
الفت سعد
أحلف بسماها الملفات الشائكة
إمّا عن غفلة أو إهمال أو سوء تخطيط تركت الحكومات المتعاقبة طوال السنوات الماضية ملفات القرَى المصرية والعشوائيات.. وأتذكر فى بداية الثمانينيات عندما قمتُ بحملة صحفية ميدانية مع بدء تواجُد العشوائيات فى الدويقة وعزبة الهجانة ومثلث ماسبيرو، هالنى ما رأيت من غرف متلاصقة ذات دورات مياه مشتركة فى غياب توصيلات مياه الشرب والصرف الصحى، وسرقة التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة، وسمعتُ قصصًا مريرة لأسَر تعيش حياة غير آدمية.. وللأسف خلال تلك السنوات توسعت المناطق العشوائية لتحيط أطراف المدن والمراكز بجميع المحافظات وتضاعفت أعداد السكان بها حتى أصبحت تلك المناطق قنابل موقوتة، واستغلت التنظيمات الدينية المتطرفة تردّى الأحوال الاجتماعية والصحية لتقدّم خدماتها وتلبى احتياجات سكان العشوائيات بوضع السُّم فى العسل، فتحوَّل عددٌ ملحوظ من القاطنين شبابًا وشابات إمّا للتطرف الدينى أو القيام بالأعمال الإجرامية من سرقة وبلطجة.
معاناة أهالينا فى القرَى المصرية لم تكن أقل، بل كانوا أكثرَ من تعرَّضوا للظلم، فلم تهتم الدولة طوال الثلاثين عامًا قبل 2011 بحقوق مَن يزرعون الأرض ويوفرون الغذاء لبنى وطنهم، ومع ذلك تم حرمانهم من أبسط مقومات الحياة الكريمة؛ المياه النظيفة والصرف الصحى والخدمات الصحية والتعليمية والطرُق، وانخفاض ميزانية خدمات القرَى فى موازنة الدولة وقتها.. ومع تجريف الأرض الزراعية وتناقص المساحات المنزرعة تدهورت مهنة الفلاحة وارتفعت نسبة البطالة ونسبة الأميّة وتحولت القرى المصرية إلى أماكن طرد بالهجرة إلى المدن أو الهجرة المشروعة للخارج.
أدركتْ القيادة السياسية حجمَ الملفات الشائكة فى مصر وأهمّها العشوائيات والقرى وقررت اقتحامها ونفذت ما لم يستطع من سبقها تنفيذه، ولو بالقليل من الإنجاز، وذلك بمشروع تطوير المناطق العشوائية؛ حيث تم بناءُ مئات الوحدات السكنية بكامل أثاثاتها فى معظم المحافظات ونقل الأهالى إليها.. هذا بخلاف الإسكان الاجتماعى بأسعار مناسبة لأصحاب الدخول البسيطة، وتغيرت الحياة على أرض الواقع بتوفير كل الخدمات فى تلك المناطق، وسريعًا ما تم فتح ملف القرى المصرية للبدء فورًا فى مشروع تطوير 1500 قرية خلال 3 سنوات فقط، ليتغير تمامًا وجه الحياه بتحسين مستوى خدمات البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وتوفير فرص العمل وتنمية المهارات.
بالتجربة رأينا وسمعنا الرئيس السيسى إذا وَعَدَ صَدَق، وإذا قال نَفَّذ.. فمنذ توليه القيادة لم تتوقف الحكومة عن تلبية احتياجات الشعب المصرى بتنفيذ مشروعات كانت تستغرق فى الماضى عشرات السنين وربما لم تكن تنفذ.