الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ناصر - حليم - السعدنى الأطرش «جاب» حق حليم من  السعدنى! "الحلقة 18"

ناصر - حليم - السعدنى الأطرش «جاب» حق حليم من السعدنى! "الحلقة 18"

حدث ذات مقال للسعدنى فى جريدة الجمهورية وهى لسان حال ثورة 23 يوليو ورئيس تحريرها الحقيقى  والمسئول الأوحد عن كل حرف فيها وأى قرار يصدر منها هو القائم مقام أنور السادات.. وهو صديق السعدنى وزميله فى التلمذة على يد الأستاذ الأكبر والمرجع الثقافى والأدبى والسياسى لجيل بأكمله هو العم زكريا الحجاوى.



 

أقول.. كتب السعدنى مقالا عن فريد الأطرش على صفحة كاملة.. وبالطبع هاجم فيه الفنان الكبير بسبب تصريحات للأطرش وأيضًا لأسباب تتعلق بالعملية الفنية وبعدها ظن الأطرش أن الأمر ربما يتعلق بالعملية الفنية، وبعدها ظن الأطرش أن الأمر ربما يتعلق بصداقة السعدنى لحليم ، ولكنه عاد وفكر واستنكر هذا الأمر لأن السعدنى سبق أن هاجم حليم، بل إن السعدنى وفريد الأطرش تربطهما صداقة قوية لا تقل بحال من الأحوال عن صداقة حليم للسعدنى لدرجة أن فريد الأطرش شاهد السعدنى ذات حفل وهو برابطة عنق أثارت دهشة الأطرش فسأل السعدني: إيه يا محمود إنت عمتك اللى فى كندا ماتت وورثتها وضحك السعدنى وقال: لا لسه ما ماتتش، وقال الأطرش: إيه الكرافت المحترم ده؟،  فرد السعدنى قائلا: ده هدية من سكرتير الملك كنت عملت معاه حوار وبعد الحوار مباشرة لقيت الراجل بيقولى أنا عاوز أديلك هدية مش ح تنفعنى لا أنا بأخرج ولا بأقابل حد وهى فى الحقيقة هدية من الملك فاروق وكانت عبارة عن دستة كرافتات.. أخذ كامل الشناوى نصفها.

وهنا قال الأطرش.. دى هدية معتبرة  بتاعة ملوك بحق وحقيق. وفى اليوم التالى أرسل  السعدنى  للأطرش واحدة من كرافتات الملك فاروق.. وظل الأطرش شاكرًا للسعدنى موقفه هذا ليس لقيمة الهدية المادية فقط، ولكن لقيمتها المعنوية.. وعليه فقد اتصل الأطرش بالسعدنى وقال: يا محمود أنا مش بأخاف من أى صاحب قلم إلا إنت لأن فى ناس كتير بتنتقد وناس بتسب الفنان، لكن أنت مش بتخلى القارئ يضحك علينا وبس لأ؛ دا أنا شخصيًا وأنا باقرأ هجومك عليا.. بموت على نفسى من الضحك.. وبالطبع لم يفسد قلم السعدنى ولا رأيه للود المتصل بينه وبين حليم من جهة ولا الأطرش من جهة ثانية، ولكن الذى حدث أن الموضوع تطور بشكل خطير.. فقد اعترض شيوخ قبيلة الأطرش فى لبنان وسوريا وبشكل رسمى لدى الجمهورية العربية المتحدة على ما جاء بشأن أحد رموز عائلة الأطرش وهو الفنان العربى فريد الأطرش، وتلقى الاحتجاج موظف بالسفارة المصرية فى لبنان قام بإرساله إلى الخارجية التى أرسلته إلى عدة جهات ومنها إلى القائم مقام أنور السادات للتحقيق فى الأمر.. وتبين بعد ذلك أن الرئيس عبدالناصر على علم بالأمر وأن الأمور تعقدت وعلى السادات أن يكبح جماح قلم السعدنى.. وما كان من السادات إلا أن أرسل سكرتيره الخاص الذى يصاحبه فى كل منصب ذهب إليه حتى رئاسة الجمهورية.. وهو فوزى عبدالحافظ  ليبحث عن السعدنى، وبالفعل عثر عبدالحافظ على السعدنى وأبلغه أن السادات يريده لأمر بالغ الأهمية.. وتصور السعدنى أن منصبًا رفيعًا فى جريدة الجمهورية ينتظره، وذهب إلى صديقه وهو يُمنى  النفس بالآمال يرقبها.

دخل السعدنى على السادات وألقى المراحب الحارة عليه، ولكن الأخير لم يحرك ساكنًا.

وظل يقرأ أوراقا بين يديه ويجز على أسنانه.

وفجأة نظر نظرة نارية إلى السعدنى وهنا أدرك السعدنى أن كارثة فى الطريق وأن مكروهًا ينتظره.. وما هى إلا دقائق معدودة وكان المقال بين يدى السادات الذى أشعل سيجارًا ونظر للسعدنى وسأله: إيه يافندى الكلام البذىء اللى أنت كاتبه ده؟! يرد الولد الشقي.. فين يا أفندم الكلام البذىء ده.. وكاتبه فين؟!.. هنا يلقى السادات بسيجاره ويقول: البذاءات اللى أنت كاتبها عن فريد الأطراش فى الجورنال.

ويخبط السادات بيده على صفحة الجريدة، ويبتسم السعدنى ويقول: ده أنا كاتب عن مطرب يا أفندم وهو كلمنى لا زعل ولا حاجة ولا جاب سيرة أى بذاءات، وهنا ضرب السادات يده على المكتب وقال: يا افندى الحكاية أكبر مما تتخيل؛ الدروز بعتوا اعتراض للرئيس جمال عبد الناصر ضد الكلام الفارغ اللى أنت كاتبه عن فريد الأطرش وبيستنكروا إن جورنال الثورة يوجه كلام زى ده للدروز وللأطرش فى سوريا ولبنان ثم تناول السادات الجورنال.. ويبدأ فى قراءة فقرة من مقال السعدنى عن كلمة (الأطرش) ويقول:  

حد يكتب الكلام ده.. ؟!.. إنت صحفى يا وله ولا عربجى، ويضحك السعدنى محاولا تلطيف الجو.. ويقول: مافيش فرق يا أفندم.

ويلقى السادات بالجريدة على المكتب ويقول فى عصبية بالغة: إنت مرفود يا وله من النهارده مش عاوز أشوف وشك فى الجورنال.. ويشكر السعدنى السادات ويستأذن فى الانصراف.. ويمضى السعدنى خارجًا ولكن يلحقه فوزى عبدالحافظ ويقول.. يا أخ محمود.. سيادة القائم مقام عاوزك، فيقول: هو فى إيه تانى حيعمله.. أنا مرفود خلاص.. فى حاجة أكثر من كده.. ويطيب فوزى عبدالحافظ خاطر السعدنى ويقول: إنت عارف القائم مقام قلبه طيب.. تعال بس شوف هو عاوز إيه.. يمكن خير.. ويسير السعدنى خلف فوزى عبدالحافظ ويدخل المكتب من جديد. 

ويقول: خير يا أفندم؟ فينظر إليه السادات ويقول: إنت موقوف يا وله، ويقول السعدنى: أنا مرفود.. والا موقوف يا أفندم؟ ويكتم السادات ضحكه.. وهو يحاول أن يبدو جادًا.

أنا كنت ح اكتفى بوقفك.. لكن لا لا لا.. إنت مرفود يا وله.

وهنا انهارت دفاعات السعدنى واستغرق فى نوبة ضحك بصوت عال وانتقل فيروس الضحك ليشاركه فيه السادات.

وبالطبع انتشر هذا الحديث بين السادات والسعدنى فى الأوساط  الصحفية والثقافية والفنية ومن يومها لم يجرؤ أحد على تناول أى عمل فنى للأطرش بالسلب أو ذكره بما يمكن أن يثير غضب وحفيظة الدروز، والشىء الأغرب بالفعل أن الموسيقار  والمطرب العربى الكبير فريد الأطرش.. عندما علم بالأمر اتصل بالسعدنى وطلب أن يقابله لكى يتقدم إليه باعتذار شخصى عما بدر من الأسرة فى لبنان.

ولكن السعدنى قال لفريد إنه مش زعلان ولا حاجة.. وإن دى أمور متوقعة خصوصًا مع السعدنى الذى اعتاد على السجن والرفد والمنافى والمحاكم.. وعندما علم عبدالحليم حافظ بالأمر اتصل بالسعدنى وقال له: على فكرة يا محمود أنا عرفت دواك أخيرًا واللى ح يعالج كل شرور قلمك وسخريتك، فسأله السعدنى عن الدواء.. فقال العندليب: أنا ح أخلى كل قرايبى فى الحلوات والشرقية يبعتوا برقية للسادات يحتجوا على سخريتك من ابنهم البار عبدالحليم حافظ، ويضحك حليم من أعماقه ويقول: تصدق فريد الأطرش أخذ حقى أنا كمان!.