
أسامة سلامة
أن تكون محمد صلاح
«اللى عايز يحقق أفضل من اللى عملته يبقى شخص عنده طموح وإرادة وقدرة على التطوير والتغيير»
ما سبق قواعد وضعها لاعبنا العالمى محمد صلاح لمن يريد النجاح والتفوق، وهى خارطة طريق من يلتزم بها يحقق أحلامه وطموحه، الكلمات التى قالها صلاح ببساطة مرت مرور العابرين فى زحمة الضجيج حول إجابته عن سؤال غير مبرر عن الخمر، هى من وجهة نظرى أهم ما جاء فى الحوار الذى أجراه معه الإعلامى عمرو أديب وأذيع منذ أيام، الأهمية ترجع إلى أنها بمثابة نور يهدى الحائرين إلى تحقيق الطموح ويروى ظمأ المتعطشين للنجاح، كما أنها تجيب على السؤال: هل هناك فرصة للتفوق فى ظل ظروف صعبة وحياة معقدة وعراقيل متعددة؟ الفلاح الفصيح ابن قرية نجريج تحدى كل المعوقات وقفز على الحواجز ليصل إلى العالمية، ودعا كل من له موهبة وطموح للحاق به، رافعًا شعار من يريد النجاح يتبعنى ويتخذنى قدوة ويسير على دربى، والمقصود هنا بالموهبة والطموح ليس فى كرة القدم ولا الرياضة فقط ولكن فى كل المجالات، حدد صلاح سبل النجاح فى عدة قواعد هى: الطموح والإرادة والقدرة على التطوير والتغيير، وهى مثل البناء يجب أن يتم بالترتيب، فالأساس هو الطموح فلا نجاح لدى شخص ليس لديه هذا الحافز، ومن يريد الوصول إلى مبتغاه عليه أن يعرف ماذا يريد بالضبط؟ ويحدد هدفه بدقة، وإلى أى نقطة يريد أن يصل؟ هل يكتفى بالقليل أم يرتقى بنفسه فى المجال الذى يحبه ويعمل به؟، ويلى الطموح؛ الإرادة وهى القدرة على إنجاز العمل، والتغلب على العراقيل، وبغير العزيمة لا يستطيع الإنسان إكمال الطريق وتخطى الحواجز ومواجهة الصعاب وكسر القيود والوصول إلى الأهداف، ثالث القواعد هى القدرة على التطوير والتغيير، فمن يقف مكانه سيظل متحجرًا لا يستطيع التحرك للأمام، مستسلمًا للواقع الذى يعيشه، وطالما كان لديه الطموح والإرادة فلابد أن يكملهما بالتطور فى أفكاره والتكيف مع المجتمعات المختلفة، وإلا سيعجز عن تحقيق حلمه مهما كانت إمكانياته ومهاراته، والتطور ليس مقصودًا به التخلى عن منظومة القيم السامية التى تربى عليها، ولا الابتعاد عن البيئة التى نشأ فيها ومقاطعتها وإنما السعى إلى تصحيح سلبياتها وخلخلة جمودها والارتقاء بها، والتغيير يجب أن يكون للأفضل من خلال التفاعل مع المجتمع الجديد الذى يعيش فيه والتكيف معه والاستفادة من إيجابيته، مما يساعده على تكوين علاقات تدفعه إلى تحقيق أهدافه بدلا من أن تكون عقبة أمامه، التطور يعنى أيضًا عدم الوقوف عند نفس النقطة مهما كانت ناجحة، وهو ما أوضحه عمرو أديب خلال الحوار بقوله عن صلاح «لو قابلته الأسبوع الماضى كنت سأجده شخصية مختلفة عنه الآن»، وهو ما يعنى التطور باستمرار فى المفاهيم والخبرات والمهارات، لقد طبق محمد صلاح هذه القواعد فنجح، هو ابن قرية بسيطة تعليمه متوسط، ولكن هذا لم يمنعه أن يكون طموحه فى مجال كرة القدم الاحتراف فى أكبر دوريات العالم وأن يصبح واحدًا من أفضل لاعبى العالم، وهكذا حدد هدفه منذ البداية، وساعدته إرادته فى التغلب على مصاعب السفر يوميًا من بلدته إلى القاهرة، وحتى عندما استقر بالأخيرة استطاع التأقلم مع هذا التغيير، وعندما احترف فى نادى بازل بسويسرا كان يُدرك أنها مجرد خطوة على الطريق، فتعلم الإنجليزية حتى تساعده على الخطوات القادمة، ورغم أنه كان فتا صغيرًا ووحيدًا فى بلاد غريبة إلا أن طموحه وإرادته ساعداه فى التغلب على هذه المشاعر السلبية التى قضت على طموح لاعبين احترفوا قبله واحترقوا بها ولم يكملوا الطريق، وعندما ذهب إلى تشيلسى الإنجليزى ولم يوفق لأسباب مختلفة لم ييأس واستطاع تنمية مهاراته وأدائه مع فريقى فورنتينا وروما الإيطاليين اللذين انتقل إليهما من تشيلسى، وهو ما دفع نادى ليفربول إلى التعاقد معه والعودة إلى الدورى الإنجليزى مرة أخرى، ولأنه يطور نفسه باستمرار أصبح أهم لاعب فى الفريق ومنافسًا مستمرًا على هداف الدورى الإنجليزى وأفضل لاعب به ودائمًا ضمن العشر الأوائل فى العالم لعدة سنوات متتالية.
لاعبنا العالمى فى حواره الممتع وضع روشتة لمن يرغب فى النجاح والتميز، ومن يريد أن يكون محمد صلاح فى نجاحه أو يتعداه عليه أن يشاهد الحوار، ويعى ما جاء فيه بعيدًا عن ضجيج ودخان غطيا على الرسائل المهمة والمفيدة.