الأربعاء 9 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا .. أستاذ جامعة صباحًا وإرهابى مساء!

مصر أولا .. أستاذ جامعة صباحًا وإرهابى مساء!

لا يزال بعض الأكاديميين المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية يمارسون، حتى هذه اللحظة، مهام عملهم فى الجامعات وفى نشر أفكارهم بين طلابهم، وإعادة تشكيل وجدانهم والتأثير عليهم، وإذا كان بعضهم يعمل تحت مظلة الخلايا النائمة فالبعض الآخر منهم يفصح صراحة عن توجهاته من خلال السوشيال ميديا.



 

 إليكم مجرد نماذج من عبارات كتبتها نسرين حسين سيد «مدرس مساعد بكلية البنات للآداب والعلوم والتربية جامعة عين شمس» فى رسالتها للماجستير بعنوان «الظلم الأكبر بين أهل السنة والشيعة»، إذ أكدت «وجوب الجهاد، وأن من لم يشهد بهذه الحقيقة الدينية الفارقة فهو من جنس المشركين وهو أشر من اليهود والنصارى»! ووصفت من يعتمد على العقل وكتب الأدب والفلسفة بأنهم «مجموعة من الملاحدة طالما ارتضوا بالبعد عن كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف»، و«ضرورة تكفير اليهود: وأن هذا النوع من التكفير ليس من الغلو، بل هو واجب على كل مسلم ومسلمة ليكونوا على بصيرة من دينهم، كما أن فاعله مأجور لأنه التزم حكمًا شرعيًا وواجبًا دينيًا».

وقد نبه إلى تلك الكارثة د. محمد فياض فى مقاله المهم «امرأة الشيطان» بجريدة الدستور فى 6 يوليو 2021.  

«امرأة الشيطان» أو نسرين حسين سيد أهدت رسالتها إلى والدتها ووالدها، ثم إلى رفيق دربها وإلى من أنار الله به طريقها.. إلى زوجها وفاء بحقه، واعترافًا بفضله، فزوجها هو الإرهابى الشهير هشام عشماوى، لذا من الطبيعى أن نجد رسالتها الأكاديمية التى قدمتها للجامعة، وتم تسجيلها ومناقشتها والموافقة عليها تفيض بالتشدد الفكرى، والتكفير، بل نصّبت نفسها فى بعض الأحيان فى الحكم باستحلال الدم ووجوب القتل، وكانت الكلمة الأكثر ورودًا فى الرسالة هى «الكفر والتكفير». 

الطريف أن مرجعيتها الأكثر حضورًا فى الرسالة المذكورة هى كتب ابن تيمية، والأكثر طرافة أنها لم تخف إعجابها به إلى حد الافتتان حتى إنها تقول «وأختم بهذا القول البديع لشيخ الإسلام ابن تيمية..». كما أفردت فى رسالتها فصلًا بأكمله عن الحكم بما أنزل الله، متماهية فيه مع روح الخوارج وأفكار سيد قطب، وتكفير الحاكم الذى يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله ولم يحكم به وأنه بذلك كفر.

حقًا، هى دراسة تفوح منها رائحة هشام عشماوى وأفكاره، أو ربما كان عقل هشام عشماوى هو من تفوح منه رائحة زوجته نسرين.. فكرًا وتطرفًا وممارسة.

حقيقة الأمر، أنه قد تم فصل زوجة الإرهابى هشام عشماوى، ليس بسبب تطرفها الذى يصل لحد الإرهاب، ولكن تم فصلها بسبب تغيبها عن العمل. وهو ما يعنى أنه إذا كانت مستمرة فى الذهاب لعملها وتسجيل الحضور والانصراف يوميًا حسب جدول محاضراتها، لكانت إلى الآن على منبر الجامعة تبث أفكارها الهدامة. 

قضية نسرين حسين سيد هى مجرد نموذج للعديد من أساتذة الجامعة المنتمين للجماعة الإرهابية أو غيرها من الجماعات المتطرفة ولا يزالون فى أماكنهم ليعتلوا المدرجات الجامعية لنشر أفكارهم وإعادة تشكيل وجدان طلابهم والتأثير على أفكارهم ونشر التطرف والتعصب والتشدد مستغلين مكانتهم العلمية والأكاديمية فى سبيل تحقيق أهدافهم وتقيتهم.

لا يزال أعضاء الجماعة الإرهابية المحظورة يستغلون وجودهم فى بعض المناصب لفرض إرهابهم، وتصفية حساباتهم الفكرية مع كل من اتخذ موقفًا مضادًا لهم ولجماعتهم المزعومة، والمفارقة أن د. محمد فياض نفسه قد تعرض لبطشهم، ولم تتم ترقيته حتى رحلت لجنة الترقية التى كان يسيطر عليها أحد أبطال محاكم التفتيش الإخوانى حينذاك. 

أعلم جيدًا أنه لا يمكن فصل أو عزل أى من هؤلاء الأساتذة الذين يثبت انتماؤهم لجماعة الإخوان الإرهابية إلا من خلال قواعد إدارية وقانونية واضحة مثل: تجاوزهم الفترة القانونية المسموح بها فى الانقطاع عن العمل، أو صدور أحكام قضائية ضد بعضهم، أو بسبب ثبوت تورطهم فى أعمال إرهابية، غير أن هناك حالات أخرى ينبغى الأخذ بها، مثل مشاركة بعضهم فى اعتصامى رابعة والنهضة، أو مشاركة بعضهم فى مداخلات لقنوات فضائية دفاعًا عن الجماعة الإرهابية، أو استمرار بعضهم فى الكتابة بوضوح على السوشيال ميديا، إذ أن بعض تلك الحالات لا تزال تمارس مهامها الأكاديمية، بل إن لبعضهم تاريخًا أكاديميًا عريقًا مما يجعلهم مصدر ثقة بين طلابهم، كما يقومون بأدوار متعددة فى الإشراف على الرسائل العلمية واختيار موضوعاتها وتوجهاتها، والتحكم فى الترقيات العلمية، يدعمون أتباعهم ويعرقلون من لا يعتنقون أفكارهم، ويصفون حساباتهم فى الحياة الأكاديمية. 

أعتقد أنه على المجلس الأعلى للجامعات مع وزارة العدل أن يشكلا لجنة سريعة لمراجعة انتماءات بعض هؤلاء الأكاديميين، ومراجعة الكتب التى قرروها كمناهج للتدريس سواء لهم أو لغيرهم، واتخاذ قرارات حاسمة بناء على قواعد قانونية واضحة من خلال الأدلة القانونية الموثقة، كما نحتاج إلى لجنة أخرى موسعة لمراجعة الرسائل العلمية التى يصل أفكار بعضها إلى درجة يمكن وصفها بـ«القنابل العلمية الموقوتة»، وهى تؤثر سلبًا على كل من يقرأها، أو يتخذها مرجعًا علميًا تمت إجازته للأسف فى غفلة من الزمن.

هؤلاء الأكاديميون اتبعوا تقيتهم المعهودة، وتحولوا إلى خلايا نائمة، ولم يتراجعوا عن أفكارهم المسمومة، كما لم يراجعهم أحد، ولم يناقشهم أحد، ولم نتأكد من نواياهم فى نظرتهم وانتمائهم فى تجريم الجماعة الإرهابية من عدمه، وهو أمر لا يمكن أن نتركه للظروف، فالتأثير بالأفكار فى عقول الشباب أخطر بكثير من الإرهاب المباشر، ولا يعنى عدم تورطهم فى أعمال إرهابية مباشرة أنهم لم يتورطوا فى نشر أفكار التطرف والإرهاب والتكفير.

نقطة ومن أول السطر..

الجامعات هى الممر الحقيقى لأبنائنا إلى الحياة. إنها فترة تشكيل اتجاهاتهم، وترسيخ أسلوبهم ونظرتهم وطريقة تفاعلهم مع المشكلات والأزمات، وليس من المنطقى أن نترك لأتباع جماعة الإخوان الإرهابية السيطرة على هذه المساحة من مستقبل الوطن.