السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا .. إلى الإخوان المسلمين أو «جماعة المكرونة»: جيشنا للرجال!

مصر أولا .. إلى الإخوان المسلمين أو «جماعة المكرونة»: جيشنا للرجال!

من أوائل المؤسَّسَات المصرية التى طبَّقت مبدأ «مِصْرُ أَوَّلًا» هى المؤسَّسَة العسكرية، فالقوات المسلحة المصرية هى المؤسَّسَة الوحيدة التى ظلت صامدةً أمام جميع التحديات التى ترتبت على أحداث 25 يناير 2011؛ بل قامت بأدوار عديدة فى سبيل عبور آمن بأقل خسائر ممكنة، حتى لا يكون مصيرًا مجهولًا مثل بعض الدول المجاورة، التى تعانى رُغم مرور أكثر من 10 سنوات على الخريف العربى المزعوم.



فى بداية أحداث 25 يناير 2011 تم الحديث عن علاقة الشعب بالقوات المسلحة المصرية بأسلوب ناعم وهادئ يحمل قدرًا لا بأس به من المراوغة، سرعان ما ظهر فى حملات تشويه موجّهة طالت القوات المسلحة، من خلال استمرار النقد لمشروعات اقتصادية تديرها، وهو حق يُراد به باطل، إذ توحى حملات النقد بأن الجيش قد دخل عالم البيزنس، بهدف رسم صورة سلبية تؤكد أن هذا التوجُّه قد جاء على حساب قدراته العسكرية ومهاراته القتالية، ولم يسأل أحدٌ حينذاك: هل كان من الممكن أن تستمر القوات المسلحة فى تطوير نفسها فى ظل المخصص لها من الموازنة العامّة للدولة؟! مع العلم أنها ملتزمة بتوفير الطعام والشراب والمَلبس لجميع جنودها، فضلًا عن معسكرات التدريب والمبيت والمستشفيات للعلاج، بالإضافة إلى تسليح الجيش المصرى بفروعه المتعددة وتطوير أسلحته، وتدريبه وصقل خبراته الدفاعية والقتالية، وهو ما يعنى أن القوات المسلحة تقوم بالصرف على ما تقوم به دون تحميل ذلك على الموازنة العامّة من جهة، ودون أن يؤثر ذلك على الحفاظ على عقيدتها العسكرية بما تحمله هذه الكلمة من معنى ومسئولية من جهة أخرى.

 ثوابت وطنية..

أولًا: أثبتت القواتُ المسلحة المصرية منذ 25 يناير 2011، وإلى الآن، حرصَها على حفظ استقرار مصر، وقد نجحت فى الانتقال من حُكم الرئيس الراحل «حسنى مبارك» دون أى مَخاطر، حسبما كان متوقعًا من جميع أطراف العملية السياسية المصرية، كما حرصت القوات المسلحة المصرية على عدم استدراجها منذ البداية للصدام مع المتظاهرين، وهو ما جنَّب الشعبَ المصرى تبعات كثيرة سلبية، وعلى رأسها الثأر للدم، فقد كانت ستحدث لمَن تم قتلهم على غرار ما يحدث فى سوريا إلى الآن، وكانت المحصلة النهائية هى فشل جميع المحاولات لافتعال واستدراج القوات المسلحة للدخول فى مواجهة أو صدام مع الشارع المصرى على مدار سنة ونصف السنة حتى انتخابات رئاسة الجمهورية، ووصول «محمد مرسى» للحُكم.

ثانيًا: حرص المجلس العسكرى على عَقد جميع الانتخابات وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية، ورُغم كل ما أشيع على نطاق واسع بخصوص عدم التزام القوات المسلحة بتسليم السُّلطة، فقد قامت بتسليمها فعلًا بشكل يشير إلى مدَى مكانة منصب رئيس الجمهورية من جانب، وهيبة وجدارة القوات المسلحة كصمام أمان لهذا البلد من جانب آخر، وقد وضح ذلك أثناء احتفال القوات المسلحة؛ إذ ظهَر التزامُها تجاه وصول «محمد مرسى» للسُّلطة، وهو الأمْرُ الذى ظهَر بتأدية المشير «حسين طنطاوى» له بالتحية، باعتباره رئيسَ مصر، وهو ما يعكس بجلاء انضباط المؤسَّسَة العسكرية بروتوكوليًّا، وقد جاء ذلك عكسَ كل التوقعات؛ إذ أكد البعضُ استحالة أن يؤدى المشير التحية العسكرية لرئيس ينتمى لجماعة تعمل ضد الصالح الوطنى العام.

ثالثًا: قامت المؤسَّسَة العسكرية المصرية خلال الأيام العصيبة بَعد أحداث 25 يناير 2011 بالعديد من الإنجازات التى يجب ذكْرها وعدم إهمالها. وعلى سبيل المثال لا الحصر:

 - فى أزمة البنزين قامت بتأمين سيارات نقل البنزين إلى جميع محافظات الجمهورية، وحرصت على تأمين ضمان وصوله إلى المحطات بدلًا من سكبه فى الصحراء أو تهريبه إلى غزة وغيرها كما شاهدنا حينذاك.

- فى تأمين جنازة الراحل البابا «شنودة» الثالث، قامت قوات الشرطة العسكرية بتأمين الكاتدرائية من الداخل والخارج منذ إعلان حالة الوفاة، وكذلك تأمين سيارة الإسعاف التى حملت الجثمان من الكاتدرائية بالعباسية إلى مطار ألماظة، ثم إلى داخل المكان المخصص لدفنه بدير الأنبا بيشوى.

- قامت القوات المسلحة بحل العَشرات من مشكلات الاعتصامات المتكررة فى الكثير من المصانع والشركات ليست فقط القومية منها؛ بل القطاع الخاص منها، وذلك من خلال التفاوُض لحل المشكلات بشكل سريع لا يترتب عليه وقفُ عملية الإنتاج أو تعطيله.  - لا شَكَّ أنه لولا القواتُ المسلحة المصرية لدخلت مصرُ فى نفق الأزمة على جميع المستويات، بداية من تفشى العنف والبلطجة، مرورًا بانهيار الاقتصاد المصرى، وصولًا إلى حالة الصدام المباشر بين الأطراف السياسية المتباينة فى الشارع المصرى.

رابعًا: المؤسَّسَة العسكرية المصرية نجحت فيما فشلت فيه جيوش دول مجاورة، لدرجة أصبح فيها الجيش الوطنى فى تلك الدول يقوم بقتل أبنائه، ومن هنا جاءت الخطة البديلة؛ إذ ظهرت محاولات واسعة تسعى لتفكيك الجيش المصرى بعد أن استطاع العبور بمصر من فخ أحداث 25 يناير 2011، وذلك بالحديث عن مراقبة الموازنة الخاصة به وشفافية مصروفاته.. وهو ما يتعارض مع فكرة «السّرّيّة» فى الحفاظ على كِيَان القوات المسلحة وقوتها وقدرتها، حسبما هو متبع فى العالم كله وفى مقدمتها الدول العظمَى. لقد نجحت المؤسَّسَة العسكرية فى إفشال جهود بعض الدول الكبرى والمجاورة لنا فى وقف مخطط أولوياتها بتحييد مصر، وخروجها كلاعب رئيسى من اللعبة السياسية فى منطقة الشرق الأوسط لصالح دول أخرى من جهة، ولإعادة صياغة المنطقة بشكل جديد فيما يخص العلاقات «العربية- الإسرائيلية» وفى قلبها القضية الفلسطينية من جهة أخرى.

خامسًا: احترمت القواتُ المسلحة المصرية انتخابَ الشعب المصرى لمحمد مرسى وجماعته، وظلت تنبّه لخطورة سياسة الاستحواذ والإقصاء، التى تحولت إلى سياسة الانتقام والتصفية؛ خصوصًا فى اختياراتهم للتشكيل الوزارى والمحافظين، ثم من خلال ما حدث فى أكبر عملية تغيير لرؤساء تحرير الجرائد القومية أو بقرار إغلاق قناة الفراعين أو بمصادرة جريدة الدستور، وقبل ذلك كله خلال انتخابات مجلسَى الشعب والشورى، وعضوية اللجنة التأسيسية للدستور.

ولا أنسَى هنا تصريحات محمد مهدى عاكف «المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين حينذاك» الذى قال إن زمن الإخوان لم يأتِ بَعدُ، وأن ذلك الزمن سيأتى عندما يهيمن الإخوان على الرئاسة والوزارات والسفارات وجميع أجهزة الدولة وأخونة الشعب والشارع «جريدة الأخبار 12 أغسطس 2012». وهو ما وصل بنا إلى ثورة 30 يونيو العظيمة، التى أثبتت خطأ الشائعة التى ردّدها البعض من وجود اتفاقات ومساومات وصفقات بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان أو غيرهم. وأصبح من الواضح أن الصفقة الوحيدة التى قام بها المجلسُ العسكرى أو القواتُ المسلحة المصرية هى الرهان على بقاء الدولة المصرية بتاريخها وهيبتها ومكانتها.

 أسلمة المجال العام..

انحازت القواتُ المسلحة المصرية للشعب المصرى بعد تنفيذ مخطط جماعة الإخوان الإرهابية بأسلمة المجال العام وأخونته وتطييف المجتمع المصرى بشكل مباشر من خلال تيارات الإسلام السياسى على النحو التالى:

- حصول تيار الإسلام السياسى على أغلبية مَقاعد المجلس التشريعى، وفوزه بمقعد النقيب فى العديد من النقابات المهنية، واتساع انتشار الإسلاميين فى الحياة السياسية ليصلوا إلى أكثر من 15 حزبًا سياسيّا لها مرجعية إسلامية طائفية مباشرة بعد أحداث 25 يناير 2011؛ بل الجَهر بإعلان أعضاء تيارات الإسلام السياسى لهُويتهم الإسلامية فى مجالات العمل العام المتعددة، بَعد أن كان هذا الانتماءُ ضمن مَظاهر المجال الخاص لكل مواطن.

- تأسيس منظومة الإعلام الإسلامى بداية من إصدار جرائد يومية مثل: «الحرية والعدالة» للإخوان المسلمين و«المصريون»، ومرورًا بجريدة الرحمة «سلفية» والفتح «سلفية»، وصولًا إلى تعيين رؤساء تحرير للجرائد القومية لهم ميول إسلامية، وما تبع ذلك من منع عدد من الكُتَّاب المخالفين للإسلام السياسى من الكتابة.

- تقييدُ الحقوق والحريات العامة، ومنها حرية الرأى والتعبير والإبداع وحق النقد والمراجعة والرقابة على كل ما يصدر، وهو ما يمكن رصدُه فى ملاحقة الفنانين، ومنهم عادل إمام وإلهام شاهين، فضلًا عمّا حدث من تضييق على بعض القنوات الفضائية.

- الترويجُ لاقتناع جماعة الإخوان المسلمين بمبدأ المواطنة والمساواة، فى الوقت نفسه الذى يتم فيه تصعيدُ الأزمات والتوترات الطائفية، والانتقاص من المرأة وحقوقها؛ خصوصًا فى مجال التشريعات الخاصة بالأحوال الشخصية.

- تعتمد وسطية الإسلام التى تتزعمها سياسيّا جماعة الإخوان المسلمين حلًا برجماتيّا خالصًا للاقتراب من رجُل الشارع المصرى البسيط، فتتركه على حاله دون كثير من الوعظ مقابل أن تُشعره بأنه رجُل مسلم صالح يعمل لآخرته بالتصويت للجماعة المزعومة فى الانتخابات.

- قامت جماعة الإخوان المسلمين بتشكيل الجمعية التأسيسية لتتطابق مع أهوائها وميولها، وقامت بقتل حلم كل مصرى ومصرية من أبنائها وفلاحيها وعمالها ورجالها ونسائها وشيوخها وشبابها لكتابة أول دستور مصرى بيد أبنائها.

  فى لحظة ما، رَوّجت الكتائبُ الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية بوصف الجيش المصرى بأنه «جيش المكرونة» فى محاولة غير مباشرة للتهوين من شأنه ومن قدراته ومن قوته العسكرية، ومن ضمن حملات التشويه التى تتصاعد مَرّة، وتتراجع مَرّة أخرَى، النقد المستمر للمشروعات الاقتصادية التى تديرها القواتُ المسلحة، وهو حقٌ يُراد به باطل لما تحمله حملات النقد من إيحاءات بأن عقيدة الجيش قد تحوّلت من حفظ البلاد وسلامة أراضيها إلى مشروعات اقتصادية، وهو ما يأتى على حساب قدراته العسكرية ومهاراته القتالية، وبَعد أن ظهَر فسادُ مقولة «جيش المكرونة» رَوّج البعضُ لفكرة أخرى فاسدة على مواقع التواصُل الاجتماعى وهى فكرة احتكار القوات المسلحة لتوريدات المستشفيات الحكومية، والحقيقة أنه بَعد أن تم تعويم الجنيه رفضت العديد من الشركات الخاصة توريد المستلزمات الطبية للمستشفيات، كما استغل بعضها الظروفَ الاقتصادية وضاعف الأسعار بشكل غير منطقى، وهو الأمرُ الذى جعل القوات المسلحة تسعى إلى إقرار المعايير والشروط والمواصفات الفنية والمالية لأكثر من 390 بندًا وصنفًا من المستلزمات الطبية مثل: «السرنجات، فرش التعقيم، بكر رسم قلب، چل السونار..»، وترتب على ما سبق تحديد كامل لجودة المستلزمات الطبية وبأسعار محددة، ليُترَك للمستشفيات بعد ذلك حرية التعامل مع الشركات الخاصة مباشرة، طبقًا للمعايير والشروط والمواصفات الفنية والمالية المقرّرة للمستلزمات الطبية، مع مراعاة الرجوع للقوات المسلحة فى حالة إخلال الشركات الخاصة بجودة المستلزمات الطبية الموردة أو زيادة الأسعار، باعتبار أن ما سبق يخص حياةَ المواطنين المصريين اليومية، وهو ضمن أولويات الأمن القومى المصرى.

كما تم استهداف المشروعات الكبرى والطرُق والمحاور الجديدة بالشائعات نفسها، غير أن رؤية المواطن المصرى لإنجازات حقيقية على أرض الواقع كان كفيلاً بسقوط كل ما يردده إعلامُ الجماعة الإرهابية وغيرها من الحركات الاحتجاجية الوهمية على أرض الواقع والافتراضية على مواقع التواصُل الاجتماعى.

 

قطعًا لا يمكن أن ننسَى هنا مخططات جماعة الإخوان الإرهابية لشبه جزيرة سيناء، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومى المصرى؛ خصوصًا بعد الحديث عن مشروعهم العجيب المعروف إعلاميّا باسم «إقليم قناة السويس»، الذى يمكن أن نطلق عليه «ديليسبس 2». ولذا كانت سيناءُ من أولويات دولة 30 يونيو، وأذكر أننى قد كتبتُ حينَها مُطالبًا بإسناد المشروعات الاستثمارية لتنمية سيناء بالكامل للقوات المسلحة المصرية، وذلك لعدة أسباب، منها:

- إن القوات المسلحة المصرية هى الجهة الوحيدة المستأمنة على أرض سيناء دون التشكيك فيها ودون اتهامها بالتفريط فى الأراضى المصرية، ولأنها الوحيدة القادرة على تنفيذ خطط التنمية والمشروعات الاستثمارية دون أى مساس بالأمن القومى المصرى؛ بل هى القادرة على تأمين سيناء وتطهيرها من أى عناصر جهادية أو إرهابية.

- إن القوات المسلحة المصرية تتسم فى تنفيذ مشروعاتها التنموية بالانضباط من خلال ثلاثة معايير محددة، هى: سرعة التنفيذ، والأقل تكلفة، والأقصَى جودة وكفاءة. ولكونها تقوم بتنفيذ المشروعات بالشراكة مع شركات مدنية عامّة غير تابعة للجيش وغير حكومية، أى أنها شراكة مع رأس المال الوطنى من جهة، وبعمالة مصرية خالصة من جهة أخرى، وهو ما يعنى مواجهة البطالة من جهة، وإشراك رجال الأعمال فى مشروع وطنى ضخم من جهة أخرى.

- إن القوات المسلحة المصرية تعمل من خلال مبدئها الرئيسى فى الانضباط، وهى تتشارك وتتعاقد مع الشركات المدنية من خلال معايير التنفيذ بأدق المواصفات والشروط، كما تتم مواجهة أى تقاعُس أو تقصير فى التنفيذ بفرض الغرامات وإنهاء الشراكة مع القوات المسلحة المصرية نهائيّا.

- إن هناك ثقة من المواطن المصرى العادى فيما تقوم به القوات المسلحة المصرية من مشروعات وطنية عديدة على غرار: المستشفيات والطرُق «الكريمات والعين السخنة..» والكبارى، والمخابز، ومحطات تحلية مياه الشرب، وحفر الآبار.

 

 نقطة ومن أول السطر..

لم تنجح محاولاتُ البعض الدءوبة لاستدراج القوات المسلحة إلى صدام مع الشارع المصرى، وباءت جميعُها بالفشل الذريع، وستظل القوات المسلحة المصرية هى خَط الدفاع الأخير عن الشعب المصرى وأرض هذا الوطن، فهى من الشعب وللشعب منذ بداية تاريخ الدولة المصرية قديمًا وإلى الآن.