الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الإسكندرانى: المعبد اليهودى بالإسكندرية.. شاهد تاريخى على التنوع الحضارى

مصر مهد الحضارة، وملتقى الأديان السماوية، تاريخ صنع تراثًا عظيمًا لآلاف السنوات، وقد أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بتراثها سواء كان فرعونيًا أو يهوديًا أو مسيحيًا أو إسلاميًا، ويرتبط الوجود اليهودى فى مصر بالمعابد، وفى محافظة الإسكندرية نجد معبد «إلياهو هانبى»، بشارع النبى دانيال رقم 69 وهو مسجل فى عداد الآثار بالقرار الوزارى رقم 16 بتاريخ 19/1/1987م. ويمثل أهمية تاريخية لدى الإسكندرية التى كانت تعد مدينة «كوزموبوليتانية» متعددة الثقافات والحضارات. 



كما يمثل أهمية دينية وتاريخية كبيرة لدى اليهود نظرًا لاعتقادهم فى الأسطورة الشائعة التى تذكر أن النبى إلياهو ظهر بعد وفاته لأكثر من شخص من رجال الدين اليهودى فى المكان المقام عليه المعبد الآن.

ولهذا فإن أعدادًا كبيرة من يهود العالم يزورونه لمكانته المقدسة ويعتبر من أهم معابد الإسكندرية.

 وتقول دكتورة زينب المنسى أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية: إن المعبد يُنسب إلى إلياهو النبى، أحد أنبياء بنى إسرائيل الذى عاش فى القرن الثامن قبل الميلاد. 

أما عن تاريخه فأوضحت أنه يعد من أقدم وأشهر المعابد اليهودية فى مصر، وشيدته الجالية اليهودية فى مصر عام 1354م، وتعرض إلى التدمير أثناء الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، وأعيد بناؤه مرة أخرى سنة 1850م فى عهد الوالى عباس حلمى الأول، ومن بعدها أعيد بناؤه أكثر من مرة، آخرها بعد الحرب العالمية الأولى.

 وأشارت: يقع المعبد على بعد خطوات من الكنيسة المرقسية التى لها مكانة كبيرة فى المسيحية، فهى أول كنيسة بنيت فى مصر وأفريقيا، وقد تهدمت أكثر من مرة وأعيد بناؤها، وكان آخرها عام 1870م وكانت أرض المعبد جزءًا من الكنيسة، وأهداها قداسة البابا وقتها إلى يهود مصر لبناء المعبد وإقامة شعائرهم.

 وتصف دكتورة زينب المنسى المعبد بأن مساحة المعبد 4200 متر، مكون من طابقين، طابق للرجال والثانى للسيدات، ويحتوى على مكتبة مركزية قيمة يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر من الميلاد، كما يضم صفوفًا من المقاعد الخشبية تسع 700 شخص، وصناديق من الرخام مخصصة لجمع التبرعات وعدد من المكاتب الخدمية الخاصة بالطائفة اليهودية.

ويقع المدخل الرئيسى فى الجهة الغربية وتتقدم الواجهة عشر درجات من الرخام تؤدى إلى المدخل الرئيسى، وللمدخل باب على جانبيه عمودان وتعلوه شرفة عليها كتابات باللغة العبرية تشير إلى المعبد وأهميته، والمعبد من الداخل مستطيل الشكل مشيد على الطراز البازيلكى ومقسم إلى خمسة أروقة أوسطها هو الأكبر.

ويقع هيكل المعبد فى الجهة الشرقية وواجهته من الرخام ويعلوه عقد نصف دائرى محمول على أعمدة رخامية وتتوسطه كتابات عبرية عبارة عن آيات من التوراة، بينما مقصورة الصلاة تقع غرب الهيكل ويحيط بها من الجهات الجنوبية والشمالية والغربية مجموعة من الدكك والكراسى الخشبية على شكل صفوف لجلوس المصلين، وبداخله دولاب الأسفار، وبه مجموعة كبيرة من صناديق التوراة المكتوبة على الورق والجلد بخط اليد.

 واسترسلت: بدأ ترميم المعبد منذ أغسطس 2017، وتضمن رصد الشروخ والعناصر المعمارية والإنشائية الحرجة ووضع الخطط اللازمة لترميمها وفك ورفع العناصر المنقولة، كما تم تقسيم محاور ترميم المعبد إلى عدة محاور تتمثل فى الترميم الإنشائى والمعمارى والترميم الدقيق وعقب الانتهاء من الترميم، تم تزويد المبنى بأحدث أنظمة إنذار الحريق وأحدث وسائل الإضاءة طبقًا للنظم العالمية التى تتناسب وطبيعة المبنى الدينية والأثرية.

وختمت دكتورة زينب المنسى حديثها عن المعبداليهودى بالإسكندرية بأنه يعد رسالة من مصر إلى العالم، مفادها أن الحكومة المصرية تهتم بالتراث المصرى إجمالا وكذلك تأكيدًا على سماحة مصر واحتضانها لكل الأديان وحرصها على كل الآثار الموجودة على أرضها من كل الحقب الزمنية ومن الثقافات والأديان المختلفة باعتبارها تراثًا مصريًا يجب الحفاظ عليه والاهتمام به من دون تفرقة.

وتقول دكتورة شهد زكى البياع مدير تطوير المواقع الأثرية بالإسكندرية: يرجع تاريخ إنشاء المعبد اليهودى كما هو مسجل على لوحة التأسيس الرخامية على يمين الهيكل باللغة العبرية إلى سنة 5641 بالتقويم العبرى حوالى سنة1881م.

 ويضم المبنى مقر طائفة يهود الإسكندرية وكذا مبنى المحكمة اليهودية، ومبنى المعبد مستطيل الشكل حوالى 40×30مترًا، ويعتبر من المعابد الفخمة من الناحية المعمارية وهو مبنى على الطراز البازليكى ومكون من طابقين، الطابق الثانى به شرفة السيدات ويقع المدخل الرئيسى بالواجهة الغربية ويعلوه نجمة سداسية وكتابات، ومن الداخل يتكون من ثلاثة أروقة تحتوى على صفين من الدعامات والأعمدة والرواق، الأوسط أكبر وسقفه أعلى من الرواقين الجانبيين. وبكل من الجدارين الشمالى والجنوبى توجد نوافذ كبيرة من الزجاج الملون، كما يقع الهيكل بالجهة الشرقية للمعبد وهو مصنوع من الرخام وعلى جانبيه أعمدة رخامية، كما يوجد بداخل الدولاب المقدس مجموعة كبيرة من أسفار التوراة مكتوبة على الجلد والورق داخل صناديق متنوعة الزخارف ذات أهمية دينية وأثرية كبيرة، وتوجد أمام الهيكل المنصة المخصصة للصلاة والوعظ.

كما يوجد بداخل المعبد صفوف من المقاعد الخشبية لجلوس المصلين وكذلك توجد معلقات زجاجية وفضية فاخرة للإضاءة تتدلى من سقف المعبد. وتم إعداد مكتبة تضم الكتب الكثيرة الموجودة بالمبانى الملحقة بالمعبد وتجميعها فى مبنى ملحق بالمعبد لتكون المكتبة على غرار مكتبة التراث اليهودى الملحقة بمبنى معبد شعار هاشامايم بشارع عدلى بالقاهرة ومعبدالقرائين بالعباسية ومعبد بن عزرا بمصر القديمة.

وتضيف دكتورة شهد البياع: سمى المعبد على اسم إلياهو النبى هو أحد أنبياء بنى إسرائيل الذى يعتقد اليهود، بحسب العهد القديم، أنه سيأتى فى المستقبل، مبشرًا بخروج يأجوج ومأجوج، الشعب المعروف للديانات الثلاث، والذى يروى أنه سيظهر من أحد مواقع آسيا يلتهم الأخضر واليابس فى طريقه.

وبحسب الكتاب المقدس، فإن وظيفة إلياهو النبى أن يهيئ اليهود للخلاص ويصلح قلوبهم كما يعتقد اليهود أن ظهوره سيكون قبل ظهور «المسيا أو الماشيا» المخلص، الذى يعرفه العرب بالمسيح كما يعتقد اليهود أنه يظهر فى عيد الفصح المقدس لدى الديانة اليهودية، فى تجلٍّ يشبه التجلى الذى يعتقد فيه المسيحيون بالنسبة للعذراء مريم.