السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا .. أكشاك لبيع تذاكر النعيم وأقنعة الشيوخ والكهنة!

مصر أولا .. أكشاك لبيع تذاكر النعيم وأقنعة الشيوخ والكهنة!

الكتّاب والمثقفون والمفكرون هم ضمير المجتمع الحقيقى، ضمير ينبه ويذكِّر ويحذِّر فى أى قضايا أو أحداث أو مشكلات تواجه المجتمع، كما أنهم أصحاب رؤى تمكنهم من تقديم سيناريوهات وحلول متعددة وبديلة لجميع التحديات، لكن المناخ العام يجعلهم فى مواجهة مشكلتين، الأولى شعورهم بالشك فى أهمية ما يكتبون ومدى تأثيره، والثانية عدم وجود كيان يحميهم ويحفظ لهم حقوقهم أمام مفاجآت المستقبل.



 

وبهذه المناسبة ذلك السؤال المتكرر: ما جدوى الكتابة؟!

وهو سؤال تقليدى، لكنه سيظل يتكرر طالما هناك من يكتب رأياً أو وجهة نظر.

وقطعاً هناك جدوى للكتابة، وهناك أمثلة وأدلة عديدة ومتنوعة على ذلك:

- كتابة رأى أو وجهة نظر هو تعبير مباشر عن موقف فكرى محدد غير قابل للتأويل ضد ما يريد كاتبه.

- أصحاب الرأى لا يملكون سوى التعبير عن رأيهم بالكتابة، غير أن ترجمة هذا الرأى لواقع عملى هى مهمة منوط بها السياسيون والتنفيذيون.

- صاحب الرأى الحقيقى هو الذى يتمسك برأيه طبقاً لأسباب حقيقية ومنطقية.

- صاحب الرأى هو من أكثر المعرضين للهجوم والتشهير بسبب مواقفه التى يتبناها.

- هجاء أصحاب الرأى أصبح «شغلانة» أشخاص ليست لهم مهنة أو حيثية فى العمل العام الفكرى أو السياسى.

على الرغم من أننا أصبحنا من أكثر المرددين لشعارات قبول الاختلاف واحترامه وتقديره، فإن حقيقة الأمر تؤكد أننا ما زلنا نفتقد ثقافة الاختلاف، وما ينتج عنها من تنوع وثراء فكرى من شأنه أن يحدث نهضة فكرية وسياسية فى بلادنا.

لا يستطيع أحد أن ينكر، أنه منذ ثورة يوليو 52 والمشهد العام يتطور من خلال «شلل» سياسية وثقافية وإعلامية، لا تيارات فكرية، وهو أمر كان له تأثير سلبى ليس فقط  على المناخ المصرى العام، بل على المواطنين أيضاً، فالمشهد يظهر فى نهاية المطاف كمزيج  من تصفية الحسابات أو تحقيق المطامع الشخصية أو المصالح المادية، بالإضافة إلى أن جميع الأطراف لا تتحمل النتيجة النهائية لهذا المشهد، بقدر ما  تحاول كل «شلة» أن تحمله لمن هو ليس من أعضائها، وهو ما وصل بنا إلى أحداث 25 يناير 2011.

لذا.. لا أزال أميل إلى أن الكيان القادر على دعم ثقافة التنوع وقبول الاختلاف هو المجتمع المدنى المصرى، الذى يمكن أن يحقق المعادلة الصعبة فى مساندة الحكومة فى تقديم العديد من الخدمات للمواطن المصرى العادى، وهو دور يحتاج لدعم رجال الأعمال المصريين لإحياء مفهوم العمل المدنى، بعيداً عن التمويل الأجنبى الموجه.

إن ما تشهده مصر الآن، هو تغيير لم نشهده منذ سنوات طويلة، وهو ما يحتاج لأن يكون المواطن المصرى على درجة من الوعى لمتابعة هذا التغيير حتى لا يكون هناك «فرق سرعات» بين التغيير السياسى الذى يحدث الآن، وبين «وعى» المواطن المصرى الذى يصب فى أحادية التفكير بأسلوب إما «مع» أو «ضد» حسب التركة الثقيلة لما قبل ثورة 30 يونيو العظيمة.

لا أومن بمقولة «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية»، ولا أثق فى مقولة «الحياد والموضوعية»، بقدر ما أثق فى الايمان بأفكار واتجاهات محددة والقناعة بأهميتها وأفضليتها عن غيرها، وهى جميعها مساحات للانحياز التام لما أقبله، والرفض التام بغيره، مع التقدير التام للاختلاف والتنوع.

المؤسف فى وقت نتحدث فيه عن جدوى الكتابة، أن يشعر العديد من الكتّاب بأنهم مستضعفون فى الحياة الثقافية المصرية. ولا أستطيع حتى هذه اللحظة أن أتقبل فكرة وجود اتحاد كتّاب لا يقبل فى عضويته الكاسحة سوى الشعراء والروائيين استناداً إلى لائحة تنص على «عضوية كل من له إسهام منشور فى مجالات: القصة القصيرة والطويلة، والشعر والزجل، والنقد، والدراسات الأدبية والتراجم، والترجمة، وأدب الرحلات، وأدب الأطفال، وسيناريو وحوار الأفلام السينمائية، والمسرحيات، والأعمال الدرامية التى تعدُّ للإذاعة والتليفزيون وكافة الأعمال الأدبية الأخرى»، والمعيار الأخير «كافة الأعمال الأدبية» هو ما تم استغلاله من مجالس اتحاد الكتاب السابقين لإدخال الإذاعيين والصحفيين والإعلاميين، و«كل من له إصدار أدبى» والجملة الأخيرة على لسان سمير درويش «عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر الأسبق» حسبما صرح فى أحد التقارير المهمة التى تناولت قضية «اتحاد الكُتّاب.. للشعراء والروائيين فقط!».

المتتبع لما يحدث فى اتحاد الكتاب يكتشف أنه فعلياً تحول عدد أعضاء اتحاد الكتاّب إلى رقم خرافى بسبب ثغرات القانون، وفى الوقت نفسه خرج الكتّاب والمفكرون والمثقفون ممن لا ينتمون إلى عضوية نقابة الصحفيين أو أى نقابة أخرى من حساباته. بعدما اقتصرت مهنة الكتابة عند اتحاد الكتاب على الأدباء فقط. وهو ما يجعلنى أكتب الآن استكمالاً لما كتبته قبل ذلك على مدار سنوات طويلة فى هذا الأمر.

 

نطرح هنا بعض الأسئلة ذات الصلة المباشرة:

- لماذا لا نطلق عليه اتحاد الأدباء أو الروائيين طالما اختزلناه فى فئة أو فئات محدودة؟ وفى هذه الحالة: ما المظلة التى تجمع الكتّاب والمفكرين أم أن الفكرة التى يستسيغ البعض ترويجها هى وجود نقابة أو اتحاد جديد خاص للكتاب ارتكازاً على قاعدة اتساع دائرة المكافآت والبدلات؟

- ما فائدة «دار الأدباء» التى أنشأها يوسف السباعى لكل أدباء مصر والعالم العربى والآسيوى، ورأس أول اجتماع لها د. طه حسين بحضور توفيق الحكيم وحسين فوزى ومحمود تيمور ويحيى حقى وكامل الشناوى ويوسف السباعى ونجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوى وأحمد بهاء الدين، وفقاً لمحضر أول اجتماع للدار بتاريخ 7 مايو 1953 .. أم أن الأمر مجرد تعدد عضويات لاكتساب مميزات مادية وأدبية؟

- لماذا الإصرار على عدم وجود أى نية مطلقاً لبحث تغيير معايير اختيار أعضاء الاتحاد بإعادة النظر فى اللوائح الداخلية أو مراجعة سجلات العضوية لبيان حقيقة من يستحق العضوية فعلياً؟

ليس من مصلحة العمل الفكرى والثقافى فى مصر.. التداخل بين الكتّاب والمفكرين والروائيين والأدباء والإعلاميين، فلكل مجال مساحته وتأثيره من جهة، ومكانته واحترامه وتقديره من  جهة أخرى، والكتابة مهنة «راقية» رفيعة المستوى، وهى أساس الذاكرة الجمعية للعقل المصرى.

نقطة ومن أول السطر..

الكتابة شغف، وصناعة الأفكار حياة.

«الكاتب» هو من يستطيع صناعة الأفكار وإنتاجها من خلال رصد المعلومات المنشورة وتحليلها وإعادة قراءتها لتقديم رؤية أو مبادرة أو حل أو تقييم عملى قابل للتنفيذ لصالح المجتمع وتطوره ومستقبل هذا البلد.