بنات خلف عجلة الـ«روليت»!

رحمة سامى
حول عجلة الروليت لا تفارق أعين اللاعبين البلية.. فهى التى تحدد الكاسب من الخاسر.. وتستقر عند أحد الأرقام معلنة صاحب الحظ السعيد.. لكن ماذا عن طبيعة ذلك المشهد وسط الأعصاب المشدودة وأجواء الكازينو الصاخبة عندما تدير الروليت فتاة ؟!
عالم ديلر مليء بالتفاصيل والحكايات.. نعرفها للمرة الأولى عن ذلك العالم المجهول بالنسبة للكثيرين.. فالقانون يجرم دخول المواطنين المصريين إلى الكازينو للعب القمار، ووجود المصريين يقتصر على طاقم العمل فقط.. ويتطلب دخول رجال الأعمال المصريين للعب تزوير هوياتهم.
وتضم مصر 26 كازينو للعب القمار، جميعها تحت إشراف شركات قمار عالمية مثل المجموعة الدولية لمنتجعات اللعب International Group of Gaming Resorts، ونوادى لندن الدولية London Clubs International الموجودة فى مصر، ومجموعة الكازينوهات الفرنسية لوسيان باريار Lucien Barriere.
وتفرض الحكومة 40 % ضريبة على أرباح الكازينوهات، وتستخدم فى تمويل مجالات عدة فى الدولة، إذ تعد السياحة واحدة من أهم مصادر الدخل القومي.
بعيون إحدى فتيات الروليت نعرف تفاصيل وأسرار ذلك العالم الخفى وأسراره.. لكنها فضلت ذكر الحروف الأولى من اسمها حتى لا يؤثر ذلك على عملها.
البحث عن العمل قاد (ن.ر) صاحبة الـ 27 عامًا لمهنة الديلر فى كازينو بشرم الشيخ، قائلة «بالصدفة رأيت الإعلان عن الشغل على السوشيال ميديا للعمل فى أحد فنادق شرم الشيخ، فى البداية فكرت أن أعمل لفترة ومن ثم أعود إلى القاهرة كنوع من التغيير.. ذهبت للمقابلة الشخصية وقد اجتزتها بنجاح وحضرت بعد ذلك التدريب الخاص بالعمل.. وبعد فترة أصبحت عاشقة للعبة حتى أتممت عامى الثانى بها».
وعن العائد المادى تقول :«لمست التطور فى مستواي مع الوقت كما أن عائدها المادى جيد جدًا فشعرت أنى لستُ بحاجة للبحث عن عمل آخر».. وترجع (ن.ر) السبب فى صعوبة ترك العمل إلى العائد المادى الكبير الذى يجعل العاملين به يتغاضون عن إرهاق ساعات العمل والضغط العصبى المرتبط بتغيير توقيتات العمل دائمًا.
لا يعرف عمل الديلر ساعات محددة أو روتينا يوميًا «فى كثير من الأحيان ينتهى عملى فى السابعة صباحًا وأرجع مرة ثانية 3 العصر، وانهى العمل 11 مساء ثم أعاود العمل 7 الصبح».
الـ uniform الخاص بالديلر له شروط خاصة «لازم اليونى فورم ميكنش فيه جيوب خالص، وكل حركة تحدث فى الجيم لا بد من بعدها أن نقوم بـ «clean hand» وهى أن أرفع يدى أمام الكاميرات وكذلك الأمر فى حالة السلام على أى زبون.. للتأكد من أن يدى فارغة.. كل بحساب ومفيش فرصة للغلط».
مهارة واحدة يتطلبها العمل خلف عجلة الروليت بحسب «ن.ر»: «المؤهل الدراسى ملوش لزمة.. فأنا خريجة كلية التجارة ولم أعمل فى المجال من قبل، لكن الشرط الوحيد فى هذا العمل هو التركيز فلا يمكن أن يُكلف بالعمل شخص فاقد تركيزه إطلاقًا.. وهو أمر سهل الكشف عنه من خلال التدريبات التى نخوضها جميعًا قبل تسلٌم العمل لأن الشغلانة محتاجة حد عنيه فى وسط راسه دايمًا».
وعن طبيعة رواد الكازينو تقول «المغربيات أكثر الجنسيات اللى بتيجى تلعب، والرجالة فى الكازينو وضعهم مختلف تمامًا، فمعظمهم يلعب بمبالغ كبيرة ويتم تسجيلهم كزوارvip فى المكان».
فى الكازينو المشروبات والطعام مجانًا وتوضح (ن) أن الإدارة بتقدم جميع الخدمات مجانية للعملاء «عشان يفك فلوس ويلعب أكثر».
بالنسبة للعائد المادى تقول «البونط عندنا ده التبس اللى بيسيبه العميل وبيتراوح من 150: 250 ألف دولار شهريًا لكل اللى شغالين ويتم تقسيمه علينا وكل واحد بياخد حوالى 2000 دولار شهريًا.. على حسب كل ديلر ومستواه.. لكن الراتب الأساسى لا يذكر».
وعن أغرب المواقف التى تعرضت لها تقول: «أول ما اشتغلت كنت بستغرب لما حد يخسر مبلغ كبير دلوقت بقى عادى إنى أشوف لاعب يخسر 200 ألف دولار ويرجع يكمل لعب تانى يوم».
لم تقدر « ن» على مواجهة المجتمع بوظيفتها الحقيقة «أنا بعرف نفسى إنى موظفة استقبال فى فندق لأن الناس تشوف إن الديلر شغلانة حرام.. ومحدش يعرف إنى بشتغل ديلر غير ماما وشايفه فلوسها حرام».
«فاطيمة» هو الاسم المستعار لإحدى أهم فتيات الروليت فى مصر.. والتى عرفت بتفوقها ودهائها فى عالم القمار..
كان الدخول إلى ذلك العالم بمثابة الهدف بالنسبة لها.. تقول :«كنت بحب الروليت من وأنا عندى 9 سنين من مشاهدة الأفلام الأجنبي.. وفعلا قررت أشتغل فى فندق بالغردقة.. تنقلت من فندق لفندق وترقيت.. وعايشة منتظرة المجهول زى ما بستنى الروليت تقف»
وعن الوصول لمكانتها فى عالم الروليت تقول فاطيمة :«بدأت بلعبة البوكر لمدة عام لا أعمل غيرها لضعفى فى سرعة الحساب، لكننى تدربت كثيرًا على الروليت «اون لاين» وحين ظهر الفرق فى سرعتى انتقلت لإدارة عجلة الروليت».
تعتبر فاطيمة أن الحظ كان الجندى المجهول فى وصولها لتلك المكانة الآن :« الحظ خدمنى لأننى تنقلت من وظيفة لأخرى داخل الكازينو، ولم أضطر للمرور بمراحل التقديم حيث يتقدم سنويًا ما يزيد عن ألف شخص، ويحصل من بينهم 10 فقط على العمل، ولا يخضع الاختبار إلى التوصيات المسبقة، جميعهم من الحاصلين على مؤهلات جامعية عليا، الاقتصاد والقانون، الطب والهندسة والألسن، لكنى لم أتخط الاختبار الذى شمل مجموعة من العمليات الحسابية باللغات المختلفة والإجابة تكون خلال فترة زمنية محددة».
يتم فتح الترابيزات الخاصة بألعاب القمار-بحسب فاطيمة- بما يعرف بـ«الفيش» وهو يتراوح بين 10 دولارات ويصل إلى 250 ألف دولار، وفقًا لرغبة الزبون وإمكانياته.
الخليجيات هن الأكثر ترددًا على الروليت - بحسب فاطيمة .. أما بالنسبة للدخل الشهرى فتقول: «الديلر بياخد مرتب شهرى ضعيف جدا بالجنيه المصري.. لكن البونط يكون بالدولار وهو ما يجعلنى أكمل فى العمل».
استقلال فاطيمة عن أسرتها منذ 6 سنوات وإقامتها خارج القاهرة، ساعدها فى إخفاء طبيعة عملها عن أقاربها، ما جعل الأمر أكثر سهولة بالنسبة لها.