيرات ضد مؤسسات أمنية وانضمام عناصرهما لتنظيمات إرهابية وحرق كنائس ليؤكد الصلة الأكيدة بين الجماعة والإرهاب.

وفرت هيومن رايتس ووتش للجماعة وتابعيها الغطاء الحقوقى الذى يسمح لها بالحركة والدفاع عن نفسها ولم يتوقف دفاعها المستمر عن الإخوان عند حدود الإدارة الأمريكية السابقة وتصديها لمحاولات تصنيفها كجماعة إرهابية فى الولايات المتحدة ومساعده عناصرها على التظاهر فى الدول الأوروبية وإقامة ندوات وجلسات نقاشية للدفاع عن الجماعة والهجوم على مصر وعدد من الدول التى صنفتها جماعة إرهابية وقررت محاكمة أعضائها المتورطين فى أعمال إرهابية وتحدثت تقاريرها عن الاختفاء القسرى حتى ثبت أنه غطاء استخدمته الجماعة لحماية عناصرها المسلحة ورغم ظهور أدلة مادية عديدة تؤكد كذب تلك التقارير وآخرها سقوط الإرهابى حسام المنوفى أحد مؤسسى حركة حسم الإخوانية وتحدثت تقارير حقوقية عن اختفائه قسريا عام 2017 بينما الحقيقة أنه هرب باتجاه دولة السودان، تلك الحالة وغيرها تثير شكوكا عديدة حول طبيعة العلاقة بين الجماعة والمنظمة الحقوقية الأمريكية مع تركيزها الحاد على الأوضاع فى مصر وانفتاحها على نشر معلومات مغلوطة وبيانات خاطئة مصدرها الوحيد كان جماعة الإخوان الإرهابية.

اندفعت هيومن رايتس ووتش بعيدا فى الدفاع عن الجماعة الإرهابية لدرجة العصف الكامل بما جاء فى استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب والتى وضعت عام 2006 ودعت فيها دول العالم والمنظمات الدولية للتعاون من أجل اتخاذ تدابير لمنع الإرهاب ومكافحته، حيث تقوم على مبدأ أساسى أن الإرهاب فى الأساس هو إنكار لحقوق الإنسان وتدمير لحياة الشعوب .

وطالبت الاستراتيجية المنظمات الدولية بالعمل ضد الجماعات الإرهابية، إلا أن هيومن رايتس ووتش سارت فى اتجاه معاكس تماما واستهدفت الدول الناجحة فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف مثل مصر وابتكرت سلاحا جديدا للدفاع عن جماعة الإخوان الإرهابية بالدعوة إلى ربط التسليح الموجه إلى مصر وعدد آخر من الدول، بالتقدم فى مجال حقوق الإنسان .

ثم بدأت فى توجيه الاتهامات إلى مصر دون دليل أو سند قانونى وهو ما ظهر فى الترويج لوجود معتقلين سياسيين وهو ما يتنافى مع الحقيقة حيث أنهت أحكام المحكمة الدستورية على وجود معتقلين فى السجون المصرية وأصبحنا أمام متهمين على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب وهو ما قدمت عليه الدولة الكثير من الدلائل على صحة موقفها خلال الاستعراض الدورى الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وهو ما كشف حالة الانفصال عن الواقع التى تعيشها هيومن رايتس ووتش فيما يتعلق بالأوضاع فى مصر .

والحقيقة أن مثل هذه التعريفات غير الدقيقة تؤكد حالة التراجع المهنى وتسييس عمل المنظمة الحقوقية واستغلال صفتها الحقوقية فى الهجوم على دولة فى حالة عداء مع تنظيم إرهابى دولى وهى من الأشياء التى جرمتها الأمم المتحدة .

وتقود مصر جهود الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، حيث استصدرت قرارًا أمميا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالتعاون مع المكسيك فى سبتمبر 2019، باتخاذ موقف دولى موحد وصارم فى مواجهة الإرهاب وإبراز آثاره على التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وأكد القرار على مسئولية الدولة الأصيلة فى حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وشدد على أهمية الوقف الفورى لجميع أشكال الدعم الذى تقدمه الدول إلى الإرهابيين والجماعات الإرهابية، بما فى ذلك توفير ملاذ آمن ورعاية المنابر الإعلامية التى تتبنى خطاب الكراهية الذى يحرض على العنف والقتل والتدمير، وهذا القرار ملزم لكل دول العالم والمنظمات الحقوقية.

ورغم ذلك ضربت هيومن رايتس ووتش بالقرار الأممى واستراتيجية الأمم المتحدة؛ لمكافحة الإرهاب عرض الحائط واستمرت فى المطالبة بوقف التسليح دون اهتمام بتأثير ذلك على قدرة الدول فى مواجهة الإرهاب، كحق إنسانى لا تقدر على صيانته سوى قوة إنفاذ القانون. لقد قامت الحكومة المصرية بالرد فى أكثر من موضع على تقارير وادعاءات هيومن رايتش ووتش، حول أوضاع حقوق الإنسان فى مصر وتجاهلها للتطورات الكبيرة، التى شهدها ذلك الملف الحيوى والمهم خاصة فى ميادين عدة مثل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانعكست بشكل إيجابى على المواطن المصرى وأهمها الإفراجات الأخيرة عن عدد من النشطاء وتحسن أوضاع السجون واستبدالها بمراكز الإصلاح والتأهيل، واحتفاء الدولة بمنظمات المجتمع المدنى عبر قرار الرئيس السيسى باعتبار العام الحالى 2022 عاما للمجتمع المدنى، وهو ما دفع بالتساؤل حول انفصال المفاهيم والمفردات الحقوقية، وتستخدمها المنظمة فى وصف أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، ودفع بالاعتقاد بأن الهدف الرئيسى لها ليس الدفاع عن حقوق الإنسان، بل الانحياز لجماعات متهمة بالسعى للتخريب والتدمير ونشر الفوضى مثل جماعة الإخوان المصنفة إرهابيا فى مصر وعدد من دول العالم.

الأخطاء المهنية الجسيمة لهيومن رايتس ووتش وضعتها على رأس قائمة المنظمات الدولية المتهمة بتسييس مبادئ حقوق الإنسان وهو ما أفقدها جزءا كبيرا من النزاهة والحيادية، حتى تحولت إلى أداة سياسية تستخدمها دول الخلاف السياسى مع الدولة المصرية؛ لتشويه الصورة أمام المجتمع الدولى وأعضاء المجلس الدولى لحقوق الإنسان. كما أصبح التشكيك فيما تعرضه من معلومات عن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر محل بحث ونقاش؛ بسبب ما تتضمنه تقاريرها من معلومات مغلوطة واعتمادها على عناصر جماعة الإخوان كمصدر وحيد فى تقاريرها، وهو ما أكد حالة التربص والترصد، من جانب تلك المنظمة تجاه الدولة المصرية وهو ما دفع كثيرًا من الفاعلين السياسيين فى مصر، إلى اتهامها بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين، وتلقى تمويلات مشبوهة من جانب دول على عداء مع مصر وهو ما لم ترد عليه المنظمة.

 ابتعدت تقارير هيومن رايتس ووتش فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان فى مصر عن المنهجية الحقوقية السليمة فى رصد وتوثيق الانتهاكات وتورطت فى الدفاع عن عناصر الجماعة المنضمة إلى تنظيمات «لواء الثورة» و«حسم» التى صنفتها الولايات المتحدة كجماعات إرهابية ولقوا مصرعهم خلال تبادل لإطلاق النار مع رجال الأمن دونما تلتفت إلى حق ضحايا الإرهاب من أسر ضحايا عملياتهم فى معرض حديثها عن القضية وهو تجاهل مخل أيضا خاصة وأنها حاولت الدفاع وتبرئة ساحة المتورطين فى قتل النائب العام وعدد من المدنيين والعسكريين خلال فترة المواجهات بين الدولة المصرية والجماعات التكفيرية التى خرجت من رحم اعتصام رابعة المسلح.

لقد ابتدعت تقارير المنظمة منهجية غريبة فى توثيق الانتهاكات الحقوقية، حيث اتجه إلى ما يمكن تسميته «بمنهجية الاعتماد على صفحات التواصل الاجتماعى، وهى منهجية خطيرة للغاية حيث إن الشبكة العنكبوتية حافلة بالمعلومات المغلوطة والتلاعب حتى فى البيانات الرسمية والحكومية من جانب القراصنة المحترفين، هذه المنهجية تتعارض تماما مع المنهجية الحقوقية التى وضعتها الأمم المتحدة عبر اتفاقية إسطنبول وترتكز على احترام الولاية القضائية للدول وعدم التحيز والصحة والدقة والمهنية فى الرصد والاعتماد على بعثات تقصى الحقائق، وأنه لا يفضل نشر معلومات عن انتهاكات مزعومة إذا لم يتم التأكد منها وهو ما تتجاهله هيومن رايتس حيث اعتمدت على شهادات الإخوان وتجاهلت ما قالته جهات التحقيق تماما.

ما تقوم به هيومن رايتس ضد مصر يزيد من تشويه صورة مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ويدفع الدول إلى التشكك فى المؤسسات الحقوقية، وأنها جزء من محاولة هدم الدول ودعم التنظيمات الإرهابية ولعب دور فى التفاعلات السياسية الدولية لصالح طرف على حساب طرف آخر وهو ما تسبب فى إعاقة عمليات نشر حقوق الإنسان وأدى إلى تراجع الحركة الحقوقية بشكل عام فى مصر والشرق الأوسط ووضعها فى مرمى الاتهامات. إن الأمم المتحدة وآلياتها مطالبة بالتحرك ضد من يقومون بتسييس حقوق الإنسان ووقف التلاعب بتلك الحقوق ودعم الدول الجادة ووقف عمليات التشويه التى لا تصب فى مصلحة حقوق الإنسان بل تدعم جماعات إرهابية تقتل الإنسان.