السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إلغاء الطوارئ.. الدولة القوية لا تحتاج إلى إجراءات استثنائية!

إلغاء الطوارئ.. الدولة القوية لا تحتاج إلى إجراءات استثنائية!

من بلغ من العمر 40 سنة أو أقل فى مصر، عاش هذه السنوات تحت حُكم قانون الطوارئ بشكل مستمر، ولذا لا يعرف العديد منا معنى أو أبعاد قرار الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى 25 أكتوبر الجارى بإلغاء مَد حالة الطوارئ، التى كانت تمثل مساحة للهجوم والانتقاد من منظمات حقوق الإنسان دون تدقيق حقيقى فى أسباب إصدار هذا القانون أو العمل به. تم سَنّ قانون الطوارئ للمرة الأولى تحت رقم 162 لسنة 1958، وتم فرض حالة الطوارئ أثناء حرب 1967، وتم إنهاء حالة الطوارئ لمدة 18 شهرًا فى عام 1980، ثم أعيد فرضها بعد اغتيال الرئيس الراحل «أنور السادات» فى أكتوبر سنة 1981، وتم تمديد حالة الطوارئ حسب الدستور منذ 1981، واستمر تمديدها طيلة فترة حُكم الرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك»، وإلى الآن حتى إصدار قرار إلغائها.



ينظم قانون الطوارئ الحالات التى يجب الرجوع إليها لفرض حالة الطوارئ، والتى تشمل أوقات الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوع حرب، وحدوث اضطرابات داخلية، أو وقوع كوارث عامة، أو انتشار الأوبئة مثلما حدث أثناء تفشى فيروس «كورونا»، كما أضيفت بعض الجرائم حسب قرار د.«مصطفى مدبولى»، رئيس مجلس الوزراء، فى 22 يوليو 2021 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، ووفقًا للقرار المذكور تحيل النيابة العامة إلى محاكم أمن الدولة طوارئ جرائم «التجمهر، وتعطيل المواصلات، والترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة «البلطجة»، والتدليس والغش، وجرائم التموين الخاصة بالتسعير الجبرى وتحديد الأرباح، وجرائم الأسلحة والذخائر، والمساس بالرقعة الزراعية والحفاظ على خصوبتها، وحرمة أماكن العبادة، فضلًا عن جرائم إنشاء مبانٍ أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدمها من دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة»، وتشمل تلك الجرائم أيضًا، جرائم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت، والجرائم المتعلقة بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمَواكب والمُظاهرات السلمية، إلى جانب الجرائم المنصوص عليها فى قانون مكافحة الإرهاب.



إلغاء حالة الطوارئ لم يكن قرارًا وليد الصدفة، ولكن تم التمهيد له بإجراءات وقرارات عديدة على غرار إصدار وثيقة «الاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 - 2026» التى صدرت فى 11 سبتمبر 2021، وقد تضمنت فى محتواها تحدى الإرهاب والاضطرب الإقليمى تحت قائمة التحديات الرئيسية لإصدارها، ونصت الوثيقة على أن مصر تنطلق فى مكافحتها للإرهاب من رؤية واضحة بأن التصدى لخطر الإرهاب والقضاء على الجماعات الإرهابية يدخل فى صلب حماية حقوق الإنسان وضمان حياة آمنة لجميع المصريين. وتتخذ مصر تدابير تشريعية وسياسات أمنية تفرضها ضرورات مكافحة الإرهاب، وفى ظل تجديد إعلان حالة الطوارئ تحرص مصر على أن تتسق تلك التدابير والإجراءات مع الدستور والتزاماتها بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان.

وفى مجال الحقوق المدنية والسياسية، نصت الوثيقة تحت عنوان «الحق فى التقاضى وتعزيز ضمانات المحاكمة المنصفة» على الحاجة إلى تنقية الجرائم التى تختص بها محاكم الطوارئ فى ضوء التعديلات التشريعية وتطور القوانين، واقتصار تسبيب الرأى فى فحص تظلمات ذوى الشأن فى القضايا التى تختص بها محاكم الطوارئ على الجنايات فقط، كما استهدفت الوثيقة ضمن نتائجها حصر الجرائم التى تختص بها محاكم الطوارئ فى أدق صورة، ووضع آليةلإخطار ذوى الشأن بنتيجة فحص التظلمات المسببة الصادرة فى أحكام محاكم الطوارئ.



يرتبط الحديث بحالة الطوارئ بمحاكم أمن الدولة العليا، والتى ظن البعض بإلغائها كنتيجة طبيعية لإنهاء حالة الطوارئ، ولكن حقيقة الأمر، تؤكد أنه عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التى تكون مُحالة إليها، وتتابع نظرها وفقًا للإجراءات المتبعة أمامها، أمّا الجرائم التى لا يكون المتهمون فيها قد تم تقديمهم إلى المحاكم، فتحال إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع فى شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها.

وبالعودة لقانون الطوارئ؛ نجد أن المادة 19 تنص على أنه «عند انتهاء حالة الطوارئ، تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التى تكون قد أحيلت إليها فعلًا، وتتابع نظرها؛ وفقًا للإجراءات المتبعة أمامها». وهو ما يعنى استمرار تلك المحاكم فى نظرها دون أى تغيير فى إجراءات النظر وعدم جواز الطعن والتصديق وغيرها، أمّا الجرائم التى تكون قيد التحقيق ولم يحل المتهمون فيها إلى المحاكم؛ فستحال من الآن إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع فى شأنها قواعد قانون الإجراءات الجنائية، أمّا بالنسبة لقضايا الطوارئ التى قرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها، وتنص المادة 20 من قانون الطوارئ على أن «تعاد المحاكمة فيها وفقًا لهذا القانون، أى أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، كما حدث فى مرحلة التقاضى الأولى»، كما يكون لرئيس الجمهورية جميع السُّلطات (السابق ذكرها تفصيلًا) بالنسبة للأحكام التى صدرت من محاكم أمن الدولة قبل إلغاء حالة الطوارئ ولم يتم التصديق عليها، وكذلك الأحكام التى تصدر من هذه المحاكم بعد ذلك، أى أن الأحكام الصادرة من تلك المحاكم بعد إلغاء حالة الطوارئ تظل تتطلب تصديق رئيس الجمهورية عليها، كما يملك رفضَ التصديق وتقريرَ إعادة المحاكمة فيها، وهو ما يعنى أيضًا أنه لن يتم القبض على أى مواطن إلا بإذن النيابة العامة أو فى حالة التلبس، وأن جميع المحاكمات ستتم أمام المحاكم العادية.



كتب اللواء «عبدالحميد خيرت»، الخبير الأمنى ووكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، (بوست) مُهمًا على صفحته ذكر فيه أن نتيجة نسبة العمليات الإرهابية فى محافظات مصر عدا سيناء عامَىْ2020 و2021 تساوى صفر %، فلم تحدث عملية إرهابية واحدة فى هذين العامين، كما انخفضت نسبة العمليات الإرهابية فى سيناء بصورة واضحة، وذلك على النحو التالى:

- عام2014 بلغ عدد العمليات الإرهابية 222عملية.

- عام 2015 بلغ عدد العمليات الإرهابية 594 عملية.

- عام 2016 بلغ عدد العمليات الإرهابية 199 عملية.

- عام 2017 بلغ عدد العمليات الإرهابية 50 عملية.

- عام 2018 بلغ عدد العمليات الإرهابية 4 عمليات.

- عام 2019 بلغ عدد العمليات الإرهابية عمليتين فقط.

- عام 2020 لم تتم أى عملية إرهابية.

- عام 2021 لم تتم أى عملية إرهابية.



يتضح مما سبق؛ أن قرار الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بإلغاء مد حالة الطوارئ هو قرار مرتكز على عودة حالة الاستقرار والأمان، وانعدام حدوث عمليات إرهابية، وبالتبعية لا يحتاج الأمر إلى أى إجراءات استثنائية على غرار فرض حالة الطوارئ.. وأتفق هنا مع اللواء «عبدالحميد خيرت» على أن إلغاء مد قانون الطوارئ لا يعنى أن الإرهاب توقف، وحدوثه أمر وارد، ولكن مواجهته بعد ذلك لن تحتاج إلى إجراء استثنائى، شأننا فى ذلك شأن العالم كله فى التعامل مع الإرهاب.



نقطة ومن أول السطر..

يحتاج قرار إلغاء حالة الطوارئ فى مصر للترويج دوليًا باعتباره قد ارتكز على خطوات وإجراءات محسوبة تدريجيًا لترسيخ مفهوم حقوق الإنسان بمعناه الكامل، وهو ما سيكون له مردود حقيقى فى دعم عودة السياحة وتحفيز مناخ الاستثمار من جهة، كما أنه يمثل حقيقة عملية على انتصار الدولة المصرية على الإرهاب من جهة أخرى، فضلًا عن الرد غير المباشر على ادعاءات البعض لاستغلال مصر لحالة الطوارئ للمتاجرة بمواجهة الإرهاب ومحاربته.