الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. أسماء الشوارع والكبارى لم تعد حكرًا على الرؤساء والملوك فى الجمهورية الجديدة!

مصر أولا.. أسماء الشوارع والكبارى لم تعد حكرًا على الرؤساء والملوك فى الجمهورية الجديدة!

انتقاد الدولة ممثلة فى الحكومة هو أمرٌ وارد وشرعى ومطلوب، طالما كان هذا النقد إيجابيًا بالشكل الذى يقدم مقترحات وتصورات جديدة أفضل مما تطرحه الحكومة لصالح المواطن المصرى والمجتمع. ومن جهة أخرى، يجب أيضًا أن نشيد بالأفعال والإنجازات الإيجابية التى تقوم بها الحكومة، فالمعارضة الحقيقية هى معارضة وطنية داخل إطار الحياة السياسية المصرية. 



 

أذكر أنه بعد تنحّى الرئيس الراحل «حسنى مبارك» فى فبراير 2011 عقب أحداث 25 يناير، أننى قد صرّحت بوضوح فى التليفزيون المصرى أن إزالة اسم مبارك من محطة مترو الأنفاق برمسيس أو من مدرسة، لا يعنى أننا قد محونا اسمه من التاريخ السياسى لمصر، الذى حتمًا سيحكم على فترة حُكمه بما له وما عليه. 

إزالة الأسماء لها مساحة كبيرة فى التاريخ المصرى منذ عهد الفراعنة، فكل من يصل للحكم يتصدر باعتباره صاحب كل الإنجازات السابقة واللاحقة، وهو ما يجعله يقوم بطمس تاريخ مَن قبله مثلما فعلت ثورة يوليو 52 مع الملك فاروق وعائلته؛ حيث طمست صورته من تاريخ السينما المصرية وشوّهت تاريخه فى الكتب الدراسية، ورُغم ذلك وبعد مرور أكثر من 50 سنة ظهرت حقائق عديدة عن الملك فاروق على عكس ما كان يروَّج عنه وحوله، بل وحدث نوع من التعاطف الشديد معه، وفى النهاية لم يتمكن أحد من إزالة اسمه من التاريخ السياسى المصرى.  

دائمًا ما كان يقتصر إطلاق الأسماء على الرؤساء على غرار بحيرة ناصر ومدينة السادات، ولم نهتم قبل ذلك بإطلاق أسماء الشخصيات السياسية العامة أو المتميزين والمبتكرين كتكريم معنوى مختلف من الدولة لهم.

ما يميز الدولة المصرية حاليًا قوتها فى صناعة القرار واتخاذه استنادًا إلى دراسات وتحليلات لاختيار أفضل السيناريوهات، مثل إطلاق أسماء سيدات متميزات على محاور الطرُق أو محطة مترو الأنفاق، كما حدث مع إطلاق اسم «صفاء حجازى» التى رحلت فى 28 مايو 2017 على محطة مترو الزمالك؛ حيث تحوّل الأمر حينها إلى حالة من الجدال الساذج، واختلط التشهير بالتنمُّر بالرفض بالغضب والتسفيه. ليس هذا فحسب؛ إذ دخل أصحاب الآراء المتشددة على الخط، وقد بنوا كلامهم كالعادة على أفكار دينية متطرفة ضد المرأة، وهكذا انقسم المهاجمون إلى معسكرين، أحدهما يرى أنها لا تستحق هذا التكريم، والثانى يعتقد - فى الأصل- بعدم جواز إطلاق اسم سيدة على محطة مترو الأنفاق.

لم تكن صفاء حجازى أول سيدة تصل إلى رئاسة التليفزيون المصرى، فهى امتداد لأجيال من العظماء، من تماضر توفيق إلى سامية صادق إلى سهير الأتربى ونهال كمال وسوزان حسن، لكنها تحتفظ بكونها السيدة الأولى والوحيدة التى تولت رئاسة قطاع الأخبار بالتليفزيون المصرى إلى الآن، وهى مذيعة شهيرة قدمت العديد من البرامج السياسية المهمة، وفى مقدمتها برنامج «بيت العرب»، واشتهرت بالحزم فى مسئولياتها حتى أطلق عليها البعض داخل ماسبيرو لقب «المرأة الحديدية»، وهى باختصار صاحبة مسيرة إعلامية وتاريخ مهنى، يقف- بكل تأكيد- خلف تكريمها، وقبل ذلك تم تكريمها أيضًا فى ختام المؤتمر الرابع للشباب بالإسكندرية فى 25 يوليو 2017.

أذكر أيضًا أن الرئيس «عبدالفتاح السيسى» قد وجّه بـ:

- إطلاق اسم السيدة الراحلة «جيهان السادات» على محور «الفردوس» سابقًا. 

- إطلاق اسم اللواء «عمر سليمان» على الكوبرى الجديد بمحور جمال عبدالناصر المؤدى إلى التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة أعلى الطريق الدائرى فى شهر أغسطس 2021. 

- التنفيذ الفورى للمحور الجديد باسم المهندس «حسب الله الكفراوى» الذى يربط الطريق الدائرى جنوب محور المشير طنطاوى بمنطقة المعادى فى شهر أغسطس 2021. 

- إطلاق اسم الفنان «سمير غانم» على الكوبرى الجديد على محور محمد نجيب بمنطقة شرق القاهرة فى شهر أغسطس 2021

وأخيرًا إطلاق اسم «فريال أشرف» البطلة الأوليمبية ولاعبة الكاراتيه على الكوبرى الجديد الذى يتقاطع أعلى الطريق الدائرى على محور طه حسين بمنطقة التجمع الخامس بمدينة القاهرة الجديدة، فقد أحرزت أول ميدالية ذهبية لمصر فى أوليمبياد طوكيو 2020 بعد فوزها فى نهائى المسابقة لوزن 61 كيلو جرامًا للسيدات، كما وجَّه الرئيس حينذاك المسئولين بانتقاء عدد من المَحاور الرئيسية والمواقع الجديدة لإطلاق أسماء أبطال مصر فى أوليمبياد طوكيو عليها.

ملاحظات عابرة..

أولًا: إطلاق أسماء الفنانين والرياضيين والمسئولين التنفيذيين من الراحلين ومَن هم على قيد الحياة هو بمثابة صياغة جديدة فى نظرة الدولة لأبنائها بغض النظر عن أعمارهم أو نوع عملهم. أصبح معيار الاختيار هو الكفاءة والتميز وتقدير أدوارهم على مدار سنوات طويلة، سواء فى إدخال البهجة والسرور علينا، أو بسبب تحقيقهم الفوز عالميًا، أو بسبب أفكارهم المستقبلية فى صناعة مجتمعات عمرانية جديدة، أو بسبب أدوارهم السياسية والوطنية.  

ثانيًا: نطالب افتراضيًا بالمساواة بين الرجل والمرأة، ونطالب الدولة المصرية بمنحها الحقوق والامتيازات استنادًا إلى الدستور والقوانين، لكن سرعان ما نجد مَن يتخذ فعليًا مواقف مستترة ضد أى إجراء إصلاحى لتحرير المرأة من الثقافة الذكورية؛ خصوصًا على دولة الفيسبوك، إذ يبرر البعض سلب حقوقها ومصادرة أى نجاح لها، باعتباره خَصمًا من رصيد الرجال فى مصر، وهى فكرة فاسدة لا تتعامل مع فكرة المساواة بين الرجل والمرأة بمعيار العدل والمساواة، بقدر ما تتعامل بمنطق الاستحواذ على الحقوق لصالح الرجال فقط وقصرها عليهم.

ثالثًا: بشكل عام، لا شك أنه ما من اسم يتم اختياره إلا وتجد مَن يعارض تكريمه ويشكك فى قيمة صاحبه إلى حد التخوين فى أفكاره وآرائه وأدواره، وحتى فى ذمته المالية وتاريخه المهنى.

لا شك أن إطلاق اسم فنان أو لاعب أو وزير سابق هو نوع من التكريم لم تحظ به تلك الفئات من قبل، إذ اقتصر- سابقًا - على أسماء الزعامات التاريخية والسياسية، بداية من أحمد عرابى وسعد زغلول، وصولاً إلى جمال عبدالناصر وأنور السادات وعدلى منصور، وهى خطوة لإرساء مبدأ تقدير مكانة رموزنا واحترامهم تاريخيًا ومجتمعيًا.

 نقطة ومن أول السطر..

الدولة المصرية تصنع أشكالاً جديدة فى احترام المتميزين والمبدعين والمسئولين التنفيذيين واللاعبين/ اللاعبات الرياضيين تقديرًا لكفاءتهم وتميزهم واقتدارهم، فخلدت أسماءهم فى المجتمع المصرى من جهة، وشجّعت كل متميز ومتميزة، وهو ما يدعم حالة التمكين السياسى للمواطن والمواطنة المصرية، واستعادة مكانتهما المقدرة فى ظل دولة 30 يونيو.