السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. اسم طائفى منتهِى الصلاحية.. المجلس الملى ميـراث سلبــى من السلطنة العثمانية!

مصر أولا.. اسم طائفى منتهِى الصلاحية.. المجلس الملى ميـراث سلبــى من السلطنة العثمانية!

من الواضح أن إصلاح المؤسسة الدينية لا يزال يقع ضمن نطاق الاهتمام للعديد من المنشغلين بالشأن العام.. وهو الأمر الذى رصدته من خلال الاهتمام بالتعليق سواء بالاتفاق أو الاختلاف مع ما كتبته على صفحات العدد الماضى من مجلة «روزاليوسف» تحت عنوان: «من يملك عصا الإصلاح.. بعد 9 سنوات على البابا تواضروس الثانى!».. والذى تناولت فيه بعض ملفات الإصلاح للكنيسة المصرية من التعليم الكنسى إلى التطوير المؤسسى بما يشمله من الجوانب الإدارية والمالية والقانونية، بالإضافة إلى ملف العلاقات الطوائفية «المسكونية»، وملف العلاقات الدينية، وملف الإعلام.



 

وكان من الواضح أن التعليقات والملاحظات تحددت فى ثلاث قضايا مهمة، هى: المجلس الملى والمحاكمات الكنسية والإصلاح الكنسى. وسوف أتناول فى مقال اليوم بقدر من التفصيل قضية المجلس الملى باعتباره قناة الاتصال المدنية المنتخبة فى علاقة الكنيسة بالدولة من حيث أهمية وجوده من عدمه، وما يترتب على وجوده من أهمية تعديل اسمه ليصبح مجلسًا حقيقيًا للعلمانيين المسيحيين المصريين.. خاصة أن المجلس الحالى المجمد قد انتهت دورته الانتخابية قبل رحيل البابا شنودة الثالث.

عن المجلس الملى..

على مر التاريخ.. ظلت العلاقة بين العلمانيين والكنيسة المصرية ملتبسة، منذ نشأة المجلس الملى سنة 1874. هذا التاريخ يحمل صدامات وصراعات ومشاحنات تخص أول كيان منظم للعلمانيين فى الكنيسة، كما أن تلك العلاقة امتدت إلى دور العلمانيين الفردى أو الذى ظهر فى شكل مجموعات صغيرة تطالب بإصلاح الكنيسة. والمتتبع لتاريخ نشأة المجلس الملى وعمله يعلم جيداً أن السمة الرئيسية لشكل العلاقة بين المجلس الملى والكنيسة تحولت بين الجميع سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات من العلمانيين المسيحيين المصريين إلى الإهانة والتجريح والتشهير والاغتيال المعنوى والتكفير بدلاً من الشراكة والتواصل، وهو الأمر الذى رسخ فى ذهنية المواطن المسيحى المصرى.. صورة الكره والعداء لكل من يطالب بإصلاح الكنيسة أو يقوم بانتقاد موقف لها سواء فى شخص البابا أو أحد الأساقفة، ووصل الأمر فى تناول الأزمات والتوترات، وكأن الجميع دون استثناء ضد الحوار وضد النقد وضد النقاش.. اعتماداً على ميراث الشك والريبة لتصدير العلمانيين لأخطاء بعض رجال الكنيسة، والعكس.

ومروراً بأحداث تاريخية كثيرة من التكامل والصدام.. نصل إلى المجلس الملى الأخير الذى انتهت ولايته التى استمرت 5 سنوات فى شهر أبريل سنة 2011. ورغم ذلك لا يزال إلى الآن بعد مرور 10 سنوات على انتهاء صلاحية عمله يقوم بإصدار البيانات ويعقد البابا لقاءات معه، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

- المجلس الملى يرفض مسلس حسن يوسف عن البابا شنودة «29 فبراير 2016».

- بيان رسمى من المجلس الملى بشأن حملات تستهدف الكنيسة «7 أكتوبر 2018».

- البابا تواضروس يستقبل أعضاء المجلس الملى «25 أكتوبر 2018».

- المجلس الملى للكنيسة الأرثوذكسية يشيد بإجراءات الحكومة فى مواجهة كورونا «23 مارس 2020».

- فى عيد التجليس التاسع.. البابا تواضروس يستقبل أعضاء المجلس الملى العام «14 نوفمبر 2021».

وتستند تلك الحالة من بقاء هذا المجلس على قيد الحياة رغم مرور 10 سنوات على انتهاء ولايته القانونية حسبما قال المستشار إدوارد غالب «سكرتير المجلس الملى المنتهية ولايته» فى تصريح له لجريدة الأهرام فى 7 أكتوبر 2018: لم يتم انتخاب المجلس الملى لظروف معينة مرت بها البلاد وآخر دورة للمجلس الملى كانت فى مارس 2011. وأن هناك مادة فى القانون تنص على أن  يظل المجلس الملى مستمراً فى تسيير أعماله من خلال لجانه مثل: لجنة الأطيان والعقارات ولجنة الأسرة والمصالحات ولجنة التعليم ولجنة الاستشارات القانونية.

أسئلة معلقة..

1 – كيف يصدر المجلس الملى العام بين الحين والآخر بيانات وتصريحات رغم انتهاء ولايته التى استمرت 5 سنوات فى شهر أبريل سنة 2011، وهو ما يعنى انتهاء مدته القانونية، وما يترتب عليها من عدم شرعية إصدار أى بيانات أو تصريحات بهذه الصفة، وانتحال صفة عضوية لكيان ليس لعضويته وجود قانونى فعال سوى لقب كونه عضو المجلس الملى العام السابق؟ وكيف يمكن إصدار بيانات مجهلة بهذا الشكل وبتوقيع سكرتير المجلس الملى العام.. دون ذكر اسمه.. مع العلم أن آخر سكرتير للمجلس الملى العام المنتهية ولايته سنة 2011 هو المستشار إدوارد غالب؟

2 – كيف سمح أعضاء المجلس الملى العام المنتهية ولايته فى سنة 2011 بإصدار مثل هذه البيانات.. رغم اختفائهم من المشهد العام إلا قليلاً؟ فضلاً عن عدم وجود مواقف جماعية لهم أو حتى فردية فى العديد من القضايا المهمة سواء التى تخص الكنيسة أو ذات الصلة مع الكنيسة. ولماذا لم نقرأ تصريحاً قوياً لأحد أعضاء المجلس الملى العام المنتهية ولايته فى سنة 2011 أو بياناً باسم المجلس فيما يخص الإرهاب الذى تعرضت الكنيسة المصرية عقاباً لها على مساندتها للإرادة الوطنية المصرية فى 30 يونيو، أو فيما يخص التحديات التى تواجه المجتمع المصرى؟

3 – كيف يقبل أعضاء المجلس الملى العام المنتهية ولايته فى سنة 2011 أن يصدر بيان موقع بهذا الاسم الطائفى الذى يعد ميراثا سلبياً من السلطنة العثمانية.. فضلاً عن كونه يرسخ مفهوم الرعايا الذى يعد فى كل الأحوال ضد منظومة «المواطنة» التى نص عليها الدستور المصري؟ وهناك اقتراحات قيمة لتغيير الاسم، على سبيل المثال: «المجلس الأعلى الاستشارى للكنيسة» حسبما اقترح الأنبا بفنتيوس «أسقف سمالوط» على صفحات «روزاليوسف» فى 11 فبراير 2006. و«مجلس العلمانيين المسيحيين المصريين» حسبما اقترحت كثيراً على صفحات «روزاليوسف» منذ 25 فبراير 2006 مع التأكيد أن العلمانيين فى المفاهيم الكنسية هم ممن ليسوا من رجال الدين المسيحى. والمجلس النيابى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية حسبما اقترح نبيل منير «المحامى» فى اللقاء العلمانى الثانى 26 و27 أبريل 2007. 

4 – كيف يمكن لمجلس انتهت ولايته منذ 10 سنوات تقريباً أن يظل لتسيير الأعمال كل هذه السنوات؟ وهل ضمن صلاحيات تسيير الأعمال التى دائماً ما تكون فى أضيق الحدود أن يصدر بيانات رسمية لكيان منتخب منهى الولاية والصلاحية؟ وآلا يستحق المواطن المسيحى المصرى أن يكون له مجلس منتخب يليق به وبكنيسته وبالدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو العظيمة والتى كانت الكنيسة المصرية أحد أضلاع مثلثها الوطنى مع الأزهر الشريف والقوات المسلحة المصرية؟!

نقطة ومن أول السطر..    

أؤكد رفضى التام لأى تطاول أو تجاوز فى الرأى بسبب الاختلاف سواء مع الكنيسة وقيادتها أو غير ذلك، ولكنى فى الوقت نفسه مع قبول الاختلاف الحقيقى المرتكز على وجود رأى مخالف منضبط وعملى وقابل للتنفيذ والتطبيق، وأرفض تصدير منطق المؤامرة على الكنيسة وقياداتها بشكل عام دون تحديد واضح لتلك الاتجاهات لوأد أى نقد أو حديث عن التطوير والإصلاح. والإصلاح هنا لا يعنى وجود فساد أو تقصير بقدر ما هو أمر طبيعى لأى مؤسسة لها تاريخها وعراقتها ووطنيتها مثل الكنيسة المصرية. 

التاريخ لا ينسى الأحداث، ولا يرحم شخصياته ورموزه.. وما لا يدرك كله.. لا يترك كله!.