الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراسة علمية حديثة: أجهزة توليد الطاقة من أجسامنا فى الأسواق خلال 5 سنوات .. الإنسان البطارية!

لم يكُن الصراع الموجود بين البشر والآلات فى أجزاء فيلم The Matrix، مجرد عالم وهمى لا يمتُ للواقع بصلة أو صناعة فيلم خيال علمى لمجرد الإثارة والتشويق؛ إذ اعتمد الفيلم على طرح الكثير من الأفكار الفلسفيّة العميقة عن مستقبل الإنسان مع التكنولوجيا.



صوّر الفيلم عالمًا يصبح فيه البشر بطاريات حيوية لتوليد الطاقة لخدمة الآلات؛ إذ يظهر دور توماس أندرسون الذى يحاول الانتقال إلى العالم الحقيقى فيخترق الأنظمة التكنولوجية التى يعمل أصلًا على تكوينها، بعدما شعر أنه مجرد «عبد» يعمل داخل برنامج حاسوب تسيطر الآلات عليه من أجل أن تحصل على الطاقة اللازمة لعملها. 

ومع عرض الجزء الأول فى العام 1999 كانت تلك الفكرة لاتزال بعيدة عن الواقع؛ حيث كان استخدام البشر كبطاريات حيوية لإنتاج الطاقة على نطاق واسع أمرًا غير عملى، والحديث عنه لا يتجاوز مجموعة من الأبحاث فى الغرف العلمية المغلقة.

لكن يبدو أن 20 عامًا منذ عرض أول أجزاء فيلم الخيال العلمى الأشهر، كانت كافية بخروج تلك الفكرة إلى أرض الواقع، واقتراب تنفيذها على نطاق أوسع؛ إذ كشفت دراسة جديدة فى العدد الأخير من مجلة Science Advances عن جهاز قابل للتمدُّد بدرجة كافية؛ بحيث يمكن للبشر ارتداؤه مثل الخاتم أو السوار، حيث يستفيد الجهاز من الحرارة الطبيعية لجسم الإنسان باستخدام «مولدات كهروحرارية» لتحويل درجة حرارة الجسم الداخلية إلى كهرباء.. فهل نحن على أعتاب صراع مع هواتفنا والأجهزة التى نستخدمها؟

تشير المجلة إلى أن الهدف الأساسى من الجهاز الجديد هو أن يكون البشر قادرين فى المستقبل على تشغيل الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء الخاصة بهم من دون الحاجة إلى تضمين بطارية.

 ووفقًا لجيانليانج شياو، المؤلف الرئيسى للدراسة، والأستاذ المساعد فى قسم الهندسة الميكانيكية فى جامعة كولورادو بولدر الأمريكية؛ يمكن أن تولد الأجهزة المقترحة فى الدراسة قرابة فولت واحد من الطاقة لكل سنتيمتر مربع من مساحة الجلد، وهو بالطبع أقل مما توفره معظم البطاريات الحالية، ولكن لا يزال كافيا لتشغيل الإلكترونيات، مثل الساعات أو أجهزة تتبع اللياقة البدنية.

فى السابق، أجرى العلماء تجارب على أجهزة «كهروحرارية» مماثلة يمكن ارتداؤها، لكن الميزة الرئيسية فى الجهاز الجديد أنه قابل للتمدد ويمكنه أن يصلح نفسه بنفسه عند تعرضه للتلف، كما يمكن إعادة تدويره بالكامل، ما يجعله بديلًا أنظف للإلكترونيات التقليدية.

الجلد الإلكترونى 

يوضح الباحث الرئيسى فى الدراسة، أنّ هذا المشروع ليس المحاولة الأولى له ولفريقه لدمج الإنسان بالروبوت، مشيرًا إلى أنه جرب مع فريقه فى السابق تصميم أجهزة «الجلد الإلكترونى» القابلة للارتداء، والتى تشبه إلى حد كبير الجلد البشرى، لكن كان يجب توصيل بشرة الروبوت هذه بمصدر طاقة خارجى حتى تعمل.

ويقول شياو: «كلما استخدمت بطارية فإنك تستنفد طاقة هذه البطارية، وستحتاج فى النهاية إلى استبدالها.. الشيء الجميل فى جهازنا الحرارى هو أنه يمكنك ارتداؤه وسيوفر لك طاقة ثابتة».

تصميم الجهاز الجديد

أما عن تصميم الجهاز، فطبقًا للدراسة يتكون الابتكار من قاعدة مصنوعة من مادة قابلة للتمدد تسمى «البوليمين»، ثم قام العلماء بإلصاق سلسلة من الرقائق الكهروحرارية الرفيعة فى تلك القاعدة وربطها جميعا بأسلاك معدنية سائلة، ما يجعل المنتج النهائى يبدو وكأنه خليط بين سوار بلاستيكى ولوحة كمبيوتر مصغرة تظهر وكأنها خاتم من الألماس.

يتحدث شياو عن اختراعه قائلًا: «تصميمنا يجعل النظام بأكمله قابلًا للتمدد من دون إحداث ضغط كبير على المواد الكهروحرارية التى يمكن أن تكون هشة بالفعل.. أثناء أداء الإنسان لأى نشاط حركى سيسخن جسده، وستشع هذه الحرارة إلى الهواء البارد من حوله، حينها يلتقط الجهاز هذا التدفق للطاقة بدلا من تركه يذهب سدى».

 يمكن بسهولة زيادة هذه القوة عن طريق إضافة المزيد من مجموعات المولدات، وهو ما يعنى دمج عدد من الوحدات الأصغر للحصول على وحدة أكبر تولد قدرا أكبر من الطاقة. على سبيل المثال، يمكن للشخص الذى يمشى سريعًا استخدام جهاز بحجم سوار المعصم الرياضى النموذجى لتوليد 5 فولت من الكهرباء، وهو أكثر مما يمكن أن يجمعه عدد من بطاريات الساعات، بحسب شياو.

وفى حالة كسر الجهاز يوضح شياو: « فى هذه الحالة يمكنك ضم الأطراف المكسورة معا وسوف يتم التئامها مرة أخرى فى غضون دقائق قليلة».

 ورغم أن الجهاز لا يزال يواجه بعض المشاكل فى التصميم؛ فإنَّ شياو يعتقد أن أجهزة مجموعته يمكن أن تظهر فى السوق خلال 5 سنوات.

رحلة بدأت فى الستينيات

الموضوع ليس جديدًا على المجتمع العلمى، فقد بدأ التفكير بطرق الحصول على الطاقة من أجساد البشر منذ الستينيات، بوضع مولدات على الدرَّاجات الهوائية، كما ظهرت دراسات أثناء الحرب العالمية الثانية تعد بمثابة حجر الأساس لهذا  الاختراع الحالى، ومع ظهور النماذج الأولى للحواسيب الإلكترونية دعت لاستغلال الطاقة الحركية للمستخدمين لإمداد الأجهزة بالكهرباء عبر نوع من المحولات، وحتى يومنا هذا، يظهر عديد من الدراسات والنماذج الأولية للاستفادة من الطاقة المهدورة التى ينتجها البشر أثناء حركتهم طوال ساعات يقظتهم.

 

كمامة الطاقة

وبالتزامن مع جائحة كورونا التى جعلت ارتداء الكمامة جزءًا أساسيًا من حياتنا، تلقى طريقة أخرى لحصد الطاقة الميكانيكية من جسم الإنسان أهميتها، وهى ما قام به أحد المصممين الصناعيين فى لندن «جواو لاموجليا» باختراع كمامة سماها «هواء» تحصد حركة الهواء المندفع من وإلى الأنف أثناء التنفس؛ حيث يمكن للمستخدم ارتداء الكمامة فى أى وقت للاستفادة من طاقة تنفسه لشحن أجهزته المحمولة، ويمكن لأى شخص حاليًا شراء هذه الكمامة على الإنترنت بما يقارب الـ 20 دولارًا، وبالطبع فقد ذلك الاختراع تحديه الكبير؛ حيث كان السير بالكمامة أمرًا غير مألوف.

قميص الكهرباء

طرح أيضًا باحثون من «جامعة ريجا التقنية» فى لاتفيا إمكانية وضع مولدات فى الألبسة؛ بحيث يتألَّف المولّد من ملفات لولبية ومغناطيس مستطيل الشكل، وحينما يتحرَّك المستخدم تتحرّك مكونات المولد بالنسبة لبعضها مولدة تيارًا كهربيًا حثيثًا، وتمت تجربة نموذج أولى من قبل شخص يمشى بسرعات مختلفة تحاكى جميع الاحتمالات الواردة لحركة الشخص، وأبدى النموذج الأولى نتائج مبشرة فى توليــد طاقة تكفى لشحن الأجهزة الإلكترونية المحمولة.

فيما قام فريق فى المملكة المتحدة من جامعة ليفربول بتصميم جهاز يمكن ارتداؤه على المفاصل؛ إذ يتكون من حلقة خارجية تدور إذا ما تحرك المفصل ليشكل ضغطًا على الداخل المكون من 72 ريشة، تنقل الضغط إلى أربع وحدات تولد الطاقة الكهربية، ويقوم هذا الجهاز بحصد الطاقة الحركية من المفاصل من دون أى جهد إضافى مبذول من قبل المستخـدم، وهو أيضًا أحد الاختراعات الواعدة بطرحها فى الأسواق خلال السنوات القادمة.