عربة الفول.. تدخل عصر «الديلڤرى»!
ابتسام عبدالفتاح
يأتى رمضان هذا العام مختلفًا عن ما اعتاد عليه المصريون، حيث اختفت العديد من المظاهر فى ظل الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، ومع استمرار حظر التجول الليلى، اختفت عربات الفول التى كانت تزين الشوارع فى ليل رمضان من كل عام، وأصبح السحور فى المنزل فرض عين على كل المصريين.
وكما هو الحال فى جميع المهن، كان لأصحاب عربات الفول إجراءات خاصة لإعداد ملك السحور، ففى إحدى المناطق الشعبية كان لعم «هاشم»، طقوس خاصة فى شهر رمضان كل عام، حيث يعمل بنظام الحصتين، الأولى قبل الإفطار من الساعة الثالثة عصرًا إلى الخامسة أو السادسة، بعدها يذهب للبيت يفطر ثم يعود مرة أخرى بعد صلاة التراويح حتى الثانية صباحًا: «احنا بننتظر رمضان من السنة إلى السنة، هو شهر كريم والرزق فيه كتير، كنا نؤجل ارتباطاتنا المادية على موسم رمضان»، موضحًا أن كثيرًا من أصحاب عربات الفول كانوا يعتمدون فى تجهيز أولادهم للجواز من عربة الفول خلال رمضان.
وعن رمضان هذا العام، يقول عم «هاشم»: للأسف الرزق هيقل، بدل ما كنت باشتغل حصتين، بنشتغل حصة واحدة، قبل الإفطار من الساعة واحدة الضهر حتى قبل الإفطار بساعة.. يا ريت لو يسمحوا لبائع الفول فى رمضان بالعمل بعد الإفطار مثلما يسمحون لمحلات البقالة والسوبر ماركت»، مشيرًا إلى أن الإقبال قل عن العام الماضى، فالناس تفضل شراء الفول والبليلة ساخنة من القدرة على ترابيزة الأكل.
الشاب «محمد»، صاحب عربة فول، أكد أن أغلب باعة الفول هذا العام يعتمدون على بيع أكياس الفول فقط، فى السنوات الماضية، كانوا يعتمدون على بيع السندوتشات، وتقديم السحور على عربة الفول بالشارع وهو الطقس الذى يعشقه كثير من المصريين: «للأسف كل هذا ظواهر رمضان الجميلة اختفت هذا العام».
نفس الأمر يؤكده يوسف محمد، بائع على عربة فول موضحًا أن رمضان هذا العام يأتى فى ظروف صعبة على أصحاب المهن الذين ينتظرون رمضان كل عام، فى السابق كان التحضير قبل الإفطار بساعتين من خلال تجهيز قدرة الفول وعجينة الطعمية والسلطات، وتجهيز البطاطس والباذنجان، وبعد صلاة التراويح يتم التحضير النهائى، لكن فى رمضان الحالى العمل على بيع قدرة الفول فقط.
بائع عربة الفول، يرى إن الإقبال على شراء فول السحور قبل الإفطار ضعيف: «من عادات الشعب المصرى شراء فول طازة، خاصة لأبناء المناطق الشعبية فالفول وجبة أساسية، ورخيصة، فأقل سحور من السوبر ماركت زبادى ولبن وجبن يصل لـ 100 جنيه، لكن وجبة الفول معها طعمية وباذنجان وبطاطس تصل لـ 10 جنيهات فقط».
إغلاق إجبارى
على الجانب الآخر فضل بعض أصحاب محلات الفول الغلق، فبحسب وصف الحاج سيد على: «مش جايب همها»، موضحًا أن محله يعمل على بيع السندوتشات والفول تكلفته تفوق بيعه، مشيرًا إلى أن ضرر عربات الفول أقل بكثير من المحال فهم غير مطالبين بدفع شيء بخلاف المحلات مطالبين بدفع نور ومياه وغاز وإيجار، وأجور صنائعية، ففى كل محل لا يقل عدد الصنايعية عن 3 أشخاص.
وأضاف «أنه اتفق مع الصنايعية على بدء العمل من 2 ظهرًا والاعتماد على فئة المفطرين، وتجهيز الفول للزبائن على أن يغلق قبل الإفطار، وذلك خلال الأيام الأولى كتجربة وإن لم يغطي البيع تكلفة البضاعة ومصاريف المحل وأجور الصنايعية، سأغلق المحل حتى نهاية شهر رمضان».
فول «أون لاين»
فى المقابل قرر «محمد سيد» صاحب عربة الفول، أن يكون العمل فى رمضان مختلفًا عن السابق بنظام «دليفرى»، على يبدأ تجهيز قدرة الفول المدمس من الفجر، ويبدأ التوزيع للمنازل من الثالثة عصرًا: «أجمع يوميًا قائمة طلبات الزبائن، وطلبات صفحة الفيس بوك الخاصة بعربة الفول.. ومن ثم أقوم بتجهيز ما يحتاجه الزبائن ونقوم بتوصيله للمنزل».
قدرة أون لاين
مع بدء شهر رمضان، نشرت بعض الجروبات النسائية على فيس بوك عرض قدرة فول للبيع، بأنواع مختلفة، «الاستايلس، ألومنيوم، نوفال» بأسعار تبدأ من 70 لـ 155 جنيهًا، وذلك بالتزامن مع بعض الدعوات على تلك الجروبات بأن «الفول البيتى الأكثر أمان»، بتفادى العدوى فيروس كورونا، والأفضل تجهيز الفول المدمس بالمنزل فى رمضان الحالى.
سارة مجدى، قررت بيع «قدرة فول أون لاين»، بعد أن شاهدت العديد من النساء يتساءلن عن أماكن بيع «قدرة فول»، ما دفعها للتسويق عبر صفحتها لبيع قدرة الفول: «الفكرة جاءت لى بعد أن وصل لى عدد من طلبات شراء قدرة فول، وهذا دفعنى للذهاب لمحلات الأدوات المنزلية، لكن أسعارها مرتفعة، لهذا قررت الشراء من المصنع فى شارع المعز والدراسة وعرضها للبيع».
شارع النحاسين
فى شارع النحاسين بمنطقة المعز الذى يعد أشهر وأقدم المناطق فى تصنيع قدرة الفول المدمس، كشف لنا حسن فتوح، أحد صانعى قدرة الفول اليدوية، تزايد الطلبات على قدرة الفول المنزلية «صغير الحجم» فى رمضان الحالى، لصالح محلات الأدوات المنزلية، بعد أن اختفت لسنوات.
عم « حسن» الذى يعمل على تصنيع قدرة الفول الكبيرة الخاصة بالمطاعم وعربات الفول أوضح أن الطلب على القدرة الكبيرة شهد تراجعًا كبيرًا فى رمضان الحالى، نتيجة الخوف من تفشى فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنه كل عام قبل شهر رمضان بثلاثة أشهر يبدأ فى تجهيز وتصنيع طلبات قدر الفول الكبيرة الخاصة بالمطاعم وعربات الفول، مؤكدًا أنه يصنع ما لا يقل 100 قدرة لشهر رمضان، لكن فى رمضان الحالى الوضع اختلف لصالح القدر المنزلية. وأشار إلى أن أغلب طلبات القدر المنزلية لقدرة الألومنيوم، لأنها أرخص، ونادرًا ما تجد شخصًا يطلب قدرة فول النحاس، ففى السابق كانت الفنادق والمطاعم الكبرى والخيم الرمضانية، تفضل قدرة فول النحاس.
أما الحاج فتحى محمد، صاحب محل أدوات منزلية، فأكد إقبال السيدات على شراء قدرة الفول المنزلية، بعد أن امتنع عن عرضها بالمحل لعدم الإقبال عليها فى السنوات الماضية، ولكن مع زيادة الطلب عليها هذا العام، قام بعرضها فى المحل بأسعار تصل لــ100 جنيه.







