السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«سيناء» ودبلوماسية المحارب ( 2 )

«سيناء» ودبلوماسية المحارب ( 2 )

قام الرئيس «السيسى» يوم الأربعاء الماضى بأداء هدف فى الجول أهداه للشعب المصرى بهدوء وروية فى ملف كل القرون البادئ منذ القدم ليضع جزءًا مهمًا من أرضنا تحت الترقب والانقضاض ولكن الأسوأ هو من يتبنى أفكارًا ضد أمن وطنه القومى تحت مزاعم يتصور أنها ستمر مرور الكرام..



 

على مدار أسابيع ماضية كان الرأى العام المصرى يقوم بدوره بوازع وطنى لم توجه لها أجهزة الدولة ولكن ببصيرته ووعيه ولم تختلف أى فئة أو طبقة اجتماعية من المصريين فى الإجماع، على أننا يقظون للحفاظ على تراب أرضنا مهما كلفنا الأمر ولن نسمح لأحد أن يبيع لنا أفكارًا خبيثة المعنى والمضمون أو يؤلبنا على القيادة السياسية بأنها لا تقوم بالانتفاع لأرض هى مكمن للثروات الطبيعية أو أن المسئولين تخاذلوا وتباطأوا فى القيام بهذا الواجب الذى يرفع حد البطالة ويعود بالنفع على المجتمع وأن صاحب فكرة الانتفاع بسيناء كان يقدم الفكرة ونفسه فى ذات الوقت بوضع مواصفات تنطبق عليه ليصير (حاكمًا) لإقليم سيناء لأنه الفالح اللى حيعرف يديره..

 

 وبعد أداء الشعب لدوره الذى ترك له الوقت حتى يفرغ ما بداخله من غضب عارم، جاء الجزء الثانى من الواجب الوطنى وهو قيام ( المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام) بأداء مهمته وعمل تحقيق دقيق وأعطى الفرصة كاملة للمدانين للدفاع عن أنفسهم وتقديم مبرراتهم ليصدر بعدها قرارات مهمة ورادعة لأى وسيلة إعلامية تسمح لنفسها بأن تكون منبرًا لأفكار مشبوهة ضد الوطن، وكان بيان يوم الثلاثاء الماضى متضمنًا مجموعة إجراءات منها التأديبية والغرامة المالية والحجب لوقت محدد للعامود الذى حمل الفكرة الفاحشة وانتهى الأمر بتحويل الشق الجنائى إلى النائب العام (محامى الشعب)..

 

أعقب هذا الرد الأخير الجامع لكل ما سبق وهو رد القيادة السياسية ومسئولية الدولة فى تعمير وتنمية سيناء، وأنها ليست عاجزة ولا متهاونة فى حق جزء من أرضها، وأعلن الرئيس السيسى عن أن الدولة قامت بترفيق أراضى سيناء والتى تكلفت 600 مليار جنيه مصرى وفى الوقت نفسه قدم السيسى عرضا لا لبس فيه لرجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال ودعاهم للمشاركة فى التنمية بسيناء وعليهم تقديم مشاريعهم ولكن الأهم أن تتأكد الجهات المسئولة من مصدر المورد المالى الذى سيتقدم به المشروع، وهذا حتى لا يتم تغلغل رأس مال أجنبى ذى توجهات ومطامع تحت أى ستار وقال الرئيس مؤكدا على معنى محدد ودقيق لمن يريد المساهمة فى تنمية سيناء بأنه سيمنح لهم أرضًا مرفقة وجاهزة على إقامة المشروع، وربما يسأل البعض ولماذا قامت الدولة بالترفيق والبنى التحتية ولم تتركها للمستثمر يقوم بها لتخفيف الأعباء عن الدولة ؟ وفى الإجابة مكمن الرد على القضية التى أثارها (نيوتن) لأن الدولة وهى تقوم بالبنية التحتية تقضى على الثغرات التى ولدت من رحم عهود سابقة ألا وهى (الأنفاق) التى عانينا منها الكثير ونالت من الوطن فى أحلك ظروفه السياسية وكانت معبرًا للإرهاب والتهريب بكل أشكاله ولذا فإن الدولة أخذت على عاتقها الترفيق للبنية التحتية حتى لا تترك ثغرة لمن تسول له نفسه بأن يأخذ الأرض ليصير تاجر أنفاق مثلا أو ستارًا لأى نشاط تحت الأرض والذى حكمته الدولة بأنفاق مرورية لتسهيل حركة النقل وربط سيناء بالوادى حتى لا يجعلها منفصلة ولا بعيدة عن صدر الأم مصر، وبالتأكيد الجهات المسئولة عن إدارة الإقليم الاقتصادى بسيناء ستضع فى ثمن الأرض تكلفة البنية التحتية ولن تعطى فى عهد السيسى أراضى الدولة ببضعة جنيهات انتهى هذا التهريج الاقتصادى السياسى.. وهكذا قدم السيسى إنجاز الدولة فى قرارات قاطعة غير قابلة للتأويل وعرضها بهدوء الدبلوماسى وقوة وشجاعة المحارب..

 

 وهكذا لم تنطل الحيل الخبيثة على الشعب المصرى ولا قيادته السياسية الذى يعلم أن سيناء مطمع وأنها مسرح عمليات عسكرية لا يهدأ، والأكثر أنها فى اللغة العسكرية (هيئة حاكمة) ومعناها أن من يسيطر على سيناء يمكنه السيطرة على مصر كاملة لأنها منطقة مرتفعة وكاشفة لكل جزء بمصر، وقد حاول المستعمر الإنجليزى أيام الحكم الملكى فى مصر إيهام ملوكها بان استقطاع سيناء منها هو نفع لأنها صحراء شاسعة التحكم فيها يحتاج قوة عسكرية مهولة وتكلفة كبيرة ولكى يتركوا سيناء مرتعا للعب السياسى والعسكرى للطامعين تركوها دون أدنى مساعدة للأهالى ولم تقدم لهم المنظمات الدولية مساعدات كمنطقة نائية وقتذاك مثل ما كانت تفعل فى الصحراء الغربية مثلا، وذلك لكى يظل أهالى سيناء يشعرون بالغبن من حكوماتهم ويتذمرون ضدها، ولذا بعد استرداد الجزء لأول من سيناء وقبل أن يتم تقسيمها إلى شمال وجنوب كان أول محافظ لها اللواء (فؤاد نصار) الذى كان يشغل مدير المخابرات العسكرية فى حرب أكتوبر 73 والذى قال لى بالحرف الواحد فى أحد حواراته معى الآتى: «عام 1976 حدث فض اشتباك ورحت سيناء كأول محافظ لها وكان لدى إحساس أن أبناء سيناء لهم دين عند مصر يجب أن نسدده لهم بأى شكل، ولما رحت لقيت الناس قاعدة فى عشش صفيح مرمية فى الصحراء ولقيت أن الاحتلال عمل أشياء لنفسه وترك الأهالى إلا القلة التى تعاونت معه، أما من رفضوا فقد هاجروا فارين من الاحتلال إلى القاهرة ومدن القناة ومديرية التحرير، ودخلوا أولادهم مدارس وجامعات هناك، ولما رجعوا باستردادنا الجزء الأول من سيناء كان واجبى أوفر لهم رعاية كاملة ومساعدات، فبدأت أعمل قرى وبعدين مدارس من الخشب حسب الإمكانيات وقتها واعتنيت بالإنسان السيناوى فوفرت إقامة لأولادهم بالمدن الجامعية بالمجان، كنت بأضع أسس لمجتمع سيناوى انظلم من الاحتلال»..  يتبع