الأربعاء 9 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا .. خطأ رجل الشرطة ليس خطأ الداخلية.. هىّ مش فوضى!

مصر أولا .. خطأ رجل الشرطة ليس خطأ الداخلية.. هىّ مش فوضى!

علاقة رجل الشرطة بالمواطن المصرى واحدة من أهم الإشكاليات التى تم تصديرها بشكل مقصود قبل أحداث 25 يناير 2011، وبعدها تم استثمارها بشكل موجّه، وتوظيفها لإحداث حالة من الانقسام، بكل الأساليب الممكنة، والإجهاز على رصيد الثقة الخاص برجال الشرطة، حتى قامت ثورة 30 يونيو 2013 لتعيد الأمور إلى نصابها الحقيقى، وتبنى الثقة من جديد.



 

إن صياغة تلك العلاقة لرجل الشرطة بالمواطن هى إحدى الركائز الأساسية فى خلق مناخ سياسى واجتماعى منضبط. وواقع الأمر، يؤكد على أن رصد حال هذه العلاقة منذ 30 يونيو وإلى الآن – وبناء على خبرات تاريخية سابقة – يؤكد على تطور أداء وزارة الداخلية بشكل رائع، مكّنتها من بناء علاقة قائمة على الاحترام والتقدير مع المواطن، وهى الصورة التى اجتهد البعض كثيرًا لتشويهها، وصرف تمويلات ضخمة لتحقيق هذا الهدف، ويمكن تحديد تلك الصورة من خلال التركيز المستمر على التجاوزات الفردية لبعض رجال الشرطة، وتضخيم الأمر؛ سواء بنشر معلومات مغلوطة  وغير دقيقة، أو بالضغط على الوجدان الشعبى بالحديث عن قضايا التعذيب، دون تقديم دليل رسمى وقانونى عليها، ثم تصدير الأمر إعلاميًا على أنه سياسة عامة من وزارة الداخلية ضد المواطن، وكأن هناك قرارات خفية من جهاز الشرطة ضد مصلحته، فضلًا عن تصوير رجال الشرطة وكأنهم ليسوا من أبناء هذا المجتمع بسلبياته وإيجابياته، وبقيمه ومبادئه.

رجل الشرطة هنا هو الممثل لجهاز الشرطة ككل، هذا الجهاز المعنى بشكل أساسى بالأمن الداخلى والحفاظ على أمن المواطنين وحمايتهم وتنفيذ أحكام القضاء، وفى ظنى أن الحديث عن مصر أولًا هو بالتبعية التأكيد على أولوية المواطن العادى، رجل الشارع البسيط، فهو من يتفاعل، فى نهاية المطاف، خلال حياته اليومية، مع كل ما يحدث حوله، وأسجل هنا بعض الأفكار المهمة:    

أولًا: لا شك أن رجال الشرطة يمثلون صمام الأمان للمجتمع؛ غير أن هذه النظرة لن تكتمل إلا بالاقتناع التام من رجل الشارع بذلك. رجل الشارع الذى ظل لفترات طويلة أسيرًا لمنطق الخوف الذى حكم علاقته بالشرطة، إما من خلال تجربة شخصية لأحد معارفه، أو بالسمع، أو من الإعلام والسوشيال ميديا، وهو الأمر الذى تداركته وزارة الداخلية وعملت على إصلاحه بجهد ملحوظ لإعادة جسور الثقة مع الشارع المصرى.

وأذكر هنا أن وزارة الداخلية قد قامت بتشكيل اللجنة العليا لحقوق الإنسان بالوزارة منذ عدة سنوات، وهى اللجة المعنية ببحث ودراسة تطبيق الوسائل الكفيلة بالحفاظ على حقوق الإنسان، ومنها التزام جميع العاملين بقطاعات الوزارة باحترام حقوق الإنسان وصون حرياته الأساسية ومواجهة أى تجاوزات فى هذا المجال بحزم، واتخاذ الإجراءات القانونية فى مواجهة من يثبت ارتكابه لتجاوزات أو استعمال القسوة ضد المواطنين تأديبيًا وجنائيًا، وتتم مساءلة كل من يثبت خطأه أو تجاوزه من أعضاء هيئة الشرطة، وتقديمه للمحاكمة التأديبية؛ بل الجنائية فى الحالات التى توجب ذلك.  

ثانيًا: تتلقى وزارة الداخلية الآن الشكاوى ضد رجالها من خلال جهاز التفتيش والرقابة أو شئون الضباط أو مكتب الوزير، وفى كل الأحوال يتم التحقيق بدقة مع المقصود بالشكوى من أبناء الداخلية، للوقوف على حقيقة ما حدث، ولا تتهاون الوزارة فى معاقبة من يثبت خطأه أو انحرافه، لأن خطأ واحدًا من رجال الداخلية لا يعنى خطأ الوزارة ككل، بل يتحمله صاحبه، خاصة أن الوزارة تحكمها قواعد وتقاليد وأعراف السلطة المشروطة بالالتزام، للحفاظ على مكانتها كوزارة سيادية، وهيبتها فى الحفاظ على الأمن العام، وسمعتها فى التعامل اليومى مع جميع المواطنين.

ثالثًا: على الرغم من التطوُّر الملحوظ فى سيولة المرور فى القاهرة بوجه خاص سواء من خلال المحاور الجديدة أو الكبارى العلوية، لاتزال هناك بعض السلبيات التى تحتاج لحسم سريع من وزارة الداخلية قبل تفاقمها، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

  - امبراطورية الميكروباصات والتجاوزات الضخمة لها، والطريف أن بعض هذه السيارات يقودها صبية لا تتعدى أعمارهم 16 سنة بأى حال من الأحوال.

  - امبراطورية التوك توك التى وصلت الآن لمناطق لم يكن من المتصور الوصول إليها كالمهندسين ومصر الجديدة ومدينة نصر والتجمع والهرم وحدائق الأهرام، بعد أن انتشرت فى شبرا وعين شمس بشكل لا يمكن تصوره.

- عودة الملصقات الدينية التى تشير لأصحاب هذه السيارات بشكل مستفز، رغم وجود قانون يمنع ذلك، وهى من شأنها إثارة النعرات الطائفية.

رابعًا: قامت وزارة الداخلية بعقد العديد من التدريبات لرجالها فى مجال حقوق الإنسان، وتطورت مناهج كلية الشرطة لتتضمن مجالات حقوق الطفل والمرأة والأفراد المعاقين. وما ترتب على ذلك من فتح آفاق إيجابية جديدة فى شكل التعامل، وهو ما جعلها تواكب التطور الذى حدث مع قيام دولة 30 يونيو، التى رسخت لمنظومة المواطنة فى إطار الدولة المدنية المصرية، وحافظت على كرامة كل مواطن مصرى.

بقى أن نذكر أن التطور الذى حدث لوزارة الداخلية من خلال المزيد من الدقة والتطوير والتقدم فى الإجراءات والتيسيرات على المواطن المصرى هو أمر إيجابى جدًا، يشعر به المواطن أثناء استخراج أى وثائق رسمية مثل شهادة الميلاد وجواز السفر ورخصة القيادة.

إذا كانت نظرة رجل الشارع قد حكمها لحد كبير عدم الصواب والتهويل فى الأمور التى تمس رجال الشرطة؛ فإن تطور أداء وزارة الداخلية بشكل تراكمى منظم هو العامل الأساسى لاسترجاع الصورة الحقيقية لرجالها، وعودة جسور الثقة فيهم.

إن هيبة رجل الشرطة واحترامه ترتكز بشكل أساسى على مدى ثقة المواطن المصرى فيه من خلال الجهد الذى يبذله رجل الشرطة فى الوصول إلى رجل الشارع بعيدًا عن منطق الخوف أو منطق السلطة، وهو ما يتسق مع شعار «الشرطة فى خدمة الشعب» على اعتبار أن رجال الشرطة هم من أبناء هذا الشعب، كما أن الشعب هو الذى يمنح الشرطة شرعيتها فى تنفيذ القانون، كما أن الشرطة والشعب فى شكلهما النموذجى معًا يمثلان معنى كلمة «وطن».

نقطة ومن أول السطر..

أعلم جيدًا أن دور رجال الشرطة يتطلب جهدًا كبيرًا للقيام به، وهو واجبهم، ولكنى فى الوقت نفسه أعتقد أن الشفافية فى نشر الضغوط التى يتحملها رجل الشرطة بعيدًا عن التضخيم هو نوع من مشاركة المجتمع فيما يعانيه رجال الشرطة.

أعلم جيدًا أنه رغم وضوح التطور الشديد فإنه ربما لا يتوافق مع طموحات البعض وآمالهم فى أداء وزارة الداخلية، ولكن حقيقة الأمر تؤكد أن ما قامت به الوزارة بعد ثورة 30 يونيو 2013 يمثل خطوات غير مسبوقة نحو التطوير والتقدم.