الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بأمر الرئيس الشقّة من حق المواطن

لن تتوقف أصداء مبادرة التمويل العقارى الجديدة التى من المقرر أن يطلقها البنك المركزى خلال أيام بتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، عند ضمان توفير تيسيرات غير مسبوقة لمحدودى ومتوسطى الدخل للحصول على وحدات سكنية مناسبة، لكنها مرشّحة للامتداد إلى ما هو أبعد على المستويين الاقتصادى والاجتماعى.



 

وبدون شك، فإن ما وجه به الرئيس من إطلاق مبادرة لتمويل شراء الوحدات السكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل بفائدة %3 بدلًا من %7 و%8، مع زيادة أجل السداد إلى 30 عامًا بدلًا من 20 عامًا، هو أمر غير مسبوق، حيث يعد سعر الفائدة المحتسب هو الأقل على الإطلاق محليًا، فلم يحدث قبل ذلك أن وفّرت البنوك تمويلا عقاريا بهذه الفائدة المحدودة.

ومن المعروف مصرفيًا أن التمويل العقارى يدخل ضمن التمويلات ذات المخاطر الائتمانية الأعلى، وذلك نظرًا لأن أجل سداد هذه التمويلات يصل فى الطبيعى إلى 10 و15 عامًا مقارنة بآجال سداد أقل فى إقراض السيارات أو القروض الشخصية، وفى هذه الفترة الطويلة يمكن أن تحدث اختلالات فى دخل المستفيد، مما يشير إلى احتمالية أكبر فى حدوث نسب تعثر، وعليه فقد كانت البنوك تحتسب أعلى فائدة على هذه القروض.

إلا أنه فى ظل حرص الدولة على حل المشكلات المزمنة للمواطن سواء كانت اجتماعية، أو اقتصادية، وعدم الاكتفاء بالمسكنات ذات التأثيرات الوقتية، فقد كان طرح مبادرة التمويل العقارى قبل سنوات قلية بفائدة %7 لمحدودى الدخل و%8 لمتوسطى الدخل، وقد خصص البنك المركزى 20 مليار جنيه لتنفيذ هذه المبادرة، التى أحدثت حراكًا فى السوق العقارية، ووفرت الوحدات السكنية المدعومة للمواطن.

إحداث التوازن بين القدرة الشرائية وأسعار الوحدات

لكن المبادرة الجديدة التى وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بإطلاقها قبل أيام تضمن ما هو أكثر من توفير التمويل المدعوم، حيث تعزز قدرة المواطن على الشراء وتحل المشكلة المزمنة المتمثلة فى محدودية القدرة الشرائية لمحدودى ومتوسطى الدخل بالنسبة لأسعار الوحدات السكنية، فمد فترة السداد إلى 30 عامًا تحرر كاهل المواطن من ضغوط الأقساط المرتفعة، كما تعزز قدرته فى أوجه الإنفاق الحياتية الأخرى، كونه لن يضطر إلى تحمّل أقساط عقارية كبيرة.

كما أن سعر الفائدة المتمثل فى %3 هو فى الواقع سعر فائدة بسيط ومتناقص، وطبقًا لجمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، فإن الفائدة المتمثلة فى %3 هى متناقصة على الرصيد القائم من التمويل كل عام، وذلك يقلل أيضًا من القيمة الإضافية التى سيدفعها المواطن نظير شراء الوحدة السكنية بالتقسيط ولهذه الفترة الطويلة.

شروط بسيطة للحصول على الوحدة السكنية

كما تراعى المبادرة الجديدة ألا تشق على المواطنين بشروط صعبة، فيوضح نائب محافظ البنك المركزى، أن هناك الآن مناقشات واجتماعات مكثفة لوضع الشروط التفصيلية للاستفادة من المبادرة الجديدة، تمهيدًا لإطلاقها خلال أيام قليلة، مؤكدًا أن جميع الشروط ستكون ميسّرة لضمان حصول كل مواطن مستحق على الوحدة السكنية بأقل التكاليف وأبسط الإجراءات.

وذكر «نجم» أنه ضمن الشروط العامة التى سيتم تطبيقها بالمبادرة الجديدة أن تكون الشّقة مشطبة وكاملة المرافق وجميع مستنداتها قانونية، كما أن سعر الوحدة المقبول تمويلها لمحدودى الدخل بحد أقصى 350 ألف جنيه، وكذلك سعر الوحدة المقبول تمويلها لمتوسطى الدخل لا تزيد على المليون جنيه.

وأوضح أن محدود الدخل هو صاحب الدخل الشهرى بقيمة 4500 جنيه للأعزب ويصل إلى 6 آلاف جنيه للأسرة فى حالة المتزوج، أما متوسط الدخل فهو من يصل دخله كفرد بحد أقصى 10 آلاف جنيه وكأسرة 14 ألف جنيه.

وأكد نجم أنه لن يستفيد من المبادرة من استفاد بمبادرات التمويل العقارى السابقة، أو من حصل على وحدة سكنية مدعومة من الدولة، وذلك لأن الدعم يقدّم من الدولة مرة واحدة للمواطن الراغب فى الحصول على وحدة سكنية، لافتًا إلى أنه فى حالة وفاة صاحب الوحدة، فيلتزم الورثة بسداد باقى أقساط الشقّة.

كما أشار إلى أنه لا يجوز بيع الوحدة السكنية الممولة إلا بعد مرور 7 سنوات، ولا بد أن يتم سداد أقساطها المتبقية بالكامل.

القطاع الخاص له نصيب

ومن الأمور المهمة التى تتيحها المبادرة الجديدة أنه يمكن الحصول على وحدة سكنية من شركات خاصة، وليس من الحكومة فقط، فالأمر لا يقتصر على الوحدات السكنية التى تطرحها وزارة الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية، لكن يمكن للمواطن شراء وحدة سكنية من شركة قطاع خاص بشرط أن تكون مشطبة وتصل إليها جميع المرافق، ويحصل على تمويل من المبادرة بالفائدة المدعومة المقدرة بـ %3 متناقصة.

وستقوم البنوك المشاركة فى المبادرة بإتاحة نحو %80 من سعر الوحدة السكنية كتمويل بفائدة %3، فى حين سيقوم المواطن بسداد ما يقرب من %20 من السعر كمقدم حجز.

ولا شك فى أن شمول هذه المبادرة لوحدات القطاع الخاص من شأنه المساهمة فى دعم حركة البيع، وتعزيز حركة النشاط العقارى لا سيما فى المدن الجديدة.

 

جاهزية القطاع المصرفى للمبادرة

وإذا ما نظرنا إلى جاهزية القطاع المصرفى لتنفيذ المبادرة، سنجد أنه جاهز بالفعل بجميع الأدوات، حيث تمتلك البنوك آلاف الفروع فى جميع المحافظات تستطيع من خلالها الوصول لجميع المستهدفين، كما يمتلك الجهاز المصرفى سيولة مرتفعة، تجعل هناك فرصًا كبرى لزيادة عمليات الإقراض، حيث تجاوزت قيمة الودائع فى البنوك فى الفترة الأخيرة حاجز الخمسة تريليونات جنيه لأول مرة، وهو ما يدعم تحريك عجلة الإقراض لجميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

وفى هذا الإطار قال محمد الأتربى، رئيس مجلسى إدارة بنك مصر واتحاد البنوك: إن البنوك جاهزة  للمشاركة بقوة فى تنفيذ مبادرة تمويل شراء وحدات إسكان محدودى ومتوسطى الدخل بفائدة %3.

وأوضح «الأتربى»، أن البنك المركزى يعد فى الوقت الراهن الشروط والأطر الخاصة بالمبادرة وفور الانتهاء من ذلك سيبدأ التنفيذ بالمبادرة الجديدة، مؤكدًا أن بنك مصر شارك بشكل كبير فى مبادرة تمويل إسكان متوسطى ومحدودى الدخل التى تم تقديمها بأسعار فائدة %7 و%8، لافتًا إلى أن البنك ضخ فى هذه المبادرة 7.6 مليار جنيه، وهو على استعداد لتقديم الأكثر من ذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس فى هذا الإطار، مؤكدًا أن البنك المركزى يتحرك فى جميع الاتجاهات بالتعاون من البنوك لإحداث التوازن والاستقرار للسوق بصفة عامة.

كما قال هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى، فى تصريحات صحفية: إن مبادرة التمويل العقارى الجديدة لدعم متوسطى ومحدودى الدخل، تعد محفزا أساسيًا للمواطنين للحصول على سكن خاص بهم يليق بمستوى حياة أفضل تستهدفه لهم الدولة.

كما أكد رئيس البنك الأهلى أن مصرفه حقق من خلال مبادرة التمويل الأولى للإسكان المتوسط ومحدود الدخل ما يقارب 95 ألف قرض للمواطنين بمبلغ يفوق 10 مليارات جنيه.

وأشار رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، إلى أن مبادرة التمويل العقارى الجديدة لدعم متوسطى ومحدودى الدخل تعمل على تحفيز قطاع المقاولات الذى يعد قاطرة الاقتصاد لارتباطه بالعديد من القطاعات الصناعية والخدمية وبالتالى توفير فرص العمل من خلال زيادة الطلب على الوحدات السكنية وما تتطلبه من تشغيل القطاعات التى تخدم هذا القطاع مع ضخ التمويل لها من خلال هذه المبادرة.

ولفت إلى أن حجم التمويل المباشر من البنك الأهلى المصرى للجهات العاملة فى التنمية العقارية ومواد البناء يبلغ 95 مليار جنيه. ولم يتوقف الأمر عند البنك الأهلى ومصر، حيث إن مبادرة التمويل العقارى الأولى والتى أتاح لها البنك المركزى 20 مليار جنيه، يشارك فيها نحو 18 بنكًا، كلها تضافرت من أجل الوصول إلى المستفيدين.

وفى هذا الإطار أصدر المصرف المتحد بيانًا رسميًا أكد فيه رئيسه أشرف القاضى أن المصرف المتحد  جاهز للمشاركة فى المبادرة الجديدة، وأنه يقدم برامج التمويل العقارى لمحدودى ومتوسطى الدخل فى 28 محافظة من محافظات الجمهورية بحجم تمويل بلغ 960 مليون جنيه لعدد 7400 عميل.

ويشير القاضى إلى أن المصرف المتحد يضع ضمن أولوياته محافظات الصعيد ومدن المجتمعات العمرانية الجديدة بهدف زيادة معدلات التنمية والتشغيل. كما يقوم بمنح برامج التمويل العقارى فى عدد من محافظات الوجه البحرى والدلتا.

وأشاد أشرف القاضى بجهود الدولة المصرية نحو تنظيم سوق الاستثمار العقارية، وإنعاش آلياته بهدف تحقيق التوسع العمرانى والقضاء على العشوائيات وبناء النموذج الحضارى للمعمار المصرى. الأمر الذى يساهم فى تحسين حياة المواطن المصرى خاصة الفئات الأولى بالرعاية من محدودى ومتوسطى الدخل. وهذه خطوات مهمة وضرورية للتنمية المستدامة وتعظيم ثروة المواطن.

 وأوضح القاضى أن تأثير خطط التنمية وبالأخص لقطاع التمويل العقارى له أبعاد كثيرة أهمها: البعدان الاقتصادى والاجتماعى. 

فالبعد الاقتصادى: يتمثل فى توسيع الاستثمارات فى المجال العقارى والذى يعد أحد أهم المحركات لقاطرة التنمية المصرية. وذلك لأنه يرتبط بشكل مباشر وغير مباشر بأكثر من 35 صناعة. فضلا عن إسهاماته فى توسيع قاعدة الشمول المالى ودعم خطط الدولة والمركزى نحو التحول لمجتمع غير نقدى ودمج الاقتصاد غير الرسمى بعجلة الاقتصاد الرسمى والتنمية الشاملة والمستدامة.

أما البعد الاجتماعى فيتمثل فى زيادة معدلات التشغيل والقضاء على البطالة والتوسع العمرانى. فضلًا عن تنمية ثروة المواطن من خلال سكن مناسب يتناسب مع إمكانياته. كذلك المساهمة فى إقامة وتنمية المجتمعات الجديدة وفقًا لأسس حضارية وبنية تحتية تساهم فى رضاء المواطن.

 

تكلفة المبادرة الجديدة وعدد المستفيدين

وتصل تكلفة المبادرة الجديدة التى أعلن عنها البنك المركزى 100 مليار جنيه، وهى تكفى لتمويل شراء ما يزيد على 200 ألف وحدة سكنية بافتراض أن متوسط سعر الوحدة سيكون فى حدود 500 ألف جنيه، وتصل تكلفة هذه المبادرة على مدار الـ 30 عامًا المسموح بتقسيط الوحدات فيها ما يربو على 120 مليار جنيه.

 

الهدف النهائى.. تحسين  جودة حياة المواطن

ويعد الهدف النهائى من طرح مبادرة التمويل العقارى الجديدة، وإنفاق الدولة مئات المليارات من الجنيهات لتوفير وحدة سكنية ملائمة، هو تحسين جودة الحياة للمواطنين، وتبديل نمط حياتهم إلى الأفضل، فبعد المبادرة الجديدة سيكون للمواطن وحدة سكنية تمليك، يستطيع أن يورثها لأبنائه، بعد أن كانت المشكلة الملحة والمزمنة هى كيفية توفير  إيجار المسكن، الذى أصبح يتزايد عامًا بعد الآخر.

فمبادرة التمويل العقارى تضمن ميزة أيضًا وهى ثبات الأقساط، ما يجعل قيمة هذه الأقساط بعد عدد من السنوات أقل تكلفة على المواطن، الذى من المتوقع أن يتزايد دخله خلال الفترات المقبلة لاسيما مع التحسن المستمر لمؤشرات الاقتصاد.

وقد قررت الحكومة ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية أن تنفق 140 مليار جنيه خلال العام المقبل لاستكمال الوحدات السكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل وتنفيذ مبادرة الرئيس «سكن لكل المصريين».

ومفهوم تحسين جودة الحياة بدأت الحكومة تهتم به وتطبقه على أرض الواقع من خلال أكثر من مبادرة وأكثر من مشروع، ويأتى بين أهم هذه المشروعات، تنمية الريف المصرى، الذى أمر به الرئيس قبل أشهر، وبدأت الحكومة فى تنفيذه بتكلفة إجمالية من المقدر أن تتجاوز 600 مليار جنيه، وكذا طرح المبادرة الرئاسية لإحلال السيارات المتقادمة التى مر على تصنيعها أكثر من 20 عامًا، وذلك من خلال تمويلات ميسرة بسعر فائدة لا يزيد على %3 أيضًا، وهو ما يحقق جودة الحياة للمواطن.

والمبادرات والمشروعات لا تعد ولا تحصى، لكن كل ذلك لم يكن ليُخطط له أولًا ويرى النور ثانيًا..لولا وجود الإرادة السياسية القوية، والاستقرار الاقتصادى الذى تحقق أصلًا نتيجة الاستقرار السياسى، وثمة توقعات بأن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الإجراءات والقرارات التى تستهدف بشكل أساسى تحسين جودة الحياة للمصريين.. فما نشهده الآن هو أول الغيث.. ومع استمرار تحقيق معدلات نمو اقتصادى قوية، واستمرار إرادة المصريين، فإن القادم سيكون للأفضل.