
الفت سعد
محاسبة الفاسدين فى مخالفات البناء
لم تجد الدولة بديلا لوقف الزحف العشوائى للبناء المخالف فى كل محافظات الجمهورية ومواجهة أمر واقع بتواجد ملايين المواطنين فى تلك المبانى سوى تفعيل قانون التصالح الذى صدر فى ٢٠١٩ وعدل فى ٢٠٢٠.. وهو قانون لابد أن يعقبه إجراءات مشددة لأى بناء مخالف فى أى رقعة خاصة فوق الأرض الزراعية التى تضاءلت مساحتها على مدار أعوام طويلة وتضاعف البناء عليها خلال فترة تسيب بعد يناير ٢٠١١ والتى تم خلالها وبعدها بناء عمارات تصل إلى ١٥ أو ٢٠ دورًا تم إنشاؤها فى سرعة قياسية.. وبغض النظر عن الآليات والفترة الزمنية والقيمة المالية للتصالح والتى لابد أن تأخذ فى الاعتبار الحالة المادية والاجتماعية لمن قاموا بالبناء خاصة المقيمين فى تلك المبانى ولم يتربحوا من بيعها.. وهنا أنا أرفض تماماً ترك هوجة البناء العشوائى المخالف دون محاسبة، ولكن ملاك تلك المبانى لم يملكوا الجرأة إلا فى وجود فاسدين فى الإدارات المحلية غضُوا البصر وسهلوا عمليات البناء لقاء مبالغ أخذوها من ضعاف النفوس، بل قاموا بتقنين تلك المبانى وتم توصيل المرافق من مياه وكهرباء وأيضاً غاز فى بعض المناطق.
لمراعاة الجانب الاجتماعى وإدراك أن هدم المبانى المخالفة تعنى إزالة أكثر من ثلث مبانى الجمهورية، وهوما يؤدى إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية وأمنية لا حصر لها وأن كل المنشآت التى أقامتها الدولة مؤخراً لن تكفى ملايين السكان المقيمين بشكل مخالف، ومع ذلك فإن أية إزالة لمخالفة جسيمة أو لإقامة محور أو طريق يتم تسكين المضارين فى مساكن الدولة التى أنفقت عليها المليارات وتم بناؤها على أفضل طراز.
لكن كنت أتمنى قبل أن يفرض القانون مبالغ قد تكون مرهقة للمخالف أن يتم محاسبة كل موظف فى الإدارات المحلية تكسب بشكل غير مشروع نتيجة موافقته الرسمية على البناء المخالف وأن يشعر الناس بالعدالة فى المحاسبة سواء كان تصالحاً أو معاقبة المسئولين عن آلاف المبانى المخالفة.. فهل يمكن فحص ممتلكات أو ثروات مئات المهندسين والإداريين الذين سمحوا بالمخالفات دون أدنى حساب وهل يمكن تسهيل عمليات الدفع بالتقسيط لفترة أطول من ثلاث سنوات؟!
نحن مع تنفيذ القانون وتغريم المخالف لكن بشىء من الرحمة، وفى المقابل معاقبة المسئولين خاصة الذين سهلوا عمليات وضع اليد على أراضى الدولة أو بناء أدوار مخالفة فلا يجب التهاون فى محاسبتهم وإلا سيشعر المواطن بالظلم خاصة ونحن نعيد للدولة هيبتها واحترام القانون وعدم التحايل عليه.