الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ماكو يحرك المياه الراكدة.. ولكن

«البريق الذى يملأ كل إنسان لا يُغنى عن كونه يحمل الكثير بداخله خيرًا كان أمْ شرًا»، وعلى الجانب الآخر هناك من يصنع لنفسه هالة ما أو يرتدى قناعًا ليُبعد الآخرين عنه، أو يقوم بتصرفات فى ظاهرها أذى، أمّا باطنها فيأس واكتئاب، أى الظاهر لا يعكس الباطن، وما نظهره للآخرين هو فقط ما نختار أو نوصّله وليست حقيقتنا كاملة.



ذلكmoral فيلم (ماكو) والمبدأ الذى يقوم عليه، والرسالة التى يريد إيصالها، فلكل شخصية من شخصيات العمل جانبان، وحقيقة كل منهم تظهر عند التعرض لضغط واختيار بين حياته وحياة الآخر، وبين الشغف والحياة، الاختيار الذى يحمل اختبارًا لمعدن كل منهم، وأيضًا لكل منهم دافع للمخاطرة مثل الغوص لعَبّارة سالم إكسبرس الشهيرة لتسجيل عمل فنى، يضع صانعته على قائمة الفائزين بجائزة مهمة، ويثبت به زوجها ولاءَه وحُبه لها، ويمنح أخرى الفرصة للتكفير عن ذنبها تجاه والدها ووالدتها، الذى تحوَّل لعقدة وشبح يطاردها طوال حياتها، إلى جانب فريق العمل الذى اتخذ من تلك المخاطرة فرصة لتحقيق إنجاز أو قضاء وقت لطيف فى أعماق المياة والاستهانة بما يمكن أن يحدث.

وهنا يأتى دور الأداء التمثيلى فى كشف كل جوانب الشخصيات من خير وشر، والتحول الذى يحدث لهم عندما يتعلق الأمر بحياتهم، فنرى «بسمة» فى دور «رنا» وتجسيد محترف للصراع النفسى الذى تعيشه بين حبها لزوجها ومنافسها فى عملها وبين ولعها للحصول على جائزة مهمة تفوق بها زوجها عليها، وكم الضغوط التى تتعرض لها جعلتها كالأعمى لا يرى شيئًا سوى إنجاز نجاح معين بصرف النظر عن أى مخاطر تحيط به، وأيضًا «عمرو وهبة» فى دور «تيمور» وتجسيده المتقن لجانبَىْ الشخصية؛ حيث يظهر كشخص لطيف محب للآخرين، لكن عندما تعرّض لضغوط واختبار حقيقى ظهر معدنه، وفاجأ الجميع ومنهم الجمهور باختياره لنفسه حتى وإن كان الثمَن سلب روح صديق، أمّا «نيقولا معوض» فى دور «شريف» فجاءت روحه الأنقى والأكثر إخلاصًا على طول الخط الدرامى، فظهر محبًا مضحيًا بنفسه من أجل حبيبته، وأثبت حقًا حبه لها واختياره لحياتها على حياته، لكن رُغم قوة الأداء التمثيلى لبعض الشخصيات وأهمية رسالة العمل؛ فإن هناك قصورًا كبيرًا فى بعض العناصر الأخرى، أحدثت خللاً واضحًا فى أحداث العمل وتسلسله؛ خصوصًا فى نهايته التى اقتطعت بشكل واضح، ففى خطيْها الدراميَيْن لم نعرف كمُشاهدين ماذا حدث بالتحديد وكيف وصلنا لتلك النهاية، مما يفصل المُشاهدين عن العمل ويجعله يفيق فجأة من اندماجه مع الأحداث ليرى نفسه فى مشهد النهاية ويتساءل عمّا حدث للشخصيات، وتلك سقطة كبيرة تنتقص من قدر عمل مثل (ماكو) أساسه الإثارة والتشويق ودمج المُشاهد داخل الأحداث كأنه واحد من الشخصيات، إلى جانب الجرافيكس المستخدَم فى مشهد حكى حادث عَبَّارة سالم إكسبرس الذى لم يأتِ بشكل متقن، على عكس جرافيكس باقى مَشاهد العمل التى تميزت بالاحترافية.

(ماكو) يُعتبر فى كل الأحوال نقلة نوعية فى صناعة السينما المصرية بكل ما يحمله من أخطاء، فقد وضع حَجَر الأساس فى بناء تلك النوعية من الأعمال الفنية التى نفتقدها على الشاشة المصرية.