أحلف بسماها.. مرضى السكر.. آلام وآمال (1)

منذ نحو 15 عامًا أجريتُ تحقيقًا مع أحد علماء علوم الأزهر عن اكتشاف طبى كان يمثل وقتها ثورة علمية لإنقاذ مرضى السكرى الذين يصابون بجروح خطيرة أكثرها فى القدم والتى عادة ما يتم بترها أو بتر الساق بالكامل، وسمى العلاج البيولوچى وذلك باستخدام يرقات الذباب الأزرق الذى ارتبط بالمَثل العامّى «مش هخلى الدّبّان الأزرق يعرف لك طريق جثة»، وهو مثل له أصل وحقيقة علمية.. فهذا النوع من الذباب يعيش على اللحوم الميتة ولديه قدرة هائلة على شم رائحة الميتة على مسافة 3 كيلومترات، لذلك يتواجد بكثرة فى المقابر ويقوم الذباب بوضع البيض الذى يتحول إلى يرقات تتغذى على أى ميتة.

الاكتشاف الذى كتبتُ عنه فى ذلك التحقيق أن العلماء توصلوا إلى إمكانية استخدام يرقات الذباب الأزرق التى تهاجم فقط الأجزاء التى ماتت أنسجتها فى القدم السكرى أو الجروح المصابة ببكتيريا مقاومة للأدوية المتعددة، فتقوم اليرقات بإفراز سائل يعمل على إذابة الأنسجة المتقرحة والميتة داخل الجروح فقط، ثم تمتص اليرقات هذا السائل، ثم تفرز فضلات تتحول إلى مضاد حيوى يسرع فى شفاء الجروح.

ما دفعنى لإعادة الكتابة عن هذا العلاج ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكرى فى مصر إلى 17 %، وهذا هو المعلوم فقط حسب الإحصاءات الرسمية وأن مصر من بين العشر دول الأوائل فى العالم فى حجم الإصابة، وأن 25 % من مرضى السكرى معرضون للإصابة بقرحة القدم، مما يعكس حجم مشكلة القدم السكرى فى مصر، وهى مشكلة كبيرة على مستوى العالم؛ حيث يتم بتر قدم كل 30 ثانية.. والأهم ما قرأته مؤخرًا عن نجاح المركز الألمانى لأبحاث النسيج «هوهينشتاين» فى إثبات فاعلية يرقات الذباب الأزرق فى علاج الجروح المستعصية المفتوحة، كما نجح المركز فى تصنيع نسيج خاص يتم تشبيعه من الكائنات الحية التى توضع على الجرح وإحاطته بشريط لاصق، وذلك يتشابه كثيرًا عمّا كتبته منذ سنوات.

الآثار الخطيرة المترتبة على جروح مرضى السكرى من تدهور صحى ونفسى بسبب عدم القدرة على السير أو العمل دعت العلماء إلى ضرورة استخدام أساليب غير جراحية مثل العلاج البيولوچى.

مشاكل مرضى السكرى فى مصر متعددة ومتزايدة لأسباب كثيرة أهمها الجهل أو تأخر العلاج أو عدم الإمكانية المادية لاستمرار العلاج.. لكن من خلال المبادرات الصحية التى تقدمها الدولة لمتابعة وعلاج الأمراض المزمنة نأمل أن تركز الهيئات الصحية بشكل أكبر على تداعيات مرض السكرى فى مصر.. وللحديث بقية.