الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دورى النقاد..ناهد صلاح: كتابة على إيقاع واحد

لعل أبرز ما كشفته متابعة المسلسلات الرمضانية، هو التزام أغلبها بالمعايير الاستهلاكية البحتة التى تخضع لقواعد المصلحة التجارية أكثر من الفنية، ومن شواهدها الهوس بالإطالة حتى فى المسلسلات ذات الخمس عشرة حلقة، وهذا بلا شك نوع من الكتابة السائبة، لدرجة أتصور معها أن المؤلفين أنفسهم عجزوا عن وضع أعمالهم فى إطارها المضبوط، فبالغوا فى الثرثرة، حوارًا وصورة، دون اكتراث للعملية الفنية، المهم تلبية نهم السوق الرمضانية.



هذا الملمح لا يمكن تعميمه على مسلسلات سعت للخروج من الدائرة الضيقة، فـ(الاختيار) مثلًا حافظ على رسوخه وحرفيته، فى كل عناصره سواء التصوير، المونتاج، الموسيقى، الديكور، الملابس، المكياج، أو تحرره من نمطية الموضوع السياسى التقليدى إلى نقل الحدث الواقعى وإعادة تقديمه بما يتوافق مع أهميته وحقيقته، كما أسهم أداء أبطاله فى هذا الرسوخ، لأسباب عدة، منها طاقتهم المذهلة على الإقناع، وعفويتهم على الشاشة.

 كذلك يستمر مسلسل (لعبة نيوتن) فى إتاحة متعة المشاهدة، والتحريض على التأمل فى الحكاية وجماليات الصورة والمجهود المبذول فى إنجازها، السرد الدرامى مرتبط بتكثيف بصرى يفسح مجالًا أمام العين والانفعال والعقل للتبصر، يمتزج فيه التمثيل مع بقية العناصر الفنية، ما يجعل المتفرج ينتبه إلى قسوة الواقع وانفتاح المشهد على خيبات متكررة، وقبل ذلك إلى عنف مبطن تعانى منه الذات والروح.

بينما، وعودة لبداية المقال، أسرفت مسلسلات أخرى فى تصنعها، وعدم واقعيتها، إذ بلغ الأداء فيها مستويات كاريكاتيرية مثيرة للضحك والتندر، ليس أدل على ذلك أكثر من (نسل الأغراب)، فإن طامته الكبرى ليست فى فشل الممثلين تقليد النموذج الصعيدى فقط، وإنما هناك عطب فى الكتابة، سواء كان فى كتابة الشخصية وفهم أبعادها وبنائها النفسى، أو كتابة بيئتها الاجتماعية وخصائصها، حتى موسيقاه التصويرية تم استخدامها بإفراط، بدون إدراك أن الموسيقى عنصر درامى يكتمل به العمل فى سياق متماسك.

 وحين لا يوجد تماسك، يكون هناك التشوش مثل هذا الذى لمسناه فى (ملوك الجدعنة)، بدا الأمر كما لو كان لوحة ركيكة عن قسوة المكان، الحارة القبيحة كما قدمها المسلسل، نموذج متكرر فى السنوات الأخيرة، يختلف تمامًا عن حارة «أسامة أنور عكاشة» و«إسماعيل عبدالحافظ» وبالطبع «نجيب محفوظ»، لا أقصد استعادة أزمنة مضت؛ لكنها محاولة لفهم الآنى الذى انفتح أفقه على نماذج مرتبكة، دون التقاط النبض الحقيقى للمكان أو علاقات الناس.

ثمة حارتين مختلفتين فى مسلسلين تشابهت قضيتهما إلى حد ما، (الطاووس) و(ضل راجل)، من حيث الخديعة التى تعرضت لها فتاتان، سواء بالاغتصاب أو الزواج العرفى، فالجانى فى الحالتين من الطبقة الثرية الفاسدة، والضحية تنتمى إلى بيئة شعبية، والحدث هنا مساحة للجرح الغائر فى الروح والجسد، «شهد» فى (ضل راجل) انعكاس لشرخ مفتوح على عالم معقد ومتشابك، ابنة لأب يعافر فى الحياة ومتمسك بها بالرغم من ظروفه الصعبة، الحكاية فى بدايتها مثيرة لمتابعة الأب الذى لا يترك حق ابنته، ويواجه شبانًا من طرف العالم الآخر، الغارق فى اللهو والاعوجاج، ثم غرقت فى الإسهاب والتحول النمطى للسياق العام.

 أما «أمنية» فى (الطاووس) فهى منذورة للشقاء، يموت والدها بعد فضيحتها لتقيم هى فى الوجع، والقصة بهذا المعنى صرخة ضد واقع مرير، لكنها حاولت الخروج من التنميط إلى حالة فنية أرحب وفى نفس الوقت مرادفة للمزاج الشعبى، امتدت إلى مباراة فى التمثيل تكشف عن رسم واضح للشخصيات، هذا ما ندركه مثلًا مع «جمال سليمان»؛ محامى التعويضات الذى ذكرنا بـ«أحمد زكى» فى (ضد الحكومة)، محاميان أخذا القضية طمعًا فى مبلغ تعويضى ضخم، لكن الحالة الإنسانية غيرت مسارهما، «جمال سليمان» فى هذا الدور؛ بصرف النظر عن لكنته السورية المحببة، استوعب تركيبة الشخصية فى جوهرها الاجتماعى والثقافى والسلوكى. 

 

أفضل مسلسل

الطاووس

 

أفضل ممثل

كريم عبدالعزيز

 

أفضل ممثلة

سهر الصايغ